أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الخميس 29 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 03 فيفري 2011 09:20

- السّيرة النّبويّة (31) الفرج بعد الشدّة.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد رأينا في الحلقة السّابقة دخولَ كفّار قريش في مرحلة جديدة لصدّ دعوة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ألا وهو مقاطعة بني عبد المطّلب جميعهم، وإخراجهم إلى شعاب مكّة، فلا يُبايَعون، ولا يُناكَحون، ولا يُوصَلون ..

تطوّر ذلك الموقف عندما رأوا دعوة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في كلّ يوم تكسب عقلاء الرّجال، وفحول الأبطال ..

وتحت ذلك الحصار، وتلك المقاطعة الرّهيبة، نرى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم متشبّثا بأعلى قمم الصّبر ..

عزاؤه في التّكذيب ما لقيه إخوانه الأنبياء والمرسلون عليهم السّلام من قبل:{فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} [آل عمران:184]..

وعزاؤه في التّعذيب ما ما قاله ربّه سبحانه:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام:34]..

وكان أجمل عزاء قول الله تبارك وتعالى:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:33]..

ففي هذه الآية أعظم تسليةٍ لقلب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ففيها رسالتان اثنتان:

الأولى: أنّه لا ينبغي أن تحزن، ولا تظنّ أنّك ما أدّيت الّذي عليك، فقد أدّيت الّذي عليك على أحسن وجه .. وإنّما هم في الحقيقة لا يكذبونك بقلوبهم، ولكنّهم يجحدون بألسنتهم.

الثّانية: كأنّ الله يقول له: لا تحزن ممّا يقولون، فإنّ التّكذيب في الحقيقة إنّما هو لي، وأنا الحليم الصّبور، فاتّصف بما اتّصفت به.

ولم يكن حرصُهُ صلّى الله عليه وسلّم مجرّد نزوة، أو شهوة، ولكن كان رحمة ورأفة:

فهو صلّى الله عليه وسلّم يعلم أنّه لو استجاب لدعائهم بالعذاب، وطلبهم الآيات، لعجّل الله لهم العذاب:{وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً (93)} [الإسراء]..

فقد بلغ بهم الكفر إلى حدّ أنّ الله لو أنزل عليهم الآيات ثمّ لم يؤمنوا بها لكانوا قد حكموا على أنفسهم بالعذاب !

روى الإمام أحمد عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنه قال: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا وَنُؤْمِنُ بِكَ ؟ قَالَ: (( وَتَفْعَلُونَ ؟ )) قَالُوا: نَعَمْ.

فَدَعَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ. قَالَ: (( بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ )).

فالله تبارك وتعالى لو جمعهم على الهدى لسلب منهم الحرّية والإرادة كما سلبها من سائر المخلوقات، لكنّه تعالى فضّلهم وكرّمهم بهذه الإرادة، فهم يختارون طريقهم، ويُحاسبون عليها:{وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام:35].

مجاعة في مكّة.

حالة واحدة تخضع فيها قريش للحقّ .. هي البطش والعذاب .. قال تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)} [الأنعام].

روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا غَلَبُوا النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، قَالَ: (( اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ )).

قال: فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ، أَكَلُوا فِيهَا الْعِظَامَ وَالْمَيْتَةَ مِنْ الْجَهْدِ ! حَتَّى جَعَلَ أَحَدُهُمْ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنْ الْجُوعِ.

الحاصل، أنّهم سألوا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يدعو ربّه عزّ وجلّ أن يكشف عنهم العذاب.. ولكنّهم تمادوا في كفرهم وعنادهم.

نقض صحيفة المقاطعة.

اشتدّ البلاء على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعشيرته، ممّا جعل نفرا من قريش يقومون في الدّفاع عنهم، ولم يُبلِ فيها أحدٌ أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة.

كان هاشم ذا شرف في قومه، فكان يأتي بالبعير وبنو هاشم وبنو المطلب في الشِّعب ليلاً قد حمّله طعاما، حتّى إذا أقبل به دخل الشِّعب عليهم.

ثمّ إنّه مشى إلى زهير بن أبي أميّة بن المغيرة، فقال:

يا زهير، أقد رضيت أن تأكل الطّعام وتلبس الثّياب وتنكح النّساء، وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم ؟! أما إنّي أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثمّ دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا ! قال: ويحك يا هشام ! فماذا أصنع ؟ إنّما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتّى أنقضَها.

قال: قد وجدت رجلا. قال: فمن هو ؟ قال: أنا. قال له زهير: أبْغِِنا رجلا ثالثا.

