أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

الاثنين 02 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 08 نوفمبر 2010 07:39

- أصول اعتقاد السّلف (8) اسـتـدلّ، ثمّ اعـتـقـد

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الأصل السّادس: ( استدلّ بالنّقول، ثمّ اعتقد )

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد سبق أن بيّنّا أنّ أهل السنّة ينظرون إلى النّصوص نظر إذعان وتسليم، واتّباع وتعظيم، وهم لا ينظرون إليها باعتقاد سابق، ولا رأي مبيَّت، وإنّما منهجهم هو: ( استدلّ ثمّ اعتقد )، فيدورون مع الدّليل حيث دار.

في حين أنّك ترى أهل البدع والأهواء يقدّمون أقوال الأجداد والآباء، أو المشايخ والعلماء، أو أحكام العقول ومجرّد الآراء. ثمّ يُهرعون للاستدلال لها، فكان منهجهم ( اعتقِد ثمّ استدلّ ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - كما في " مجموع الفتاوى " (13/358)-:

" والمقصود أنّ مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثمّ حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصّحابة والتّابعين لهم بإحسان ولا من أئمّة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم ".

وقال الإمام الشّاطبيّ رحمه الله في " الاعتصام " (1/134):

" فصاحب البدعة لما غلب عليه الهوى مع الجهل بطريق السنّة، توهّم أنّ ما ظهر له بعقله هو الطّريق القويم دون غيره، فمضى عليه فحاد بسببه عن الطريق المستقيم، فهو ضالّ من حيث ظنّ أنّه راكب للجادة.

فالمبتدع من هذه الأُمة إنما ضلَّ في أدلتها حيث أخذها مأْخذ الهوى والشهوة، لا مأْخذ الانقياد تحت أحكام اللّه.

وهذا هو الفرق بين المبتدع وغيره، لأنّ المبتدع جعل الهوى أول مطالبه، وأخذ الأدلة بالتبع، فإذا انضم إلى ذلك الجهل بأُصول الشريعة وعدم الاضطلاع بمقاصدها، كان الأمر أشدّ وأقرب إلى التحريف والخروج عن مقاصد الشرع.

والدّليل على ذلك أنك لا تجد مبتدعاً ممن ينسب إلى الملة إلا وهو يستشهد على بدعته بدليل شرعيّ، فينزّله على ما وافق عقله وشهوته، بخلاف غير المبتدع؛ فإنّه إنّما جعل الهداية إلى الحق أوّل مطالبه؛ وأخَّر هواه فجعله بالتبع " اهـ.

وقال (2/176):

" ولذلك سُمِّي أهلُ البدع أهلَ الأهواء؛ لأنّهم اتبعوا أهواءهم، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها، والتعويل عليها، حتى يصدروا عنها، بل قدّموا أهواءهم، واعتمدوا على آرائهم، ثمّ جعلوا الأدلّة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح، ومن مال إلى الفلاسفة وغيرهم.

ويدخل في غمارهم من كان منهم يغشى السلاطين لنيل ما عندهم، أو طلباً للرياسة، فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم؛ ويتأول عليهم فيما أرادوا، حسبما ذكره العلماء ونقله الثّقات من مُصاحبي السّلاطين "اهـ.

من الأمثلة على ذلك:

- فقد اعتقد أهل البدع بمذهب التّعطيل أو التّأويل مستدلّين ابتداءً بمقدّمات كلاميّة وفلسفيّة، ثمّ بعد ذلك راحوا يبحثون عن الأدلّة من القرآن أو السنّة، بل ومن كلام العرب لتأييد معتقدهم، فأوّلوا كثيرا من النّصوص الّتي لا تُعدّ ولا تُحصَى.

-  أنّهم اعتقدوا نفيَ حلول الحوادث:

فنفوا كلّ الصّفات الاختياريّة الّتي تقوم بالله تعالى، كالنّزول والمجيء والإتيان، وقالوا إنّها غير مرادة، وكان لا بدّ لهم من أن يستدلّوا على قولهم ذاك بنصّ من القرآن أو السنّة.

فاستدلّوا بقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السّلام:{لاَ أُحِبُّ الآفِلِينَ}.

قالوا: فها هو إبراهيم يستدلّ بتغيّر الجسم وتحرّك النّجم على أنّه لا يصلح أن يكون إلها ! وبنَوا على ذلك نفي الحوادث بالله تعالى، وقالوا: إنّ الطّريقة الّتي سلكناها هي طريقة الخليل عليه السّلام !

والجواب من وجهين:

أ)أنّ ( الأفول ) في اللّغة لا يطلق على الانتقال والحركة، بل يُطلق على الغياب والاحتجاب، ولا يقول عربيّ عن إنسان يمشي: إنّه أفل، ولا يقال للشّمس حال جريانها: إنّها آفلة، بل إذا غابت يقال: أفلت.

ب) ثمّ إنّ إبراهيم الخليل عليه السّلام وقومه لا يزالون يرون الشّمس والقمر متحرّكين، ولم يستدلّ على ذلك ببطلان ألوهيتهما حتّى غاب كلّ منهما.

إذن فهو لم يجعل الحركة والانتقال مانعا من الألوهيّة، ولكنّه جعل الغياب هو المانع، فالآية تنقلب دليلا عليهم لا لهم.

[انظر:" ردّ الدّارمي على المريسي " (412)، و" درء التّعارض "(1/313)، و" منهاج السنّة "(2/144)].

وبهذا الأصل، نكون قد انتهينا من ذكر أصول الاستدلال والتلقّي، وهي:

1- لا تٌبنَى العقيدة إلاّ على النّقول الثّابتة.

وتحته قواعد فرعيّة:

أ) فلا يُحتج بقول أحد غير الوحي على إثبات عقيدة ما.

ب) الاستدلال بالقراءة الشاذّة.

ج) الاستدلال بأحاديث الآحاد.

د) التوقّف في الألفاظ المجملة.

2- لا تفهم النّقول إلاّ بفهم السّلف.

وتحته قاعدتان:

أ) لا يُرفع الخلاف إلاّ بفهم الأسلاف.

ب) علم السّلف أسلم وأعلم وأحكم.

3- العقل الصّريح لا يعارض النّقل الصّحيح.

وتحته:

أ) إذا ثبت النّقل شهد العقل.

ب)زجر الأنام عن علم الكلام.

4- رفض السّلف لتأويل النّقول.

وتحته قاعدة: القرائن المتّصلة بالخطاب لا تعدّ تأويلا.

5- مراعاة قواعد الاستدلال بالنّقول.

6- استدلّ، ثمّ اعتقد.

وبقي علينا أن نتطرّق إن شاء الله إلى أصول الإيمان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 13:58

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.