أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأربعاء 24 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 24 أوت 2011 11:11

- وقفات مع انقضاء رمضان

الكاتب:  الشّيخ محمّد حاج عيسى
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فإنّ شهر رمضان إذا جاء جاءت معه خيراتٌ حسان، رحمةٌ وغفران، وعتقٌ من لهبِ النّيران، وأعمالٌ تقرِّب من الرّحمن، وإذا انقضى وجب على كلّ مسلم أن يقف مع نفسِه وقفةً للمحاسبة، بل وقفاتٍ ليعتبر، ولعلّه يتوب ويستدرك ما فات.

الوقفة الأولى: من أيّ الأقسام أنا ؟

قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ، قُلْتُ: آمِينَ )) [رواه ابن حبّان في "صحيحه"].

قال الحسن رحمه الله:" إنّ الله جعل شهرَ رمضان مِضْمارا لخلْقِه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلّفَ آخرون فخابوا ! فالعجبُ من اللاّعب الضّاحك في اليوم الّذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون !".

القسم الأوّل: مغفورٌ له، وهو من صام حقّا، وقام صدقا، وترك مبطلاتِ الصّوم الحسّية والمعنويّة؛ صام بطنُه وفرجه وجوارحُه، وداوم على القيام، وأكثر من الأعمال الصّالحة من تلاوة القرآن، ومن الصّدقة، وفعل الخيرات، وحضور مجالس العلم، فهذا يقال له: هنيئاً لك، وثبّتنا الله وإيّاك على الطّاعة.

القسم الثّاني: مُبعَدٌ .. وهؤلاء أنواع:

- فمنهم من هو مُبعَد، وهو يعلم ذلك؛ لما انتهك من حرمة رمضان بالمعاصي الظّاهرة والباطنة.

- ومنهم من هو غافلٌ؛ لأنّه صام الشّهر وقامَه، وليس له إلاّ الجوع والعطش وطول السّهر، وذلك لعدم الإخلاص، فهو يصوم لأنّ ذلك بالنّسبة إليه عادة من العادات، ويقوم من غير خشوع.

- ومنهم من لا أجرَ له؛ لعدم صومِ جوارحه، فلا عينُه صامت، ولا أذنه ولا لسانه، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) [رواه البخاري].

- ومنهم من زاد على ذلك، فقعد في طريق أهل الإيمان يصدُّهم عن سبيل الله تعالى بأنواع الملاهي والشّهوات، فكأنّ مردةَ الشّياطين لمّا علِمت أنّها سوفَ تُصفَّد في هذا الشّهر المبارك، استخلفته وأوصته، وشدّدت عليه في الوصيّة.

وإلى جميع هؤلاء الأصناف نقدِّم تَعازِينا ! اقتداءً بابنِ مسعود رضي الله عنه الّذي كان يقول إذا انقضى رمضان:" مَنْ هَذَا المَقْبُولُ فَنُهَنِّيَهُ ؟ وَمَنْ هَذَا المَحْرُومُ مِنَّا فَنُعَزِّيَهُ !".

لكنّ باب التّوبة - والحمد لله وحده - لا يزال مفتوحاً، فمن ضيّع رمضانَ فلا يُضيِّعْ جميعَ عمره؛ قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللهَ عزّ وجلّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا )) [رواه مسلم].

الوقفة الثانية: هل تُقُبِّل مِنِّي ؟

قال عليٌّ رضي الله عنه:" كانوا لقبولِ العملِ أشدَّ اهتماماً منكم بالعمل ! ألم تسمعوا الله عزّ وجلّ يقول:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ} [المائدة:27]".

وقال فَضَالةُ بنُ عُبَيد رضي الله عنه:" لَأَنْ أكُونَ أعلمُ من الله قد تقبّلَ منِّي مثقالَ حبّة خردلٍ، أحبُّ إلَيَّ من الدّنيا وما فيها؛ لأنّ الله تعالى يقول:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ}".

وهذا حال المؤمنين الصّادقين الّذين قال الله سبحانه في وصفهم:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60]، وقد سألَت عائشة رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فقَالَتْ : أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ: (( لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ )) [رواه التّرمذي وابن ماجه].

