الخميس 08 ربيع الثاني 1433 هـ الموافق لـ: 01 مارس 2012 05:18

- شرح كتاب الذّكر (31) ذكر الله غراس الجنّة 2

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تابع الباب السّابع:" التّرغيب في التّسبيح، والتّكبير، والتّهليل، والتّحميد على اختلاف أنواعه ".

الحديث الرّابع عشر:

عن ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: " سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " )).

[رواه التّرمذي، والطّبراني في "الصّغير" و"الأوسط" وزاد]:

(( وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ )).

وروياه عن عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقال التّرمذي: " حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه".

شرح الحديث:

- قوله: ( لقيت إبراهيم عليه السّلام): وهو في محلّه من السّماء السّابعة، مسنِدا ظهرَه إلى البيت المعمور كما في الأحاديث الصّحيحة.

- ( ليلة أسرى بي ): يعبّر كثيرا عن المعراج بالإسراء إمّا لأنّه سير إلى السّماء، أو يعبّر عن أحد السّفرين بالآخر.

- ( أقرئ ): أمر من الإقراء، قال في "اللّسان":" أقرأه إيّاه: أبلغه، ويقال: أقرِئْ فلانا السّلام، و اقرأ عليه السّلام، كأنّه حين يبلّغه سلامه يحمله على أن يقرأ السّلام ويردّه ".

- ( أمّتك ): هي أمّة الإجابة، والمصلّي يردّ هذا السّلام بأكثر ممّا هو عليه؛ إذ هو يصلّي على إبراهيم عليه السّلام في كلّ صلاة.

- ( طيّبة التربة ): وترابها المسك والزّعفران ولا أطيب منهما.

- ( عذبة الماء ): أي ماؤها طيّب لا ملوحة فيه، ولا يتغيّر بطول المكث كماء الدّنيا، كما قال تعالى:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: من الآية15].

وإذا كانت تلك التّربة طيّبة، وماؤها عذباً، كان الغراس أطيب، لا سيما أنّ الغرس هي الكلمات الطيّبات، وهنّ الباقيات الصّالحات.

والمعنى: أعلِمْهُم بأنّ هذه الكلمات ونحوَها سببٌ لدخول قائلها الجنّة، إذ ما يُعِدّ الله له أشجارها إلاّ وهي في انتظاره.

- ( قيعان ): بكسر القاف، جمع قاع، وهي الأرض المستوية الخالية من الشّجر، كقوله تعالى:{فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفا} [طـه: من الآية106].

فإن قيل: إنّ الحديث يدلّ على أنّ أرض الجنّة خالية من الأشجار والقصور ! وهي إنّما سمّيت جنّة لأشجارها المتكاثفة !

فهناك جوابان:

الأوّل: أنّها كانت قيعانا، ثمّ إنّ الله تعالى أوجد بفضله فيها أشجارا وقصورا بحسب أعمال العاملين، لكلّ عامل ما يختصّ به بسبب عمله.

الثّاني: قال القاري رحمه الله: لا دلالة في الحديث على الخلوّ الكلّي من الأشجار والقصور، لأنّ معنى كونها قيعانا أن أكثرها مغروس، وما عداه منها أمكنة واسعة بلا غرس لينغرس بتلك الكلمات.

وهذا أصوب، لأنّه ثبت في الحديث الّذي رواه الدّارقطني في "الصّفات"(28)، والبيهقي في "الأسماء والصّفات"(ص318) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال:

(( لَمْ يَخْلُقْ اللهُ بِيَدِهِ إِلاَّ ثَلاَثاً، خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَغَرَسَ جَنَّةَ الفِرْدَوْسِ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ ))، فهناك جنان غُرست بيده تعالى، وبعضها بأمره، وبعضها بفضله لعمل العباد.

الحديث الخامس عشر: قال رحمه الله:

ورواه الطّبراني أيضا بإسناد واهٍ من حديث سلمان الفارسيّ رضي الله عنه، ولفظه قال:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ:

(( إنَّ فِي الجَنَّةِ قِيعَانًا، فَأَكْثِرُوا مِنْ غَرْسِهَا )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا غَرْسُهَا ؟ قَالَ:

(( سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ )).

الحديث السّادس عشر:

وعن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( مَنْ قَالَ:" سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " غُرِسَ لَهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَجَرَةٌ فِي الجَنَّةِ )).

[رواه الطّبراني، وإسناده حسن لا بأس به في المتابعات].

عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي