الجواب: أنّ الشّيعة في لغة العرب هم: الأتباع والأنصار، قال الأزهريّ في " تهذيب اللّغة " (3/61):" والشّيعة أنصار الرّجل وأتباعه، وكلّ قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ". ومنه يقال عن اتّباع الشّيء تشييعه، مثل تشييع الجنازة، وتشييع الضّيف.
والشّيعة لقّبوا أنفسهم بذلك ليشيع في عرف المسلمين أنّهم ( أتباع عليّ رضي الله عنه وأنصاره )! فهل تراهم كذلك ؟
أليس شأنهم شأن النّصارى الّذين يتسمّون بـ( المسيحيّين ) وهم في الحقيقة لا يمتّون إلى المسيح بأيّ صلة ؟ فتسميتهم بما سمّاهم الله به ( النّصارى ) أولى وأحرى.
كذلك الأمر مع هؤلاء الرّوافض، فتسميتهم بلقب يبيّن حقيقة حالهم وأقوالهم أولى وأجدر.
* سبب تسميتهم بالرافضة:
لقد أطلق السّلف هذه التسمية عليهم لأسباب كثيرة:
1- قيل: إنّهم سُمُّوا رافضة لرفضهم إمامة زيد بن عليّ، و تفرّقهم عنه. [" البداية والنهاية " (9/330)]. ومعلوم أنّهم رفضوه لأنّه رفض التبرّؤ من الشّيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
2- وقيل: سمّوا رافضة لرفضهم أكثر الصّحابة، ورفضهم لإمامة الشّيخين. [" مقالات الأشعريّ " (1/89)].
3- وقيل: لرفضهم الدّين. [المصدر نفسه].
ولعلّ الرّاجح هو الثّاني، فالرّافضة هم الّذين رفضوا خلافة الشّيخين وأكثر الصحابة، وزعموا أنّ الخلافة في عليّ رضي الله عنه وذرّيته من بعده، وأن خلافة غيرهم باطلة.
ولا منافاة بينه و بين الأوّل، لأنّهم طالبوه بإعلان البراءة من الشيخين، وأن يوافقهم على أهوائهم، لكنّ زيداً خيّب آمالهم، فانفضوا عنه ورفضوه.
* كيف يتغلغل الرّافضة بين صفوف المسلمين ؟
لقد أخذ كثير من فرق الرّافضة بالتّمويه على النّاس للدخول في فرقهم مستغلين في ذلك أمرين اثنين:
1- وقوفهم على نقاط ضعف الشّعوب الإسلاميّة، وهي استعدادهم على منابذة الحكومات الإسلاميّة، فاستغلّوا ذلك ومثّلوا على العالم أنّهم أصحاب مواقف ضدّ دول الكفر في الظّاهر.
2- حبّ النّاس لآل البيت.
و مع مرور الزمن استطاع الشيطان أن يضل هذه الفرقة ضلالاً بعيداً ، و يغويهم عن الصراط المستقيم إغواءً عظيماً، و صاروا أخطر على المسلمين من الخوارج.
- * الرّافضة أخطر من الخوارج:
قال ابن تيمية رحمه الله – كما في " مجموع الفتاوى " (2/477-482):
" وهؤلاء الرّافضة إن لم يكونوا شرّا من الخوارج المنصوصين فليسوا دونهم:
- فإنّ أولئك إنّما كفّروا عثمان وعليّا وأتباع عثمان وعليّ فقط؛ دون من قعد عن القتال أو مات قبل ذلك.
والرّافضة كفّرت أبا بكر وعمر وعثمان وعامّة المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان، الّذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكفَّروا جماهير أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم من المتقدّمين والمتأخّرين، فيكفّرون كلّ من اعتقد في أبي بكر وعمر والمهاجرين والأنصار العدالة أو ترضَّى عنهم كما رضي الله عنهم، أو يستغفر لهم كما أمر الله بالاستغفار لهم، ولهذا يكفرون أعلام الملة ..
- ويستحلّون دماء من خرج عنهم ويسمُّون مذهبهم مذهب الجمهور ..
- ويرون في أهل الشّام ومصر والحجاز والمغرب واليمن والعراق والجزيرة وسائر بلاد الإسلام أنّه لا يحلّ نكاح هؤلاء ولا ذبائحهم، وأنّ المائعات الّتي عندهم من المياه والأدهان وغيرها نجسة.
- ويرون أنّ كفرهم أغلظ من كفر اليهود والنصارى، لأنّ أولئك عندهم كفّار أصليّون، وهؤلاء مرتدّون، وكفر الردّة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصليّ.
