أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الخميس 14 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 23 سبتمبر 2010 15:26

- خطبة: فضل الحرمين الشّريفين (2)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

تاريخ الخطبة: خطبة الجمعة ليوم:10 من ذي القعدة 1424هـ، الموافق ليوم: 2 جانفي 2004م

مكان الخطبة: مسجد " عمر بن الخطّاب رضي الله عنه " بحيّ لافيجي / رايس حميدو / العاصمة

[بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فهذا لقاؤنا الثّاني معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات، للحديث عن قرّة العينين ببيان فضل الحرمين ..

وقد جاء هذا الحديث ترغيبا في شدّ الرّحال، وشحذ همم النّساء والرّجال، لقصد بيت الكبير المتعال .. فهو سفر لا كالأسفار، تذوب فيه تحت قدميك الفيافي والقفار، شوقا إلى نسيم بيت العزيز الغفّار.

وبيّنا في خطبتنا الأخيرة أربعة عشر وجها من الفضائل المعظّمة، التي ثبتت لبلد الله الحرام مكّة المكرّمة، ولم يبق إلاّ أن نتحدّث عن مهاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والصّحابة، التي سمّاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طابة، إنّها المدينة النبويّة.. التي طابت بسكنى خير البريّة:

سألت نياق الحيّ عـن  أكـــــــــرم الــــورى ؟    قالـت: نبـــيٌّ بيـــن  البـرايا  مكـرّمـا

فقلت لها: يا نوق، هل تعرفـين مقام محمّد ؟    قالـت: بطيـبـة مـقـــامـا  مــعــظّــمـا

فقلت لها: يا نوق، هل نبع الزّلال مــن كفّه ؟    قالـت: وقد أروى الجيـوش من الظّـما

فقلت لها: يا نوق ! هــــــذا  النبـيّ   محمّـد قالـت: وقد صـلّـى عليه الله  وسلّــما

فاعلموا أيّها الإخوة الكرام أنّه قد ثبت للمدينة النبويّة فضائل كثيرة، ثرّة وغزيرة، حتّى ذهب بعض العلماء إلى تفضيلها على مكّة، ولكن قد مضى بيان أنّ خير البلاد إلى الله مكّة.

1-أوّلا: يظهر لك ذلك فضلها من اسمها، فلا يُطلق اسم المدينة إلاّ عليها، وكأنّه لا اعتبار بغيرها، والخير مجموع في خيرها.

ثمّ انظر إلى نسبتها، وتأمّل في شهرتها، فانتسبت إلى نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، إمام الأنبياء وسيّد الأتقياء، فيقال لها: ( المدينة النبويّة )، وقد سمّاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم طابة وطيبة والمدينة، إرغاما لأنوف المعاندين، وإلجاما لألسنة المنافقين، الّذين كانوا يسمّونها يثرب.

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ )).

( يقولون يثرب وهي المدينة ) أي أن بعض المنافقين يسمّيها (يثرب)، واسمها الذي يليق بها المدينة، وفهم بعض العلماء من هذا كراهة تسمية المدينة يثرب وقالوا: ما وقع في القرآن إنّما هو حكاية عن قول غير المؤمنين.

وسبب هذه الكراهة أن يثرب معناه التثريب وهو التّوبيخ والملامة، كقوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السّلام:{قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:92]، والثّرب أيضا هو الفساد، وكلاهما مستقبح، وكان صلّى الله عليه وسلّم يحبّ الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح.

وانظر إلى قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( أمرت بقرية ) أي أمرني ربّي بالهجرة إليها أو سكناها.

قوله: ( تأكل القرى ) أي تغلبهم، وكلّ بلدة تُفتح منها، قال ابن وهب: قلت لمالك ما تأكل القرى ؟ قال: تفتح القرى.

وقال ابن المنير: يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبة فضلها على فضل غيرها، ومعناه أن الفضائل تذوب في جنب عظيم فضلها حتىّ تكاد تكون عدما، ولكنّ مكّة أمّ القرى، وحقّ الأمومة أعظم.

وانظر إلى الفضل الثّاني:

2-( تنفي الخَبَث كما ينفي الكير ) هو ما ينفخ فيه الحدّاد، والمراد أنّها لا تترك فيها من في قلبه دغل، بل تميّزه عن القلوب الصّادقة وتخرجه كما يميّز الحدّاد رديئ الحديد من جيّده، واستدل بهذا الحديث على أن المدينة أفضل البلاد.

