أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: htoumiat@nebrasselhaq.com

الأربعاء 27 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 06 أكتوبر 2010 23:50

- تفسير سورة الفاتحة (4) فضائل السّورة الكريمة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإنّ فضائل السّور من الأمور الّتي ينبغي معرفتها، وذلك من باب التّرغيب في قراءة كتاب الله أوّلا، ومن باب معرفة ما عظّمه الله تعالى فيُعظّم، وقد وقف النّاس تُجاه هذا الأمر موقفين خاطئين:

- الطّائفة الأولى: طائفة نفت أن يكون هناك تفاضل بين السّور والآيات، وهم أبو الحسن الأشعريّ، والقاضي أبو بكر الباقلاّني، وابن حبّان رحمهم الله، فقالوا: الجميع كلام الله، وربّما أوهم تفضيل شيء من كلام الله على غيره نقصًا في المفضول. وعزوا ذلك إلى الإمام مالك.

والحقّ أنّه لم يَقُل بذلك، وربّما فهموا عنه ما ذكروه من أجل أنّه رحمه الله كره أن تُعاد سورة وتردّد دون غيرها. ولا شكّ أنّ مقصوده غير ما رأوه وذهبوا إليه.

وجمهور أهل العلم على أنّ هناك تفاضلا بين السّور، كما أنّ هناك تفاضلا بين الأيّام، والأماكن، والرّسل، والنّصوص كثيرة فيها التّصريح بذلك، مثل حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه في تفضيل آية الكرسيّ وغيره، حتّى قال ابن الحصّار رحمه الله:

" العجب ممّن يذكر الاختلاف في ذلك مع النّصوص الواردة بالتّفضيل ! "، وقال العزّ بن عبد السّلام:" كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره، فـ{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} أفضل من {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}" [انظر " الإتقان في علوم القرآن " للسّيوطي].

-   الطّائفة الثّانية: غلت فتساهلت في نقل فضائل السّور، فجمعت بين الغثّ والسّمين، والصّحيح والضّعيف والموضوع، وأكثر من اشتهر بوضع أحاديث فضائل السّور نوح بن أبي مريم الملقّب بـ:" نوح الجامع " وكان من الفقهاء، قال نعيم بن حمّاد: سئل ابن المبارك عنه، فقال: هو يقول: لا إله إلا الله. وقال الحاكم: وضع أبو عصمة حديث فضائل القرآن الطويل.

واعجب إن علمت أنّه لمّا سئل عن ذلك قال: رأيت النّاس مشتغلين بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق، فقلت أرغّبهم في كتاب الله!

والصّواب هو الوسط: أنّه لا يثبت في فضائل السّور والآيات إلاّ القليل، وهو ما دلّ عليه الدّليل، وقد جاء في الفاتحة ما يدلّ على فضلها، وذلك فيما يلي:

أوّلا: تسميتها بأمّ الكتاب وأمّ القرآن، والقرآن العظيم، وذلك لأنّها جمعت الدّين كلّه، قال الطّيبي رحمه الله:

" هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم الّتي هي مناط الدّين:

أحدها: علم الأصول، ومعاقده معرفة الله وصفاته، وإليها الإشارة بقوله تعالى:{الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ومعرفة النّبوّة وهي المرادة بقوله:{أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، ومعرفة المعاد وهو المومَى إليه بقوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.

وثانيها: علم الفروع، وأسُّه العبادات، وهو المراد بقوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.

وثالثها: علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق..وإليه الإشارة بقوله:{وإِيّاكَ نَسْتَعِينُ اِهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}.

ورابعها: علم القصص والأخبار عن الأمم السّالفة، والقرون الخالية، السّعداء منهم والأشقياء..وهو المراد بقوله:{أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}." اهـ.

ثانيا: أنّها أعظم سورة في القرآن الكريم.

بدلالة حديث البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى[1] رضي الله عنه قَالَ فيه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ))..ثمّ قال: (({الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ )).

وروى ابن حبّان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط مسلم" عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فِي مَسِيرٍ فَنَزَلَ، وَنَزَلَ رَجُلٌ إِلَى جَانِبِهِ، قَالَ: فَالْتَفَتَ النَبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: (( أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ القُرْآنِ ؟ )). قَالَ: بَلَى. فَتَلاَ {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}.

ثالثا: أنّه لم ينزل مثلها على نبيّ من قبل:

فقد روى التّرمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( يَا أُبَيُّ ! )) - وَهُوَ يُصَلِّي، فَالْتَفَتَ أُبَيٌّ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ ؟ )). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ::

(( فَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنْ:{اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} ؟ )). قَالَ: بَلَى، وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ:

(( أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا ؟ )). قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ؟ )) قَالَ: فَقَرَأَ ( أُمَّ الْقُرْآنِ )، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، وَإِنَّهَا سَبْعٌ مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ )).

رابعا: أنّ الله سمّاها الصّلاة.

وفي الحلقة السّابقة ذكرنا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ،- وفي رواية: فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي -...)). [رواه مسلم].

خامسا: أنّ الله يجيب كلّ دعاء تضمّنته.

فقد روى مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرَائِيلُ عليه السّلام قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ[2]، فَقَالَ:

(( هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ )). فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: (( هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ )). فَسَلَّمَ وَقَالَ: (( أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ )).

(النّقيض) - بالمعجمة -: هو الصّوت.

سادسا: أنّ الصّلاة لا تصحّ دونها، وقد سبق ذكر الأحاديث في ذلك.

سابعا: أنّها رقية، لحديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه في ذلك، وقد مضى ذكره.

هل سورة الفاتحة مكّية أو مدنيّة ؟

ما جاء عن أهل العلم في ذلك أربعة أقوال:

- الأوّل: أنّها مكّية، قاله ابن عبّاس رضي الله عنه، وقتادة، وأبو العالية.

- الثّاني: يُروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: إنّها مدنية، ولا يصحّ عنه ذلك، وإنّما هو من قول مجاهد وعطاء بن يسار والزّهري.

- الثّالث: أنّها نزلت مرّتين، مرّة بمكّة، ومرّة بالمدينة، ولا دليل على ذلك.

- الرّابع: نقله القرطبي عن أبي اللّيث السّمرقندي: أنّ نصفها نزل بمكّة، ونصفها الآخر نزل بالمدينة، وهو غريب جدّا.

قال ابن كثير رحمه الله: " والأوّل أشبه، لقوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ المَثَانِي} والله تعالى أعلم ". يقصد بذلك أنّ هذه الآية من سورة الحجر  وهي مكّية بالإجماع، وهو تعالى يمنّ على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بإنزال الفاتحة، فتكون بالضّرورة مكّية.

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

[1]- قال الحافظ المنذري رحمه الله:" أبو سعيد هذا لا يُعرف اسمه، وقيل: اسمه: رافع بن أوس. وقيل: الحارث بن نفيع بن المعلّى، ورجّحه أبو عمر النّمري، وقيل: غير ذلك، والله أعلم ".

[2]- قال الشّيخ الألباني رحمه الله في ( صحيح التّرغيب والتّرهيب ):" قلت: في رواية النّسائي (1/145): " فرفع جبريل بصره إلى السّماء". وكذا رواه ابن نصر في "قيام اللّيل" (ص65)، وإسناده صحيح، وعليه فلفظ الحديث هو لجبريل عليه السّلام، وليس للنّبيّ  صلّى الله عليه وسلّم، كما هو ظاهر رواية مسلم، ويؤكّده قوله: "أبشر بنورين أوتيتهما"".

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 10:08

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.