فذهب إلى المطعم بن عديّ فقال له: يا مطعم ! أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه ؟

قال: ويحك ! فماذا أصنع ؟ إنّما أنا رجل واحد. قال: قد وجدت ثانيا. قال: من هو ؟ قال: أنا. فقال: أبغِنا ثالثا. قال: قد فعلت. قال: من هو ؟ قال: زهير بن أبي أميّة. قال: أبغنا رابعا.

فذهب إلى البختري بن هشام، فقال له نحوا ممّا قال للمطعم بن عديّ، فقال: وهل من أحد يُعينُ على هذا ؟ قال: نعم. قال: من هو ؟ قال: زهير بن أبي أميّة، والمطعم بن عديّ، وأنا معك. قال: أبغِنا خامسا.

فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطّلب، فكلّمه، وذكر له قرابَتَهم وحقّهم، فقال له: وهل على هذا الأمر الّذي تدعوني إليه من أحد ؟ قال: نعم. ثمّ سمّى له القومَ.

فاتّعدوا خَطْم الحَجُون ليلاً بأعلى مكّة، فاجتمعوا هنالك، فأجمعوا أمرهم، وتعاقدوا على القيام في الصّحيفة، حتّى ينقضوها. وقال زهير: أنا أبدؤكم فأكون أوّل من يتكلّم.

فلمّا أصبحوا غدوا إلى أنديتهم، وغدا زهير بن أبي أميّة عليه حُلّة، فطاف بالبيت سبعا، ثمّ أقبل على النّاس، فقال:

يا أهل مكّة ! أنأكل الطّعام ونلبس الثّياب، وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم ؟ والله لا أقعد حتّى تشقّ هذه الصّحيفة القاطعة الظّالمة.

فقال أبو جهل - وكان في ناحية المسجد -: كذبتَ والله، ولا تشقّ.

قال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب. ما رضينا كتابها حيث كتبت.

قال أبو البختري: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها، ولا نقرّ به.

قال المطعم بن عديّ: صدقتما، وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها وممّا كتب فيها.

فقال أبو جهل: هذا أمر قُضِي بليل.

ورُفِع الحصار عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وعن عشيرته، ليواصل دعوته بلا يأس ولا كلل، ولا شكّ أنّ ذلك الحصار قد بلغ الآفاق، واشرأبّت له الأعناق، فكان نصرا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

( وإذا أراد الله نشر فضيلة *** أتاح لها لسانَ ألف حسود )

فقد قدِم وفْدٌ من نصارى الحبشة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو بمكّة.

كانوا عشرين رجلا، فوجدوه في المسجد، فجلسوا إليه، فكلّموه وسألوه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة، فلمّا فرغوا من مسألتهم رسول الله عمّا أرادوا دعاهم رسول الله إلى الله وتلا عليهم القرآن، فلمّا سمعوا فاضت أعينهم من الدّمع ثمّ استجابوا له، وآمنوا به، وصدّقوه، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره.

فلمّا قاموا من عنده، اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش، فقالوا: خيّبكم الله من ركب ! بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرّجل، فلم تطمئنّ مجالسكم عنده حتّى فارقتم دينكم، وصدّقتموه بما قال لكم ؟! ما نعلم ركبا أحمق منكم !

فقالوا: سلام عليكم لا نجاهلكم، لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.

العبرة:

هذه الأحداث تُعِيد الأمل للمسلمين في كلّ زمان ومكان، أنّه مهما بلغ أهل الكفر من التّضييق والحصار للدّعوة، فإنّ الله عزّ وجلّ سيجعل لهم من وراء ذلك مخرجا، ويهيّئ لهم من أمرهم فرجا.

وإنّما المطلوب من المسلمين: التحلّي بالصّبر والثّبات، وتقوى الله عزّ وجلّ بامتثال أمره:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: من 120].

وقال عزّ وجلّ:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)} [الطّلاق].

( من حيث لا يحتسِب ) فلا يعلم أحدٌ بِمَ سينصر الله جندَه، وبمنْ سيُظهِر أمره ؟ وفي الحديث الصّحيح: (( إِنَّ اللهَ عزّ وجلّ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ )) [متّفق عليه].

وهذا النّصر لا بدّ أن يصحبه بلاء، فقد ابتُلِي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أحبّ النّاس إليه: خديجة رضي الله عنها، وأشدّ النّاس حماية له: عمّه أبو طالب.

وهذا ما سوف نراه لاحقا إن شاء الله تعالى.

أخر تعديل في الخميس 29 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 03 فيفري 2011 09:23

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.