أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 16 ذو القعدة 1443 هـ الموافق لـ: 15 جوان 2022 09:41

- ترشيد الإجازة الصّيفيّة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تاريخ الخطبة: 27 ربيع الآخر 1424هـ جـوان 2003 م 

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فهذا لقاء متجدّد معكم معاشر المؤمنين والمؤمنات، نستجيب فيه لنداء ربّ الأرض والسّموات، القائل:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ}.

ومن تمام ذكرِه، والامتثالِ لأمرِه، السّعيُ إلى مواطنِ رضاه وطاعتِه، والبعدُ عن مواضع سخطه ومعصيتِه، ورحم الله من نادى في النّاس يوما وقد استشعر قرْبَ نِعَمِ الله على العباد، وبُعدَهم عن ربّ العباد، فقال:" ما للنّفوس لا تتزوّد من التّقوى وهي مسافرة ؟! وما لِلْهِمَم عن رَكْب المتقين فاترة ؟! وما للألْسُن عن شكر نعم الله قاصرة ؟! وما للعيون إلى زهرة الدّنيا الفانية ناظرة ؟! وعن طريق الهداية الواضحة حائرة ؟! فكم لله من موعظة وعبرة زاجرة.

 معاشر المسلمين ..لا زِلْنا نحدّثكم عن (الإجازة الصّيفيّة) .. تلك الظّاهرة الاجتماعية الْمُؤْرقة الكبيرة، والقضيّة التّربوية المهمّة الخطيرة .. إنّها لجديرة برسم الخطط والمناهج، وإعداد الدّراسات والبرامج، لتأصيلها والعناية بها وترشيدها. 

لذلك أستلطفكم - رعاكم الله - على الصّبر علينا، والإصغاء إلينا، ونحن نضع هذه القضيّة على الميزان الشّرعي وأصوله، ونعرضها على كتاب الله وسنّة رسوله. 

حديثنا في نقاط ثلاث: وقفة مع المصطافين – ثمّ وقفة مع المسافرين – ثمّ: كيف نجعل الإجازة موسما للعبادة ؟ 

أوّلا: وقفة مع المصطافين.

فمن المنكرات الشّائعة: ما يحدث على الشّواطئ البحرية ! فالله تبارك وتعالى سخّر البحرَ لعباده للانتفاع به، فقال تعالى:{اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ البَحْرَ لِتَجْرِيَ الفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

فيا عجبا  كيف يُعصى الإله *** أم كيف يجحده  الجاحـد

وله فـي كلّ شـيء آيـة *** تدلّ علـى أنّـه واحـد

فمن هذا الذي لا يريد التمتّع بجمال البحر وبرماله، وبحسنه ومياهه ؟

ولكن ما أحسنه لو كانت الشّواطئ مُطهّرةً من الاختلاط الخليع، والعُرْيِ السّافر، والتبرّج الممقوت، حيث استوى في ذلك الكبير والصّغير، والرّجال والنّساء، والأطفال والشّيوخ، حتّى زال الحياء، ورحلت المروءة بين الأسرة الواحدة من الأسر المسلمة:

فترى الرّجل يسبح شِبْهَ عارٍ أمام بناته ! وترى الأمّ تسبح شِبهَ عارية هي الأخرى أمام أبنائها، وأمام صهرها ! ولا تتحدّث عن منظر البنت أمام والدِها !

هذا إذا كانوا بين الأقارب، فكيف الأمر إذا كان ذلك أمام الأجانب ؟!

أهكذا تكون الأسرة المسلمة التي يفترض أن تكون محلّ تقدير واحترام، ووقار وإعظام ؟!

فكلّ هذه الأمور تتنافَى مع الرّسالة الّتي نحملها ونحن مجتمع مسلم، يهتدي بكتاب الله سبحانه، وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

ولأُقرّب إليكم خطورة هذا الأمر، فإنّي أنقُلُ إليكم أحكاما تخصّ الحمّام ..

الحمّام الّذي جعل له الفقهاء أحكاما تخصّه، وكتبا تبيّن مواقع السّخط فيه من الرّضا، والمعصية من الطّاعة..

- روى البزّار عن ابن عبّاس رضي الله عنهما عن النَبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( اِحْذَرُوا بَيْتاً يُقَالُ لَهُ الحَمَّامُ )) فقالوا: يا رسول الله ! إنّه يُنقي الوسخ ؟ فقال: (( فاسْتَتِروا )).[1]

( فاسْتَتِروا ) أي: لا يبدُ منكم شيء من العورة، وهي من الفخذ إلى الرّكبة كما هو معلوم. وفي رواية الحاكم قال: (( فَمَنْ دَخَلَهُ فَلْيَسْتَتَِرْ )).

- وروى التّرمذي والنّسائي عن جابرِ بنِ عبد الله رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلْ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ )).

هذا كلّه خطاب إليكم معاشر الرّجال ..

والآن إلى النّساء، فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخاطبكنّ، ويدلّكنّ على ما ينجي تلكم الأجسادَ من نارٍ {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

- روى ابن حبّان في "صحيحه" والحاكم بسند صحيح - كما قال الألبانيّ رحمه الله - عن أبِي أيّوبَ الأنصاريِّ أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ مِنْ نِسَائِكُمْ فَلاَ تَدْخُلْ الْحَمَّامَ )). فسمع عمر بن عبد العزيز بهذا الحديث، فتتبّث من صحّته، فكتب إلى الولاة جميعم، فمنع النّساء من دخول الحمّام.

- وفي مسند الإمام أحمد ومعجم الطّبراني بسند صحيح أيضا عن أمّ الدّرداء رضي الله عنها قالت: خرجت من الحمّام، فلقيني النَبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: (( مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ ؟ )) فقالت: من الحمّام، فقال: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ اِمْرَأَةٍ تَنْزِعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا، إِلاَّ وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ عزّ وجلّ )) !

- وروى التّرمذي عن أبي الْمليح الهذلي أنّ نساءً من أهلِ حمصَ أو من أهل الشّام دخلن على عائشة رضي الله عنها، فقالت: أنتنّ اللاّت يدخلن نساؤكنّ الحمّام ؟! سَمِعت رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( مَا مِنْ اِمْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا، إِلاَّ هَتَكَتْ السِّتْرَ الَّذِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا )) !

- وروى أحمد وأبو يعلى عن السّائب بن يزيد أنّ نساءً دخلْن على أمّ سلمة رضي الله عنها فسألتهنّ: من أنتنّ ؟ قُلن: من أهل حمص. قالت: من أصحاب الحمّامات ؟ قُلن: وبها بأس ؟ قالت: سمعت رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا خَرَقَ اللهُ عَنْهَا سِتْرَهُ )) !

فالرّجال عليهم إذا دخلوا الحمّام أن يأتزروا.

أمّا النّساء فلا يدخلنه أبدا.

وقد رخّص العلماء للمريضة مرضا شديدا أن تدخله بشرط السّتر- أي تكون لها غرفة خاصّة - والأمن على عرضها، ولكن هذه الرّخصة فُقِدَت اليوم لسببين:

أ‌) لأنّ حمّامات البيوت اليوم عادت تغني عن الحمّام.

ب‌) أنّ الوازع الدّيني قد غاب عن طوائف كثيرة في المجتمع، حتّى أصبح من يمتلك مثل هذه الحمّامات يتّخذ الوسائل الحديثة للتجسّس على نساء المسلمين، فتوضع الكاميرات الصّغيرة فتُصوّر المرأة عارية ! ثمّ تهدّد بتلك الصّور فيما لا يمكن تخيّله.

هذا هو الحكم الشّرعي أيّها الإخوة .. هذا هو حكم الشّرع أيّتها الأخوات .. وإلاّ فهو دليل على نقص الإيمان بالله واليوم الآخر.

هذا الحكم في بيت يقال له الحمّام، بيت له جدران، ولا يدخله إلاّ عدد محدود، فما بالك بشاطئ شاسع واسع، يقصده المئات ؟!!

هذا هو الشّرع، هذا هو الدّين الذي كان عليه الأقدمون، ومن هتك هذا السّتر فهو الذي أتانا بالدّين الجديد، لا المستمسكون بشريعة ربّ العبيد.

لذلك أذكّر إخواننا أن يبتعدوا كلّ البعد عن هذه الشّواطئ التي يُعصى فيها الله تعالى، ولا تأمنوا من مكر الله وعذابه.

الوقفة الثّانية: مع السفر والمسافرين.

فالسفر في هذا الدين لا بأس فيه، بل قد يكون مطلوبًا لمقاصد شرعية، يقول الثعالبي رحمه الله:" من فضائل السفر أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، وبدائع الأقطار، ومحاسن الآثار ما يزيده علمًا بقدرة الله تعالى، ويدعوه شكرًا على نعمه ".

تلك الطبيعة قف بنا يـا سـارِ *** حتّى أريك بديع صنع  الباري

فالأرض حولك والسماء  اهتزتا *** لـروائـع الآيـات والآثـارِ

وقد قيل:" لا يُصلِح النّفوسَ إذا كانت مدبرةً إلاّ التنقّل من حال إلى حال ". فالماء الدّائم يأسن، والشمس لو بقيت في الأفق واقفة لمُلَّت.

والأُسْدُ لولا فراق الغابِ ما افترست *** والسّهم لولا فراق القوس لم يُصِبِ

وهلمَّ جرّا..

لكن السّفر في الإسلام له حدود مرعيّة، وضوابط شرعيّة، منها:

أ) أن يكون السفر في حدود بلاد الإسلام المحافظة: أما أن يكون إلى بقاع موبوءة ومستنقعات محمومة، وبُؤَرٍ مشبوهة، فلا، ما لم يكن ثمَّ ضرورة.

ب) القدرة على إظهار شعائر الإسلام.

وإلاّ، فهل يُلقى الحَمَلُ الوديع في غابات الوحوش الكاسرة، والسَباع الضارية ؟!

نعم لسياحَة التّأثير لا التأثُّر، والاعتزاز لا الابتزاز، والفضيلة لا الرّذيلة، والثّبات لا الانفلات.

كيف وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن أعداء الإسلام يستهدفون أفواجًا من المسافرين المسلمين، للوقيعة بهم، فيبهرونهم عن طريق الغزو الفكري والأخلاقي ببلادهم، ويستغلّون كثيرًا من الزّائرين اقتصاديًا وأخلاقيًا، ويجرّونهم رويدًا رويدًا، إلى حيث الخنا والفجور، والمخدرات والخمور، والتبرج والاختلاط والسّفور، بل قد يرجع بعضهم متنكّرًا لدينه ومجتمعه، وبلاده وأمّته !

نعم، سافروا للخير والفضيلة، والدعوة والإصلاح، فلا حَجْر عليكم، وكونوا ممثِّلين لبلادكم الإسلامية، مظهرِين لدينكم، داعين إلى مبادئه السّمحة، حيث يتخبّط العالَم بحثًا عن دين يكفُل له الحرّية والسّلام، ولن يجدوه إلاّ في ظل الإسلام.

فكونوا أيها المسافرون سفراء لدينكم وبلادكم، مثلوا الإسلام أحسن تمثيل، كونوا دعاة لدينكم بأفعالكم وسلوككم، لا تبخلوا على أنفسكم باصطحاب رسائل تعريفية بالإسلام ومحاسنه وتعاليمه السمحة، (( فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ )).

الحذرَ الحذرَ من أن يفهم العالَم عن المسلمين وشبابِهم أنّهم أرباب شهوات، وصرعى ملذّات ! بل أفهموهم بسلوكِكم أنّكم حَمَلَةُ رسالة شاملة، وشريعة خالدة كاملة.

الخطبة الثّانية.

الحمد لله، أعاد وأبدا، وأنعم وأسدى، أحمده تعالى وأشكره على آلائه التي لا نحصي لها عدّا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهًا واحدًا أحدا فردًا صمدًا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أكرم به رسولاً وعبدا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذين أكسبهم شرفًا ومجدًا، والتابعين ومن تبعهم بأمثل طريقة وأقوم سبيل وأهدى.

أمّا بعد، معاشر المؤمنين ..

فأنا أعلم أنّ بعضَ إخواني يحدّث نفسه الآن ويقول: ما لهذا الخطيب ؟ أيريدنا أن نحمل كابوس الدّراسة في أيّام الإجازة ؟ أم يريدنا في نصَب دائم، ونشاط قائم ؟ أنحبس أنفسنا وأبناءنا ونقطع أسلاك أجهزة التلفزة ونجلس أمام بعض صامتين ؟ ينظر بعضنا إلى بعض نظر المغشيّ عليه من الموت ؟

وأنا أقول هوّن عليك يا أخي؛ فإنّ الله قد أذن لنا بالتمتّع بالطيّبات، وأعوذ بالله أن أكون ممّن أنكر الله تعالى عليهم بقوله:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كَذَلِكَ نُفَصِلُ ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف:31].

