أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 07 محرم 1432 هـ الموافق لـ: 13 ديسمبر 2010 08:22

- الآداب الشّرعيّة (10) كيف نقرأ القرآن الكريم ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فكان أوّل ما رأيناه من آداب تلاوة القرآن الكريم: الإخلاص وتطهير الباطن، ثمّ ذكرنا أنّ من حقوق القرآن تطهير الظّاهر أيضا، وذلك بالحرص على الطّهارة، والوقار واستقبال القبلة، والاستياك، ثمّ عليه بالاستعاذة بالله من الشّيطان الرّجيم.

حتّى إذا شرع في التّلاوة، فإنّه لا بدّ من مراعاة آداب التّلاوة، منها:

· الأدب السّابع: أن يقرأه بتؤدة وطمأنينة.

القراءة بالتدبّر والتفهّم هو المقصود الأعظم، والمطلوب الأهمّ، وبه تنشرح الصّدور، وتستنير القلوب، قال تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}، وقال:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ}.

ولا يمكن الوصول إلى هذا المقصود إلاّ بترتيل القرآن، كما أمر المولى تبارك وتعالى، فقال:{وَرَتِّلْ القُرْآنَ تَرْتِيلاً}، أي: بتؤدة، وذلك حتّى لا يُسقط حرفا من حروفه.

وروى التّرمذي وغيره أنّ أُمّ سلَمة رضي الله عنها حين سُئلت عن قراءة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( نَعَتَتْ قِرَاءَتَهُ فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا ).

وفي صحيح البخاري سُئِلَ أَنَسٌ رضي الله عنه: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ: ( كَانَتْ مَدًّا ) ثُمَّ قَرَأَ:{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، يَمُدُّ بِبِسْمِ اللهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.

وفي الصّحيحين واللّفظ لمسلم - عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّ رجلا قال له: إنيّ أقرأ المفصّل في ركعة واحدة، فقال: ( هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْر، إنّ قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقِيَهم، ولكنْ إِذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ).

وأخرج الآجرّي رحمه الله في " حملة القرآن " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( لاَ تَنْثُروه نَثْر الدَّقْل، ولا تهذّوه هذّ الشّعر، قِفُوا عند عجائبه وحرّكوا به القلوب، ولا يكون همّ أحدكم آخر السّورة ).

قال النّوويّ رحمه الله في " المجموع " (2/165):

" واتّفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع، ويُسمّى الهذّ. قالوا: وقراءة جزء بترتيل، أفضل من قراءة جزئين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل.

قال العلماء: والتّرتيل مستحبٌّ للتدبّر، ولأنّه أقرب إلى الإجلال والتّوقير، وأشدّ تأثيرا في القلب. ولهذا يُستحبّ التّرتيل للأعجميّ الذي لا يَفهم معناه.

ويستحبّ إذا مرّ بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مرّ بآية عذاب أن يستعيذ من العذاب أو من الشرّ ونحو ذلك، وإذا مرّ بآية تنزيه لله تعالى نزّه، فقال: تبارك الله ! أوجلّت عظمة ربّنا، ونحو ذلك. وهذا مستحبّ لكل قارئ، سواء في الصّلاة وخارجها، وسواء الإمام والمأموم والمنفرد " اهـ.

ويدلّ على ما ذكره رحمه الله:

- ما أخرجه مسلم عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال:

" صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ ..."

- وروى النّسائي وغيره عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال:" قُمْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ، وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَبَدَأَ فَاسْتَفْتَحَ مِنْ الْبَقَرَةِ، لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ وَسَأَلَ، وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ يَتَعَوَّذُ، ثُمَّ رَكَعَ ...".

- وأخرج الترمذي والحاكم عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا، فَقَالَ:

(( لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ )).

· الأدب الثّامن: تحسين الصّوت بالقراءة وتزيينُها.

فقد روى البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ )).

ولحديث ابن حبان وغيره: (( زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ )).

وفي لفظ عند الدارمي: (( حَسِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الحَسَنَ يَزيدُ القُرْآنَ حُسْناً )).

