الاثنين 10 رجب 1442 هـ الموافق لـ: 22 فيفري 2021 21:34

259- هل يقال: «النّسوة يَقُمْنَ» أو «تَقُمْنَ» موضوع مميز

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ورحمة الله ... لماذا جاء في القرآن الكريم: {والوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} بالياء، وليس: {تُرضِعْنَ} بالتّاء، مع أنّ الفعلَ مسندٌ إلى جمع الإناث ؟

وبارك الله فيكم.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فمن قواعد اللّسان العربيّ: أنّ العربَ لا تجمعُ بين علامَتَيْ تأنيثٍ. وتوضيحُ ذلك فيما يأتي:

- يقال في حقّ المفردة المؤنّثة: (تقومُ) بالتّاء، ولو قيل: (يقوم) لأشبهَ المسندَ إلى المفرد المذكّر.

- ويقال في المثنّى المؤنّث: (تذهبان) بالتّاء أيضا، ولو قيل: (يذهبان) لأشبه المسند إلى المثنّى المذكّر.

- أمّا في جمع الإناث فيقال: (يَذْهَبْنَ) بالياء؛ لأنّ الفعل إذا أسنِد إلى الجمع المذكّر لم يشبهْ المسندَ إلى جمع المؤنّث، فيقال في حقّ الجمع المذكّر: (يذهبون).

فبما أنّ علامة التّأنيث قد ظهرت بضمير (نونِ النّسوة) فلا يحتاج الفعلُ إلى تاء المضارعة في أوّله.

هذه هي اللّغة الفصحى، وندَر جدّا أن يأتوا بالتّاء مع نون النّسوة، ومنه:

رواية الطّبراني في «المعجم الكبير» (4/124-3873): عنْ أبِي أيّوبَ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: «... وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ نِسَائِكُمْ فَلَا تَدْخُلْنَ الْحَمَّامَ»

فقوله: (فَلاَ تَدْخُلْنَ) لغةٌ نادرة جدّا.

ومن ذلك أيضاً قراءةُ بعضهم لقوله عزّ وجلّ: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} [الشّورى من:5]، فقُرِئَ: ( تَنْفَطِرْنَ ).

قال ابن خالويه رحمه الله في «مختصر شواذّ القرآن» (134) ما نَصُّه:

« ( تَنْفَطِرْنَ ) بالتّاء والنّون، يونس عن أبي عمروٍ، وهذا حرفٌ نادرٌ؛ لأنَّ العربَ لا تجمعُ بين علامَتَيْ التأنيثِ. لا يقال: النساءُ تَقُمْنَ، ولكن يَقُمْنَ، {وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة من: 233] ولا يقال: تُرْضِعْنَ.

وقد كان أبو عُمَرَ الزّاهدُ روَى في نوادرِ ابن الأعرابي: « الإِبلُ تَسْمَنَّ »، فأنكرْناه، فقد قوّاه الآن هذا » اهـ.

[وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيّان (9/322)، و«الدرّ المصون» للسّمين الحلبي (9/539)، وانظر المسألة في «الكشّاف» للزّمخشريّ (4/208)، و«مفاتيح الغيب» للرّازي (27/577)].

ووجّه الإمام أبو السّعود رحمه الله في «تفسيره» (8/22) اجتماع التّاء مع النّون قائلا:« وَقُرِئَ ( تَتَفَطَّرْنَ ) بالتّاء؛ لتأكيدِ التّأنيثِ، وهو نَادرٌ ».

تنبيه: قول أبي السّعود رحمه الله: «وَقُرِئَ ( تَتَفَطَّرْنَ )» اتّبع فيه الزّمخشريّ رحمه الله، وقد بيّن وهمَه ابنُ حيّان رحمه الله ولكنّه وهِم أيضا فقال: «تَفطّرْنَ»، والصّواب (تنفطِرْنَ).

والله تعالى أعلم. 

أخر تعديل في الاثنين 10 رجب 1442 هـ الموافق لـ: 22 فيفري 2021 21:38
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي