أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الخميس 14 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 23 سبتمبر 2010 07:11

- العفاف: فضله والسّبيل إليه (2)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

السّبيل إلى العفاف

إنّ من رحمة الله تعالى ورأفته بعبادته أن أمرهم بالعفاف، ثمّ بيّن لهم السّبيل الموصِل إليه، فإليك – أخي القارئ – عشرة أسباب، نسأل الله تعالى أن يجعلها  نبراسا يسير بنا إليه، ويدلّنا عليه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه:

أوّلا: الدّعاء والتضرّع إلى ربّ الأرض والسّماء:

وفي ذلك أدعية ثابتة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأل الله فيها أن يكفّه عن الحرام وما أدّى إليه، منها:

- ما رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في دعائه: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى )) وفي رواية ثانية : وَالْعِفَّةَ)).

- ما رواه أبو داود والتّرمذي والنّسائي عَنْ شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِكَتِفِي فَقَالَ: (( قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي -يَعْنِي فَرْجَهُ-)).

ذلك لأنّه:{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:178]، فاسأل مولاك تزكية النّفس كما كان يسأله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففي مسند الإمام أحمد عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَنَفَسٍ لَا تَشْبَعُ وَعِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَدَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا )). قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَاهُنَّ وَنَحْنُ نُعَلِّمُكُمُوهُنَّ.

  • ثانيا: الإكثار من صلاة التطوّع بعد المحافظة على الفريضة، فالصّلاة خير موضوع، وقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153]، وقال:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر} [العنكبوت: من الآية 45]، وقد روى  الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ، قَالَ: (( إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا يَقُولُ )).
  • ثالثا: تكلّف العفّة: وذلك بالمجاهدة، فقد قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، قال تعالى:{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النّور: من الآية 33]، وفي الحديث الّذي رواه البخاري ومسلم عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ )). قال ابن الأثير: " أَي: من طلب العِفّة وتكلَّفها أَعطاه الله إِيّاها ".

وتكلّف الأمر يجعله سجيّة وطبعا، فإنّما العلم بالتعلّم، والفقه بالتفقّه، والصّبر بالتصبّر، والعفّة بالتعفّف.

  • · رابعا: النّظر في العواقب.

فتأمّل قبل النّظر واللّمس ما عاقبة المعصية وما ثمرة الطّاعة ؟ قال ابن مفلح في " الآداب الشّرعيّة ":

" ( فصل مهم ) إنّما فُضِّل العقل على الحسّ بالنّظر في العواقب، فإنّ الحسّ لا يرى الحاضر، والعقل يلاحظ الآخرة ويعمل على ما يتصوّر أن يقع، فلا ينبغي للعاقل أن يغفل عن تلمح العواقب ... ومن علم أن الدّنيا تزول، وأنّ مراتب  النّاس في الجنّة على قدر أعمالهم في الدّنيا، نافس أولئك قبل أن يصل إلى هناك ليقدم على مفضولين له. ومن تفكّر علم أنّ كثيرا من أهل الجنّة في نقص بالإضافة إلى من هو أعلى منهم، غير أنّهم لا يعلمون بنقصهم، وقد رضوا بحالهم، وإنّما اليوم نعلم ذلك، فالبدارَ البدارَ إلى تحصيل أفضل الفضائل، واغتنام الزّمن السّريع.

إذا أعجبتك  خصـــال امــــــرئ      فكنه تكن مثل ما يعجبك

فليس على الجود والمكرمات      إذا جئتها  حاجب يحجبك

فمن غلّب عليه شهوات الحس شارك البهائم، ومن غلّب عليه شهوات النفس زاحم الملائكة " اهـ.

  • خامسا: الاقتداء بمن اتّصف بالعفاف .. فالنّفوس جُبِلت على حبّ الاقتداء، وذلك بالإكثار من قراءة الصّالحين الّذين تحلّوا بالعفاف.

قصّة يوسف عليه السّلام:

وفي مقدّمة تلك القصص قصّة يوسف عليه السّلام.. يوم كان في موعد آخر مع البلاء .. فنرى السيّدة قد تحوّلت إلى أمة، واستعبدها شغفها بخادم زوجها، والعبد يتحوّل إلى سيّد، فتربّع على عرش قلبها .. تعلّق قلبها بيوسف عليه السّلام حتّى ملك شغافه، فبذلت كلّ ألوان الإغراء أمامه، ولكنّه كان لا يلتفت إليها .. ولا يعبأ بها .. ولم تزل تبحث عن الفرصة السّانحة حتّى خلت به ذات يوم ..

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}.. أي أرادت أن تغلبه على إرادته ولو بالمخادعة ..

وغلّقت الأبواب.. وقال: هيت لك ..أي: تهيأت لك ..

فاجتمع ليوسف من الدّواعي على اقتراف الفاحشة ما لم يجتمع لأحد:

- فهو شابّ بلغ أشدّه ..

- وكان عزبا ليس له ما يعوّضه ..

- والمرأة هي الّتي دعته، وتحرّشت به، ممّا يدلّ على أنّ المرأة هي الّتي تُبنى عليها الفاحشة غالبا، لذلك بدأ الله بها في ترتيب عقوبة الزّنا فقال:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة} [النور: من الآية2]..

- وكانت ذات جمال مبهر ..

- وكانت ذات جاه ومنصب، ومثلها لا يردّ أبدا، بل رأت أنّها تمنّ عليه وتكرمه ..

- وكانت في بيتها وسلطتها لا أحد يشكّ في نيّتها ..

- وغلّقت الأبواب..و(غلّقت) بالتّشديد مبالغة في إغلاقها.. وكانت أبوابا كثيرة في جهات مختلفة، على عادة أصحاب القصور ..

- وهو عبد والعبد لا يأنف ممّا يأنف منه الحرّ ..

- وغريب لا يخشى الفضيحة بين أهل وأقارب ونحو ذلك..

فصرخ في وجهها:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}..

بذلك أرسل يوسف عليه السّلام رسالة إلى شباب العالم بأسره أنّ حبّ الله تعالى يفوق كلّ عاطفة، وطاعته أمان من كلّ عاصفة ..

فمن جعل القرآن والسنّة ظلاله، أظلّه الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: (( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ:[منهم]: شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ))..

ولكن، قد ينشأ الشّاب في عبادة ربّه لكن سُرعان ما تقف أمامه الفتن، فتزلّ به قدمه فيصبو إلى الشّهوات والفواحش، لذلك قال: (( وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ))..

وهذا ما ينبغي للشّاب المؤمن أن يكون عليه، فهذا الموقف زيادة على أنّه يحصّنه من كيد الشّيطان والنّساء، فلربّما قدّم لها أكبر معروف في حياتها كلّها، وسيأتي عليها اليوم الّذي تستيقظ فيه من غفلتها، وتفيق من سكرتها، وتعلم أنّ العفّة لا يعدلها شيء، وتشكر له موقفه وثباته مدى الحياة..

ذكر ابن القيّم رحمه الله تعالى في "طريق الهجرتين"(324) قصّة فتى كان بالكوفة جميل الوجه شديد التعبّد والاجتهاد، فنزل في جوار قوم من النّخع، فنظر إلى جارية منهنّ جميلة فهويها، وهام بها عقله، ونزل بالجارية ما نزل به، فأرسل يخطبها من أبيها، فأخبره أبوها أنّها مسمّاة لابن عمّ لها، فاشتدّ عليهما ما يقاسيانه من ألم الهوى.

فأرسلت إليه الجارية: قد بلغني شدّة محبّتك لي فإن شئت سهّلت لك أن تأتيني إلى منزلي، فقال للرّسول: قل لها ( إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم ) أخاف نارا لا يخبو سعيرها، ولا يخمد لهيبها. فلمّا أبلغها الرّسول قوله قالت: وأراه مع هذا يخاف الله ؟! والله ما أحد أحقّ بهذا من أحد، وإنّ العباد فيه لمشتركون.

