الأربعاء 18 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 24 نوفمبر 2010 17:12

45- الزّكـاة في مـال الصبـيّ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

نصّ السّؤال:

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فأنا امرأة توفّي زوجي قريبا، ولي معه ولدان غير بالغين، وقد ثبت لهما نصيب من الميراث.

والسّؤال: هل إذا حال الحول وجب إخراج الزّكاة عن مالهما ؟ أرجو الإجابة مع التّفصيل جزاكم الله خيرا.

نصّ الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

فإنّ لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى، فنسأل الله تعالى أن يأجرك ويلهمك الصّبرَ على مصابك.

فاعلمي- أختي الفاضلة - أنّ العلماء قد اختلفوا في مال الصبيّ - وكذلك المجنون - إذا بلغ النّصاب، وحال عليه الحول هل تجب فيه الزّكاة أو لا ؟ على قولين اثنين:

1- القول الأوّل: أنّه لا تجب الزّكاة في ماله.

وهو قول الإمام أبي حنيفة والحسن البصري، وسعيد بن جبير، والثّوري، وابن المبارك رحمهم الله.

* قالوا لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ )) [رواه أبو داود عن عائشة].

* وقالوا: لو أدّينا وأخرجنا الزّكاة عن أموالهما لأكلته الصّدقة.

2- القول الثّاني: أنّه تجب الزّكاة في ماله، وهو الصّحيح إن شاء الله.

وهو قول الصّحابة: عمر بن الخطّاب، وابن عمر، وعليّ بن أبي طالب، والحسن بن عليّ، وعائشة، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم.

وقال بذلك: محمّد بن سيرين، وجابر بن زيد، وعطاء، والزّهري، وربيعة، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى، وسفيان بن عيينة، وأبو ثور، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، والإمام مالك، والشّافعي، وأحمد بن حنبل، وابن حزم، وأبو عبيد، وغيرهم.

[" الإنصاف " للماوردي، و" المغني " لابن قدامة، و" كشّاف القناع "، و" الأمّ "، و" المهذّب " للشّيرازي، و" إعانة الطّالبين "، و" حاشية العدويّ "، و" أقرب المسالك"، و" المحلّى " لابن حزم].

روى الإمام مالك والبيهقيّ أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ( أمر بالتّجارة في مال اليتيم، لئلاّ تأكلها الزّكاة ).

وروى الإمام مالك والبيهقي أيضا عن الْقَاسِمِ بن محمّد أَنَّهُ قَالَ: (( كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي وَأَخًا لِي يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِهَا، فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ )).

وروى البيهقيّ أيضا عن نافع أنّ ابن عمر رضي الله عنه ( كان يُزكّي ما اليتيم ).

الأدلّة:

1- عموم النّصوص الآمرة بإخراج الزّكاة، فيدخل فيها مال البالغ ومال الصبيّ، كقوله تعالى:{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة:من الآية103].

ومن ذلك أيضا قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ )).

2- أنّه مذهب من سمّينا من الصّحابة رضي الله عنهم، ولا مخالف لهم، فكان إجماعهم حجّة.

3- ويجب أن نعلم أنّ حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( رُفِعَ القَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ )) ليس معناه أنّه لا يُزكَّى عن ماله، وإنّما المراد رفع الإثم، فالواجب يقع على من يكفله ويقوم عليه، كما لو أتلف شيئا أو قتل خطأ، فإنّ الضّمان والدّية في ماله.

لذلك يجب على من يقوم على اليتيم إخراج زكاته.

ومن الجدير بالتّنبيه عليه أنّه يجب على الوصيّ أيضا أن يقوم باستثمار مال اليتيم والتّجارة فيه حتّى لا تأكله الزّكاة، كما قال عمر رضي الله عنه.

هذا والله تعالى أعلم، وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 17:53
عبد الحليم توميات

آخر المواضيع:

الذهاب للأعلي