السبت 05 محرم 1432 هـ الموافق لـ: 11 ديسمبر 2010 09:16

- تفسير سورة البقرة (10) فضل اليقين وثمرات الإيمان بالمرسلين

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه، أمّا بعد:

فقد تناولنا في الحلقة السّابقة تفسير قوله عزّ وجلّ:{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}، فرأينا المعنى العامّ للآية، ومعاني مفرداتها، وكانت المسألة الثّالثة في بيان أنّ السنّة النّبويّة داخلة فيما أنزل الله تعالى على رسول صلّى الله عليه وسلّم.

المسألة الرّابعة: اليقين في الآخرة.

تأمّل قوله عزّ وجلّ وهو يدعو إلى الإيمان بالآخرة بلفظ:{ يُوقِنُونَ } ولم يقل ( يؤمنون ) كما قال في الإيمان بالرّسل والكتب، مع أنّ الإيمان بذلك مبناه أيضا على اليقين.

 

ذلك لأنّ المطلوب من العباد في باب الإيمان باليوم الآخر هو استحضار ذلك اليوم في كلّ شؤونهم، فلا يُمسون إلاّ وهم لا ينتظرون الصّباح، ولا يُصبحون إلاّ وهم لا ينتظرون المساء.

ومن ألطف ما جاء بيانا لهذه الحقيقة، قوله عزّ وجلّ:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فإنّه بدأ بذكر الموت قبل الحياة، لكي يتذكّر العبد قبل أن يحْيَى بأنّه ميّت لا محالة.

بذلك وحده يحقّق العبدُ منزلة التّقوى الّتي يمدح الله أهلها، فلا يُقدِم على شيء نهاه الله عنه ولا يتوانَى عن شيء أمره الله به إلاّ تمثّلت لديه مشاهد يوم القيامة.

وكثيرا ما يعلّق الله تعالى أوامره واجتناب نواهيه بالإيمان باليوم الآخر، مثل قوله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} [النساء: من الآية59]، وقوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر} [النور: من الآية2]، وقوله:{وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: من الآية228]، وقوله:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21]، وقوله:{لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: من الآية22].

لذلك كان لزاما علينا أن نتطرّق إلى فضائل اليقين في الله تعالى ربّ العالمين.

المسألة الخامسة: في فضل اليقين.

إنّ الإيمان: هو قضية مصير الإنسان .. إنّها سعادة الأبد أو شقوته .. إنّها خلود في الجنّة أبداً، أو خلود في النّار سرمداً ..

فلا يقبل الله عزّ وجلّ الإيمان المبنيّ على مجرّد الظنّ والتّخمين، ولكنّه يريد من عباده الاعتقاد الجازم واليقين ..

كما أنّه سبحانه لا يقبل من عباده اختيار مبدأ السّلامة، كما سار عليها أهل الخزي والنّدامة، حتّى قال قائلهم:

قال المنجم والطبيب كلاهمـا *** لا تبعث الأموات ، قلت : إليكما

إن صح قولكما فلست بخاسر *** أو صح قولي فالخسار عليكــما

وما أشبه هذا القول بقول الفيلسوف الرياضي "باسكال":

" إمّا أن تعتقد أن الله موجود أو لا تعتقد ذلك، فماذا تختار ؟... إذا راهنت بكلّ ما تملك على ظهور السّهم الأوّل - أي على وجود الله- فإذا كسبت الرهان، فقد حصلت على سعادة أبدية. وإذا أخفقت فسوف لا تفقد شيئاً مهمّا ! فلست تخاطر إلاّ بشيء فانٍ "اهـ.

إنّ الله عزّ وجلّ قضى أنّه عند ظنّ عبده به، فإن هو أيقن بصدق خبره، وحكمة نهيه وأمره، وفي تحقّق وعد ووعيده، كان الله عزّ وجلّ عند ظنّ عبده به:

فكن على يقين بالإجابة عند الدّعاء، والقبول عند التوبة، والمغفرة عند الاستغفار، والمجازاة عند فعل العبادة بشروطها، تمسّكا بصادق وعده عزّ وجلّ، لذلك قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( اُدْعٌوا اللهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ )).

ويظهر لنا فضل اليقين، ومنزلته عند ربّ العالمين من وجوه عديدة:

1- أنّه من أسباب التّمكين:

قال ابن القيّم رحمه الله في " مدارج السّالكين " عن منزلة اليقين:

" وهو من الإيمان بمنزلة الرّوح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمّر العاملون، وعملُ القوم إنّما كان عليه، وإشاراتهم كلّها إليه، وإذا تزوّج الصّبر باليقين ولد بينهما حصول الإمامة في الدّين، قال الله تعالى وبقوله يهتدي المهتدون:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24]"اهـ.

2- وهو مفتاح الانتفاع بآيات الله الكونيّة والشّرعيّة:

قال ابن القيّم رحمه الله أيضا:

" وخصّ سبحانه أهل اليقين بالانتفاع بالآيات والبراهين فقال وهو أصدق القائلين:{وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذّارايات:20]، وخصّ أهل اليقين بالهدى والفلاح من بين العالمين فقال:{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} "اهـ.

3- أنّه أعظم أسباب فوز السّابقين:

فقد الإمام أحمد في " الزّهد " والطّبرانيّ في " الأوسط " والبيهقيّ في " شعب الإيمان " عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عَنِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( نَجَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ بِاليَقِينِ وَالزُّهْدِ، وَيَهْلِكُ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بِالبُخْلِ وَالأَمَلِ )).

