أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]
عبد الحليم توميات

عبد الحليم توميات

الاثنين 30 ذو الحجة 1439 هـ الموافق لـ: 10 سبتمبر 2018 10:00

- مَاذَا تَعْرِفُ عَنْ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ ؟

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فأدعوكم اليوم - أيّها المسلمون والمسلمات - إلى تأمّلات ووقفات .. وقفات اعتبار وتدبّر، ولحظات تأمّل وتفكّر .. لحظاتٍ مع ضيف عظيم مكرّم، ألا وهو شهر الله المحرّم .. فماذا تعرف عن هذا الشّهر .. وماذا يريد هذا الشّهر ؟

عرفنا ما يدعو إليه شهر رمضان، فقد كان داعيا للصّيام والقيام ..

عرفنا ما يدعو إليه شهر ذي الحجّة، فقد كان داعيا إلى حجّ بيت الله الحرام ..

فما هي الرّسالة الّتي يحملها إلينا هذا الشّهر العظيم ؟ وما الّذي يدعونا إليه هذا الضّيف الكريم ؟

الجمعة 29 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 25 نوفمبر 2011 08:04

180- يخرج منه سائل بعد الغسل

نصّ السّؤال:

أحيانا بعد أن أنتهي من الاغتسال، ينزل منّي سائل، وأغلب الظنّ أنّه مَنِيٌّ، فهل عليّ الغسلُ مرّة أخرى ؟

وما العمل؛ فإنّ ذلك يشقّ عليّ أحيانا ؟ بارك الله فيكم.

الخميس 28 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 24 نوفمبر 2011 06:02

شرح الأصول الثّلاثة (10) لماذا التّذكير بتوحيد الألوهيّة ؟ (صوتي)

من سلسلة: شرح الأصول الثّلاثة

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (10) لماذا التّذكير بتوحيد الألوهيّة ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

  • · قوله رحمه الله: ( وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به التّوحيدُ ): فبعد أن بيّن رحمه الله أنّ الله تعالى قد أمر الخلق جميعا بتوحيده وإخلاص العبادة له، ذكّر بمنزلة التّوحيد من الدّين؛ وأنّه أوّل الأمر وآخره، وباطن الدّين وظاهره. 

وهذا التّذكير لا بدّ منه لأمور:

 

أوّلها: أنّ هذه هي سنّة المولى تبارك وتعالى، فلا يزال يذكّر الأنبياء والمرسلين بتوحيده، وينهاهم عن الإشراك به، فقال عزّ وجلّ:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزّمر:65]، وقال:{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس:106]، وقال:{وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [القصص من: 88]، {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يونس:105]، وغير ذلك ممّا لا يُحصَى من الآيات. 

بل إنّ الله ذكر مزايا سبعة عشر رسولا، ثمّ بيّن أنّه لو لاقَوْه بشيءٍ من الشّرك لحبط عنهم عملهم، فقال تعالى:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلّاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)} [الأنعام].

ثانيا: أنّ هذه هي سنّة المرسلين.

فإمام الحنفاء إبراهيم عليه السّلام يتعاهد أبناءه - وهم من الأنبياء - بكلمة التّوحيد، وتبعه يعقوب عليه السّلام على ذلك.

ونوح عليه السّلام من قبل يُوصِي ابنه قائلا -كما في " المسند "-: (( إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا عليه السّلام لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنْ اثْنَتَيْنِ: آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ... وَأَنْهَاكَ عَنْ الشِّرْكِ ... )).

مع أنّ ابنه قد عاين الطّوفان الّذي ما جعله الله عذابا إلاّ لأجل الشّرك، ونحن نظنّ أنّه لا يمكن أن يعود أحدٌ إلى الشّرك لو عاين الطّوفان، لكنّ نوحا لا يفكّر كتفكيرنا، إنّه يعلم أنّ الشّيطان لن يقصّر في إيقاع النّاس في أوحال الشّرك.

أمّا نبيّ الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم فكان يتعاهد أصحابه رضي اله عنهم - وهم من هم ؟- بالنّهي عن الشّرك بالله تعالى:

فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يأتيه فيقول له: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ ؟ قال: (( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ )).

وفي الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ ؟ قالَ: (( الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ )). وغير ذلك.

حتّى الشّرك الأصغر كان صلّى الله عليه وسلّم لا يترك فرصة إلاّ وذكّرهم بخطره، وقبحه وضرره، فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي سعِيدٍ رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَينَا رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ونحنُ نَتَذَاكَرُ المَسِيحَ الدّجّالَ، فقال: (( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ )) قلْنَا: بلى! فقالَ: (( الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ )).

وكان من دعاء الخليل عليه السّلام قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}؛ فمن يأمن على نفسه بعد ذلك إلاّ من قال تعالى فيه:{وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} ؟

ثالثا: أنّ الشّرك عاد إلى هذه الأمّة كما أخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

فقد روى التّرمذي وغيره عنْ ثوبانَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ )).

فقد دبّ الشّرك من جديد بدءا من صرف كثير من العبادات لغيره تعالى: كالدّعاء، والذّبح، والاستغاثة، والطّواف بغير بيته سبحانه، إلى

انتشار سبّ الله ورسوله ودينه ! إلى انتشار السّحرة والمشعوذين باسم الرّقى الشّرعيّة ! إلى انتشار الكهانة باسم الأبراج على صفحات الجرائد.

رابعا: جهل أكثر النّاس بمعنى لا إله إلاّ الله.

ولمّا كان أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أدركوا معنى الشّرك بالله، سمعنا عمرَ بنَ الخطّاب رضي الله عنه يقول لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه: أنشدك الله ! هل سمّاني لك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع من سمّى من المنافقين ؟ فقال حذيفة: لا ، ولا أزكّي أحداً بعدك أبدا، فبكى عمرُ رضي الله عنه.

وقال ابن أبى مليكة - كما في صحيح البخاري -:" أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلّهم يخاف النّفاق على نفسه ! فلا يأمن النّفاق إلاّ منافق، ولا يخاف النّفاق إلاّ مؤمن. 

خامسا: أنّ الله تبارك وتعالى قد يغفر للعبد كلّ شيء، إلاّ الشّرك به.

فالله الّذي وسعت رحمته كلّ شيء، وهو أرحم بعبده من الأمّ الرّءوم بولدها ! الله الّذي يوم خلق السّموات والأرض كتب كتابا فهو عنده تحت العرش: (( إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي )) ! يقول:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء:48].

لذلك ذكّر المؤلّف بمنزلة التّوحيد من الدّين، وأنّه أعظم الحسنات في دين الله عزّ وجلّ.

والتّوحيد في اللّغة: هو الإفراد وجعل الشّيء واحدا، كما أنّ التّثنية جعل الشّيء اثنين، والتّثليث جعله ثلاثةً.

وفي الشّرع هو ثلاثة أنواع:

أ) توحيد الرّبوبيّة: وهو الاعتقاد الجازم بأنّ الله هو ربّ الكون وحده ومليكه ومدبّره.

ب) توحيد الأسماء والصّفات: وهو إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم من صفات الكمال ونعوت الجلال، من غير تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل.

ج) توحيد الألوهيّة: وهو ما ذكره رحمه الله بقوله:

  • · ( وهو: إفرادُ اللهِ بالعبادة ): أي: صرف جميع العبادات الفعليّة والقوليّة والظّاهرة والباطنة لله وحده دون غيره.

ولا بدّ من أن نلحظ أنّ الألف واللاّم في قوله: ( التّوحيد ) للعهد الذّكري، أي: الّذي سبق له ذكر عند الحديث عن ملّة إبراهيم عليه السّلام، وإلاّ فإنّه أنواع ثلاثة كما ذكرنا. 

وإنّما خصّ المؤلّف رحمه الله التّوحيد بتوحيد العبادة؛ لأمور:

أ) أنّه هو التّوحيد الّذي دعا إليه جميع الرّسل.

ب) وأنّه هو التّوحيد الّذي وقعت فيه الخصومة بين المرسلين وأعدائهم.

ج) أنّ المشركين كانوا مقرّين بتوحيد الرّبوبيّة كما سبق بيانه.

د) وأنّ توحيد الألوهيّة متضمّن لتوحيد الرّبوبيّة، ومستلزم للإيمان بالأسماء الحُسنَى والصّفات العُلى، حتّى إنّ أهل العلم فسّروا الشّهادة بأنّ معناها: لا معبود بحقّ إلاّ الله تعالى.

  • · ( وأعظمُ ما نهى عنه الشّركُ ): أي: هو أعظم السّيّئات على الإطلاق، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه السّابق ذكرُه أنّه قال: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ ؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ))، قلتُ: ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: (( أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ ))، قال: ثُمَّ أَيُّ ؟ قال: (( أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ ))، وأنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ قوْلِ النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم:{والَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية. 

