أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الخميس 07 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 16 سبتمبر 2010 16:13

- واو الثّـمـانـيـة (1)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

دراسات لغويّة

وَاوُ الثَّمَانِيَة (1)

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإنّ أهمّ مباحث اللّغة وعلومها المختلفة هو ما ينبني عليه عمل، ويكون له أثر في فهم القرآن الكريم وسنّة النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويشهد لذلك ما يبثّه المفسّرون وشرّاح الحديث من المباحث في مصنّفاتهم ومؤلّفاتهم، بل إنّه لأهمّيتها ترى أكثر كتب أصول الفقه وعلوم القرآن قديما وحديثا لا تخلو من ذكر بعضها.

ومن ببن المسائل الّتي لها تأثير على فهم كتاب الله وسنّة رسول الله صلّى اللَّه عليه وسلّم، فتعود عليهما إمّا بالبيان والإيضاح السّليم، أو بالتّحريف والتّأويل السّقيم: مسألة واو الثّمانية.

التّعريف بالمسألة:

يرى بعض أهل العلم أنّ العرب تُدخِل الواو بعد العدد ( سبعة )، إشارة إلى تمام العدد، قالوا: إنّ ( السّبعة ) عند العرب هي العقد التامّ، فيأتون بحرف العطف الدالّ على المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، فيقولون: " ستّة، سبعة، وثمانية "، فيزيدون الواو إذا بلغوا الثّمانية، إشعارا بأنّ السّبعة عندهم عدد كامل.

[انظر: " الجنى الدّاني "، و" مغني اللّبيب"، و" البرهان في علوم القرآن " (3/189) و(4/438)، و" تفسير القرطبي " (8/271، 272)، و(10/382)، و(15/285)، و" البحر المحيط " عند تفسيره لآية الكهف، و" فتح القدير " عند تفسيره لآية الكهف والزّمر].

من أشهر القائلين بها:

-   ابن خالويه (تـ: 370 هـ): على ما ذكره ابن هشام وابن أمّ قاسم والزّركشي، وربّما كان أوّل من قال بها، فعلى حدّ علمي القاصر لم أعثر على قائل بها قبله، وتبعه على ذلك أبو اللّيث السّمرقندي (تـ:373 هـ).

جاء في " البرهان في علوم القرآن " للزّركشيّ رحمه الله (3/189) ما نصّه:

" حكي أنّه اجتمع أبو عليّ الفارسي مع أبي عبد الله الحسين ابن خالويه في مجلس سيف الدّولة، فسئل ابن خالويه عن قوله تعالى: { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } فقال في النّار بغير واو، وفي الجنّة بالواو ؟ فقال ابن خالويه: هذه الواو تسمّى واو الثمانية، لأنّ العرب لا تعطف الثّمانية إلاّ بالواو ..."، ثمّ ذكر رحمه الله ردَّ الفارسيّ عليه، وسنذكره إن شاء الله بعد حين.

-       أبو منصور الثعالبي (تـ:429 هـ) قال في " فقه اللّغة " وهو يعدّد معاني الواو:

" ومنها واو الثمانية، كقولك: واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية وفي القرآن: { سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبهُمْ،وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }، وكما قال تعالى في ذكر جهنّم: { حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } بلا واو، لأنّ أبوابها سبعة، ولمّا ذكر الجنّة قال: {حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا }، فألحق بها الواو لأن أبوابها ثمانية، وواو الثمانية مستعملة في كلام العرب ".

-        الحريري (تـ:516 هـ) قال في " درّة الغوّاص ":

" ومن خصائص لغة العرب إلحاق الواو في الثامن من العدد كما جاء في القرآن:{ التاَّئبِوُنَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الراَّكعُونَ السَّاجِدُونَ الآمرُونَ باِلمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ } وكما قال سبحانه: { سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }، ومن ذلك أنّه - جلّ اسمه - لمّا ذكر أبوابَ جهنّم ذكرها بغير واو، لأنّها سبعة، فقال:{ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }، ولما ذكر أبواب الجنّة ألحق بها الواو لكونها ثمانية فقال سبحانه: { حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } وتسمّى هذه الواو: واو الثمانية " اهـ.

-        الفيروز آبادي (تـ:817 هـ): قال وهو يعدّد معاني الواو في " القاموس المحيط ":

" التاسع: واو الثمانية، يقال: ستة سبعة وثمانية، ومنه:{ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }.

-        مرتضى الزّبيدي (تـ: 1205 هـ) قال في " تاج العروس " وهو يعدّد معاني الواو كذلك:

" التّاسع: واو الثّمانية، يقال: ستّة سبعة وثمانية، منه قوله تعالى:{ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } ..."اهـ.

النّافون لها:

جمهور أهل اللّغة وعلماءِ التّفسير على عدم اعتبار واو الثّمانية، وهم صنفان:

-        صنفٌ: لم يعرّج على ذكرها أصلا، وهم المتقدّمون أمثال الخليل، وسيبويه، ويونس، والكسائي، وتلامذتهم.

-   وصنف: ردّ على القائلين بها، فمقلّ ومستكثر، ومن أبرز من أطال في ردّ هذا الرّأي ابن هشام الأنصاريّ رحمه الله حيث قال في " مغني اللّبيب " وهو يردّ قول من قال إنّ الواو تأتي بمعنى (أو):

" وأبلغ من هذه المقالة في الفساد قولُ مَنْ أثبت واو الثمانية، وجعل منها { سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلبُهُمْ }، وقد مضى في باب الواو أنّ ذلك لا حقيقة له ..".

كما أنّ ابن القيّم رحمه الله عقد فصلا ممتعا يبيّن فيه فساد هذا القول نذكر طرفا منه لاحقا إن شاء الله.

وقال ابن كثير في تفسيره لآية الزّمر:" ومن زعم أن الواو في قوله:{ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } واو الثمانية، واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية، فقد أبعد النّجْعَة وأغرق في النزع. وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة ".

لذلك لن ننقل أقوال النّافين لها لكثرتهم، ولكنّنا نعقد فصلا مهمّا في توجيه النّصوص الّتي استدلّ بها القائلون بواو الثّمانية.

( فصل ) في توجيه النّصوص الّتي استدلّ بها القائلون بواو الثّمانية:

النصّ الأوّل: قوله تعالى: { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }.

لعلماء اللّغة النّافين لواو الثّمانية ثلاث توجيهات للواو في هذه الآية:

  • التّوجيه الأوّل: أنّ الواو زائدة، وهو قول الكوفيّين.

[انظر: " الخصائص " لابن جنّي، و" اللّباب " للعكبريّ، و" حاشية الصبّان "، و" البحر المحيط " لأبي حيّان، وغيرها].

وممّن ذهب مذهب الكوفيّين ابن قتيبة الدّينوري في " المعاني الكبير "، والرّازي في " مختار الصحاح "حيث قال:"  وقد تكون زائدةً كقولهم: رَبَّنا وَلَكَ الحَمْدُ، وقوله تعالى:{ حَتَّى إذا جاءوها وَفُتِحَتْ أَبْوَابُها } يَجُوز أَنْ تكون الواو فيه زائدة ".

وقال خالد بن عبد الله الأزهري في " موصل الطّلاّب ": " وإنّ لنا واوا يكون دخولها في الكلام كخروجها وهي الواو الزائدة، وتسمّى في القرآن صلة، نحو قوله تعالى: { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }، ففتحت جواب إذا، والواو صلة، جيء بها لتوكيد المعنى بدليل الآية الأخرى قبلها، وهي: { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } بغير واو، وقيل ليست زائدة و إنها عاطفة والجواب محذوف، والتّقدير: كان كيت وكيت، قاله الزمخشري والبيضاوي ".

والحقّ، أنّ القول بزيادة الواو ضعيف، لأنّه خلاف الأصل، وسيأتي بيان معناها.

  • التّوجيه الثّاني: أنّها عاطفة، وجواب ( إذا ) الشّرطيّة محذوف، والتّقدير:{ حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } لرأوا شيئاً عظيماً جدّاً تعجز عباراتهم عن وصفه.

وهو مذهب الشّيخين الخليل وتلميذه سيبويه.

قال سيبويه في " الكتاب ": " وسألت الخليل عن قوله جلَّ ذكره: { حَتََّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }، أين جوابها ؟ وعن قوله جلّ وعلا: { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ}، { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ } ؟ فقال: إنّ العرب قد تترك في مثل هذا الخبر الجواب في كلامهم، لعلم المخبَر لأيِّ شيء وضع هذا الكلام ".

وقال أبو على الفارسي: " قال أبو العباس: حذف الجواب في مثل هذا الموضع أفخم؛ لأن المخاطب يتوهم كلَّ شيء، فإذا ذُكر شيءٌ بعينه حضره فهمُه ".

[انظر:" النّظرية السياقية الحديثة عند علماء العربيّة " للدّكتور: محمد سالم صالح].

وقال ابن الأنباري في " الإنصاف ": " وأمّا الجواب عن كلمات الكوفيّين:

أمّا احتجاجهم بقوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }، فنقول: هذه الآية لا حجّة لكم فيها، لأنّ الواو في قوله: { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } عاطفة، وليست زائدة، وأمّا جواب ( إذا ) فمحذوف، والتّقدير فيه: حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها فازوا ونعموا.

وكذلك قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ ..} الواو فيه عاطفة وليست زائدة، والجواب محذوف، والتّقدير فيه: حتّى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون قالوا: يا ويلنا، فحذف القول، وقيل: جوابها:{ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ }...".

وقال ابن جنّي في " الخصائص ": " ومن ذلك ما يدّعيه الكوفيون من زيادة واو العطف؛ نحو قول الله عز وجلّ:{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } قالوا: هنا زائدة مخرجة عن العطف. والتقدير عندهم فيها: حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها. وزيادة الواو أمر لا يثبته البصريون. لكنّه عندنا على حذف الجواب، أي: حتّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها كذا وكذا صدقوا وعدهم، وطابت نفوسهم، ونحو ذلك مما يقال في مثل هذا ".

وهذا الرأي هو قول أبي عبيدة في " مجاز القرآن "، والزجّاج في " إعراب القرآن "، والمبرّد في " المقتضب "، وابن فارس في " الصّاحبي "، والأمير ابن سنان الخفاجي في " سرّ الفصاحة "، وعبد القادر البغدادي في " خزانة الأدب "، والمرزوقي في " شرح ديوان الحماسة "، وابن أُمّ قَاسِم المرادي في " الجنى الدّاني في حروف المعاني " .

واختاره الزّمخشريّ والبيضاوي والزّركشي والسّيوطي في " الإتقان " تحت باب الإيجاز والإطناب، وكثيرون.

  • التّوجيه الثّالث: أنّها واو الحال:

أي: جاءوها وقد فتحت أبوابها، فدخلت الواو لبيان أنها كانت مفتّحة قبل مجيئهم، وحذفت في الآية الأولى لبيان أنها كانت مغلقة قبل مجيئهم، قاله البغوي.

وهو قول الفارسيّ، حيث إنّه لمّا قال ابن خالويه بواو الثّمانية في مجلس سيف الدّولة، نظر سيف الدّولة إلى أبي عليّ الفارسيّ، وقال: أحقٌّ هذا ؟ فقال أبو عليّ: لا أقول كما قال، إنّما تُرِكت الواو في النّار لأنّها مغلقة، وكان مجيئهم شرطا في فتحها، وأمّا قوله في الجنّة فهذه واو الحال، كأنّه قال: جاءوها وهي مفتّحة الأبواب، أو هذه حالها.

حكاه الزّركشي في " البرهان " وقال:" وهذا الّذي قاله أبو عليّ هو الصّواب، ويشهد له أمران: أحدهما أنّ العادة مطّردة شاهدة في إهانة المعذّبين بالسّجون من إغلاقها حتّى يرِدُوا عليها، وإكرام المنعّمين بإعداد فتح الأبواب لهم مبادرة واهتماما " اهـ.

وقال أبو البقاء الكفوميّ في " الكلّيات ":

" وقد تستعار الواو للحال بجامع الاشتراك بينهما في الجمعية لأن الحال تجامع ذا الحال لأنها صفته في الحقيقة كما في قوله تعالى { حتى إذا جَاءُوها وفُتِحَتْ أَبْوابُها } أي حال ما تكون أبوابها مفتوحة لأنه تعالى في بيان الإكرام لأهل الإسلام، ومن إكرام الضيف أن يكون الباب مفتوحاً حال وصوله إلى باب الضيف فيحمل على الحال لإفادة هذا المعنى، يؤيده قوله تعالى { جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحة ً لهمُ الأبْواب }، ولهذا قال في حق الكفار بدون الواو، لأن تأخير فتح باب العذاب أليق بكرم الكريم، ومن هذا أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها، وأبواب الجنة مفتوحة قبل الوصول إليها ".

الحاصل: إنّ النّحاة الأوائل كالخليل وسيبويه والمبرّد وابن قتيبة ومن لحقهم كالفارسيّ وابن جنّي وغيرهم حين تطرّقوا لآية الزّمر لم يشيروا إلاّ إلى قولين اثنين: أن تكون الواو للحال، أو الاستئناف، والكوفيّون ذهبوا إلى زيادتها، فمن قال إنّها واو الثّمانية فإنّه زيادة على أنّه فسّر القرآن على غير وجهه، فإنّه يكون قد أتى بشيء لم يُنقل عن الأوائل.

والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم.

( يتبع إن شاء الله )

أخر تعديل في الخميس 25 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 25 أوت 2011 16:23
المزيد من مواضيع هذا القسم: - واو الثّـمـانـيـة (2) »

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.