أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الثلاثاء 04 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 12 أكتوبر 2010 10:15

- شرح كتاب الحجّ (12) مقامات الحجّ: فضائل وأحكام

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

دائما تحت ( الباب الأوّل )، وهو: ( التّرغيب في الحجّ والعمرة، وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات )

شرح الحديث التّاسع عشر: قال رحمه الله:

1112-ورُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:

" كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ مِنَى، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، فَسَلَّمَا، ثُمَّ قَالاَ: يَا رَسُولَ اللهِ ! جِئْنَا نَسْأَلُكَ. فَقَالَ:

(( إِنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَا جِئْتُمَا تَسْأَلاَنِي عَنْهُ فَعَلْتُ، وَإِنْ شِئْتُمَا أَنْ أُمْسِكَ وَتَسْأَلاَنِي فَعَلْتُ )).

فَقَالاَ: أَخْبِرْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ! فَقَالَ الثَّقَفِيُّ لِلْأَنْصَارِيِّ: سَلْ ! فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللهِ ! فَقَالَ:

(( جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ مَخْرَجِكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ البَيْتَ الحَرَامَ، وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ رَكْعَتَيْكَ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَمَا لَكَ فِيهِمَا، وَعَنْ طَوَافِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ وُقُوفِكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ رَمْيِكَ الجِمَارَ وَمَا لَكَ فِيهِ، وَعَنْ نَحْرِكَ وَمَا لَكَ فِيهِ مَعَ الإِفَاضَةِ )).

فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَعَنْ هَذَا جِئْتُ أَسْأَلُكَ. قَالَ:

(( فَإِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ البَيْتَ الحَرَامَ لاَ تَضَعُ نَاقَتُكَ خُفًّا وَلاَ تَرْفَعُهُ إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَكَ بِهِ حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْكَ خَطِيئَةً.

وَأَمَّا رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.

وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ كَعِتْقِ سَبْعِينَ رَقَبَةً.

وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَإِنَّ اللهَ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِكُمُ المَلاَئِكَةَ، يَقُولُ: عِبَادِي جَاؤُونِي شُعْثًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ أَوْ كَقَطْرِ المَطَرِ أَوْ كَزَبَدِ البَحْرِ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ، وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ.

وَأَمَّا رَمْيُكَ الجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ المُوبِقَاتِ.

وَأَمَّا نَحْرُكَ فَمَدخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ.

وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَيُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ.

وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّكَ تَطُوفُ وَلاَ ذَنْبَ لَكَ، يَأْتِي مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، فَيَقُولُ: اِعْمَلْ فِيمَا تَسْتَقْبِلْ، فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى )).

[رواه الطّبراني في "الكبير" والبزاّر، واللّفظ له، وقال: وقد روي هذا الحديث من وجوه، ولا نعلم له أحسن من هذا الطّريق].

(قال المملي) رضي الله عنه: وهي طريق لا بأس بها، رواتها كلّهم موثّقون.

ورواه ابن حبان في "صحيحه" ويأتي لفظه في "الوقوف" إن شاء الله تعالى.

* شرح الحديث وفوائده:

- الفائدة الأولى:

قوله: ( مَسْجِدِ مِنَى ): هو مسجد الخيف بمنَى، وقد روى الطّبراني عن ابن عبّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مرفوعا: (( صَلَّى فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ سَبْعُونَ نَبِيًّا مِنْهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ )) [وهو في " صحيح التّرغيب والتّرهيب "].

- الفائدة الثّانية:

قوله: ( إِنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَا جِئْتُمَا تَسْأَلاَنِي عَنْهُ فَعَلْتُ، وَإِنْ شِئْتُمَا أَنْ أُمْسِكَ وَتَسْأَلاَنِي فَعَلْتُ ): سبب قوله ذاك أنّ الثّقفي حديث عهد بإسلام، فأراد النبيّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُطمئن قلبه ببعض دلائل نبوّته صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقد ذكر شيخ الإسلام رحمة الله أنّ دلائل نبوّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أعظم أسباب زيادة الإيمان.

- الفائدة الثّالثة:

- قوله: ( وَعَنْ طَوَافِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ ): أي: السّعي بينهما، والتّعبير بالطّواف موافق لقوله تعالى:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: من الآية158].

- الفائدة الرّابعة:

قوله: ( لاَ تَضَعُ نَاقَتُكَ خُفًّا وَلاَ تَرْفَعُهُ إِلاَّ كَتَبَ اللهُ لَكَ بِهِ حَسَنَةً، وَمَحَا عَنْكَ خَطِيئَةً ): وقد سبق بيان أنّ مجرّد المشي إلى الحجّ أو العمرة، ولو على دابّة، يؤجر عليه العبد.

- الفائدة الخامسة:

( وَأَمَّا رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ ):

* ركعتا الطّواف:  سمّيت بذلك، لأنّها تليه، والطّواف عبادة مستقلّة ترتبط به هاتان الرّكعتان، وهو أمر زائد على تحيّة المسجد، أمّا حديث: (( تحيّة البيت الطواف )) [فلا أصل له كما في " السّلسلة الضعيفة " برقم (1012)].