ولكنّي أريد الوصول معكم إلى:

الوعي.. الوعي بمفهوم الإجازة الصحيح، والفهم لمنزلة الوقت في الإسلام وكيفية قضائه.

فعندما نتصوّر الإجازة فراغاً محضاً فإنّنا لن نفعل شيئاً مهمّا ذا بال، ينفع في الحال أو في المآل.

ولكنّنا عندما نتصوّرها فرصة للاستجمام، وتطويرا للذّات، فسوف نُنجِز أشياء طيّبة مهمّة، دون أن نبخس حقّ نفوسنا من الرّاحة والمرح.

وبذلك نحقّق أمرين مهمّين:

الأمر الأوّل: الفهم الصّحيح لمهمّة الإنسان في هذه الحياة، وعدم الغفلة عنها طرفة عين، قال الله تبارك وتعالى:{وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]. فالعبوديّة لله سبحانه سرّ وجودنا، ووسام عزّنا، وتاج شرفنا، وإكسير سعادتنا.

وإنّ أمارة المسلم الحقّ: بقاؤه ثابتًا على مبادئه، وفيًّا لدينه وعقيدته، معتزًّا بأصالته وشخصيّته، فخورًا بمبادئ شريعته، لا يَحُدّه عن القيام برسالته زمانٌ دون زمان، ولا يحول بينه وبين تحقيق عبوديته لربه مكان دون آخر، فمحياه كلّه لله، وأعماله جميعها لمولاه:{قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].

فحيثما كان وحلَّ، وأينما وُجِد وارتحل، فإنّه يضع العبودية لله شعارَه، وطاعته لربّه دثارَه.

الأمر الثّاني: أن نحقّق إنقاذ الشباب ..

أهدي الشباب تحية الإكبـار *** هم كنزنا الغالي وسر فخاري

هل كان أصحاب النبي محمد *** إلا شبـابًا شـامخ الأفكـار

الشّباب عماد الأمّة، وقلوبها النّابضة، وشرايينها المتدفقة، وعقودها المتلألئة .. هم رجال المستقبل، وبناة الحضارة، وصنّاع الأمجاد، وثمرات الفؤاد، وفلذات الأكباد.

فلا بدّ من تربيتهم تربيةً صحيحةً شاملة، وشغل أوقاتهم بطريقة متوازنة.

وهذه الأشهر الّتي يمرّون بها في فراغ من المشاغل الدّراسية النّظامية، لا بدّ أن يستثمرَها أولياء أمورهم ببرامج حافلة، تُكسبهم المهارات، وتنمِّي فيهم القدرات، تقوِّي إيمانهم، وتصقل فكرهم، وتُثْرِي ثقافتَهم.

فأين الآباء والمربّون من إعداد البرامج الشّرعية المباحة ؟ أين مشروع حفظ كتاب الله عزّ وجلّ ؟ أين برنامج استظهار شيءٍ من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟ أين تعلّم العلم النّافع، وكثرة القراءة في كتب أعلام الإسلام قديمًا وحديثًا ؟ أين صلتهم لأقاربهم وأرحامهم ؟ وأين وأين ؟

ولن يُعْدَم من يُفكّر ويتأمّل ألفَ وسيلة، يقضي فيها وقته مستمتعاً ومستفيداً في آن واحد.

كلّ ذلك حتّى لا يقعوا فريسةً في دهاليز الإنترنت، وشبكات المعلومات، وضحايا في سراديب القنوات والفضائيات، وأرصفة البطالة واللهو والمغريات.

فاتّقوا الله معاشر المؤنين، ولا تُبّدّلوا نِعَم الله عليكم كفراً وجحوداً، والله سبحانه هو القائل:{وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ}.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرّحيم.



[1] وفي سنده ضعف، ولكن له طرف وشواهد عند الحاكم، والبيهقيّ.

أخر تعديل في الأربعاء 16 ذو القعدة 1443 هـ الموافق لـ: 15 جوان 2022 23:52

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.