أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 25 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ: 28 ماي 2011 08:59

- شرح كتاب الذّكر (6) ذكر الله حصن حصين من الشّيطان الرّجيم

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رأينا من فضائل ذكر الله عزّ وجلّ أنّه: أ) أفضل عبادةٍ على الإطلاق، ب) وأنّه العبادة الوحيدة الّتي أمر الله تعالى بالإكثار منها، ج) وأنّه سببٌ لمعيّة الله تعالى، د) وأنّه غاية العبادات جميعها، هـ) وأنّه بديلٌ عن كثير منها.

والحديث الآتي يدلّ على أنّ ذكر الله تبارك وتعالى حصن حصين من الشّيطان الرّجيم.

- الحديث الثّاني عشر:

وعن الحَارِثِ الأَشعَرِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليه السّلام بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ. فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ بِهِنَّ.

فَأَتَاهُ عِيسَى عليه السّلام، فقالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُخْبِرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ أُخْبِرَهُم.

فَقَالَ: يَا أَخِي ! لاَ تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخَافُ إِنْ سَبَقْتَنِي بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ.

فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرُفَاتِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَقَالَ:

إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ:

1- أوَّلُهُنَّ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ. فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ ! فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ ؟ فَإِنَّ اللهَ خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ، فَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً.

2- وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهُ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ.

3- وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ مِنْ مِسْكٍ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَجِدَ رِيحَهَا، وَإِنَّ الصِّيامَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

4- وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ، وَجَعَلَ يُعْطِي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، حَتَّى فَدَى نَفْسَهُ.

5- وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى حِصْناً حَصِيناً فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ ...)) الحديث.

[رواه التّرمذي، والنّسائي ببعضه، وابن خزيمة في "صحيحه"-واللّفظ له-، وابن حبّان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط البخاري ومسلم"، وقال التّرمذي: " حديث حسن صحيح "].

شرح الحديث:

-قوله: ( إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عليه السّلام بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ ): المراد بالكلمات هنا الأوامر، مثل قوله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}.

-قوله: ( أوَّلُهُنَّ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا )، وفيه بيان اتّفاق الرّسل جميعا على أنّ أوّل الأمر وآخره هو تذكير العباد بتوحيد الله تعالى، واجتناب الإشراك به، وبيّن فظاعة الشّرك بمثلٍ عظيم، فقال:

( فَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ) أي: فضّة، ( ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إِلَيَّ ) فالله تعالى خلق العباد، ورزقهم من الطيّبات، على أن يعبُدوه وحده، ولكن: ( فَجَعَلَ يَعْمَلُ وَيَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ !) لذلك قال تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؛ لأنّ الظّلم هو وضع الشّيء في غير موضعه، والمشرك يضع العبادة في غير محلّها، ومحلّها هو خالقه ورازقه ومدبّر أموره.

-قوله: ( وَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهُ إِلَى وَجْهِ عَبْدِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ) وفي رواية: (( فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا ! فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ )).

وفي هذا ترهيب شديد من الالتفات في الصّلاة، من وجوه:

الأوّل: أنّه صلّى الله عليه وسلّم جعله من الوصايا الّتي تقرن بالأمر بالتّوحيد، والصّدقات، وغير ذلك.

الثّاني: أنّه من الأمور الّتي عظّمها الله حتّى جعلها ممّا اتّفقت عليه الشّرائع على منعه.

الثّالث: أنّه فيه انصراف عن الله الّذي أقبل عليه بوجهه سبحانه. وهذا بيان صريح لعلّة التّحريم، وليس كما يذكره بعضهم أنّ العلّة هي كراهة الحركة، أو ترك استقبال القبلة ببعض البدن.

الرّابع: أنّه من الاستجابة للشّيطان، ففي الصّحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الالتفات في الصّلاة ؟ فقال: (( هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ العَبْدِ )).

ومع كلّ ذلك ترى كثيرا من الفقهاء يصرّحون بكراهة الالتفات في الصّلاة، بل ادّعى الحافظ الإجماع على ذلك، مع أنّه نقل بعد ذلك خلاف بعض العلماء كالمتولّي، وأهل الظّاهر الّذين قالوا بالتحريم إلاّ لضرورة، كما حدث للصّحابة يوم خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليهم في أيّام مرضه، ونحو ذلك.

ويؤيّد القولَ بالتّحريم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر وعيدا شديدا فيمن رفع بصره في الصّلاة، فكيف بالالتفات ؟!

ففي الصّحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ )) فاشتدّ قوله في ذلك، حتىّ قال: (( لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ )).

-قوله: ( وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ )، وبيّن أنّ خلوف فم الصّائم أطيب عند الله من ريح المسك.

-قوله: ( وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ )

قال ابن القيّم رحمه الله في "الوابل الصيّب"(49-50) عن هذا الحديث:

" هذا أيضا من الكلام الّذي برهانه وجوده، ودليله وقوعه، فإنّ للصّدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو من ظالم، بل من كافر، فإنّ الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند النّاس، خاصّتهم وعامّتهم، وأهلُ الأرض كلّهم مقرّون به لأنّهم جرّبوه ...

وفي تمثيل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لذلك بمن قُدِّم ليضرب عنقه، فافتدى نفسه منهم بماله كفايةٌ، فإنّ الصّدقة تَفدي العبد من عذاب الله تعالى، فإنّ ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه، فتجيئ الصّدقة تفديه من العذاب، وتفكّه منه، ولهذا قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد: (( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ! )) وكأنّه حثّهنّ ورغّبهنّ على ما يفدين به أنفسهنّ من النّار، وفي الصّحيحين عن عديّ بن حاتم ... - وذكر حديث -: (( فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ )).

-قوله: ( وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراًوهو الشّاهد من الحديث:

وتأمّل أخي القارئ كيف يأمر الله عزّ وجلّ بالإكثار من الذّكر.

ومن مظاهر جعل الذّكر حصنا:

أ‌) الإكثار من قراءة القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45].

ب‌) والإكثار من الاستعاذة من الشّيطان الرّجيم، فهي أعظم ما يُجير من الشّيطان.

ت‌) والبسملة، حتّى إنّ الشّيطان يصير أصغرَ ما يكون، ففي سنن أبي داود وغيره عن أبي المَلِيح عن رجل قال: كنت رَدِيفَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعثرت دابّته، فقلت: تعس الشّيطان ! فقال: (( لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ البَيْتِ، وَيَقُولُ بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ )).

ث‌) بل إنّ البسملة جعلها الله تعالى حاجبا يمنع الشّيطان من المبيت، والأكل، كما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَال الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قاَلَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ )).

وغير ذلك ممّا لا يخفى، والله الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في السبت 25 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق لـ: 28 ماي 2011 09:05

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.