قال مُعلّى بن فضيل:" كانوا يدعون الله ستّة أشهر أن يُبلِّغهم رمضان ! ثمّ يدعونه ستّة أشهر أن يُتقبّل منهم "، وقال يحيى بن أبي كثير:" كان من دعائهم: اللّهم سلِّمنِي إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلّمْه منّي متقبّلا ".

ما هي علامة القبول ؟

أيّها المؤمنون، لنُحاسِبْ أنفسَنا قبلَ أن نُحاسَب، تعالَوْا نسألْ أنفسَنا هذا السّؤال: ما هي علامة القبول ؟

الجواب كما قال بعض السّلف:" ثواب الحسنةِ الحسنةُ بعدَها، فمن عمِل حسنةً، ثُمّ أتبعَها بحسنةٍ بعدَها، كان ذلك علامةً على قبول الحسنة، كما أنّ من عمِل حسنةً ثمّ أتبعها بسيئة، كان ذلك علامةَ ردِّ الحسنة وعدم قبولها ".

الوقفة الثالثة: احذر الفتور بعد رمضان.

أيّها المؤمنون، ليس انقضاءُ رمضان سبباً للفتور، إنّ رمضان محطّةٌ للتزوّد بالإيمان والتّقوى، محطّة نتزوّد منها لسائر العام، بل نجدّد فيه العهدَ لسائر العمر، إنّ رمضان فرصةٌ للتّغيير، لتغيير منهج الحياة كلِِّها.

فعلينا أن لا نترك الخيرَ بعد أن حُزناه، ولا نفتُرَ عن الطّاعة بعد أن ذُقْنا طعمَها، وضماناً للاستمرار، فقد رغّبنا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الصّيام بعد رمضان فقال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ )) [رواه مسلم].

نعم قد انقضى رمضان، لكنّ الصّيامَ مشروعٌ في كلّ أيّام السّنة: الإثنين والخميس، وثلاثةَ أيّام من كلّ شهر، وغيرها من الأيّام المفضّلة.

نعم، قد انقضت ليالِي رمضان، لكنّ القيام مشروعٌ كلّ ليالي السّنة، قال تعالى:{كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذّاريات:17]، وقراءة القرآن وذكر الله تعالى ليس خاصا برمضان، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً} [الأحزاب:41]: ذكرا كثيرا مطلقا عن الزّمان والمكان.

نعم، قد انقضى رمضانُ، لكنّ الصدقة على العبد في كلّ يومٍ بعدد مفاصله، قال صلّى الله عليه وسلّم: (( يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى )) [رواه مسلم].

الوقفة الرابعة : ربّانيون، لا رمضانيّون.

أيّها المؤمنون، إنّه ليس للعبادة عطلةٌ، فعلينا أن نكونَ ربانيّين لا رمضانيين، قال تعالى:{وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثا} [النّحل:92]، فشبّه الله تعالى في هذه الآية الّذي يحلف ويعاهد ويُبْرِم عهدَه، ثمّ ينقضه، بالمرأة تغزل غزلَها وتفتله محكما، فتصنع بذلك الغزلِ قميصاً، أو ثوبا، فلمّا نظرت إليه وأعجبَها، جعلت تحلّه وتقطعُ خيوطَه وتنقضُها خيطاً خيطاً من دون سبب !

فمن ترك الغناء، والدخان، ومن ترك الكلام الفاحش، وأنواع اللّهو المحرّم، ومن ترك المعاصي الباطنة والظاهرة، عليه أن يشكر نعمةَ الله تعالى عليه، وأن يسأله الثّبات، وليحذر من أن ينطبق عليه هذا المثل، ومَثَلُ المنافقين الّذين يخادعون الله وهو خادعهم، ومَثَلُ من يعبد الله على شكّ، وإن الله تعالى يقول:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]، أي: حتّى يأتيك الموت.

قيل لبشر الحافي:" إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان" فقال:" بئس القوم قوم لا يعرفون الله حقا إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها ".

