الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فالجواب عن سؤالك – حفظك الله – في نقاطٍ أربع:
أوّلا: لا وجودَ لصلاةٍ تسمّى ( شفع )، وإنّما الشّفع هو وصفٌ لصلاة اللّيل؛ فصلاة اللّيل تُصلّى ركعتين ركعتين ( شفعا )، ثمّ يوتِر بواحدة.
روى البخاري عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ ؟ قالَ: (( مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى )).
والرّكعتان المسمّيان ( شفعا ) عند عامّة النّاس هما: راتبة العشاء.
ثانيا: من علِم من نفسه أنّه ينام عن الوتر، فليُصلِّه قبل نومه، حتّى لا يدخُل عليه وقت صلاة الفجر؛ لما رواه البخاري عن ابن عُمرَ رضي الله عنه أيضا قال: (( اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا، فإنَّ النَبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم أمرَ بِهِ )).
ثالثا: من الأخطاء الشّائعة: اعتقاد النّاس أنّه لا يجوز التنفّل بعد الوتر، للحديث السّابق: (( اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا )).
وهذا إنّما قاله على سبيل الاستحباب، أو أنّه تنبيه بعدم ترك الوتر في صلاة اللّيل.
وإلاّ فقد ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه صلّى ركعتين بعدما أوتر، وذلك في حديثين:
- ما رواه مسلم عن عائشَةَ رضي الله عنها سُئلت عن صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالتْ: ( كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ).
- ما رواه ابن خزيمة وغيره عن ثوبان رضي الله عنه قال: كنَّا معَ رسُولِ الله صلّى الله عليه وسلّم في سفرٍ، فقالَ: (( إِنَّ هَذَا السَّفَرَ جَهْدٌ وَثَقِلٌ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ، وَإِلاَّ كَانَتَا لَهُ )).
وبوّب ابن خزيمة رحمه الله لهذا الحديث قائلا:
" باب ذكرِ الدّليل على أنّ الصّلاة بعد الوِتْر مباحةٌ لجميع من يريد الصّلاة بعدَه، وأنّ الرّكعتين اللّتين كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يصلّيهِمَا بعدَ الوتر لم يكونا خاصّة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دون أمّته؛ إذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد أمرنا بالرّكعتين بعد الوتر أمرَ ندبٍ وفضيلةٍ، لا أمرَ إيجابٍ وفريضةٍ "اهـ
رابعا: من نام عن وتره، أو نسيه فله في قضائه طريقتان:
أ) أن يصلّيه شفعا، لا وترا: فإن كانت عادته أنّه يصلّيه ركعة واحدة صلاّه اثنتين، وإن كانت عادته أنّه يصليه ثلاثا صلاّه أربعا، وهكذا إلى أن تكون عادته إحدى عشر ركعة فيصلّيه ثنتي عشْرة ركعة.
روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
ب) كما له أن يصلّيه على الأصل، ركعةً واحدة، لحديث أبي سعيد الخدريّ قال: قَاَل رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ، فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ )) [أخرجه التّرمذي].
والله أعلم، وأعزّ وأكرم.