الخميس 10 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 14 أفريل 2011 13:26

- كيف نُعرب المصدر المؤوّل بعد (عسى) ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد استشكل أحد الإخوة الأفاضل مسألة من مسائل باب ( كاد وأخواتها ) أو " أفعال المقاربة ".

وكان مضمون سؤاله ما يلي:

" في إعراب خبر ( عسى ) - ولا يكون إلاّ فعلا مضارعا مسبوقا بأن -، هل نقول: المصدر المسبوك، أو نقول: الجملة الفعلية ؟

لأنّه على الأوّل نكون قد أخبرنا بالمصدر وهو معنى عن الجثة، وهو ممنوع !

وعلى الثّاني سنُلغي وجودَ (أن)، مع أنّها لا تنفكّ عنها البتّة ؟ أجيبونا بارك الله فيكم " اهـ.

وكان جوابي عن سؤاله بما يلي:

وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته

- أوّلا: نعم، فخبر (عسى) وأخواتها لا بدّ أن يكون جملة فعليّة، فعلها مضارع كما ذكرت، ولكن لا يجب معها كلّها أن يقترن المضارع بـ(أنْ)، كما قد يُفهم من كلامك.

فـ(أن) لها ثلاث حالات:

أ) تجب مع (حرى) و(اخلولق).

ب) وتمتنع مع (أفعال الشّروع)، لأنّ (أن) تدلّ على الاستقبال وذلك يناقض الشّروع الدالّ على الحال.

ح) وتجوز بكثرة مع (عسى) و(أوشك)، وبقلّة مع (كاد) و(كرب).

قال ابن مالك رحمه الله في " الخلاصة ":

وكونـه بدون (أن) بعـد (عسى) *** نزرٌ، و(كاد) الأمر فيه عُكِسـا

وكعسى (حرىولكـن جُعـِلا *** خبرُها حتماً بـ( أنْ ) متّصـلا

وألزموا (اخلولق) أنْ مثل (حرى) *** وبعد (أوشك) انتفـا (أن) نَزَرَا

ومثل (كاد) في الأصـحّ (كربا) *** وترك أن معْ ذي الشّروع وجبا

- ثانيا: ففي حالة وقوع خبرها المضارع غير مقترنٍ بـ( أن ) فلا إشكال حينئذ.

أمّا في حالة ما إذا اقترن المضارع بـ(أن) فإنّ المصدر المؤوّل من ( أن وما بعدها ) يؤوّل باسم الفاعل.

ولا يخفى عليك - إن شاء الله - أنّ المصدر يؤوّل بكثرة بمشتقّ ( اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو صفة مشبّهة )، كما تقول: جاء رجل عَدْلٌ ثِقَةٌ، أي: عادل موثوق.

فإذا قلت: عسى زيد أن يقوم

عسى: فعل ماض ناقص من أفعال الرّجاء، مبنيّ على الفتحة المقدّرة منع من ظهورها التعذّر.

زيد: اسمها مرفوع وعلامة رفعه الضمّة الظّاهرة على آخره.

أن: حرف نصب، ومصدر، واستقبال.

يقوم: مضارع منصوب بأَنْ، وعلامة نصبه الفتحة الظّاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو) يعود على زيد.

والجملة لا محلّ لها من الإعراب صلة الموصول الحرفيّ.

و( أن وما بعدها ) في تأويل مصدر مؤوّل باسم الفاعل، تقديره ( قائما ).

غاية ما في الأمر أنّه لا يجوز الإتيان باسم الفاعل صريحا، لكن مؤوّلا، وذلك لوجوب كون الخبر في هذا الباب جملة فعليّة فعلها مضارع.

الحاصل:

إذا تبيّن لنا أنّ المصدر الصّريح ليس هو الخبر، وإنّما هو المؤوّل باسم الفاعل، لم يكن هناك إشكال في وقوعه خبرا عن الجثّة، ولم نكن قد ألغينا تأويل (أن) وما بعدها بمصدر.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الخميس 10 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 14 أفريل 2011 13:46
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي