السبت 18 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 22 جانفي 2011 15:24

65- حكم إنشاء الجمعيّات والانتماء إليها.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

شيخنا - حفظك الله - أحد الإخوة يسأل عن: رأيك في الجمعيّات، وحكم الانتماء إليها ؟

نصّ الجواب:

فإنشاء الجمعيّات الثّقافيّة، أو الخيريّة، من أجلّ الأعمال في هذا الزّمان؛ ذلك لأمور كثيرة منها:

1) أنّها منبر من منابر الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ، وقِوام الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ أمران:

الأمر الأوّل: التّعليم والتّثقيف، وذلك يحتاج إلى مساندة أهل العلم والدّعاة إلى الله عزّ وجلّ.

الثّاني: التبرّعات والمساعدات الخيريّة، وذلك يحتاج إلى مساندة أهل المال؛ لأنّ الإحسان إلى النّاس وسدّ حاجات المعوِزين والمساكين من أفضل مفاتيح القلوب.

وإنّ الفقير كثيرا ما يستمع إلى النّصح والتّوجيه، ويحول بينه وبين امتثال ذلك شبح الحاجة ! وسلطان الفقر !

2) أنّها عملٌ جماعيّ مشروع، داخل تحت عموم قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

3) أنّها عملّ رسميّ، مأذون به من قِبل الحاكم، ممّا يوسِّع للقائمين على الجمعيّات مجالات العمل.

وإنّ العمل المكشوف في وضحِ النّهار، أفضل بكثير من العمل المشبوه المُحاط بالأسرار.

4) أنّ إقامة الجمعيّات يقوم بسدّ النّقص الدّعويّ: فإنّ الأئمّة والدّعاة لا يَصِلون إلى جميع الأماكن، وإنّ الكُتّاب في الجرائد والمجلاّت لا يقرأ كلامهم جميع النّاس .. ولكنّ الجمعيّات من صلاحيّاتها: استغلال المسارح والقاعات، ودُور البلديّات ونحوها، فيتمّ من خلال ذلك: إقامة المعارض والنّدوات، والملتقَيات والمحاضرات.

هذا إذا كانت أبواب الدّعوة في المساجد مفتوحة، وسبلها مُتاحة مفسوحة، فكيف بزمنٍ حُوصِرت فيه الدّعوة إلى الله عزّ وجلّ في المساجد من جميع الجهات ؟! فلا شكّ أنّه يتأكّد إقامة مثل هذه الجمعيّات.

تنبيه وتوضيح:

إنّما تكلّم في الجمعيّات من تكلّم لعدم التّفريق بين الجمعيّات والأحزاب السياسيّة !

وإنّه لا علاقة بين هذا وذاك .. فالحزبيّة أعمّ من ذلك بكثير ! فقد نجد الحزبيّة بين طلبة العلم، وبين تلاميذ المدرسة القرآنيّة، فهل سنمنع من طلب العلم والتّعليم القرآنيّ من أجل ظهور هذه الحزبيّات ؟!

فضابط الجمعيّات: هو الاجتماع على الخير، ويشترط في المنتمين إليها، والقائمين عليها:

- إخلاص العمل لله، فليس المهمّ من يرفع الرّاية، ولكنّ المهمّ أن تُرفَع الرّاية.

- أن يكونوا مجتمعين مع إخوانهم المسلمين جميعهم، لا يفرّقون بين أحد منهم: يُعلّمون ويساعدون كلّ مسلم وإن خالفهم في الأفكار والمذهب والمنهج، شعارهم قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ}.

وضابط الحزبيّة المذمومة: الموالاة والمعاداة في غير الله عزّ وجلّ: فيكون التّعاون على أساس الانتماء إلى الجماعة ! أو الدّخول تحت إمرة الشّيخ ! أو المذهب ! أو الأفكار السياسيّة ! فهذا هو التحزّب المذموم المحرّم.

وما زال أهل العلم وأئمّة الدّعوة في كلّ زمان ومكان يُجيزون إقامة الجمعيّات، ومارسوا هم أنفسهم ذلك، لكنّه جرت العادة أن يُنتقصَ الخير من القريب، ويُعظّم من الغريب .. فالقريب معادًى مهجور، والغريب معظّم مأجور !

فالجمعيّات في البلدان الإسلاميّة قد ملأت الآفاق، ولم يُنتقص عملها، ولم يُبخَسْ حقُّها، بل عُرِف لها قدرُها، وشُهِّر وأُذيع خيرُها، فالأقربون أولى بالمعروف، وليكُن شعار المسلم:

إن تجِد عيباً فسُدّ الخللا *** جلّ من لا عيبَ فيه وعلا

والله الموفّق والهادي إلى الصّواب.

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 17:25
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي