السبت 07 ربيع الثاني 1432 هـ الموافق لـ: 12 مارس 2011 17:57

- لماذا تأخرت كلمتي إلى الآن ؟ للشّيخ: أبي إسحاق الحويني حفظه الله

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فعنوان هذه الكلمة هو سؤال طرحه الكثيرون، ولم يُسرّ له إلاّ قليلون،؛ والحقّ أنّ السّكوت يكون أحيانا أبلغ من الكلام، وكثيرا ما يكون الموقف لسانا للكرام.

ومع ذلك كلّه، فقد ألقى الشّيخ حفظه الله كلمة حول أحداث مصر الأخيرة، الخميس الفارط 5 ربيع الثّاني، في القاهرة بمسجد "العزيز بالله"، وملخّص هذه الكلمة في النّقاط الآتية:

- إذا اعتقدت شيئا من الحقّ، فإنّني أثبت عليه ولا أغيّره، وإن عجزت عن الجهر به، التزمت الصّمت ولا أغيّره.

- كثير من إخواني راسلوني وعاتبوني، لأنّني لم أتكلّم في هذه الأحداث، وقالوا: إنّ سكوتي قد طال ! وأقول: إنّني - بحمد الله - لا أتخلّف عن قضايا أمّتي، وإنّي أعيشها بقلبي، وأحمل همّها ليلا ونهارا.

ولكنّ الفتنة إذا جاءت تحتاج إلى بصيرة، ولا تؤخذ من بدايتها، ولا تقرأ قراءة سطحية، ولا يصلح فيها ردود الأفعال.

- دستوري أيّام الفتن والاختلاف ما رواه البخاري عن ابن عبّاس يوم أراد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بمنًى أن يردّ على من قال:" مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فَلْتَةً فَتَمَّتْ " ! فغضب عمرُ ثمّ قال:

إنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَقَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ، فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُمْ !

فقال عبدُ الرّحمن بن عوف رضي الله عنه: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى قُرْبِكَ حِينَ تَقُومُ فِي النَّاسِ، وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَقُومَ فَتَقُولَ مَقَالَةً يُطَيِّرُهَا عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأَنْ لَا يَعُوهَا وَأَنْ لَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الْفِقْهِ وَأَشْرَافِ النَّاسِ، فَتَقُولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضَعُونَهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا ".

فقال عمرُ: أَمَا وَاللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ لَأَقُومَنَّ بِذَلِكَ أَوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ.

- ثقافة الصّراخ تحجب اتّزان العقل، فالّذي يتكلّم حال صراخ الصّارخين يُكلِّم ناسا بلا عقول، ولذلك تذهب الحكمة أدراج الرّياح وتصدر من النّاس التّهم.

أقول: لو أنّ الله عزّ وجلّ بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قبره، وذهب إلى ميدان التّحرير، وكلّ النّاس تعرف أنّه عمر، وقال لهم قولا يخالف رأيهم لرجموه بالحجارة.

- المشهد الجديد ليس له نظير سابق يقاس عليه، وهذا سبب إشكاله؛ لأنّ المظاهرات قبل ذلك كانت نهايتها معروفة، ولم تغيّر من القرار السياسيّ شيئا.

- جئت فقط لأكسر حاجز الصّمت، وأقول رأيي في بعض القضايا بصورة مجملة، أمّا التّأصيل العلمي فسيأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.

- من أغلاط النّاس اعتزازهم بأنّ ( ثورة مصر ) كانت بلا رأس ! فهل يعيش جسد بلا رأس ؟! ... وعند انعدام الرأس تضيع المفاهيم، وتنقلب الموازين. فبأيّ ميزان يُقال فلان من منصبه ويوضَع آخر مكانه ؟!

- أحبّ أن أقول للّذين شاركوا بالمظاهرات، والّذين يعتقدون أنّنا لم نكن متضرّرين في الأعوام السّابقة: لقد كنّا أمام المدفع، لكنّنا لا نشتكي لأحد.

- فهم الكتاب والسنّة بفهم سلف الأمّة: أمـن قـومـيّ، ولله الحمد.

فالنّصارى يريدون إعادة مصر إلى ما كانت عليه ! والشّيعة يريدون تحويل مصر إلى الدّولة الفاطميّة !

- الفوضى الخلاّقة:

أشعر بانقباض في قلبي - ومن حقّي أن أقول هذا ولو خالفني غيري؛ لأنّ هذه مسألة قراءة واجتهاد ولا يوجد نصّ قطعيّ -: أشعر بانقباض ممّا جرى، وقراءتي الأولية:

أنّ هذه بداية ما يسمّى بـ: ( الفوضى الخلاّقة في ديار المسلمين ). والفوضى الخلاّقة هي الفوضَى المنظّمة تعني: التحوّل من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد، وأعداؤنا يريدون الوصول إلى إدارة الفساد تحت شعارات: الحرية، والعدالة، ورفع الظلم ... الخ.

- أيّام غزو العراق أعلنت الخارجية الأمريكية: إنّ العراق هدف تكتيكي، والسّعودية هدف استراتيجي، ومصر هي الجائزة الكبرى.

- لا شكّ أنّنا استفدنا من هذه الحريّة، ولكنّ الانقباض الّذي أشعر به: أن تتحوّل الحرية إلى تفلّت من قيد الشّريعة ! وأخشى أن نصل إليه !

- أقول لكم: لا تتعجّلوا قراءة الأحداث، ولا تتفاءلوا كثيرا، ولا تحذروا كثيرا، والزموا علماءكم الّذين هم الحجّة بينكم وبين ربّكم.

- بعد ما تنتهي هذه الثّورة سيعلم النّاس جميعا بعدما ترجع إليهم عقولهم من المحقُّ ومن المخطئ ؟ وكما قال ابن المعتزّ:

ستعلم إذا انجلى عنك الغبار *** أفَـرَسٌ تحتك أم حمـارُ ؟

وصلّ اللهمّ على محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم.

أخر تعديل في السبت 07 ربيع الثاني 1432 هـ الموافق لـ: 12 مارس 2011 18:03
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي