الأربعاء 23 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 27 أفريل 2011 11:58

- ترجمة أبي يعلى الزّواوي في سطور

الكاتب:  الشّيخ محمّد حاج عيسى حفظه الله
أرسل إلى صديق

1- هو السّعيد بن محمّد الشّريف بن العربي، من قبيلة (آيت سيدي محمد الحاج)، السّاكنة في ناحية " عزازقة " بالقبائل الكبرى، حيث ولد عام 1279 هـ، الموافق لـ 1862 م.

2- حفظ القرآن الكريم، وأتقنه رسما وتجويدا، وهو ابن اثني عشر سنة، ثمّ تخرّج من زاوية " الإيلولي ".

3- أبرز شيوخه: والده، والحاج أحمد أجذيذ، ومحمّد السعيد بن زكري (المفتي)، ومحمد بن بلقاسم البوجليلي.

4- رحل في شبابه إلى مناطق عدّة، فأقام مدّة في " سدراته "، ثمّ ارتحل بعدها إلى تونس، ثمّ إلى مصر والشّام.

وبقي في دمشق إلى غاية سنة 1915 م، وفي مدة إقامته هناك نمى معارفه بالأخذ عن علماء الشام.

5- ومع بداية الحرب العالمية الأولى خرج لاجئا إلى مصر، وفي مصر استزاد من العلم بلقاء أهل العلم وأعلام النهضة فيها، وممن جالس وصحبه هناك محمّد الخضر حسين، والطّاهر الجزائريّ، ومحمّد رشيد رضا.

6- ورجع إلى الجزائر سنة (1920 م)، وتولّى إمامة " جامع سيدي رمضان " بالقصبة بصفة رسمية.

7- دخل ميدان الصّحافة لمّا كان مقيما في الشّام، فكتب في جريدة " المقتبس " الدمشقية، وفي جريدة "البرهان" التي كانت تصدر بطرابلس الشام، وفي جريدة " المؤيّد " المصريّة، و" ثمرات العقول " البيروتية و" المجلة السّلفية " بمصر.

ولمّا رجع إلى الجزائر استمرّ في نشر بحوثه وآرائه في الصّحف، فنشر في جريدة "النّجاح" مدّة، ثمّ في مجلّة "الشّهاب" لابن باديس رحمه الله، وفي جريدة "الإصلاح" للطيب العقبي رحمه الله، ونشر في كل جرائد الجمعية بعد تأسيسها.

8- تولّى الرّئاسة المؤقّتة لـ" جمعيّة العلماء " يوم تأسيسها، حتّى انتُخِب المجلس الإداريّ ورئيسُه العلاّمة ابن باديس، ثمّ ترأّس لجنة العمل الدّائمة، وترأس أيضا مدة لجنة الفتوى .

9- توفّي رحمه الله في 8 رمضان 1371 الموافق لـ: 4 جوان 1952 م، وصلّى عليه الطيّب العقب رحمهم الله جميعا.

مؤلّفاته.

أولا: من المؤلّفات المطبوعة.

1-" الإسلام الصّحيح "، وهو مطبوع بمطبعة "المنار" سنة 1345.

2-" جماعة المسلمين "، طبع بمطبعة الإرادة بتونس في رمضان 1368 الموافق لجويلية 1948 م.

3-" الخُطَب "، طبع في الجزائر عام 1343.

4-" خصائص أهل زواوة "، وهي رسالة مختصرة.

5-" تاريخ الزّواوة "، نشره في دمشق سنة 1924 م.

ثانيا: من المؤلفات المخطوطة.

1- أصل كتابه " جماعة المسلمين " المطبوع.

2-" تعدّد الزّوجات في الإسلام".

3-" مرآة المرأة المسلمة ".

4-" ذبائح أهل الكتاب ".

5-" الفرق بين المشارقة والمغاربة في اللّغة العاميّة وغيرها من الفروق ".

6-" الخلافة قرشية ".

7-" الكلام في علم الكلام ".

8-" الغنى والفقر ".

9-" أسلوب الحكيم في التّعليم ".

10-" النّصوص الّتي ردُّها كفرٌ صراح بإجماع المسلمين ".

11-" أصل البربر بزواوة "، ذكر أنّه بيّن فيه أنّ أصل البربر من حِمْيَر، وأنّهم عرب قحطانيّون.

منهج أبي يعلى الزواوي السلفيّ.

أولا: الدّعوة إلى الطّريقة السّلفية، وذمّ علم الكلام.

قال الشّيخ أبو يعلى رحمه الله في " الإسلام الصحيح ":

« اِعْلم -أيّها السّائل- أنّ خيرَ طريقة في العقيدة التّوحيدية: طريقة السّلف، الّتي هي اتّباع ما ثبت عن الله وعن رسوله من غير كثرة التّأويل، والدّخول في الأخذ والردّ من الجدل في المتشابه، وإيراد الشّبه والردّ عليها.

وأذكر الآن بهذه المناسبة جمُلةً من أقوال الأئمّة العظام من السّلف الصّالح؛ لتعتبر -أيّها السّائل-، وتعلمَ أنّ الخوض غالبا خصوصا في قضايا الانتصار لمذهب دون مذهب، وتجدَ أنّ مذهب الحقّ في ذلك هو مذهب القرآن العظيم {قُلْ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}، وهو مذهب السلف، فإنّ القرآن الكريم أبى الخوض في ذلك لعجز المخلوق عن معرفة حقيقة الخالق، وإنّما تصدّى لتوجيه الأنظار للاعتبار كما تقدم » [ص 4-5].

ثمّ نقل الآثار المعروفة عن مالك، والشّافعي، وأحمد، وأبي يوسف، في ذمّ علم الكلام وأهله وقال:« وقد اتّفق أهل الحديث من السّلف على هذا ».

وصرّح بعد ذلك في أثناء الكتاب بعدم الانتماء لأي مذهب كلامي محدث من المذاهب الموجودة، فقال (ص 94):

« أما أنا ومن على شاكلتي من إخواني الكثيرين، فلا شريعة لنا ولا دين ولا ديوان إلاّ الكتاب والسنة وما عليه محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، وعقيدة السّلف الصّالح، فلا اعتزال، ولا ماتريدي، ولا أشعري، وذلك أنّ الأشاعرة تفرّقوا واختلفوا، أي: المتقدمون منهم والمتأخرون، ووقعوا في ارتباك من التّأويل والحيرة في مسائل يطول شرحها ».

ثانيا: نشر التوحيد، ومحاربة الشّرك.

قال الشّيخ رحمه الله:« أمّا عقيدتنا في الأولياء الّتي اتّخذوها ذريعة للطّعن فينا بأنّنا ننكرهم، وننكر الكرامة؛ ليُهيِّجوا علينا العامّة الّتي صُدَّت عن الله إلى الأولياء الأموات تطلب منهم ما لا يطلب إلاّ من الله، وتتمسح بقبورهم وتوابيتهم ... أمّا كون الميت صالحا أو مات وليّا أو غير وليّ، أو على حسن الخاتمة، أو على غير ذلك -عياذا بالله- فإنّنا غيرُ مكلَّفين بذلك، ولا نحكم لأحد بالجنّة ولا بالنّار، إلاّ من ورد فيهم النصّ، فهذه عقيدة أهل السنّة والجماعة.

أمّا التوسّل بهم، والطلب منهم، فممّا لم يثبت عن السّلف الصّالح شيءٌ منه، بل لم يُشرَعْ أصلا، وقد فتّشنا وقلّبنا وبحثنا في السّير وكتب الحديث الصّحيح مثل الموطّأ، والبخاري، ومسلم، فلم يثبت في خير القرون أنّهم قصدوا قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طالبين منه شيئا، ودليلنا أيضا على ذلك ما ثبت في صحيح البخاري أنّ عمر رضي الله عنه لما استسقى بالنّاس قال لهم: ( إنّا كنّا إذا أجدبنا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنّا نتوسل إليك بعمّ نبيّنا، وهذا دعاء أقره الصّحابة والسّلف» [" البصائر " السنة الأولى (عدد 5 ص 8)].

ثالثا: التزام السنن، ومجانبة البدع العملية.

