أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 26 شعبان 1431 هـ الموافق لـ: 07 أوت 2010 21:48

كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون (3)

الكاتب:  علد الحليم توميات
أرسل إلى صديق
manbar2الهديّة آداب وأحكام

الخطبة الأولى: ( بعد الحمد والثّناء )

أمّا بعد: فإنّنا نلتقي بكم معاشر المؤمنين، تحت ظلال كتاب الله المبين، وسنّة سيّد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم.. نلتقي لنضع أيدينا على بعض ما يُعيننا على دعوة النّاس إلى الخير ونحن صامتون، وإرشاد الخلق إلى الحقّ ونحن ساكتون..

ورأينا أنّ من أعظم ما يقرّب القلوب إلى علاّم الغيوب: الحرص على أدب السّلام وإفشائه بين الأنام، ثمّ رأينا فضل القيام على شؤونهم والتّخفيف من همومهم وغمومهم، ثمّ الحرص على الكلمة الطّيّبة الرّقراقة، ثمّ التحلّي بالابتسامة والطّلاقة ..

واليوم، نتحدّث عن عادةٍ من العادات الجميلة، حوّلها دينُنا إلى قربةٍ من القربات الجليلة .. خُلُقٌ جميل رفيع، وأدب حسنٌ بدبع .. أدب يوطِّد العلاقة، ويقوّي الأخوّة والصّداقة .. يزيد في المحبّة والوِداد، وينزع الضّغائن والأحقاد ..

موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله: عن الهديّة .. الهديّة آداب وأحكام ..

أوّلا: استحباب الهديّة.

فإنّ الله قد رغّب المؤمنين في أن يتبادل المسلمون الهدايا فيما بينهم، وذلك لما للهديّة من آثار طيّبة على النّفس، فهي تأكيد للمحبّة، وعنوان للوفاء، يفرح القلب بها، وينشرح الصّدر لرؤيتها، وفي الحديث الّذي رواه ابن عديّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( تَهَادَوْا تَحَابُّوا )).

لذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كثيرا ما يُهدِي أصحابه رضي الله عنهم، وقال بعض السّلف-وهو ليس بحديث-: " تهادوا فإنّ الهدية تذهب السّخيمة، وتزيل وحر الصدور ".

وعن الهيثم بن عديّ قال: " كان يقال: ما ارتُضِي الغضبان، ولا استُعطِف السُّلطان، ولا سُلِبت الشَّحناء، ولا دفعت البغضاء، ولا تُوُقِّي المحذور، ولا استعمل المهجور بمثل الهديّة والبرّ ".

وقال آخر: " تَهادوا، فإن الهدّية تثبِّت المروءة، وتستلُّ السّخيمة ".

قال الشّاعر:

هدايا النّاس بعضهم لبعـضٍ ... تولِّد فـي قلوبهم الوصـالا

وتزرع في الضّمير هوىً وودّاً ... ويكسوهم إذا حضروا جمالا

- لا سيّما إن كانت للوالدين والأقربين والجيران والخلاّن، فإنّ الهديّة لهؤلاء من أعظم ما يُلين قلوبهم، وينير صدورهم، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ ! لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ ))..

وروى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: إِنَّ خَلِيلِي صلّى الله عليه وسلّم أَوْصَانِي: (( إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ )).

- وإذا تعدّد الجيران، فإنّه يقدّم الأقرب، روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ، فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: (( إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا )).

- كذلك تتأكّد إن كانت لمحتاج، فإنّك تُهديه فتكتب لك صدقة، وتحفظ له ماء وجهه وتعفّه في قالب الهديّة.

- كذلك يجوز الإهداء إلى الكافر يُتألّف على الإسلام، فقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ فَقَال: (( إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ )) فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ ؟!، قَالَ: (( إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا )) فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.

• ثانيا: يجب قبولها:

يجب قبول الهديّة من المسلم الثّقة الّذي تعلم أنّه لن يجعل من هديّته وسيلة إلى إذلالك أو المنّ عليك، أو تكبيل يديك، فإن كان كذلك فتُردُّ حتما.

أمّا إن كانت من مسلم متديّن تعلم منه أنّه يريد إكرامك والتودّد إليك فيجب قبولها، فقد روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَجِيبُوا الدَّاعِيَ وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ )).

وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ ؟ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: (( كُلُوا )) وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ صلّى الله عليه وسلّم فَأَكَلَ مَعَهُمْ.

- لا سيّما إن كانت الهديةّ طِـيبـاً أو لبنا، فهنا يتأكّد الوجوب، فقد روى التّرمذي عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ: الْوَسَائِدُ، وَالدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ)) الدُّهْنُ يَعْنِي بِهِ الطِّيبَ.

وروى الطّبراني أنّ ابن عمر رضي الله عنه دخل على ابن مطيع، فقال: السّلام عليك ! فقال: وعليك السّلام ورحمة الله ومرحبا وأهلا بأبي عبد الرّحمن، ضعوا له وسادة ! فقال ابن عمر رضي الله عنه: "لَوْلاَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( ثَلاَثٌ لاَ تُرَدُّ: اللَّبَنُ، وَلاَ الوِسَادَةُ، وَلاَ الدُّهْنُ )) مَا جَلَسْتُ عَلَيْهَا ".

- ويجوز قبول الهديّة من الكافر، فقد ثبت أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقبل الهدايا من اليهود، وفي ذلك قصّة اليهوديّة الّتي أهدت له شاة وكانت مسمومة، فأخذها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأكل منها، وأطعم بعض أصحابه منها أيضاً.

ومنها ما رواه البخاري ومسلم أنّ المقوقس أهداه مارية القبطيّة وأختها.

- ويستحبّ أن تُهدي من أهداك، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُهدِي، ويقبل الهديّة، ويثيب عليها، روى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم (( كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا )).

• ثالثا: حسن اختيار الهديّة.

- الهديّة كما قيل " تدلّ على عقل صاحبها "، قال قتادة: يعرف سخف الرجل في سخف هديّته.

وقيل أيضا:" ثلاث تدلّ على عقول أصحابها: الهديّة، والرّسول، والكتاب "، فالكتاب يدلّ على عقل كاتبه، والرّسول يدلّ على عقل مرسله، والهديّة تدل على عقل مهديها.

وقد حكى الله تعالى عن بلقيس أنّها قالت:{وَإِنَّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُونَ}، فجعلت جواب الهديّة دلالة وأمارة.

فلا بدّ من حسن اختيارها وانتقائها، لتعبّر عن حبّ مخلص وصداقة متينة، وليست العبرة بحجمها وكِبَرِها، وإنّما بنوعيّتها ومكانتها عند من تهدِيه.

- وقد يتغاضى المهدَى إليه عن كثير من عيوب المُهدي ونقائصه، وما ذاك إلاّ للآثار الجميلة الّتي تتركها الهدية في النّفوس، فهلاّ أدرك هذا جيّداً من لهم اهتمام بدعوة الآخرين، فيستغلوا هذا الأمر في كسب النّاس والتّأثير عليهم.

-  والهدية تختلف بحسب مقامها، وبحسب من يستفبد منها، فلا يلزم أن تكون عينية فقد تكون الهدية حكماً شرعياً أو لفتة علمية أو مثل ما حصل بين هذين الفاضلين مما ذكره البخاري في صحيحه: عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي. فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ ؟ قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )).فأَكْرِمْ بها من هديّة !

ولا شكّ أنّ عبد الرّحمن بنَ أبي ليلى ما فرح بهدية مثل هذه، لكنّها تحتاج إلى نفوس أمثالِ تلك النّفوس.

وذكر ابن عبد البرّ في " بهجة المجالس " أنّ رجلا قال لأبي ذرّ رضي الله عنه: فلانٌ يقرئك السّلام. فقال :هديّة حسنة، وحمل خفيف.

- ولا ينبغي للمهدَى إليه أن ينتقص من الهديّة لصغرها أو قلّة ثمنها، فقد جاء في الصّحيحين أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ لَقَبِلْتُ، وَلَوْ دُعِيتُ لِكُرَاعٍ لَأَجَبْتُ )).

ويحسُن بالمهدِي أن يزيّن هديّته بالكلمة الطيّبة، فقد أهدى الطائي إلى الحسن بن وهب قلماً، وكتب إليه:

قد بعثنا إليك أكرمـك الل ... ـه بشيءٍ، فكن له ذا قبول

لا تقسه إلى ندى كفِّك الغم ... ـر ولا نيلك الكثير الجزيل

واغتفر قلَّـة الهديَّـة منِّـي ... إنّ جهـد المقلِّ غيـر قليل

وأَوْلَمَ إسحاق بن إبراهيم الموصلي وليمة، فأهدى إليه إخوانه هدايا، وأهدى إليه إبراهيم بن المهدي هديّة متواضعة وكتب أسفل الرّقعة:

هديَّتي تقصر عـن همّتـي ... وهمّـتي تعلو على مالي

وخالص الودِّ ومحض الهوى ... أحسن ما يهديه أمثالي

- أمّا ما شاع عند النّاس أنّ الهديّة لا تُهدَى فهذا ليس حكما شرعيّا، وإنّما هو ممّا يراعي فيه المسلم شعور أخيه المسلم، فلا ينبغي أن يُهديها كيلا يجرح شعوره، إلاّ لمصلحة راجحة، كحاجةٍ إلى مال، أو رأى أنّه يُهدِيَها هو بدوره إلى محتاج، كما في صحيح البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْسُنِيهَا، فَقَالَ: (( نَعَمْ )) فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ ! لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: (( وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ )) قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ.

الخطبة الثّانية:

الحمد لله على إحسانه، وعلى جزيل نعمه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الدّاعي إلى سبيله ورضوانه، اللهمّ صلّ عليه وأصحابه وآله، وعلى كلّ من اتّبع سبيله وسار على منواله.

معاشر المؤمنين، فإليكم أمورا محرّمة تتعلّق بالهديّة:

• الرّجوع في الهديّة: فمن المستقبح في الهديّة أن يرجع الإنسان في هديّته، فقد روى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ، ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ )).

• المنّ: وممّا يجب تجنّبه في الهدية، المنّ بها، فإنّ هذا من اللّؤم وقلّة المروءة.

وقد أهدى رجل للأعمش بطّيخة، فلمّا أصبح قال: يا أبا محمّد، كيف كانت البطّيخة ؟ قال: طيّبة ! ثمّ أعاد عليه ثانياً: كيف كانت البطّيخة ؟ قال: طيّبة ! فأعادها ثالثاً، فقال: إِنْ خَفّفتَ من قولك وإلاّ قِئْتُها.

وأهدى أبو الهذيل إلى أستاذ له ديكاً، فكان بعد ذلك إذا خاطبه أرّخ بديكه، فيقول: إنّه كان يوم أهديت إليك الدّيك، وأنه كان قبل الدّيك بكذا، وبعد الدّيك بكذا، وكلّما ذكر شيئاً بجمالٍ أو سِمَنٍ قال: هو أحسن من الدّيك، أو أسمن من الدّيك الّذي أهديته إليكم. وأصبح هذا مثلاً لمن يستعظم الهدية.

• وممّا يحرم في الهديّة: عدم العدل بين الأولاد، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( اِعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي العَطِيَّةِ )) [راوه البخاري]، وفيه أيضاً أنّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ أعطاه أبوه عطيّة، وكان يحبّ أن يُشهِد رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم على هذه الأعطية، فسأله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَعْطَيْتَ سَائِرَ أَوْلاَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟ )) قَالَ: لاَ. قَالَ: (( فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ )) قال: فرجع فردّ عطيته.

• ومن الهدايا المحرمة: ما كان في نفسه محرّماً كآلات الطرب، والألبسة المحرّمة وغيرها، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ. قَالَ: (( إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ )) رواه البخاري.

• ومن الهدايا المحرمة: تلك الهدايا التي تُهدَى بمناسبة أعياد الكفّار، كالهدايا التي تُهدَى بمناسبة رأس السّنة الميلادية، أو ما يسمّونه بعيد الكريتسمس، أو غيرها من المناسبات غير الإسلامية، وإنّي أحذّر الإخوة الّذين لهم تعامل مع الكفّار من المجاملات على حساب الدين، فإن هذه قضايا تمسّ معتقَد المسلم، فالحذر ! الحذر !

• ومن الهدايا المحرمة: ما يُعطَى للرّجل بسبب أعمالٍ وكّله بها الوالي أو السلطان، فعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا )). ثُمَّ خَطَبَنَا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:

(( أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي فَيَقُولُ هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي ! أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ ؟ وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعِرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي )) رواه البخاري.

• ومن الهدايا المحرمة: الهديّة على الشّفاعة: ما يأخذه بعض الناس من هدايا تُعطى له حين يستخدم جاهه في شفاعة معيّنة، وهو ما يسمّيه العلماء: أخذ الأجرة على الشّفاعة، فإنّها -والعياذ بالله- من الهدايا المحرّمة.

مثاله: أن تكلّم شخصاً ليتوسّط في توظيف أحد أولادك في مصلحة ما، فشفع لك هذا الرجل بجاهه وتم التوظيف، فأكرمته بهدية، فهذا حرام، واستمع إلى هذا الحديث العظيم الّذي رواه أبو داود والتّرمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا )).

• ومن الهدايا المحرمة: ما يأخذه القاضي أو الوالي ليغيّر حكم الله عز وجل، فإن ما أخذه سحت وغلول، يقول صلّى الله عليه وسلّم: (( الهَدِيَّةُ إِلَى الإِمَامِ غُلُولٌ ))، قال الله تعالى: { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ }.

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: كانت الهدية فيما مضى هدية، أمّا اليوم فهي رشوة.

وقال كعب الأحبار: قرأت في ما أنزل الله على بعض أنبيائه: الهديّة تفقأ عين الحكيم.

وقال الشاعر:                         إذا أتت الهدية باب قومٍ ... تطايرت الأمانة من كواها

• ومن الهدايا المحرمة: ما يهديه الموظّف لرئيسه في العمل، وما يهديه الطّالب لأستاذه في المدرسة، وما تهديه الطالبة لمدرِّسَتِها، فكلّ هذا من الهدايا المحرّمة، ولا يجوز لهم أخذها.

• ومن الهدايا المحرمة: الرّشوة، وهذا باب واسع وعريض، وقد فتحت في أيامنا هذه على مصراعيه، وتساهل الآخذ والمعطي فيه، وانتشر وباؤه حتّى الذي لا يريد أن يتعاطاه يُجْبَر أحياناً تحت ضغط الواقع، خصوصاً من له حقّ شرعي، ولا يستطيع أن يصل إلى حقّه إلاّ عن طريق الرّشوة -والعياذ بالله- فلا تكفيه هذه العجالة، بل يحتاج إلى حديث خاصّ وسيكون بإذن الله تعالى.

• هديّة المدين إلى الدّائن: فهذا من الهدايا المحرّمة.

فقد روى البخاري عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه قَال: " أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ-وكان بالعراق-، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ-علف الدّواب-، فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا )).

ورواه الطّبراني مختصرا ولفظه: " وَإِنَّ مِنَ الرِّباَ أَنْ يُسْلِِمَ الرَّجُلُ السَّلَمَ فيُهْدِي لَهُ فَيَقْبَلَهَا " [" الإرواء"].

وروى البيهقي عن سالم بن أبى الجعد قال: كان لنا جارٌ سمّاك عليه لرجل خمسون درهما، فكان يُهدي إليه السّمك، فأتى ابنَ عبّاس رضي الله عنه فسأله عن ذلك، فقال: " قاصِّه بما أهدى إليك "["الإراوء "].

وروى أيضا عن أبى صالح عن ابنِ عباّس رضي الله عنه أنّه قال في رجل كان له على رجل عشرون درهما، فجعل يُهدي إليه، وجعل كلّما أهدى إليه هديّة باعها، حتّى بلغ ثمنُها ثلاثة عشر درهما، فقال ابن عبّاس رضي الله عنه: " لا تأخذ منه إلاّ سبعة دراهم ".

هذا ما أمكننا أن نقوله بين أيديكم معاشر المؤمنين، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، أولئك الّّذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:18
المزيد من مواضيع هذا القسم: « - كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون (2)

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.