الوقفة الخامسة: أين أنا من أسرار الصوم ؟

أين أنت أيها الصّائم من أسرار الصّوم وثمارِه ؟

- إنّ رمضان مدرسة التقوى، فهل تخرّجْنا منه بشهادة التّقوى ؟

- إنّه شهر الصّبر، فهل تعلّمنا فيه الصّبرَ والمصابرةَ على الطّاعة وعن المعصية ؟ في رمضان صبرنا على طول القيام في النّافلة، فهل سنواصل القيام بعده ؟

- إنّه شهر الإخلاص، فهل تعلّمنا منه الصّدقَ مع الله تعالى في الأقوال والأعمال، والسرّ والإعلان ؟

- إنّه شهر المراقبة وبلوغ مرتبة الإحسان، بأن نعبد الله كأنّنا نراه، فإن لم نكن نراه فإنّه يرانا، فهل نحن كذلك ؟

- إنّه شهر الورع، فإنّنا نترك فيه مبطلات الصّيام، وما هو مختلف فيه، وما هو ذريعة للإفطار كالحجامة والمبالغة في الاستنشاق والسباحة والدواء الذي يوضع في العين والأذن، فهل بقي معنا هذا الورع بعد ذهاب الشّهر ؟

- إنّه شهر الزّهد والتقلل من الدنيا؛ لما فيه من تقليل الطّعام، والإكثار من الصّدقات، فهل حقّا صِرْنا من الزّهاد ؟

- إنّه شهر تزكية النّفوس، وترقيق القلوب، ورحمة الفقراء، فأين نحن من كلّ ذلك ؟

- إنّه شهر المنافسة في الخيرات والتجارة مع الله تعالى، كان بعض السلف إذا انقضى رمضان يقولون:" رمضان سوق قام ثمّ انفضّ، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر ". فهل نحن من الرّابحين أو من الخاسرين ؟

الوقفة السّادسة: وقفة مع سرعة الزّمن.

إنه قد جاء رمضان ليكون مدرسة نتعلّم فيها جميعَ ما ذكر في الوقفة السّابقة، وليكون محطّةً للتّوبة وتجديد العهد مع الله تعالى.

وقد ذهب شهر رمضان، وهو يعلّمنا درساً آخر، هو درس اغتنام الأوقات، وعدم تضييع الأعمار؛ ذلك أنّه ما منّا من أحدٍ يرى هذا الشّهر مرتحِلاً إلاّ قال: ماذا كسبت فيه وماذا عملت ؟

الّذي عمل يقول بعد مراجعته لنفسه: كان بإمكاني أن أعمل أكثرَ .. والّذي لم يعمل يقول: يا ليتني عملت !

إنّ ذهاب شهر رمضان يذكّرنا بعلامة من علامات السّاعة، وهي محْقُ بركة الزّمان وتسارعه، وقد أخبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك فقال: (( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالجمُعَةِ، وَتَكُونَ الجمُعَةُ كَاليَوْمِ، وَيَكُونَ اليَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعْفَةِ )) [رواه الترمذي، وأحمد، وصحّحه الألباني].

إنّ رمضان إذا ارتحل وعظ النّاس الغارقين في مظاهر تضييع الأوقات الّتي لا خفاء فيها، ومنها:

كثرة الكلام فيما لا يعني ولا يفيد، ومشاهدة البرامج التي لا تنتهي عبر القنوات الفضائية، وملء الملاعب، وملء دور اللّعب الإلكترونية، والإفراط في النّوم، والترصّد للفتيات، وشرب الدخان والمخدّرات.

يعظهم بأنّه لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يُسأَلَ عن عُمُرِه فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟

أيّها المسلم، إنّ رمضان بذهابه السّريع يُذكِّرك باقتراب أجلك، ويدعوك إلى اغتنام العمر، وعدم تضييع الأوقات، وإنّه ليذكِّرُكَ بقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100]، وبقوله تعالى:{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 112-113].

فاللّهمّ تقبّل أعمالَنا، وأقوالَنا، وصيامَنا، وقيامَنا، واختِم بالصّالحات أعمارَنا، وآخرُ دعوانا أنِ الحمد لله ربّ العالمين.

أخر تعديل في الأربعاء 24 رمضان 1432 هـ الموافق لـ: 24 أوت 2011 11:15

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.