وفي المقابل أخبرنا المولى عن أهل النّار بأنّ سبب هلاكهم خلوّ قلوبهم هم من اليقين:

فقال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثـية:32].

4- وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يكثر من سؤال الله اليقين:

فقد روى التّرمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ:

(( اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا )).

5- اليقين هو أساس التوكّل على الله:

ذلك لأنّه روح أعمال القلوب، ولهذا فُسِّر التوكّل بقوّة اليقين، وتأمّل كيف قرن الله التوكّل باليقين في قوله:{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل:79]، وقالت رسل الله:{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [إبراهيم: من الآية12].

وإنّ الأثر الّذي تركه الأنبياء والمرسلون في قلوب النّاس من اليقين أبلغ من أيّ شيء آخر.

فاستمع إلى نوح عليه السّلام وهو يصدع بالحقّ في قومه قائلا:{إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ} [يونس: من الآية71].

وانظر إلى هود عليه السّلام: ذلكم المثل العجيب في التوكّل .. سطّر بموقفه العجب العجاب، الذي يأخذ بالألباب .. إذ ترى رجلا قد كذّبه قومه كلّهم، واجتمعوا عليه جميعهم، قائلين:{يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هود: 53].. أي: ما هي معجزتك ؟ وما هي بيّنتك يا هود ؟! فما كان منهم إلاّ أن قالوا:{إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}..

هنا أظهر الله لهم آية خفيّة جليّة .. خفيّة علينا إذ أنّنا لا نقف أمام آيات الله مليّا .. وجليّة لديهم إذ ظهر لهم ما جعلهم خضّعا وجِثِيًّا ..

إنّه اليقين الذي أودعه الله في جنانه، فأظهره الله على لسانه .. إنّه اليقين الذي أودعه الله في قلبه فقال بأعلى صوته:{إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)}.

إنّه رجل واحد غريب، يواجه قومه الذين وصفهم الله بقوله:{اِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلاَدِ} ولم يستطع أحد منهم أن يمسسه بسوء..

المسألة السادسة: ثمرات الإيمان بالكتب والرّسل.

إنّ الإيمان بالكتب يستلزم الإيمانَ بالرّسل عليهم السّلام، ومن صفات المتّقين المفلحين أنّهم لا يفرّقون بين أحد من رسل الله عزّ وجلّ.

ومن لطائف سورة البقرة: أنّها بدأت بما انتهت به، فقد بدأت بالثّناء على المتّقين لأنّهم آمنوا بما أنزل الله عليهم وعلى من قبلهم، فانظر كيف ختمت بقوله تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}.

لذلك كان الإيمان بالرّسل والكتب الّتي أنزلت ركنين من أركان الإيمان، فقد جاء في حديث جبريل الطّويل أنّه سأل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: مَا الإِيمَانُ ؟ فقال: (( الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ ))

وعدّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك من الدّين فقال: (( هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ )).

وقال الله تعالى:{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: من الآية179]، وقال عز وجلّ:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [النساء:150]، وقال:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحديد:19]، وقال عزّ وجلّ:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21].

- وتأمّل قوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشّعراء:105]، مع أنّ نوحاً عليه السّلام هو أوّل المرسلين، فلم يقُل: كذّبت قوم نوحٍ الرّسول ؟ ذلك لأنّ من كفر برسول واحد، فقد كفر بجميع الرّسل.

وإنّ ثمرات الإيمان بالكتب المنزّلة لكثيرة منها:

- بيان سعة رحمة الله تعالى بعباده إذ لم يحاسبهم بمقتضى ميثاق الفطرة الّذي أخذه عليهم.

- وبيان سعة حكمته بأن لم يتركهم هملا، بل أنزل عليهم الكتب الّتي تدلّهم على المنهج القويم والصّراط المستقيم.

- بيان أنّ دعوة الأنبياء واحدة تدعو إلى الإسلام والتّوحيد الخالص، ونبذ مظاهر الشّرك والفجور والآثام.

- بيان صدق نبوّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد جاء ذكره في الكتب المنزّلة.

روى الدّارمي عن كَعْب الأحبار قال حين سئل عن صفات النّبيّ في التّوراة: (( نَجِدُهُ مَكْتُوبًا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لَا فَظٌّ، وَلَا غَلِيظٌ، وَلَا صَخَّابٌ بِالْأَسْوَاقِ، وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَأُمَّتُهُ الْحَمَّادُونَ، يُكَبِّرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ نَجْدٍ، وَيَحْمَدُونَهُ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ، وَيَتَأَزَّرُونَ عَلَى أَنْصَافِهِمْ، وَيَتَوَضَّئُونَ عَلَى أَطْرَافِهِمْ، مُنَادِيهِمْ يُنَادِي فِي جَوِّ السَّمَاءِ، صَفُّهُمْ فِي الْقِتَالِ وَصَفُّهُمْ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ، لَهُمْ بِاللَّيْلِ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، وَمَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَمُهَاجِرُهُ بِطَابَةَ، وَمُلْكُهُ بِالشَّامِ )).

- بيان فضل هذه الأمّة على غيرها، فمن قرأ الكتب المنزّلة أيقن أنّ الله عزّ وجلّ وضع عن هذه الأمّة كثيرا من الأغلال والآصار الّتي كانت على من قبلها من الأمم.

إلى غير ذلك من الثّمرات.

والحمد لله ربّ العالمين.

عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي