أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 01 جمادى الأولى 1434 هـ الموافق لـ: 13 مارس 2013 05:48

- بناتنا بين الواقع والمأمول

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

محاضرة بمسجد " السّلام " يوم الثّلاثاء 01 جماى الأولى 1433 هـ/ 12 مارس 2013 م

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فموضوع هذه المحاضرة هو " بناتنا بين الواقع والمأمول " .. أو قل: بناتنا بين الآمال والآلام .. موضوع من أهمّ الموضوعات، يحتاج إلى دروس ومحاضرات؛ ذلك:

أوّلاً: لأنّه يتعلّق بالفتاة، ذلك الصّرح الّذي يعلّق عليه كلّ الآمال، الّتي سوف تصير في يوم ما زوجةً فيها السّكن والفيئ والظّلال، ثمّ أُمّاً تُعدّ لتربية الأجيال وصنع الأبطال.

ثانياً: هذا الهجوم الشّرس الّذي شُنّ على الأسرة المسلمة هذه الأزمان، وبخاصّة هذه الأيّام، فقد كان الأعداء سابقا يعجزون عن الوصول إلى عقول بناتنا لبثّ ما لديهم من سموم، وعَرْضِ ما عندهم من كفر وإلحاد ومجون، أمّا الآن فقد أصبحت تحمل أفكارُهم الرّياح: رياح مهلكة، بل أعاصير مدمّرة، تقصف بالمبادئ والقيم، وتدمّر الأديان والأخلاق، وتقتلع الفضيلة والصّلاح من جذورها، وتجتثّ عروق الحق من أصولها.

إنّه غزو لا تشارك فيه الطّائرات ولا الدّبابات، ولا القنابل ولا المدرّعات، وليس له في صفوف الأعداء خسائر تُذْكر، بل خسائره في صفوفنا نحن المسلمين، إنّه غزو الشّهوات، والأفلام والمسلسلات، والأغاني والرّقصات، وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات.

 

الخطب خطب فادح ***   والعيب عيب فاضح

وعارنا في النّاس  لا ***   تـحمله النّواضـح

وقد أدرك الأعداء أنّ الشّيء لا يُهدم إلاّ من داخله، وعمود الأسرة هي المرأة، ألا فليبدأ الغزوُ من المرأة ! لذلك قال قائلهم:" كأس وغانية يفعلان في أمّة محمّد ما لا يفعله الجيوش الجرّارة ".

لقد أدرك هؤلاء أنّ المرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد وتحضن وتُأوي النّصف الآخر، فكانت هي المجتمع كلّه .. وأنّها بمثابة القلب إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائر الجسد .. وهي حارسة القلاع، وحامية البقاع، فإذا نام الحارس أو ضاع، فقل على القلعة السّلام.

يقول خبثاء صهيون في بروتوكولاتهم: ( علينا أن نكسب المرأة، ففي أيّ يوم مدّت إلينا يدها ربحنا القضيّة ).

ويقول ميدروبيرغر:" إنّ المرأة المسلمة هي أقدر فئات المجتمع الإسلاميّ على جرّه إلى التحلّل والفساد ". 

ويقول جان بوكارو في كتابه"الإسلام والغرب":" إنّ التأثير الغربيّ لا يكون له أثر مثل ما يكون على المرأة "..

ثالثا: هذا الكيد المبين، وهذا التّكالب العظيم على المرأة المسلمة، يقابله تساهل النّاس في شأن الفتاة، فقصّروا في القيام بواجبهم، حتّى كبرت المرأة وهي معتادة على لبس القصير، والخروج الكثير، والاختلاط بالرّجال، وأن تكون عُرضة للانحراف والضّلال.

لذلك فإنّ الحديث يوجّه أوّلاً إلى الوالدين، وبخاصّة الرّجل، فهو المسؤول قبلها عليها، وأنّ الحساب موجّه إليه أكثر ممّا هو موجّه إليها.

ألا ترى أنّ الله تبارك وتعالى نهى كلا الأبوين الكريمين آدم وحوّاء عن الأكل من الشّجرة، ثمّ عاتب آدم وحده فقال:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طـه:115]، وقال:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37]، وقال:{فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طـه:117].  

أمّا بناتنا في الواقع: فالواقع لا يخفى على ذي عينين، ولن يكون خلاف في وصفه بين اثنين، فبناتنا أمام هذا الغزو الفاضح أصناف ثلاثة:

- صنف على الفطرة، لا ترضى بالرّذيلة، وتحبّ كلّ سبل الفضيلة، ولكنّه صنفٌ لا يدري بما يُكاد له في وضح النّهار، كالرّيشة في مهبّ الرّيح ما لها من قرار.

- وصنف منهنّ تغيّرت فطرتهنّ، والشّيطان سكنهنّ، فرضيت بالدنيّة، والخزي والرزيّة.

- وصنف هنّ أنفس من كلّ عزيز، لا ترضى الواحدة منهنّ إلاّ أن تضع بصمتها على المجتمع، فترأب صدعَه، وتصلح فاسده.

همّتها عالية، وأحلامها غالية، وسؤالها ورجاؤها ما قالته أمّ سلمة للنبّيّ صلّى الله عليه وسلّم: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَسْمَعُ اللهَ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ والجهاد ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:195].

فالأمل معقودٌ على إيجاد هذا الصّنف من النّساء ..

فكيف السّبيل إلى تحقيق هذا الأمل ؟

أوّلا: الإكثار من الدّعاء. قال الله تعالى:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً} [الكهف: من الآية17]، وقال عزّ وجلّ: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السّجدة:من الآية13]. 

وتأمّل كلام عيسى عليه السّلام كما حكاه القرآن:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً، وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}.

فانظر إلى قوله عليه السّلام: وجعلني، وجعلني، ولم يجعلني، فمن الّذي آتاه ؟ إنّه الله .. ومن الّذي آواه ؟ إنّه الله ..ومن الّذي جعله، والّذي لم يجعله ؟ إنّه الله.

واللهِ لو اجتمع المربّون من جميع الأقطار، والمعلّمون من جميع الأمصار، ما استطاع أحد منهم أن يهدي ولدك إلاّ بإذن الله:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56].

ثانيا: استحضار نعمة البنات: فإنّ المسلم إذا نظر إلى البنات بأنّهنّ من نِعمِ الله العظيمة، سعَى إلى شكرها بتسخيرهنّ في طاعته وابتغاء مرضاته.

يقول المولى جل وعلا:{للهِ مُلْكُ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَـاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـاثاً} [الشورى:49،50]، قال بعض السّلف: من بركة المرأة أن تلِد الإناث قبل الذّكور؛ لأنّ الله تعالى بدأ بذكرهنّ.

وقد حضّ الإسلام على الاعتناء بالبنات خاصّة ورعايتهنّ، روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ )).

وفي صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ ))-وضمّ أصابعه-.

وروى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر مرفوعاً: (( لاَ تَكْرَهُوا البَنَاتِ؛ فَإِنَّهُنَّ المُؤْنِسَاتُ الغَالِيَاتُ )) ["الصّحيحة" (3206)]. 

ثالثا: الدنوّ منهنّ: فالدنوّ علامة الحبّ والتّقدير والاحترام.

وخاصّة إذا بلغت الفتاة أشدّها، فقد روى أبو داود والترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: (( مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا حَدِيثًا وَكَلَامًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ )).

وخير مثال يُذكر حال الخنساء مع أخيها صخر، فإنّها قالت في رثائه القصائد الطِّوال، وأبلغت في المقال، ولم تقل حرفاً فيمن استشهد من أولادها، ذلك لأنّ أخاها صخراً كان لها نِعْم المُعين والمؤنِس.

وينشأ من البعد عنهنّ:

- الجهل بأحكام الدّين: فإن رأت الفتاة بينها وبين والدها بعدا، وجعل بينه وبينها سدّا، فأنّى لها أن تقصده لتعلّم دينها ؟!

- خفاء الخطأ: فقد تكون الفتاة على خطأ، فيزداد نموّا مع مرور أيّامهم، لماذا ؟ لوجود ذلك الحاجز المنيع .. لا يصل صوت كلّ منهما إلى الآخر.

أمّا لو كان هناك احتكاك ومخالطة، ونقاش ومحادثة، فسيمكن للفتاة أن تفاتح والديها في الموضوع كصديق يحادث صديقه، ورفيق يناصح رفيقه:{كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: من الآية 94]. 

- الفراغ المهلك: فإنّ الزّجاجة الفارغة إن لم تملأها بالماء العذب الزّلال، ملئت بالهواء وسوء الحال.

فإذا لم تكن حاضرا في حياة ابنتك مربّيا ومعلّما، وناصحا ومفهّما، فسيبحث كلّ منهما عن ناصح خارج البيت. ولك أن تتصوّر ما الّذي ستجده خارج البيت ؟!

وقد أثبتت الدّراسات النّفسيّة أنّ 80 % من الفتيات اللاّء يحرمن من حنان الأب والأخ يبحثن عنه خارج البيت.

رابعاً:التّعليم والتأديب. 

فإنّ الله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]، قال عليّ رضي الله عنه في هذه الآية:" علّموا أهليكم الخير "، وقال مجاهد رحمه الله:" أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدّبوهم ".

وكان يقال:" من أدّب ولده أرغم أنف عدوّه "

ومنزلة التَّأدب من أديبٍ *** بمنزلة السِّلاح من الشُّجاع

وقد عظّم الله تعالى لقمان الحكيم في كتابه من أجل وصيّته الغالية لابنه.

وعليك بالقصص الهادف البنّاء: كقصص الصّالحات، من أمثال امرأة فرعون في صبرها على الزّوج الطّاغية، وأمّ سليم في صبرها على فقد الأحباب، وأمّ شريك في ثباتها، وغيرهنّ.

فهي أخبارٌ تزيد المرأة ثباتا على ثبات، شعارها: الاستقامة إلى الممات .. أخبارٌ تصل حاضرها بماضيها، والقلوب بناصرها وباريها .. أخبار تناديها أنّه قد سبقك على هذا الدّرب نساءٌ تسمعين أخبارَهم، فاتّبعي واقتفي آثارهم.

وفي مقام العلم وطلبه: حدِّثها عن أمّهات المؤمنين، قال الذّهبي رحمه الله عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها:" لا أعلم في أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، بل ولا في النّساء مطلقا امرأةً أعلم منها " ["سير أعلام النّبلاء" (2/140)].

وقال مسروق:" رأينا مشيخة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسألونها عن الفرائض "، وقال عطاء: كانت عائشة أفقه النّاس.

وما كان علمها قد حوّلها إلى آلة كما حوّل رجال زماننا ونساءه، ولكنّه علم ورّث عملا، قال ابن أخيها القاسم بن محمّد بن أبي بكر رضي الله عنه:" كنت إذا غدوت بدأت ببيت عائشة، فأسلّم عليها، فإذا هي قائمة تصلّي وتقرأ:{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:27]، وتدعو وتبكي، وتردّدها، فقمت حتّى مللت القيام، فذهبت إلى السّوق لحاجتي، ثمّ رجعت فإذا هي قائمة كما هي تصلّي وتبكي "!.

وكانت تتصدّق بمالها كلّه، ثمّ تقول لها جاريتها: لم تتركي لنا شيئا نأكله، فتقول: لو ذكّرتني لفعلت ؟!

- وهذه حفصة بنت سيرين، فلا تسل عن حسن عبادتها وتمامها، ويكفينا وصف تلكم الجارية السّندية الّتي اشترتها، فقيل لها: كيف رأيت مولاتك ؟ فذكرت كلاما بالفارسيّة معناه: أنّها امرأة صالحة، إلاّ أنّها أذنبت ذنبا. فسئلت: ما هو ؟ قالت: لا أدري، ولكنّني أراها وأسمعها تبكي اللّيل كلّه !

- وإذا أردْتَ ترغيبها في التستّر والحجاب، فما عليك إلاّ أن تذكّرها بما رواه الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنهاقالت:" كنت أدخل بيتي الّذي دُفِن فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي، فأضع ثيابي، وأقول: إنّما هو زوجي وأبي، فلمّا دفن معهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوالله ما دخلت إلاّ وأنا مشدودة عليّ ثيابي حياء من عمر..!

وذكِّرها بما رواه البخاري عن عطاء قال: قال لي ابنُ عبّاس رضي الله عنه: ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت:بلى، قال: هذه المرأة السّوداء، أتت النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إنّي أُصرع وإني أتكشّف، فادع الله لي ! فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إن شئت صبرت ولك الجنّة، وإن شئت دعوت الله لك أن يعافيك ))، قالت:أصبر، ولكن ادع الله لي ألاّ أتكشّف - وفي رواية قالت: إني أخاف هذا الخبيث أن يجرّدني - فدعا لها.

فقد هان عليها صرع العفاريت ولا ترضى أن يبدو شيء من بدنها رضي الله عنها وأرضاها.

خامسا: الرّفق في التّعليم. فالرّفق ما كان في شيءٍ إلاّ زانه، وإنّ الله إذا أراد بأهل بيتٍ خيرا أدخل فيهم الرّفق.

سادساً: ثمّ عليك بالحزم، فهو عين الحكمة. ولا يعنِي الرّفق أن نتساهل فيما فرضه الله تعالى علينا تُجاه البنات من مراقبتهنّ، وتذكيرهنّ.

فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عدّ المرأة كلّها عورة، وينبغي للإنسان أن يستر عورته، فقد روى التّرمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ )).

وعلى الوالدين أن يتذكّرا أنّها ناقصة عقل ودين: ففي الصّحيحين عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ))، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قال: (( أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ )) قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: (( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ؟ )) قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: (( فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا )).

وهذا الخطاب موجّه إلى الكُمَّل من نساء العالم، من رضي الله عنهنّ وأرضاهنّ، فكيف بغيرهنّ ؟

ومعلوم ممّن لحظ واقع المرأة اليوم أنّ المرأة سريعة الانقياد وراء عواطفها، ممّا سهّل المهمّة على أعداء هذا الدّين في استغلالها لضرب تعاليم الإسلام، وهدم صروح الإيمان. ولو وعظتها لسمعت، ولو سمعت لنسيت.

وغير ذلك من الأمور الّتي تبيّن لنا أنّ المرأة لا بدّ من الاعتناء بها، وعدم التّساهل معها.

والله تعالى نسأل أن يُقرّ أعيُنَنا ببناتنا، وفلذات أكبادنا، وأن يجعلهنّ صالحاتٍ مصلحاتٍ، إنّه وليّ ذلك ومولاه.

أخر تعديل في السبت 16 جمادى الأولى 1436 هـ الموافق لـ: 07 مارس 2015 19:48

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.