أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

الجمعة 20 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 26 نوفمبر 2010 09:10

- توجيهات في تربية البنين والبنات (6)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الخطبة الأولى:

[ الحمد والثّناء ] أمّا بعد:

فموضوع لقائنا اليوم معاشر المؤمنين: تربية الأبناء بالقصص الهادف البنّاء.[1]

وقد سبق أن ذكرنا أنّ أساليب التّربية تنحصر في ستّة أمور: التّعليم، والتّعويد والتكرار، والقصص الهادف، والتّرغيب والتّرهيب، والقدوة الحسنة، والتأديب والعقوبة.

أمّا التّعليم فقد رأيناه، وذكرنا أنّه أمر لا ينقطع، وألقينا نظرة على التّعليم بالتّكرار، وأنّ الشّيء إذا تكرّر تقرّر.

واليوم موعدنا مع أسلوب عظيم نافع، مهمّ ناجع، ألا وهو التّربية بالقصص الهادف ..

فإنّ القصّة الهادفة من أنفع الطرق التّربوية لدى الأمم جميعم، وإنّ أكبر دليل على ذلك: أنّ القرآن الكريم مليء بالقصص التربوي، حتّى قال المولى تبارك وتعالى في حقّها تعظيما وتفخيما:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب} [يوسف 111]، وقال:{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف 176].

وهاهو النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نراه يقصّ عشرات القصص على أصحابه فيها من العبر الشّيء الكثير، ومن العظات الشّيء الوفير.

فحرِيٌّ بالمربيّ والمعلّم ألاّ يغفل عن هذا الأسلوب الحكيم، والطّريق القويم.

وإنّما كان للقصّة هذه المكانة في باب التّربية والتّعليم لأمور كثيرة منها:

- أنّ الإنسان عامّة والطّفل خاصّة ميّالٌ بفطرته إلى سماعها ومتابعتها.

- ولأنّها تحوي في طيّاتها على عنصر مهمّ من عناصر التّعليم، ألا وهو عنصر التّشويق، فترى المستمِعَ حاضرا بسمعه وقلبه وفكره وجوارحه من غير تكلف، فهي تدعو إلى الانتباه أكثر مما يدعو إليه التّعليم المجرّد.

- ولأنّها ترسخ في الذّهن من غير تكرار، فتبقى السّنوات الطّوال، حتّى إنّك لترى النّاس يتوارثون هذا القصص أبا عن جدّ.

- ولأنّها تحوِي أمثِلةً حيّة لما يُربّى عليه الطفل، فهي بمثابة العمل المصدِّق للقول.

- ولأنّها تحقّق ما عجزت عنه المدارس الكبيرة: وهو القُرب بين الولَد والمربّي، وخير دليل على ذلك - أيّها الإخوة والأخوات - أنّ مجالسَ الأُسَر قديما ما كانت تخلو من ذكر القصص المؤثّر، وربّ كلمةٍ غيّرت مجرى حياة كثير من الشّباب.

ولكن جرت العادة أنّه ما من خير إلاّ ضاع بين الإفراط والتّفريط:

فهناك صنفٌ أهمل هذا الجانب بالكلّية، فتراه لا يجالس أولاده ليعلّمهم ولا ليقصّ عليهم ما من شأنه أن يزكّي قلوبهم، ويوسّع مدارك عقولهم.

وصنفٌ أفرط، فلربّما أتى بالقصص من غير ضوابط شرعيّة، فيفسد من حيث يظنّ أنه من المصلحين. لذلك يذكر العلماء عدّة ضوابط لا بد منها للتّربية بالقصص:

الضّابط الأوّل: اختيار القصص الهادف المُثمر.

والمنبع الصّافي والمنهل الوافي في ذلك: قصص القرآن الكريم،فما من قصّة إلاّ من ورائها الحكم الكثيرة، والفوائد الوفيرة، ذلك لأنّ قصص القرآن ليس كغيره من القصص:

- فإنّ القصص القرآني يتّصف بالواقعية، فيذكر لك أمورا حدثت وليست من الأساطير، وقد أجمع علماء النّفس والتّربية أنّ الأشياء الواقعة لها من الأثر على النّفوس ما لا يخفى.

- ومنها أنّه ليس في القصّة القرآنيّة إلاّ ما يتعلق بالغرض المراد وما كان مفيدا.

- ومنها أنّ فيها النّصائح والعظات في ثنايا القصّة كقوله عزّ وجلّ:{سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} [الصّافّات79-82]، وكقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف:56].

واحذر أيّها الوالد ! وانتبه أيّها المعلّم ! ولا تقع فيما يقع فيه كثير من الناس في تطبيق هذا الأسلوب ..

فإنّك تراهم يعتمدون على قصص الأنبياء المأخوذ من أهل الكتاب أو ما يسمى بالإسرائيليات، وكثير منها خال تماما عن العبرة المفيدة، ومنها قصص تحتوي على أخبار كاذبة وتنطوي على عقائد باطلة، كبعض القصص الّتي وضعها اليهود عن نبيّ الله داود عليه السّلام، وما نسجته أيدي الزّنادقة حول الملكين هاروت وماروت، وغير ذلك.

ومن القصص الهادف: القصص النّبويّ، أي ما يقصّه علينا رسول الرّحمة صلّى الله عليه وسلّم.

ومن أكثر القصص تأثيرا: السّيرة النبوية العطرة، وسير الصحابة رضوان الله عليهم، وسير علماء الأمّة وأبطالها الأفذاذ.

ويدخل في هذا المعنى أيضا المختارُ من قصص العرب، الذي يحكيه الأدباء في بيان مكارم الأخلاق والرّجولة، وخصال الكرم والفحولة.

الضّابط الثاني: انتقاء أبطال القصة.

فإذا بيّنْتَ فضيلة من الفضائل في قصّة مرويّة عن صحابيّ جليل أو عالم من العلماء المسلمين، فإنّك في الوقت الّذي تدعو فيه إلى تلك الفضيلة، تدعو إلى تعظيم ومحبة ذلك الصحابي أو العالم وتُرَغِّب في الاقتداء به.

قال العلاّمة ابن باديس وهو يبين أهمية قصص السلف:

" وما حَيِيَ خلف إلاّ بحياة سلف، وما حيي سلف إلاّ بحياة تاريخهم ودوام ذكرهم ".

لذلك كان من الأخطاء الواضحة، والأغلاط الفاضحة: أن يؤتى بقصصٍ تربويٍّ مترجمٍ أبطالُه أعاجمُ من يهودَ ! أو نصارى ! أو من أهل اليونان والرومان ! لما في ذلك من مفاسد لا تخفى على الفطِن اللّبيب، منها:

ربط الطّفل بقدوة غير إسلاميّة، وبتاريخ غير تاريخ أمّته ووطنه.

إضعاف عقيدة الولاء للمسلمين والأبرار، والبراءة من الكافرين والفجّار في نفس الطّفل.

الضّابط الثالث: الحذر من القصص الخرافي.

( فليس كلّ ما يلمع ذهبا ) فإنّ من القصص ما هو محبّب عند كثير من الناس لوجود عنصر التشويق فيه، ولكنّه خال من العبرة، وشاغر من الذّكرى، لا يهدف إلى شيء مفيد، ولا يدعو إلى أمر حميد. وكلّ ما يجنيه الطّفل منه هو مجرّد التسلية، كقصص جحا وألف ليلة وليلة، وغير ذلك.

بل ربما كان في كثير من قصص التسلية آثارٌ سلبية: كالقصص الذي يغرس في نفس الطّفل الخوفَ من الغول الموهوم، فإنّ مثل هذا القصص يهدم شخصيته، ويهزّ نفسيّته، فينشأ على الجُبن والخوف والتّخاذل !

وممّا يجب الحذر منه أيضا ذلكم القصص الخرافيّ الذي يغرس في الطفل التصديقَ بالأساطير، ويفسد عقيدته في الله العليّ القدير، كتلك القصص الّتي تُثبت لأبطالها القدرة على الخلق، والإحياء والإماتة، وغير ذلك ممّا لا يليق إلاّ بالله ذي القوّة المتين.

الضّابط الرابع: الحذر من القصص الملغَّم.

فالحذر الحذر من أن ندع أطفالنا، وفلذات أكبادنا يصلون إلى كتب القصص الملغّم: كالقصص الغرامي المفسد للأخلاق، والمُذْهِب للحياء، والقصص البوليسي المعلم لأساليب الجريمة والمرغب فيها، والقصص الهزلي الماسخ لشخصية الناشئة.

ولا بدّ من أن ننتبه إلى أمر مهمّ وهو: أنّنا إذا تحدّثنا عن القصص، فإنّنا لا نقصِد القصصَ المكتوب فقط، بل إنّ القصص المصوّر في الأفلام والمسرحيات والرسوم المتحركة يدخل في ذلك من باب أولى، بل ذلك أشدّ خطرا وأعظم ضررا.

وممّا يجب الحذر منه أيضا: قراءةُ وسماعُ أخبار الفواحش، وأنواع الفساد والجرائم الّتي قد تُنشر في الصّحف والجرائد على أنها من الواقع !

فهي – وإن كانت من الواقع – فإنّها داءٌ عُضال يدخل الأمراض إلى قلوب النّاشئة، كسوء الظنّ، وفقدان الأمل، وتمييع الفاحشة، وصدق الله العظيم إذ قال في هؤلاء الذين يشيعون مثل هذه الأخبار السيئة:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:19].

وإليكم قصصا نجعلها أمثلة في كيفيّة استغلالها في التّربية والتّعليم.

ترك الغرور، واجتناب الحكم على النّاس بلا علم.

فمن الأمراض المنتشرة في ناشئة هذا الزّمان: الغرور والحكم على النّاس بلا علم بالكفر والفسق والبدعة.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ. فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ:

أَقْصِرْ ! فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ، فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ ! فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا ؟

فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ.

فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا ؟ أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا ؟

وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي. وَقَالَ لِلْآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ )).

قال أبو هريرةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ.

ففي هذه القصة مع قِصَرِها عبرٌ عديدة، ودروس مفيدة، منها:

1-الحذر كلّ الحذر من شرّ اللّسان، فإنّ الكلمة يقولها الرّجل فتهوِي به في النّار سبعين خريفا.

2-وتحريم الحكم على الناس بالنّار لمجرّد وقوعهم في المعاصي.

3-التحذير من القول على الله بغير علم.

4-وجوب صبر الدّاعي إلى الله الكبير المتعال، والحذر من ردود الأفعال.

5-أن يعتقد الداعي أنّ ما عليه إلاّ البلاغ، وأنّ الهداية بيد الله تعالى.

6-إثبات عقيدة البعث والحساب والقصاص والجنة والنار.

7-أنّ من لوازم الأخوّة الصحيحة: النصيحة برفق ولين، وما كان الرّفق في شيء إلاّ زانه، وما خلا من شيء إلاّ شانه.

8-التحذير من الغرور وتزكية النفس.

9-أنّ من المعاصي ما هو محبط للعمل.

10-أن الله تعالى قد يغفر الذّنوب ولو من غير توبة رحمةً منه سبحانه وتعالى.

11-أن أصحاب الكبائر من الموحدين يستحقّون دخول النار.

12-وفيها تصديق لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (( لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ )) قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( لَا، وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا )) [رواه البخاري ومسلم].

13-وفيها إثبات لجملة من صفات الله عزّ وجل، مثل: صفة الكلام ، وصفة الرّحمة والمغفرة، وصفة الانتقام، وصفة الحفظ والرّقابة.

الخطبة الثّانية:

الحمد لله على إحسانه، وجزيل نعمه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله تعظيما لشانه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانه، اللهمّ صلّ عليه وسلّم وعلى أصحابه وآله، وعلى كلّ من اتّبعه بإحسان وسار على منواله، أمّا بعد:

فمن القصص الهادف من السنّة النّبويّة، الدّاعي إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الخلال:

* قصّة في حِفظ السرّ:

فمن آفات الأطفال في حداثة سنّهم كثرةُ الكلام، والتحدّث بكلّ ما يسمعون ويشاهدون، وقد يكون في ذلك إذايةٌ لهم ولأسرتهم، فإذا أردت أن تربِّي ولدك وتحثّهم على حفظ الأسرار، أسرارهم وأسرار أسرتهم، وأسرار عملهم فيما يستقبل من أيّام، فما عليك إلاّ أن تُحدّثهم عن الصّاحين، وأولياء الله المتّقين، والنّفس ميّالة إلى حبّ الاقتداء.

