أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: htoumiat@nebrasselhaq.com

الخميس 01 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 29 سبتمبر 2011 07:23

- قصّة داود عليه السّلام مع الخصمين

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق
قييم هذا الموضوع
(2 تقيم)

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد شاع في كثير من الكتب عند تفسير قوله تعالى:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ...} الآياتِ، أنّهم يذكرون تلك الكذباتِ والافتراءاتِ الّتي وضعها اليهود على نبيّ الله داود عليه السّلام.

فقد زعموا أنّه عليه السّلام كان له تسعٌ وتسعون امرأةً، فطمع في امرأة قائده (أوريا) ! فعرّضه للقتل !

ثمّ زعموا أنّ المراد بالنّعجة هي المرأة، وأنّ القصّة خرجت مخرج الرّمز والإشارة ! 

ورَوَوْا أنّ الملكين لمّا سمعا قضاء داود عليه السّلام، وحكمه بظلم صاحب التّسع والتسعين نعجةً، قالا له: فما جزاء من فعل ذلك ؟ قال: "يُضرَب من ههنا، وههنا وههنا " - وأشار إلى جبهته، وأنفه، وما تحته - فضحكا، وقالا:" أنت أحقّ بذلك منه " ثم صعدا ! 

ولو أنّه قِيل مثل هذا الكلام في حقّ آحاد النّاس لعدّه أولو النُّهى زورا وهراء، وبهتانا وافتراء، فكيف في حقّ الصّالحين ؟ بلْهَ حقَّ المرسلين ؟! 

وخير من تصدّى لهذا الافتراء: الإمام ابن حزم رحمه الله في " الفِصل في الملل والنّحل " (4/14)، حيث قال رحمه الله:

" وذكروا أيضاً قولَ الله تعالى حاكياً عن داود عليه السّلام:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ ...} إلى قوله:{فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ}.

وهذا قول صادق صحيح لا يدلّ على شيء ممّا قاله المستهزئون الكاذبون المتعلّقون بخرافات ولّدها اليهود.

وإنّما كان ذلك الخصم قوماً من بني آدم بلا شكّ، مختصمين في نعاجٍ من الغنم على الحقيقة بينهم، بغى أحدهما على الآخر على نصّ الآية.

ومن قال: إنّهم كانوا ملائكة ! معرّضين بأمر النّساء ! فقد كذب على الله عزّ وجلّ، وقوَّلَه ما لم يقل، وزاد في القرآن ما ليس فيه، وكذب الله عزّ وجلّ ...

لأنّ الله تعالى يقول:{هَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخَصْمِ}، فقال هو: لم يكونوا قط خصمين ! ولا بغى بعضهم على بعض ! ولا كان قط لأحدهما تسع وتسعون نعجة ! ولا كان للآخر نعجة واحدة ! ولا قال له: أكفلنيها !

فاعجَبوا لِمَ يُقحمون فيه أهل الباطل أنفسَهم ! ونعوذ بالله من الخذلان.

ثمّ كل ذلك بلا دليل، بل الدّعوى المجرّدة، وتالله أنّ كلّ امرئٍ منّا ليَصُونُ نفسَه وجارَه المستورَ عن أن يتعشَّق امرأةَ جارِه، ثم يعرّض زوجَها للقتل عمداً ! ليتزوّجها ! وعن أن يترك صلاته لطائر يراه !

هذه أفعال السّفهاء المتهوّكين الفسّاق المتمرّدين لا أفعال أهل البرّ والتقوى، فكيف برسول الله داود صلى الله عليه وسلم ؟! الّذي أوحي إليه كتابه وأجرى على لسانه كلامه، لقد نزّهه الله عزّ وجلّ عن أن يمرّ مثل هذا الفُحشُ بباله، فكيف أن يستضيف إلى أفعاله ؟!

وأمّا استغفارُه وخرورُه ساجداً، ومغفرة الله تعالى له، فالأنبياء عليهم السّلام أولى النّاس بهذه الأفعال الكريمة:

والاستغفار فعل خير لا ينكر من ملك، ولا من نبيّ، ولا من مذنب، ولا من غير مذنب، فالنبيّ يستغفر الله لمذنبي أهل الأرض، والملائكة كما قال الله تعالى:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ}.

وأمّا قوله تعالى عن داود عليه السّلام:{وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}، وقوله تعالى:{فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ}:

فقد ظنّ داود عليه السّلام أن يكون ما أتاه الله عزّ وجلّ من سَعة الملك العظيم فتنةً، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في أن يثبّت الله قلبَه على دينه، فاستغفر الله تعالى من هذا الظنّ، فغفر الله تعالى له هذا الظنّ؛ إذ لم يكن ما آتاه الله تعالى من ذلك فتنة "اهـ.

وهذا كلام محقّق، وإن كنت أضيف عليه شيئا، فإنّي أقول:

أ) المقصود من قوله تعالى عن داود عليه السّلام - والله أعلم -:{وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}:

أنّ داود عليه السّلام حكم بظلم الشّريك لأخيه قبل أن يستمع إليه، ومن المعلوم أنّ القاضي لا بدّ أن يستمع من الطّرفين، ثمّ يُبدِي حُكمه، والله تعالى يُعلّم رُسُلَه، ويبيّن لهم المحجّة الصّحيحة كما يشاء.

ب) وقوله تعالى:{وَظَنَّ دَاوُدُ} أي: أيقن داود.

وكثيرا ما تأتي ( ظنّ )  في القرآن بمعنى اليقين، كقوله عزّ وجلّ:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46]، وقوله سبحانه:{ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة من: 249]، وقوله جلّ ذكره: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} [التّوبة من: 118]، وغير ذلك.

ج) {أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} أي: علم وأيقن أنّه ابتُلِي بهذه القضيّة، والابتلاء للأنبياء والصّالحين تعليم ورحمة، وتمحيص وحكمة، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}.

لذلك ختم الله تعالى هذه الحادثة مباشرةً بأن ذكّره بالتريّث في الحكم؛ لأنّه خليفة قائم بالعدل والقسط، فقال:{ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26].

والله تعالى أعلم.

أخر تعديل في الخميس 01 ذو القعدة 1432 هـ الموافق لـ: 29 سبتمبر 2011 12:54

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.