ثم انخلعت من الدّنيا وألقت علائقها خلف ظهرها، وجعلت تتعبّد حتى ماتت.

فرآها في منامه فقال: كيف أنت ؟ وما لقيت بعدي ؟ قالت:

نـعم المحبّـة يـا هـذا محبّتكم     حبّ يقـود إلـى خيـــر وإحــــســان

إلى نعيـم وعـيـش لا زوال له      فـي جنّة الخلد ملك ليس بالفاني

موسى عليه السّلام: يوم دخل مدين {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: من الآية 25].

روى الدّارمي عن أبي حازم أنّه قال: قَالَتْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا. فَشَقَّ عَلَى مُوسَى حِينَ ذَكَرَتْ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَتْبَعَهَا، إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْجِبَالِ جَائِعًا مُسْتَوْحِشًا، فَلَمَّا تَبِعَهَا هَبَّتْ الرِّيحُ فَجَعَلَتْ تَصْفِقُ ثِيَابَهَا عَلَى ظَهْرِهَا، وَجَعَلَ مُوسَى يُعْرِضُ مَرَّةً وَيَغُضُّ أُخْرَى، فَلَمَّا عِيلَ صَبْرُهُ نَادَاهَا:

يَا أَمَةَ اللَّهِ ! كُونِي خَلْفِي وَأَرِينِي السَّمْتَ بِقَوْلِكِ ذَا.

قصّة أصحاب الغار الثّلاثة:

وهي في الصّحيحين، حين قال الثّالث: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ :لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ !!

فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا. فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً.

قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَفَرَجَ عَنْهُمْ )).

  • سادسا: مراقبة الله:
  • أن تربّي نفسك تربية إيمانية، أن تقوّي صلتك بالله ربّ العالمين، أن تعلم أنّ الله تعالى يراك في السرّ وفي العلن، يقول تعالى:{وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام:3]، ويقول تعالى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]، قال ابن عبّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في تفسيرها:" هو الرّجل يكون بين الرّجال، فتمرّ المرأة، فيتظاهر بأنّه يغضّ بصره، فإذا وجد فرصةً نظر إلى المرأة، والله إنّه ليحبّ أن ينظر إلى عورتها ".

يقول الرّبيع بن خثيم:" إذا تكلّمت فاذكر سمع الله لك، وإذا هممت فاذكر علم الله بك، وإذا نظرت فاذكر نظره إليك، وإذا تفكّرت فانظر اطّلاعه عليك، فإن الله يقول:{إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء:36].

  • سابعا: تجنب المثيرات الجنسية:
  • فلا بدّ أن يتجنب الإنسان كلّ ما يثير شهوته، ولا ينبغي له أن يوقع نفسه في أوساط المثيرات الجنسية ،وهذا يتأتى بغضّ البصر والابتعاد عن مواطن اختلاط الرّجال بالنّساء كالأسواق ونحوها.
  • كا عليه أن يتجنّب أيضا كثرة الأكل، وخاصّة المأكولات المثيرة للشّهوة كالفستق واللّوز والجوز والحَلْويَات، فإنّ ذلك من أعظم ما يفسِد مزاج الشّاب.
  • ثامنا: الصّحبة الصّالحة:

فإن الصحبة الصالحة تعينه على أن يحفظ بصره وعلى أن يحفظ فرجه وإن لم يستح من الله فإنّه سيستحي من الصّحبة الصّالحة الّذين هم حوله، والّذين يذكّرونه إذا نسي، ويعينونه إذا ذكر.

  • تاسعا: الصيام: فقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )).
  • عاشرا: الزّواج.. فقد روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ )).

فالزّواج يعدّ عاصمة للقلب المفتون، فنسأل الله أن يُيَسِّره لشباب المسلمين آمين.

والحمد لله ربّ العالمين

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:43
المزيد من مواضيع هذا القسم: « - العفاف: فضله والسّبيل إليه (1)

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.