فقد روى البخاري ومسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الْأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَقِلْنِي بَيْعَتِي. فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا )).

ولا تزال تنفي الخبيث وتميّزه إلى قيام السّاعة، وهذا هو الفضل الثّالث:

3- فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ ! هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ ! وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ فِيهَا خَيْرًا مِنْهُ، أَلَا إِنَّ الْمَدِينَةَ كَالْكِيرِ تُخْرِجُ الْخَبِيثَ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ )).

وهذا - والله أعلم - زمن الدجّال، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( يَأْتِي الْمَسِيحُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ هِمَّتُهُ الْمَدِينَةُ حَتَّى يَنْزِلَ دُبُرَ أُحُدٍ ثُمَّ تَصْرِفُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ قِبَلَ الشَّامِ وَهُنَالِكَ يَهْلِكُ )).

وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ )). والطّاعون هو الوباء العام الّذي يصيب النّاس، وقد جعله الله عذابا للفاسقين وشهادة للصّالحين، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ )) فَقِيلَ:  يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ ؟ قَالَ: (( وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ )).

قال العلماء: وفي منع الملائكة للطّاعون حفظا للأبدان، وفي منعها للدجّال حفظا للأديان.

وفي الصّحيحين عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ )).

4- وكما تنفي الخبيث، فإنّها مأوى أهل الإيمان، وشوق أهل الإحسان، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ [أي: ينضمّ ويجتمع] إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا )).

ولذلك جعلها الله عزّ وجلّ مأوى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يوم ضاقت بهم الأرض بما رحُبت، واجتمع عليهم أهل الشّرك والكفر. حتّى صارت تُلقّب بدار الهجرة.

5- أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا ربّه أن يحبّبها إليه كحبّ مكّة، بعد أن كانت أرض وباء وأمراض عديدة، وحمّى شديدة، ففي البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ          وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

فَقَالَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ )). ثُمَّ قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، وَفِي مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ )).

6- بل دعا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يبارك فيها ضعفي ما بارك في مكّة، ليُعلّمنا أنّ وطن المسلم لا حيث يولد جسده وينمو بنانه، ولكن حيث يصحّ إسلامه ويسلم إيمانه، روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ )).

7- وكما يرغّب الله في سكْناها حال الحياة، رغّب في سكناها بعد الممات.

فقد روى أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا )).

لذلك تمنّى الخليفة عمر رضي الله عنه الموت بها، فقد روى البخاري عَنْ أَسْلَمَ مولى عمر بنِ الخطّاب أنّ عُمَرَرضي الله عنه قَالَ:" اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صلّى الله عليه وسلّم)).

8- ومن فضائل المدينة أنّ فيها مسجدين أسِّسا على التّقوى، وهما المقصودان بقوله تعالى:{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:108].

أمّا أنّ المقصود من الآية مسجد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ؟ قَالَ: فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: (( هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا )) لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.

وأمّا أنّ مسجد قباء يدخل تحت الآية، فلما رواه التّرمذي وأبو داود وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ:{فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ)).

ولذلك ضاعف الله أجر الصّلاة فيهما:

أمّا المسجد النبويّ فلما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ )).

أمّا مسجد قُباء فلما رواه التّرمذي وابن ماجه عن أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم - يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ: (( صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ )).

ولذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتعاهد الصّلاة فيه كلّ أسبوع، روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ.

9- ومن فضائل المدينة أنّ بها بقاع عظُمت عند الله حتّى أحبّت أهل الإيمان، ومنها جبل أحد.

روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: (( هَذِهِ طَابَةُ وَهَذَا أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ )).

10- ولذلك كلّه أيضا، ثبت لها الفضل العظيم عند ربّ الأنام، حتّى ساوت في الحرمة بلد الله الحرام، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ، فَقَالَ: (( هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا )).

وروى البخاري ومسلم أيضا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ )).

وفي رواية أحمد عن عَلِيٍّ رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قال في المدينة: (( مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَإإِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ: حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا وَحِمَاهَا كُلُّهُ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمَنْ أَشَارَ بِهَا وَلَا تُقْطَعُ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ وَلَا يُحْمَلُ فِيهَا السِّلَاحُ لِقِتَالٍ )).

وحرّم الله أن يُؤذِي أحدٌ ساكنيها، فقد روى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ أَرَادَ أَهْلَ هَذِهِ الْبَلْدَةِ بِسُوءٍ يَعْنِي الْمَدِينَةَ أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ )).

هذا ونسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يمنّ علينا بخير الدّنيا والآخرة، واسألوا الله من فضله، فإنّه يجيب دعوة الدّاعي إذا دعاه.

الخطبة الثّانية:

فاعلموا أيّها المؤمنون أنّ حديثنا هذا إنّما هو لترغيب أهل الإسلام فيما عظّمه ربّ الأنام، وأودّ قبل أن أبرح مقامي هذا أن أذكّر الإخوة الكرام والأخوات الكريمات أنّ زيارة المدينة وزيارة المسجد النبويّ ليس من شعائر الحجّ ولا العمرة، إنّما تعتبر زيارة مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبادة مستقلّة، تُشرع في سائر الأوقات، بشرط أن يكون القصد من الزّيارة هو إرادة الصّلاة.

وقد شاع لدى النّاس أنّ زيارة قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يتمّ حجّ العبد إلاّ به، وهذا خطأ.

وكيف لا يعتقدون ذلك وأهل الطّرق والتصوّف قد وضعوا عشرات الأحاديث التي يفهمون منها ذلك كالحديث المكذوب المشهور على ألسنة النّاس: (( من حجّ ولم يزرني فقد جفاني ))، و(( من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي ))، وقد بيّن علماء الحديث أنّه لا يصحّ شيء في فضل زيارة قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إنّما الذي صحّ هو زيارة مسجده، للأحاديث الواردة في فضله.

منها ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى )).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة في غيره من المساجد، إلا المسجد الحرام)) رواه مسلم.

فإذا دخل المسجد سنّ له أن يصلّي ركعتين تحيّة المسجد، وينبغي أن يتحرّى الصّلاة في الرّوضة، لما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ )). أي: كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة، أو أنّ المعنى أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة.

وهذا في غير صلاة الجماعة، أما في صلاة الجماعة فليحافظ على الصف الأول الذي يلي الإمام فإنه أفضل.

أمّا زيارة قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فمستحبّة أيضا هو وقبري صاحبيه رضي الله عنهما، ولكن بآدابها المرعيّة وأحكامها الشّرعيّة:

فبعد صلاة الرّكعتين، يذهب للسّلام على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

أ- فيقف أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلاً للقبر فيقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وإن زاد شيئاً مناسباً فلا بأس، مثل أن يقول: السلام عليك يا خليل الله، وأمينه على وحيه، وإن اقتصر على الأول فحسن.

ب- ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون أمام أبي بكر رضي الله عنه فيقول: السلام عليك يا أبا بكر، وإن زاد شيئاً مناسباً فلا بأس.

ج- ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون أمام عمر رضي الله عنه، فيقول: السلام عليك يا عمر، وإن زاد شيئاً مناسباً فلا بأس.

د- وليكن سلامه على النبي صلّى الله عليه وسلّم وصاحبيه بأدب وخفض صوت، فحرمته ميتا كحرمته حيّا، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات:2].

هـ- ولا ينبغي إطالة الوقوف والدّعاء عند قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فليحذر من أن يدعو الله وهو مستقبل القبر، بل عليه أن يستقبل القبلة.

وليحذر من البدع التي تنتشر هنالك، كالمسح على الشّبابيك وتقبيلها، والنّاس صاروا يحلفون به، أو أن يبدأ في نقل سلام النّاس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فليعلم كلّ مسلم أنّ صلاته على نبيّه وسلامه عليه تصل في طرفة عين، وذلك لما رواه النّسائي وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ )).

ثمّ له زيارة البقيع فيسلم على من فيها من الصحابة والتابعين وغيرهم.

وإذا دخل المقبرة فليقل ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية.

وسبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:31
المزيد من مواضيع هذا القسم: « - خطبة: فضل الحرمين الشّريفين (1).

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.