أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأحد 24 رجب 1432 هـ الموافق لـ: 26 جوان 2011 06:50

- شرح كتاب الذّكر (9) مجالس الذّكر والعلم مجالس المغفرة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الباب الثّاني: ( التّرغيب في حضور مجالس الذّكر، والاجتماع على ذكر الله تعالى ).

شرح التّبويب:

بعد ما ذكر المصنّف رحمه الله تعالى التّرغيب في ذكر الله عموما، ذكر بابا في الّترغيب في حضور مجالس الذّكر والعلم، وذلك للدّلالة على أنّ ذكر الله عزّ وجلّ لا ينحصر في مجرّد التّمجيد والتّهليل والتّكبير وغير ذلك، وإنّما هو يشمل مجالس مذاكرة العلم كذلك.

فعلى المؤمن - وخاصّة في هذه الأزمنة - البحث عن هذه المجالس، فهي من المعالي والنّفائس، وأنّ المعرض عنها معرض عن الله تعالى.

ففي الصّحيحين البخاري ومسلم عن أبي واقدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه:

أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ )).

- الحديث الأوّل:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا.

قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيُمَجِّدُونَكَ.

قَالَ: فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ لَا وَاللَّهِ يَا رَبُّ ! مَا رَأَوْكَ.

قَالَ: فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا.

قَالَ: يَقُولُ: فَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ.

قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبُّ ! مَا رَأَوْهَا ؟

قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً.

قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: مِنْ النَّارِ.

قَالَ: فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبُّ ! مَا رَأَوْهَا.

قَالَ: فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً.

قَالَ: فَيَقُولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ.

قَالَ: يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ: فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ: هُمْ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ )).

[رواه البخاري- واللّفظ له - ومسلم].

شرح الحديث:

- قوله ( إنّ لله ملائكة ) في رواية مسلم: ((... فُضْلاً )): أي: زائدون على الحفظة، لا وظيفة لهم إلاّ التماس حِلَقِ الذِّكْر. قاله النّووي رحمه الله.

- قوله: ( يطوفون في الطّرق ): في رواية مسلم (( سَيَّارَةً ))، وفي رواية خارجَ الصّحيحين: (( سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ )).

- ( هلمّوا ) هي لغة أهل نجد بمعنى: أقبلوا.

وأمّا أهل الحجاز فيقولون للواحد والاثنين والجمع: ( هلمّ ) بلفظ الإفراد، وبه نزل القرآن سواء كانت بمعنى " أقبل " أو "أحضر"، قال تعالى:{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا} [الأنعام: من الآية150]، وقال:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: من الآية18].

- قوله: ( فيحفّونهم بأجنحتهم ): أي يدنون بأجنحتهم حول الذّاكرين.

لذلك رجّح ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى أنّ معنى قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( وَإِنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ )) هو أنّها تجلس إليه وتحفّه بأجنحتها.

- قوله: ( إلى السّماء الدّنيا ): في رواية مسلم: (( قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُم بَعْضاً بِأَجْنِحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَمَاءِ الدُّنْيَا )).

- قوله ( فيسألهم ربّهم عزّ وجلّ، وهو أعلم منهم ): في رواية مسلم: (( قالَ: فَيَسْأَلُهُمْ اللَّهُ عزّ وجلّ وَهُوَ أَعْلَمُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟)).

وسبب سؤاله تبارك وتعالى أمران:

الأوّل: إشهادُهم على صلاح أمر الذّاكرين.

الثّاني: بيان حكمة الله تعالى من خلقِ الإنس، فتعترف الملائكة وتشهد أنّ هناك من العباد من يسبّح الله بحمده ويقدّس له، مع أنّ قلوب بني آدم محاطة بالصّوارف والشّواغل، وتتذكّر يوم قالوا:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}، فقال:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30]..

- قوله: ( يسبّحونك، ويكبّرونك، ويحمدونك ) وفي رواية: (( مَرَرْنَا بِهِمْ وَهُمْ يَذْكُرُونَكَ ))، وعند البزّار: (( وَيُعَظِّمُونَ آلاَءَكَ، وَيَتْلُونَ كِتَابَكَ، وَيُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّكَ، وَيَسْأَلُونَكَ لِآخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ )).

ويؤخذ من مجموع هذه الرّوايات أنّ المراد بمجالس الذّكر أنّها الّتي تشمل ذكرَ الله بجميع أنواعه :من تسبيح، وتكبير، وغيرهما، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، وعلى الدعاء، وقراءة الحديث النّبوي، ومدارسة العلم الشّرعي ومذاكرته.