وقد بيّن لنا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الضّابط في معرفة حَسَنِ الصّوت، فقد روى ابن ماجه عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ: الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ )).

فإن لم يكن حسنَ الصَّوت حسَّنه ما استطاع، بشرطين:

1- ألاّ يصِل به ذلك إلى حدّ التمطيط !

جاء في " روضة الطّالبين " للنّووي رحمه الله:" قال جمهور الأصحاب:... المكروه: أن يُفرِط في المدّ، وفي إشباع الحركات؛ حتّى تتولّد من الفتحة ألف، ومن الضمّ واو، ومن الكسرة ياء، أو يُدغِم في غير موضع الإدغام، فإنْ لم ينتَهِ إلى هذا الحدّ فلا كراهة " اهـ.

ثمّ قال رحمه الله:" والصّحيح أنّ الإفراط على الوجه المذكور حرام يفسق به القارئ، ويأثم المستمع، لأنّه عدل به عن نهجه القويم، قال: وهذا مراد الشّافعي بالكراهة "اهـ.

2- أن يجتنب الألحان المُصطنعة ( المقـامـات ): فمن أوصاف القرآن أنّه كريم وعزيز، وعظيم، فيعلو على كلّ شيء، ويحتاج إليه كلّ شيء، فلا ينبغي أن ينزل به قارئه إلى حضيض ألحان الأغاني.

فترى الكثيرين خرجوا عن الحدّ المشروع، فراحوا يُخضِعون القرآن لألحان أهل الغناء والمقامات, مثل: البيات, والناري, والسيكاه, والحكيمي, والديوان, والمخالف, والجبوري, والمدمي, والخناجات, والأبراهمي, والمنصوري, والعجم, والصبا, والحجاز, والمثنوي, والرّست, والشّور، وغيرها.

والأخبار في النّهي عن ذلك كثيرة، منها:

- ما رواه الطّبراني في " الأوسط " عن عابسٍ الغفاريّ رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: إِمَارَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ، وَبَيْعَ الحُكْمِ، وَاسْتِخْفَافاً بِالدَّمِ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَنَشْواً يَتَّخِذُونَ القُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لِيُغَنِّيَهُمْ ! وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمْ فِقْهاً )) [قال الألباني رحمه الله في " صحيح الجامع " (5123): صحيح].

- وجاء زياد النّهدي إلى أنس رضي الله عنه مع القرّاء، فقيل له: اقرأ، فرفع زيادٌ صوتَه بالقراءة وطرب ! وكان رفيع الصّوت، فكشف أنسٌ عن وجهه - وكان على وجهه خرقة سوداء - وقال: يا هذا، ما هكذا كانوا يفعلون ! وكان أنس إذا رأى شيئاً ينكره رفع الخرقة عن وجهه " [" زاد المعاد " (1/137)].

وقد ورد أحاديث في تحريم ذلك، وفي أسانيدها نظرٌ، ولكنّه تواتر عن السّلف النّهي عن قراءة القرآن على هذا النّمط الممنوع، منها:

- ما رواه الخلاّل في " الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ": أنّ الإمام أحمد رحمه الله سُئل عن القراءة بالألحان ؟ فقال: ( هو بدعةٌ ومحدثٌ)، قيل له: تكرهه يا أبا عبد الله ؟ قال: نعم، أكرهه، إلاّ ما كان من طبع، كما كان أبو موسى، فأمّا من يتعلّمه بالألحان فمكروه.

والكراهة عند السّلف تعنني الحرمة، كما هو مقرّر.

- وروى أيضا عن عبد الرّحمن المتطبب قال: قلت لأبي عبد الله – يعني الإمام أحمد - في قراءة الألحان ؟ فقال:" يا أبا الفضل، اتّخذوه أغاني ! اتّخذوه أغاني ! لا تسمع من هؤلاء ".

- وروى عن محمّد بن الهيثم قال:" لأن أسمعَ الغناء أحبّ إلَيّ من أن أسمع قراءة الألحان ".