وفي الحديث الّذي رواه التّرمذي عن أنسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ: (( قالَ الله تبارك وتعالى: يَا ابنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي .. يَا ابنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي، غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي .. يَا ابنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً )). 

وروى الترمذي وابن ماجه وأحمد عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يقولُ:

أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا ؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فيقولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ ؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ.

فيقولُ: بلَى، إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ اليوْمَ ! فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ ! فيقولُ: يَا رَبِّ، مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ ؟ فقالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ.

قال: فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ، وَالبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ، فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ )).

فهذا الحديث كما أنّه يدلّ على فضل من مات على التّوحيد، فإنّ فيه بيانَ فظاعة الشّرك، حيث إنّ كلمة " لا إله إلاّ الله " على ثقلِها قد نقضها المشرك، فصار الشّرك بالله أثقل منها، فلم تنفع قائلَها !

  • · قال رحمه الله: ( وهو دعوةُ غيرهِ معهُ ): فكما خصّ التّوحيد بتوحيد الألوهيّة، نراه خصّ الشّرك بشرك الألوهيّة. 

ولا بدّ أن نلحظ أنّه كان من المفترض أن يعرّفه بما يقابل التّوحيد، فيقول: وهو عبادة غيره معه. لكنّه ذكر الدّعاء فحسب، وتوجيه ذلك بأحد أمرين: 

أ) أنّه عرّف الشّيء ببعض أجزائه.

ب) أو أراد بالدّعاء هنا هو العبادة، فالعابد سائلٌ بحاله متوسّل بأعماله، لأنّ الحامل على العبادة هو الرّهبة والرّغبة.

وهذا القول أقرب؛ ليقابل تعريف الشّرك تعريفه للتّوحيد.

فكلّ مأمور واجب أو مستحبّ صُرف لله فهو التّوحيد والإيمان والإخلاص.

· قال: (والدّليل قوله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللهَ }: وقد سبق بيان معنى العبادة، ولكن لمّا كانت العبادة وحدها لا تُغنِي، عطف الله على الأمر بالعبادة قولَه:{وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}: وكلمة (شيئا) نكرة في سياق النّهي تفيد العموم، وقد سبق تقرير ذلك أيضا.

 

 

 

 

  

  

 : 

الخميس 28 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 24 نوفمبر 2011 04:04

- شرح الأصول الثّلاثة (10) لماذا التّذكير بتوحيد الألوهيّة ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

  • · قوله رحمه الله: ( وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به التّوحيدُ ): فبعد أن بيّن رحمه الله أنّ الله تعالى قد أمر الخلق جميعا بتوحيده وإخلاص العبادة له، ذكّر بمنزلة التّوحيد من الدّين؛ وأنّه أوّل الأمر وآخره، وباطن الدّين وظاهره.

وهذا التّذكير لا بدّ منه لأمور:

الأربعاء 27 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 23 نوفمبر 2011 08:43

179- حكم الصّلاة في ثوب يشتمل على تصاوير

نصّ السّؤال:

شيخنا الكريم ... هل يجوز أن أصلّي في ثوب فيه صورٌ لذوات الأرواح ؟ وهل هي صحيحة أو باطلة ؟

بارك الله فيكم.

الثلاثاء 26 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 22 نوفمبر 2011 11:34

- الآداب الشّرعيّة (36) مراعاة أوقات الزّيارة

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فمن آداب الزّيارة في الإسلام: مراعاة أوقات الزّيارة، وتحت هذا الأدب أمور ثلاثة: 

الأمر الأوّل: مراعاة الوقت المناسب.

فهناك أوقات لا يليق ولا ينبغي للمسلم أن يزور أخاه بها، كأوقات نومه، وطعامه. ويمكن أن يُستدلّ لهذا الحكم بثلاثة أدلّة:

- الأوّل: أشار إليه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:58].

الاثنين 25 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 21 نوفمبر 2011 06:41

- شرح الأصول الثّلاثة (9) ملّة إبراهيم عليه السّلام (صوتي)

من سلسلة: شرح الأصول الثّلاثة

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (09) ملّة إبراهيم عليه السّلام

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقال المؤلّف رحمه الله:

( اعلَمْ - أرشدَكَ اللهُ لطاعتِه - أنَّ الحنيفيةَ: مِلَّةَ إبراهيمَ، أنْ تعبدَ اللهَ وحدَهُ مخلصًا له الدِّين، وبذلك أَمَرَ اللهُ جميعَ الناس وخلَقهم لها، كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56ومعنى {يَعْبُدُونِ}: يوحِّدونِ، وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به التّوحيدُ وهو: إفرادُ اللهِ بالعبادة، وأعظمُ ما نهى عنه الشّركُ، وهو دعوةُ غيرهِ معهُ، والدّليل قوله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36] ).

الشّرح:

هذا شروع في رسالة " الأصول الثّلاثة "، وهي المسائل والقضايا الّتي يُسأل عنها العبد في قبره، فإذا كان من القائمين بها، العاملين بمقتضاها كان من النّاجين المفلحين، وإن كان من المضيّعين النّابذين لها كان من الهالكين الخاسرين.

  • · قوله رحمه الله: ( اعلم - أرشدك الله لطاعته - ): فذكّر بوجوب العلم بما سيذكره حتّى يُقبل القارئ بقلبه وسمعه على قوله.

وأتى بتلطّف ثالث بالمتعلّم وذلك بالدّعاء له بالرّشد.  

- ( أرشدك ): الرّشد والرّشاد هو الصّلاح وإصابة الصّواب، وهو ضدّ الغواية والضّلال، قال تعالى:{قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}، والرّشد أيضاً ضدّ السّفه، ومنه الحجر على السّفيه حتّى يرشُد. 

وإنّما اختار في هذا المقام الدّعاء بالرّشد لأمرين اثنين:

لأنّ أعظم الرّشد هو أن يكون العبدُ موحّدا مسلما لربّه، قال تعالى:{فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجنّ: 14].

ولأنّه يذكّر ويدعو بملّة إبراهيم عليه السّلام، وقد قال تعالى:{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة من: 130].

- ( إلى طاعته ) وطاعة الله هي: موافقة مراد الله امتثالا.

فيدعو المصنّف رحمه الله لقارئ الرّسالة بأن يوفّقه الله ويسدّد خطاه إلى امتثال أمره بأعظم طاعة وهي تجريد التّوحيد الصّحيح لله، واجتناب نهيِه وهو مقارفة الشّرك بالله. 

  • · قوله رحمه الله: ( أنَّ الحنيفيةَ: مِلَّةَ إبراهيمَ، أنْ تعبدَ اللهَ وحدَهُ مخلصًا له الدِّين ): 

- الحنيفيّة: من الحنف، وهو الاستقامة على القول الصّحيح؛ لأنّه شاع في تفسير كلمة ( الحنيف ) في قوله تعالى:{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} ونحوه، أنّ الحنيف هو المائل عن الشّرك قاصدا التّوحيد، ومنهم من لا يذكر غيره. 

واستدلّوا على ذلك بأنّ ( الحنف ) هو الميل في الرّجل، ومنه قول أمّ الأحنف بن قيس:

واللهِ لولا حنفٌ برجله *** ما كان في فتيانكم من مثله

والحقّ أنّه يمكن أن يكون بمعنى المستقيم على التّوحيد، وذلك يستلزم الميل عن الشّرك، وبمعنى الاستقامة فسّره محمّد بن كعب القرظي وعيسى بن جارية كما في " تفسير ابن كثير ".

ولم يذكر الطّبريّ رحمه الله غيرَه، فقال:" وأمّا الحنيف فإنّه المستقيم من كلّ شيء. وقد قيل: إنّ الرجل الّذي تقبل إحدى قدميه على الأخرى إنّما قيل له ( أحنف ) نظرا له إلى السلامة، كما قيل للمهلكة من البلاد "المفازة"، بمعنى الفوز بالنجاة منها والسلامة، وكما قيل للديغ:"السليم"، تفاؤلا له بالسلامة من الهلاك، وما أشبه ذلك ".اهـ

وقال ابن قتيبة رحمه الله:" الحنف: الاستقامة، وسمّي الأحنف على سبيل التفاؤل، كما سمّي اللّديغ سليماً ".

وعلى كلا القولين فإنّ الحنيفيّة هي الاستقامة على التّوحيد. وكان كلّ من استقام من العرب على الحقّ ومال عن عبادة الأصنام يسمّى بالحنيفيّ، كقسّ بن ساعدة، وزيد بن عمرو بن نفيل.

روى البخاري عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنّ زيْدَ بنَ عمْرِو بنِ نُفَيْلٍ خرَجَ إلى الشَّامِ يَسْأَلُ عن الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ، فلَقِيَ عالمًا من اليهودِ، فسأَلهُ عن دِينِهِم، فَقَالَ:

إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فأَخْبِرْنِي. فقال: لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ من غضبِ اللهِ ! قال زيْدٌ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللهِ شَيْئًا أَبَدًا ! وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ ؟ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ ؟

قالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قال زَيْدٌ: وَمَا الحَنِيفُ ؟ قال: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللهَ.

فَخَرَجَ زَيْدٌ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فقال: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ منْ لَعْنَةِ اللهِ ! قال: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا ! وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ ؟ فهلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ ؟

قال: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا. قال: وَمَا الْحَنِيفُ ؟ قال: دِينُ إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا، وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللهَ.

فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ في إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ، رَفَعَ يَدَيْهِ، فقال: اللّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ.

ووصف المصنّف الحنيفيّة قائلا:

  • · ( مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ ): المِلَّة: الشّريعة والدّين وفي الحديث: (( لاَ يَتوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى )) [رواه أبو داود]، وتُطلق على السنّة والطّريقة.

وجميع الأنبياء على ملّة التّوحيد، والميل عن الشّرك، وإنّما خصّ إبراهيم عليه السّلام بالذّكر لأمور:

أ) أنّ الله تعالى قد خصّ نبيّه إبراهيم عليه السّلام بهذا الوصف في آياتٍ كثيرة.

ب) لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمِر باتّباع ملّة إبراهيم عليه السّلام.

ج)  أنّ ذلك إلزام للمشركين، واليهود والنّصارى؛ إذ جميع الملل والنِّحل كانوا يدّعون الانتساب إلى إبراهيم عليه السّلام، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأقام عليهم الحجّة، وبيّن لهم أنّ ملّة إبراهيم هي تجريد التّوحيد لربّ العبيد.

لذلك قال تعالى:{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 135]، وقال:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [آل عمران].

د) أنّ إبراهيم عليه السّلام أبو الأنبياء، فهو ثاني أولي العزم من الرّسل، وما من نبيّ إلاّ وطعنت فيه بعض الملل والنّحل، إلاّ إبراهيم عليه السّلام، ذكر ابن القيّم رحمه الله في " بدائع الفوائد " عن الإمام أحمد رحمه الله قال في قوله تعالى عن إبراهيم عليه السّلام:{وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت من: 27] قال:" الثّناء، يتولّى إبراهيمَ المللُ كلّها ".

  • · قوله: ( أنْ تعبدَ اللهَ ): وعبادة الله تعالى هي غاية الحبّ والتذلّل له، فمتى خلت العبادة من المحبّة كانت باطلة.

وهذا التّعريف للعبادة لا يخالف ما عرّفه به شيخ الإسلام رحمه الله، فهو حين قال:" اسم جامع لما يحيّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظّاهرة والباطنة "، فهو يشير إلى متعلّقات العبادة ولوازمها.

ومفهوم كلام المؤلّف رحمه الله: أنّ من لم يعبد الله لم يكُن على ملّة إبراهيم عليه السّلام. لكن، قد يعبُد الله ويعبد معه غيره، فقال:

  • · ( وحدَهُ ): أي: منفرِداً لا أحد معه.
  • · ( مخلصًا له الدِّين ): الإخلاصُ في اللّغة هو التَّصفيةُ والتَّنقيةُ من الشَّوائبِ والعيوبِ، قال تعالى:{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}.

واصطلاحاً: هو تَجريدُ العبادة والنِّيَّة لله عزّ وجلّ، حيث لا يُلتفتُ إِلَى الخلق، وإنَّما يقصد بِها الربُّ الحقّ سبحانه، وهو نوعان:

أ) فيُطلق الإخلاص فيقابل الشّرك الأكبر: قال تعالى{وَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)} [العنكبوت]، وغير ذلك من الآيات.

وفي قصّة إسلام عكرمة بن أبي جهل في سنن النسائي أنّه:" رَكِبَ البَحْرَ، فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فقال أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا ! فقال عكرمةُ: واللهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي مِنْ البَحْرِ إِلَّا الإِخْلاصُ لا يُنَجِّينِي فِي البَرِّ غَيْرُهُ، اللّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا إنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أنْ آتِيَ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، فَجَاءَ فَأَسْلَمَ.

ب) ويطلق فيقابل الرّياء والشّرط الأصغر: كقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( ثَلاَثٌ لاَ يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِىءٍ مُؤْمِنٍ: إِخْلاَصُ العَمَلِ للهِ، وَالمُنَاصَحَةُ لِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ دُعَاءَهُمْ يُحِيطُ مَنْ وَرَائهم )).

لذلك كان لزاما على المؤمن أن يتعلّم مظاهر الشّرك اجتنابا للوقوع فيه.

فاشتراط الإخلاص في العبادة هو قطب التّوحيد، ومن عبد الله وعبد معه غيره، فإنّه ليس على ملّة إبراهيم عليه السّلام، فدلّ كلامه رحمه الله على أنّ التّوحيد، والملّة الحنيفيّة هي أن تُصرف جميع أنواع العبادات لله وحده، ولا يُشرك معه غيرُه.

  • · قوله رحمه الله: ( وبذلك ) أي: وبإخلاص العبادة لله، وبتجريد التّوحيد.
  • · ( أَمَرَ اللهُ جميعَ النّاس وخلَقهم لها، كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}): قال أهل العلم: ولو قال: جميع الخلق، لكان أولى، ليوافق الدّليل المدلول عليه؛ ففي الآية ذكر الجنّ والإنس.

وفي الآية بيان علّة خلق الله للعباد، وعلّة ما سخّره تعالى لهم ممّا في السّموات والأرض جميعا منه، وعلّة ما يرزقهم به، وهو إفراد الله تعالى بالعبادة.

وهو ما عجز عن فهمه وإدراكه الفلاسفة، فجعلوا علّة الوجود من أعظم أسرار الكون، فقال قائلهم:

جئتُ لا أعـلم من أين، ولكني أتيتُ *** ولقد أبصرت قُدّامي طريقا فمـشـيـتُ

وسأبقى ماشيا، إن شئت هذا أم أبيتُ *** كيف جئت ؟ كيـف أبصرت طريـقي ؟

لست أدري !

فناسب أن يقال لهم: لا دريتم ولا تلوتم !

  • · قوله: ( ومعنى {يَعْبُدُونِ}: يوحِّدونِ ): هذا التّفسير يُروَى عن ابن عبّاس، وأصحّ منه ما رواه الطّبريّ رحمه الله عنه قال: إلاّ ليُقِرّوا بعبادتي طوعاً أو كرهاً. فالمعنى كما قال ابن كثير رحمه الله: أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم.

قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُم الفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ}، وقال:{إِن تَكفُرُوا أَنتُم وَمَن فِي الأَرضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

فيدخل في العبادة: توحيد الله، ومظاهر العبادة القوليّة والفعليّة جميعها. فما خلق الله العباد ولا رزقهم إلاّ للقيام بهذا الواجب العظيم، وانظر إلى قد فرض الصّلاة أوّل ما فرضها خمسين صلاة في اليوم واللّيلة وكأنّ العبد لم يُخلق إلاّ لأَجل العبادة !

وروى الإمام أحمد عن أبي واقِدٍ اللّيْثِيِّ رضي الله عنه قال: كنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: (( إِنَّ اللهَ عزّ وجلّ قالَ:{ إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ })).

وفي سنن التّرمذي عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إنَّ اللهَ تعالى يقولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ )). والتفرّغ: هو القيام بما خُلِق من أجله من إقامة العبوديّة: إقام الصّلاة، وسدّ حاجة المسكين، وإغاثة الملهوف، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، والإصلاح بين النّاس، وغير ذلك.

وإنّما فسّر المؤلّف رحمه الله ( يَعْبُدُونِ ) بقوله: ( يوحّدونِ )؛ لأنّ التّوحيد هو أساس العبادة وأصلها، ودونه لا يقبل من العبد صرفٌ ولا عدلٌ.

فالكافر المشرك لم يحقّق الغايةَ الّتي خلق من أجلها.


 

 

  

  

 : 

الأحد 24 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2011 21:41

- شرح الأصول الثّلاثة (9) ملّة إبراهيم عليه السّلام

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقال المؤلّف رحمه الله:

( اعلَمْ - أرشدَكَ اللهُ لطاعتِه - أنَّ الحنيفيةَ: مِلَّةَ إبراهيمَ، أنْ تعبدَ اللهَ وحدَهُ مخلصًا له الدِّين، وبذلك أَمَرَ اللهُ جميعَ الناس وخلَقهم لها، كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56ومعنى {يَعْبُدُونِ}: يوحِّدونِ، وأعظمُ ما أَمرَ اللهُ به التّوحيدُ وهو: إفرادُ اللهِ بالعبادة، وأعظمُ ما نهى عنه الشّركُ، وهو دعوةُ غيرهِ معهُ، والدّليل قوله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء:36] ).

الصفحة 138 من 253

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.