أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

السبت 01 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 09 أكتوبر 2010 21:21

- شَرْحُ الأَسْمَاءِ الحُسنَى (7) الرّقيب والشّهيد

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فمن الأسماء الحسنى المتّصلة باسم الله ( القريب ) الّذي تطرّقنا إليه في حلقتنا الأخيرة:

10-الرّقيب و11-الشّهيد.

والنّصوص في إثبات هذين الاسمين كثيرة.

* أمّا الرّقيب: فقد قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النّساء: من الآية1] وقال:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً} [الأحزاب: من الآية:52].

قال ابن عبّاس: ( رَقِيباً ) أي حفيظا، وقال مجاهد وابن زيد: عليما.

واشتقاقه من رقبتُ الشّيء أرقبه إذا كنت أحيط به العلم، ومنه: المَرْقَب، وهو المكان العالي المشرف يقف عليه الرّقيب، ومنه المراقبة.

قال ابن منظور في "لسان العرب": " ورقيب بمعنى حفيظ وحافظ ".

وقال ابن الأثير الجزري في "جامع الأصول" (4/179) في شرحه لهذا الاسم الكريم:

" الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء "، والمقصود بالحفظ هنا: حفظ الأعمال والأقوال والحركات والسّكنات، فلا يغيب عنه شيء.

وقال السّعدي رحمه الله:" الرّقيب: المطّلع على ما أكنّته الصّدور، القائم على كلّ نفس بما كسبت، الّذي حفظ المخلوقات، وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير ".

وقال القرطبي في " الكتاب الأسنى "- نقلا عن " النّهج الأسنى "(1/378)- عن هذه الصّفة إنّها:

" راجعة إلى العلم والسّمع والبصر، فإنّ الله تعالى رقيب على الأشياء بعلمه المقدّس عن النّسيان، ورقيب للمُبصَرات ببصره الّذي لا تأخذه سِنة ولا نوم، ورقيب للمسموعات بسمعه المدرِكِ لكلّ حركة وكلام، فهو سبحانه رقيب عليها بهذه الصّفات، تحت رِقبته الكلّيات والجزئيّات، وجميع الخفيّات في الأرضين والسّماوات، ولا خفيّ عنده، بل جميع الموجودات كلّها على نمطٍ واحد، في أنّها تحت رِقبته التي هي صفته "اهـ.

قال ابن القيّم رحمه الله:

( وهو الرّقيب على الخواطر واللّوا        ـحظ كيف بالأفعال بالأركان ؟! )

* وأمّا الشّهيد: فقد قال تعالى:{وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: من الآية98]، وقوله:{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: من الآية 19] {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: من الآية:17].

والدّليل على أنّه يقتضي حفظ الأعمال والأقوال قوله تعالى:{ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [المجادلة:6].

  • * الرّقيب والشّهيد بمعنى واحد:

فإنّ مراقبة الشّيء تقتضي الشّهادة والحضور، لذلك فسّر بعض السّلف اسم الرّقيب بـ ( الشّهيد ).

قال الشّيخ السّعدي رحمه الله في شرح " القصيدة النّونية " (ص89):

" ومن أسمائه الحسنى ( الرّقيب )، وهو واسمه ( الشّهيد ) مترادفان، كلاهما يدلّ على حضوره مع خلقه، يسمع ما يتناجون به، ويرى ما يخوضون فيه، ويعلم حركات خواطرهم، وهواجس ضمائرهم، وتقلّب لواحظهم، لا يغيب عنه من أمرهم شيء يقولونه أو يفعلونه، كما قال تعالى:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس:61]، وقال:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:7]".اهـ.

وانظر كيف جمع عيسى عليه السّلام بين هذين الاسمين الكريمين حيث قال:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة:117].

* ثمرات هذين الاسمين:

- الثّمرة الأولى: تعظيم الربّ سبحانه، ومعرفة حقّ قدره:

فلا شكّ أنّ هذين الاسمين الكريمين فيهما من العظمة والمهابة ما لا يخفى، فهما يدلاّن على علم الله الشّامل وإحاطته الكاملة.

والآيات في إثبات ذلك أكثر من أن تُحصى كقوله تعالى:{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِه} [فصلت: من الآية:47]، وقوله:{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: من الآية59].

- الثّمرة الثّانية: معرفة الله على الوجه الصّحيح:

فإنّ صفة المراقبة قد يدركها العبد بفطرته، ولكنّ مراقبتَه لكلّ صغير وكبير ممّا قد يخفى العبد، وتأمّل معي ما رواه البخاري ومسلم عَن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ؟ قُلْنَا بَلَى، قَالَتْ:

لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فِيهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا.

فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ.

فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ، فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً ؟! )) قَالَتْ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ. قَالَ: (( لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )).

قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: (( فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي ؟! )) قُلْتُ: نَعَمْ.

فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: (( أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟!)) قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ؟! نَعَمْ.

قَالَ: (( فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ )).

قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ )).

- الثّمرة الثّالثة: إدراك رحمة الله بالعباد، وعدله بينهم:

وذلك بأنّ الله له أن يُحاسِب العبادَ بمقتضى علمه وإحاطته، ومع ذلك فقد أقام على العباد حجّته بأمور كثيرة:

أوّلها: كتابة الأعمال بوساطة الملائكة، قال تعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11)} مع أنّه لا يخفى عليه شيء. فقد قال تعالى على لسان الملائكة:{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} [مريم:64].

ثانيها: قراءة كتاب الأعمال، قال تعالى:{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49]، ويقول تعالى:{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:14].

ثالثها: وضع الميزان حتّى يرى بنفسه أنّه مستحقّ للثّواب والعقاب، قال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47]، وقال:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8) } [الزلزلة].

- الثّمرة الرّابعة: تعبّد الله بهذين الاسمين:

ولهذا كانت المراقبة من أجلّ أعمال العباد، وجعلها الله ممّا يرفعهم إلى مرتبة الإحسان، ففي الحديث: (( الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )).

وها هي وصيّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه، بقوله: (( اِتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ ))، فإنّ العبد إذا استحضر في غالب أحواله أنّ حركاته وسكناته الظّاهرة والباطنة قد أحاط الله بعلمها، فلا شكّ أنّه سيصلح حاله، ويحسن مآله.

- ذكر الذّهبي رحمه الله في كتابه " العلوّ للعليّ العظيم " بسند صحيح - كما قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " مختصر العلوّ " - عن زيد بن أسلم قال:

" مرّ ابن عمر رضي الله عنه براعٍ، فقال: هَلْ مِنْ جَزْرَةٍ ؟[1] فقال: ليس هاهنا ربّها.

قال ابن عمر رضي الله عنه: تقول له أكلها الذّئب. قال: فرفع الرّاعي رأسه إلى السّماء، وقال: فأين الله ؟

فقال ابن عمر: أنا – والله أحقّ – أن أقول: أين الله ؟ واشترى الرّاعيَ والغنمَ فأعتقه، وأعطاه الغنم ".

- ومن محاسن الصّور التّربوية، أنّ أحد المعلّمين المربّين قال لصِبْية لديه: ليذهبْ كلّ منكم ويختبئْ في مكان لا يراه فيه أحد، وله جائزة.

فذهب جميع الأطفال إلاّ طفلا واحدا، ظلّ قابعا في مكانه، فسأله الأستاذ عن ذلك ؟ فقال: لا يوجد مكان لا يرانا فيه أحد، فأينما ذهبنا رآنا الله !

فكانت تلك هي فائدة المسابقة، أن يعلم المسلم أنّه حيثما كان فإنّ الله مطّلع عليه وعلى أقواله وأعماله.

فاللّهمّ أصلح أمرنا في السرّ والعلن، ووفِّقنا لمحبّتك ورضاك إنّك سميع قريب مجيب.



[1] الجَزَر: كلّ شيء مباح للذّبح، والواحد جَزَرَةٌ، وإِذا قلت: أَعطيته جَزَرَةً، فهي شاة ذكراً كان أَو أُنثى، لأَنّ الشّاة ليست إِلاَّ للذّبح خاصة، ولا تقع الجَزَرَةُ على الناقة والجمل.[انظر " لسان العرب "].

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 12:11

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.