- قال الشّيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابة " بدع القرّاء ":

" التّلحينُ في القراءة تلحينَ الغناء والشَّعر: وهو مسقِطٌ للعدالة, ومن أسباب ردّ الشّهادة قَضَاءً. وكان أوّل حدوث هذه البدعة في القرن الرّابع على أيدي الموالي "اهـ.

- وقد سئل الشّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ما يقول سماحتكم في قارئ القرآن بواسطة مقامات هي أشبه بالمقامات الغنائية، بل هي مأخـوذة منها، أفيدونا جزاكم الله خيرا ؟ فأجاب رحمه الله:

" لا يجوز للمؤمن أن يقرأ القرآن بألحان الغناء وطريقة المُغنّين، بل يجب أن يقرأه كما قرأه سلفنا الصالح من أصحاب الرّسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، فيقرأه مُرتّلاً, مُتحزّناً, مُتخشّعاً، حتّى يؤثّر في القلوب الّتي تسمعه، وحتّى يتأثّر هو بذلك.

أمّا أن يقرأه على صفة المغنّين وعلى طريقتهم فهذا لا يجوز "اهـ.

[" مجموع فتاوى ومقالات الشّيخ ابن باز رحمه الله"].

· الأدب التّاسع: الاعتدال في رفع الصّوت.

وردت أحاديث تدلّ على استحباب رفع الصّوت بالقراءة، وأحاديث أخرى تأمر بالإسرار وخفض الصّوت.

فمن الأوّل: حديث الصّحيحين عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ، يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ )) [أَذِنَ: سمع، كقوله تعالى:{وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وحُقَّتْ}].

ومن الثّاني: حديث أبي داود والتّرمذي والنّسائي عن عقبة بن عامر أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( الجَاهِرُ بِالقُرْآنِ كَالجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالمُسِرُّ بِالقُرْآنِ كَالمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ )).

قال النّووي رحمه الله:

" والجمع بينهما: أنّ الإخفاء أفضلُ حيث خافَ الرّياء، أو تأذّى مصلّون أو نِيامٌ بجهره، والجهر أفضل في غير ذلك.

لأنّ العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدّى إلى السّامعين، ولأنّه يوقِظُ قلب القارئ، ويجمع همّه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النّوم، ويزيد في النّشاط ".

ويدلّ لهذا الجمع ما يلي:

- ما رواه أبو داود عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: اعْتَكَفَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ وَقَالَ: (( أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ )).

- وروى التّرمذي وأبو داود عَنْ أبي قتادةَ أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لأَبي بكرٍ رضي الله عنه: (( مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، وَأَنْتَ تَخْفِضُ مِنْ صَوْتِكَ ؟))، فَقَالَ إِنِّي: أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ. قَالَ: (( ارْفَعْ قَلِيلًا )). وقال لعمرَ رضي الله عنه: (( مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَقْرَأُ، وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ ؟)) قال: إِنِّي أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ، قَالَ: (( اخْفِضْ قَلِيلًا )).

· الأدب العاشر: القراءة من المصحف.

أن يقرأ القارئ من المصحف الشّريف أفضلُ من القراءة من حفظه، لأنّ النّظر في المصحف عبادةٌ مقصودة، لما أخرجه البيهقيّ عن ابن مسعود رضي الله عنه، وأبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهُ فَلْيَقْرَأْ فِي المُصْحَفِ )) [" الصّحيحة " (5/2342)] .

قال النّووي رحمه الله:" هكذا قاله أصحابنا، والسّلف أيضا، ولم أر فيه خلافا. قال: ولو قيل: إنّه يختلف باختلاف الأشخاص:

فيُختار القراءة فيه لمن استوى خشوعُه وتدبُّرُه في حالتَيْ القراءة فيه ومن الحفظ.

ويُختار القراءة من الحفظ لمن يكمُلُ بذلك خشوعُه، ويزيد على خشوعه وتدبُّرِه لو قرأ من المصحف لكان هذا قولا حسنا.

والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 19:38

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.