- ولهذا السّبب يعاونون الكفّار على الجمهور من المسلمين فيعاونون التّتار على الجمهور، وهم كانوا من أعظم الأسباب في خروج جنكيزخان ملك الكفّار إلى بلاد الإسلام، وفي قدوم هولاكو إلى بلاد العراق؛ وفي أخذ حلب ونهب الصالحية وغير ذلك بخبثهم ومكرهم.
- هم أشدّ ضررا على الدّين وأهله وأبعد عن شرائع الإسلام من الخوارج الحروريّة، ولهذا كانوا أكذب فرق الأمّة، فليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة أكثر كذبا ولا أكثر تصديقا للكذب وتكذيبا للصدق منهم، وسيّما النّفاق فيهم أظهر منه في سائر الناس..
ولهذا يستعملون التقية الّتي هي سيما المنافقين واليهود ويستعملونها مع المسلمين {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}، ويحلفون ما قالوا وقد قالوا ويحلفون بالله ليرضوا المؤمنين والله ورسوله أحقّ أن يرضوه.
- وقد أشبهوا اليهود في أمور كثيرة: في دعوى الإمامة في شخص، وفي اتّباع الأهواء، أو تحريف الكلم عن مواضعه، وتأخير الفطر وصلاة المغرب.
- ويشبهون النصارى في الغلو في البشر والعبادات المبتدعة وفي الشّرك وغير ذلك.
- وهم يوالون اليهود والنصارى والمشركين على المسلمين وهذه شيم المنافقين.
- وليس لهم عقل، ولا نقل، ولا دين صحيح، ولا دنيا منصورة، وهم لا يصلون جمعة ولا جماعة - والخوارج كانوا يصلون جمعة وجماعة –.
- وهم لا يرون جهاد الكفار مع أئمة المسلمين، ولا الصّلاة خلفهم، ولا طاعتهم في طاعة الله، ولا تنفيذ شيء من أحكامهم؛ لاعتقادهم [ أن ذلك ] لا يسوغ إلا خلف إمام معصوم.
- يرون أن أبا بكر وعمر وأكثر المهاجرين والأنصار وأزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مثل عائشة وحفصة وسائر أئمّة المسلمين وعامّتهم ما آمنوا بالله طرفة عين قط !
- وهم مع هذا يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
- ويبنون على القبور المكذوبة وغير المكذوبة مساجد يتّخذونها مشاهد.
- ويرون أنّ حجّ هذه المشاهد المكذوبة وغير المكذوبة من أعظم العبادات، حتّى إنّ من مشايخهم من يفضلها على حج البيت الذي أمر الله به ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
فبهذا يتبيّن أنّهم شرّ من عامّة أهل الأهواء، وأحقّ بالقتال من الخوارج.
- وهذا هو السّبب فيما شاع في العرف العام: أنّ أهل البدع هم الرّافضة:
فالعامّة شاع عندها أنّ ضدّ السنّيّ هو الرّافضي فقط، لأنّهم أظهر معاندةً لسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشرائع دينه من سائر أهل الأهواء.
- وأيضا فالخوارج كانوا يتبعون القرآن بمقتضى فهمهم، وهؤلاء إنّما يتبعون الإمام المعصوم عندهم الّذي لا وجود له، فمستند الخوارج خير من مستندهم .
- وأيضا فالخوارج لم يكن منهم زنديق ولا غالٍ، وهؤلاء فيهم من الزنادقة والغالية من لا يحصيه إلا الله.
- وأيضا فالخوارج كانوا من أصدق النّاس وأوفاهم بالعهد، وهؤلاء من أكذب النّاس وأنقضهم للعهد.
- ومعلوم قطعا أنّ إيمان الخوارج بما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم أعظم من إيمانهم، فإذا كان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قد قتلهم ونهب عسكره ما في عسكرهم، فهؤلاء أولى أن يقاتلوا وتؤخذ أموالهم.
- وإنّما كان هؤلاء شرّا من الخوارج الحروريّة وغيرهم من أهل الأهواء لاشتمال مذاهبهم على شرّ ممّا اشتملت عليه مذاهب الخوارج.
وكلّ هذا الّذي وصفت بعض أمورهم وإلاّ فالأمر أعظم من ذلك " اهـ.
[1]- اللهمّ إلاّ إذا أردنا مخاطبة عامّة النّاس بما يفهمونه أحيانا، فنسمّيهم بالشّيعة، من باب التّعريف لا التّزكية.