السبت 22 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 30 أكتوبر 2010 10:24

- شرح كتاب الحجّ (21) اجتناب التّرف في الحجّ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تابع البـاب الرّابـع: ( الترغيب في التّواضع في الحجّ، والتبذّل، ولبس الدّون من الثّياب، اقتداءً بالأنبياء  عليهم السّلام ).

الحديث التّاسع:

1131-وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ الْحَاجُّ ..؟

قَالَ: فَأَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ ؟ قَالَ:

(( الْعَجُّ وَالثَّجُّ )).

قَالَ: وَمَا السَّبِيلُ ؟

قَالَ: (( الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ )).

[رواه ابن ماجه بإسناد حسن].

وتقدّم [1-باب/19-حديث] في حديث ابن عمر رضي الله عنه:

(( وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَإِنَّ اللهَ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ، يَقُولُ: عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ جَنَّتِي، فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ، أَوْ كَقَطْرِ المَطَرِ، أَوْ كَزَبَدِ البَحْرِ، لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ، وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ )).

وفي رواية ابن حبان قال:

(( فَإِذَا وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: اُنْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا، اِشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ قَطْرِ السَّمَاءِ وَرمْلِ عَالِجٍ ..)) الحديث.

شـرح غريب الحـديـث:

- ( .... ): تتمّة الحديث ضعيفة، لذلك حذفها الشّيخ رحمه الله.

- ( العَـجّ ): هو رفع الصّوت بالتّلبية والتّكبير.

-  ( الثَّج ): هو السّيلان، والمقصود به إسالة الدّم بنحر البُدْن، ومنه قوله تعالى:{ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا }.

ومنه قول حمنة بنت جحش رضي الله عنه تصف شدّة استحاضتها:" إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا ".

-  ( شُعثاً ): جمع ( أشعث ) ويقال في المفرد أيضا ( شعِث) - بكسر العين -: وهو البعيد العهد بتسريح شعره وغسله.

( وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ ): أي: ولمن دعوتم له.

الفـوائــد:

- الفائدة الأولى:

استُدِلّ بقوله صلّى الله عليه وسلّم حين سُئِل عن أفضل الحجّ فقال: (( العجّ )): على استحباب رفع الصّوت بالتّلبية، وسيأتي تحقيق القول في حكم رفع الصّوت بها.

وبقوله: (( الثجّ )) على استحباب التمتّع والقران، لأنّهما نُسُكان يجب لهما دم.

- الفائدة الثّانية:

هذا الحديث نصٌّ في تفسير السّبيل من قوله تعالى:{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [آل عمران: من الآية97].

ولكنّ العلماء اختلفوا في صحّة رفعه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

قال ابن المنذر - كما في "الفتح" (3/300) -:

" لا يثبت الحديث الّذي فيه الزّاد والرّاحلة، والآية الكريمة عامّة ليست مجملة فلا تفتقر إلى بيان ".

وكذا قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " (4/166)، بل قال في تحقيق السّنن:" ضعيف جدّا ".

ولكن حتّى لو لم يصحّ، فإنّه لا شكّ أنّ وجود الزّاد والرّاحلة من شروط الاستطاعة، ولكن لا تنحصر في ذلك، بل من الاستطاعة: صحّة البدن، وأمن الطّريق أيضا، وغير ذلك ممّا يدخل تحتها.

- والشّاهد من الحديث هو ترك التّرف واستحباب التّواضع والتبذّل في الحجّ، لقوله تعالى في الحديث: ( اُنْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ).

ومثله الحديـث العاشـر:

1132- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( إِنَّ اللهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ مَلاَئِكَةَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: اُنْظُرُوا إِلَى عِبَادِي هَؤُلاَءِ جَاؤُونِي شُعْثًا غُبْرًا )).

[رواه أحمد، وابن حبّان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرطهما"، وسيأتي أحاديث من هذا النّوع في الوقوف إن شاء الله تعالى].

وبهذا الحديث ينتهي شرح أحاديث الباب الرّابع، ولله الحمد.

الذهاب للأعلي