وهذه القصة بطلها أنس رضي الله عنه الّذي تربّى في حِجْر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد أن جعلته أمّه وقفاً لخدمة النبي صلّى الله عليه وسلّم.

قال أَنَسٌ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي.

فَلَمَّا جِئْتُ، قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ ؟

قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لِحَاجَةٍ.

قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ ؟

قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ.

قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَحَدًا.

قَالَ أَنَسٌ – لتلميذه الرّاوي عنه: وَاللَّهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ. [متفق عليه].

فكتم رضي الله عنه سرّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في صغره وكبره، بل حتّى بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم .

* ومن القصص الهادف: قصّة تبيّن فضل الحياء:

فإنّ من أسس التربية: تربية الأولاد على الحياء، وخاصة الإناث منهم.

ومن القصص المفيد في هذا الجانب قصّة تلك المرأة التي جاءت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إنّي أُصرع وإنّي أتكشف، فادع الله لي.

فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ لَكِ أَنْ يُعَافِيَكِ )).

قالت: أصبر، ولكن ادع الله لي ألا أتكشف فدعا لها [رواه البخاري].

فانظروا كيف هان عليها مرضُها في سبيل الجنّة ! ولم يهُن عليها أن يبدُوَ شيءٌ من بدنها رضي الله عنها حتّى وهي معذورة.

* ومن القصص المؤثر أيضا في هذا الباب:

أن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تقول:

كنت أدخل بيتي الّذي دُفِن فيه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم وأبِي (أي: أبو بكر)، فأضع ثيابي (أي خمارها وحجابها)، وأقول: إنّما هو زوجِي وأبِي، فلمّا دُفِن معهُما عمرُ بنُ الخطّاب، فوالله ما دخلت إلاّ وأنا مشدودة عليّ ثِيابِي حياءً من عمر. [رواه أحمد].

وانظروا كيف أنها لم تكتف بالحياء من الأحياء، حتّى استحْيَت من الأموات في قبورهم.

* علاج الأثـرة ( الأنانيّة ).

فمن الآفات المنتشرة الّتي علينا علاجُها، وأن نربِّيَ أولادَنا على خلافها: داء الأنانية.

ذلك بأن نغرس في الولد حُبَّ الخيرِ للنّاس ولأهله ولأمّته، ومن الطّرق الموصلة إلى ذلك بعد تلقينة حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )): أن نقصّ عليه قصصَ الصّحابة وغيرِهم في الإيثار.

وليس شرطا في القصة أن تكون مأثورةً صحيحةً، بل يكفي أن تكون قصةً رمزيّة، كقصّة:

الشيخ العجوز الطاعن في السن الّذي مرّ عليه ملك البلاد فوجده يغرس أشجارا مثمرة لا تؤتي ثمارها إلاّ بعد عقد من الزمن، فقال له:

أتطمعُ أن تعيش حتّى تأكُل من هذه الأشجار ؟ فالتفت إليه العجوز قائلا: لا، ولكن غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون.

فأجابه بهذه الكلمة الحكيمة الّتي تعلّمنا تركَ الأنانية، والعمل ليستفيد غيرنا، كما أنّنا نستفيد من عمل غيرنا.

وفي هذه القصة: الحثّ على العمل، وترك البطالة حتّى مع اقتراب الأجل، وإنّنا نجد هذا المعنى الأخير في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ ))[رواه أحمد].

وغير ذلك من القصص الهادف، الّتي يتمّ من خلالها علاج الأدواء النّفسيّة، والآفات الاجتماعيّة.

نسأل الله تعالى أن يهدينا، وأن يهدي شبابنا، ويصلح أحوالنا، ويطهّر قلوبنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.



[1] ومن أنفع المقالات في هذا الباب مقالات لأخينا الشّيخ الفاضل محمّد حاج عيسى حفظه الله وسدّد خطاه، وجعلتها هي المادّة الأوّلية لهذه الخطبة والّتي تليها، ومن شاء التّوسّع في دراسة أساليب التّربية فلينظرها على موقعه النّافع: www.islahway.com


Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.