الأحد 19 رمضان 1431 هـ الموافق لـ: 29 أوت 2010 14:17

2- قـل: أنا طالباً، ولا تقـل: أنا كطالب

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

- قـل:" أنا طالباً ولا تقـل:" أنا كطالب "

شاع وذاع لدى الخاصّة -فضلا عن العامّة - استعمال الكاف في نحو قولهم: " أنا كصحفيّ.."، أو أنا كطالب، مثلا، بل ظنّ كثير منهم أنّ هذه هي لغة مضر وربيعة، وما علم أنّها من الجرائم الشّنيعة، في حقّ لغتنا البديعة. وهذا المثال الذي نبيّنه اليوم، من أبرز الأمثلة التي تدلّ على أنّ المرض قد سطا على الأساليب أيضا، ولم يقنع بتدمير الألفاظ فحسب.

أكثر علماء اللّغة العربيّة على أنّ للكاف ثلاثة معان، لا رابع لها:

- الأوّل: التّشبيه، وهو بابها المشهور في الاستعمال، لا يحتاج إلى أيّ مقال.

- الثّاني: التّعليل: وهو قليل، وعليه حمل الكثيرون قول الله في التّنزيل:{ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ }  [البقرة:198].

- الثّالث: أنّها تستعمل اسما، بمعنى (مثل)، وذلك قليل جدّا إذا احتاج إليها المعرب، كاحتياجه للفاعل في نحو: لم يزرنا كعمرو، أي مثلُ عمرو، ومنه قول الشّاعر:

( أتنتهون ؟ ولن ينهى ذوي شطط      كالطّـعن يذهب فيه الزّيت والفتل ).

فأيّ معنى للكاف في قولك: أنا كمسلم أو كطالب ؟

فلا شكّ أنّها ليست للتّعليل، فهل هي بمعنى ( مثل ) أو على أصلها للتّشبيه ؟! فهذا لا إخالك تريده أيّها النّبيه.

فاعلم أنّ علماء اللّغة في هذا العصر وعلى رأسهم الشّيخ تقيّ الدّين الهلالي رحمه الله تعالى قد سمّوا هذه الكاف بـ:( الكاف الاستعماريّة )، لأنّها دخيلة علينا، وافدة إلينا، فأصلها إنكليزي أو فرنسيّ، فبالإنكليزيّة as، وبالفرنسيّة comme، والسنّة اليوم أنّ الوافد له بالغ الإكرام، والأصيل مكروه أو حرام !! والله المستعان.

وإن كنت - أيّها القارئ - تبحث عن البديل، ليزول عنّا هذا الدّخيل، فما عليك إلاّ أن تستعمل الحال، فتجمع بين الاختصار وسلامة المقال، فتقول: أنا طالبا، أو أنا صحفيّا، وهلمّ جرّا.

- قل: مختصّ أو متخصّص، ولا تقل: إخصائي أو أخِصّائي

إنّ من العجائب - والعجائب جمّة - أن يكتب كاتب هنا وهناك قائلا:" إنّي لست إخصائيّا في كذا "..

وقد فشا هذا الاستعمال الشّاذّ بين المثقّفين فكيف بالعوامّ ؟ وتداولته كثير من الألسنة والأقلام، فنتساءل، من أيّ لغة نَحَتوه ؟ ومن أيّ كهف جلبوه ؟

أهو من الخِصاء ؟! فإن كان ذاك فباطن الأرض أحلى من ظاهرها ؟
ثمّ مع ذلك نرى الفعل ثلاثيّا لا رباعيّا، يقال: خصيت الفحل إذا سللت خِصْيَتَه ! ثمّ لو فُرِض أنّه منه، فالنّسبة خاطئة كذلك، فلا يقال: إرضائيّ من أرضى، وإعطائيّ من أعطى..!!
ولكنّهم - ولله الحمد - وافقونا على أنّهم أخذوه من الفعل ( خصّ ) الثّلاثي المضعّف من التّخصيص الذي هو ضدّ التّعميم، فيقال: اختصّ بكذا وتخصّص، أي: تفرّغ له وصرف نفسه إليه دون غيره، لذلك كان الصّواب أن يقولوا: " مختصّ " أو"متخصّص" ليس غير.

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الأحد 15 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 21 نوفمبر 2010 22:11
الذهاب للأعلي