ولم يهمل الشّيخ رحمه الله الدّعوة إلى الالتزام بالسنّة، ونبذ البدع العمليّة، خاصّة بدع التصوّف الّذي غرقت الأمّة في أوحاله، فصرّح ببدعيّة تصوّف المتأخّرين، قال في " البصائر ":« وبالجملة، إنّ التصوّف محدثٌ في الأمّة اسماً ومعنىً ».

وكما أنكر عليهم بدع العقائد، فقد أنكر عليهم بدع الأعمال: كالقراءة على الجنائز، قال في "الإسلام الصّحيح" (53):

« ولست بمخطئٍ إن قلت بالمنع والحرمة، بسبب ما أحدثوا فيه، وهو من أصله محدث؛ إذ لم يكن السّلف الصّالح يعرفون هذا صوفيّ وذاك غير صوفي، أو ذا له طريقة وهذا لا طريقة له ».

وإنّ الشّيخ رحمه الله كان قد نشأ نشأةً صوفيّة، إلاّ أنّه تاب ورجع إلى الحقّ لمّا تبيّن له، كما صرح بذلك في أحد مقالاته: « نعم كنت قبل أربعين سنة خلوتيا [أي حوالي سنة 1907]، فلما رأيت البدع، والمخالفة، والرّقص، والطّبل، واختلاط النّساء بالرّجال، طلّقتها ثلاثا بتاتا ».

وقال:« وإنّي أعلنت أنّي سلفيّ، وأعلنت أنّي تبرّأت ممّا يخالف الكتاب والسنّة، ورجعت عن كلّ قولة قلتها لم يقلها السّلف الصّالح ». [" الصّراع " للشّيخ حمّاني رحمه الله (2/71 و 79)].

رابعا: الدّعوة إلى الاجتهاد، ونبذ الجمود والتقليد.

قال رحمه الله في " الإسلام الصّحيح " (37):

« والحال أنّ كلّ واحد من هؤلاء الأئمّة قال: إن وافق مذهبي الكتاب والسنة فبه ونعمت، وإلاّ فاضربوا به عُرض الحائط؛ لأنّهم غير معصومين، ولا ألزموا النّاس بما استنبطوا وما دوّنوا، وإنّما العامّة والخاصّة ارتضتهم ».

وقال ردّا على المتعصّبين الّذين ينتصر كلّ واحد منهم لمذهب إمامه، ويقول إنّه هو الصّواب دون غيره:

« كلّها فاضلة، وكلّها صحيحة، إذ لا يمكن بحال أن يُقال هذا المذهب صحيح وهذا غير صحيح؛ لأنّهم أئمّة مجتهدون غير معصومين لا محالة، فهم سواء في الاجتهاد وسواء أيضا في عدم العصمة، وكان الإمام مالك يقول: كلّ أحد يؤخذ من كلامه ويردّ عليه إلاّ صاحب هذا القبر، يعني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ».

من ثناء العلماء عليه.

1- قال الشيخ الطيّب العقبي رحمه الله في مقال نُشِر في "الشّهاب" ردّا على من انتقص الشّيخ: « ألا ما أشفقتما عليه، أو رحمتما شيخوخته، وسلفيّته الصّادقة، وتركتماه لنا عضدا قويّا، وشيخا سلفيّا ... وهو من قد عرفتماه فضلا ومعرفة وسبقا إلى مذهب السّلفية، كما عرفتما مقدار مقدرته في الكتاب، وبحثه وتنقيبه ».

2- وقال الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله:«... الشّيخ الجليل، العالم السّلفي، الأستاذ أبي يعلى الزواوي، الّذي لقّبه الأخ الشّيخ الطيّب العقبي شيخ الشّباب وشاب الشّيوخ، وكلّ من عرف هذا الشّيخ وأنصفه اعترف له بهذا اللّقب، وسلّم له هذا الوصف ».

3- وقال الشيخ أحمد حماني رحمه الله:« علاّمة من كبار العلماء الأحرار، محقّق، شجاع، سلفيّ العقيدة، طيّب السّريرة، حميد السّيرة، بليغ القلم، سليم النيّة، غرّ كريم ».

وقال فيه أيضا:«... وكان يمتاز بشفقة وحنان على أمّته، وكثيرا ما تسيل دمعتُه رحمة على البائسين ».

أخر تعديل في الأربعاء 23 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 27 أفريل 2011 12:10
الذهاب للأعلي