- قوله: ( فيقول: هل رأوني ؟ فيقولون: لا والله، ما رأوك.. ): فيه دليل على أمور:

الأوّل: على أنّ الذّكر يتبع المعرفة، فالّذي لا يعرف الله تعالى بصفات كماله، ونعوت جلاله لا يذكره كثيرا، وكأنّه تعالى يقول: لا يمكن لأحد أن يذكرني على هذا النّحو إلاّ من رآني وعرفني.

الثّاني: فيه إثبات رؤية الله تعالى، ولو كان محالا ما سألهم: وكيف لو رأوني ؟

الثّالث: وفيه بطلان قول الزّنادقة أنّ اليقين مُسْقِط للتّكليف، إذ قال الملائكة: ( لو رأوك لازدادوا لك تعظيما وتمجيدا ).

- قوله: ( فما يسألوني ؟): فيه التّرغيب إلى أهمّ أنواع الذّكر وهو الدّعاء، وأعظم الدّعاء هو سؤال الله الجنّة.

فقد روى أبو داود وأحمد عن بعضِ أصحابِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: قال النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لرجُلٍ:

(( كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ ؟)) قَالَ: أَتَشَهَّدُ، وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ، أَمَا إِنِّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ )).

والله تعالى لم يُكثِر من وصف الجنّة إلاّ ليسأله إيّاها عبادُه، وما ذكر وصف النّار إلاّ ليستجير به منها عباده.

- قوله: (( أشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ )) جاء في رواية مسلم:  (( قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَك، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا )).

وهذا يشبه كثيرا قوله تعالى لأهل عرفة، وليس ذلك إلاّ لأنّ مجالس الذّكر فيه أجر الحجّ، وفي ذلك حديثان:

الأوّل: ما رواه الترمذي بإسناد حسن عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ )).

الثّاني: ما راوه الطّبراني في "الكبير" عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْراً أَوْ يُعَلِّمُهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامٍّ حَجُّهُ )).

- قوله: ( يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لجاحة ) في رواية مسلم: (( قَالَ: يَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ؟)).

- قوله: ( هم القوم، لا يشقى بهم جليسهم ) هذه العبارة تنفِي عن جليسهم الضّرر فحسب، ولا تدلّ على أنّه انتفع بمجالستهم، فجاءت رواية مسلم تنفي هذه الاحتمال، فقال: ( وَلَهُ غَفَرْتُ ).

وقوله: ( هُمُ القَوْم ) وفي رواية: ( هُمُ الجُلَسَاء ): الألف واللاّم إشعار بالكمال، أي: هم القوم كلّ القوم.

فوائد الحديث:

- في الحديث فضل مجالس الذّكر والذّاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأنّ جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم إكراما لهم، ولو لم يشاركهم في أصل الذّكر.

- وفيه محبّة الملائكة لبني آدم، وعنايتهم بهم.

- وفيه أنّ السّؤال قد يصدر من السّائل وهو أعلم من المسئول؛ لإظهار العناية بالمسئول عنه، والتنويه بقدره، والإعلان بشرف منزلته.

- وفيه أنّ الّذي اشتملت عليه الجنّة من أنواع الخيرات، والنّار من أنواع المكروهات فوق ما وُصِفَتا به.

- وفيه فضل سؤال الله تعالى، ودعائه، والرّغبة فيما عنده، وأنّ الإلحاح والمبالغة في ذلك من أسباب القبول.

- وفي الحديث بيان فضل الجليس الصّالح، حيث غُفِر للمُذنب من أجل مجالسته للصّالحين.

قال ابن القيّم رحمه الله في "الوابل الصّيب":

" فهذا من بركتهم على نفوسهم وعلى جليسهم، فلهم نصيب من قوله:{وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ}، فهكذا المؤمن مباركٌ أين حلّ، والفاجر مشؤوم أين حلّ .. ومجالس الذّكر: مجالس الملائكة، ومجالس اللّغو والغفلة مجالس الشّياطين، فليتخيّر العبدُ أعجبَهما إليه، وأولاهما به، فهو مع أهله في الدّنيا والآخرة ".

والله تعالى الموفّق لا ربّ سواه.

أخر تعديل في الأحد 24 رجب 1432 هـ الموافق لـ: 26 جوان 2011 06:51

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.