* أين تصلّى ؟ تُصلّى عند مقام إبراهيم عليه السّلام إن أمكن، أو في أيّ مكان من المسجد.

روى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّه قال في صفة حجّة النبيّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ:" ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عليه السَّلَام فَقَرَأَ { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ وكَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}".

* حكم هاتين الرّكعتين: اختلف العلماء في ذلك على قولين:

1- فمذهب أبي حنيفة وأهل الظّاهر أنّهما واجبتان، لقوله تعالى:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: من الآية125].

2- وجمهور العلماء على استحبابهما، فقد روى البخاري عَنْ أمّ سلمة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله ليه وسلم قَالَ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ، وَأَرَادَتْ الْخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ )). فأقرّها النبيّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ على تركهما.

- وقوله: ( مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ ): مبالغة في بيان فضل هاتين الرّكعتين، لأنّ أشرف الرّقاب هم العرب من بني إسماعيل عليه السلام، حتّى إنّ العرب كانوا إذا نذروا عتق رقبة خصّوها بكونها من بني إسماعيل، وقد حثّ النبيّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ على عتقها، فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْ بَني تميم عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ )).

فالشّاهد أنّه لمّا كانت أشرف الرّقاب شبّه النبيّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ ركعَتَي الطّواف بعتقها.

- الفائدة السّادسة:

قوله: ( وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَإِنَّ اللهَ يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ):

الهبوط هو النّزول، كما في " صحيح مسلم "، وممّن عبّر أيضا بالهبوط من السّلف ابن مسعود رضي الله عنه ومحمّد بن الحسن وغيرهما، كما في " شرح أصول اعتقاد أهل السنّة " لللاّلكائي.

والنّزول من صفات الله الفعليّة الّتي أثبتها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لربّه تعالى، فال بدّ من الإيمان بها دون تمثيل ولا تكيف.

وقد أطال شيخ الإسلام – كما في "المجموع" (5/241) - في بيان أنّ هذا الدّنوّ خاصّ بأهل الموقف دون غيرهم، وأنّ قربه منهم إنّما هو بسبب تقرّبهم منه، كما دلّ عليه الحديث الآخر: (( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )).

والتّخصيص بعرفة ومثله التّخصيص بالثّلث الأخير من اللّيل، دليل على أنّه سبحانه ليس قريبا بذاته من مخلوقاته كلَّ وقت، كما يدّعيه أهل الحلول والاتّحاد، وإلاّ لما كان في هذا التّخصيص فائدة.

- الفائدة السّابعة:

قوله: ( أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ، وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ ): أي: ولمن دعوتم له، لذلك كان موقف عرفة من مواطن الإجابة.

وقد ذكر غير واحد من السّلف أنّه كان إذا دعا بعرفة، ما يمرّ عليه العام حتّى تظهر له إجابة الدّعاء.

- الفائدة الثّامنة:

وقوله: ( وَأَمَّا رَمْيُكَ الجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ المُوبِقَاتِ ):

* أصل رمي الجمار: هو أنّه تذكير بشعائر الله الّتي شرعها الله على يد إبراهيم عليه السّلام، وقد روى أحمد وابن خزيمة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما موقوفا قَالَ:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام لَمَّا أُمِرَ بِالْمَنَاسِكِ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى فَسَابَقَهُ فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانٌ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثلاثا.

وقال ابن عبّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أيضا:" الشّيطان ترجمون، وملّة أبيكم تتّبعون "..

- الفائدة التّاسعة:

قوله: ( وَأَمَّا نَحْرُكَ فَمَذْخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ ):

وما يدّخره الله تعالى لا يضيع، بل يربو كما قال تعالى:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم:39].

وإذا كان الله يربّي التّمرة حتّى تصير مثل الجبل فكيف بالهدي والأضاحي ؟!

- الفائدة العاشرة: المفاضلة بين الحلق والتّقصير.

قوله: ( وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَيُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ ):

بهذا الحديث استدلّ من فضّل الحلق على التّقصير، واستدلّوا أيضا بحديث البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ: (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ))قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَ: (( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )) قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: (( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

وقد عارض هذا بعض أهل العلم بأمره صلّى الله عليه وسلم لأصحابه عام حجّته بالتّقصير، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أنّ النبيّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: (( وَلْيُقَصِّرْ ثُمَّ لْيُحِلَّ )).

والصّواب أنّه لا تعارض، فقد قال الحافظ في "الفتح" (3/449):

" يستحبّ في حقّ المتمتّع أن يقصر في العمرة، ويحلق في الحجّ، إذا كان ما بين النّسكين متقاربا ".اهـ

قال الشّيخ الألباني رحمه الله في "الإرواء" (3/283): " وهذه فائدة يغفل عنها كثير من المتمتّعين، فيحلق بدل التّقصير "..

- الفائدة الحادية عشرة: حكم طواف الوداع.

قوله: ( وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ ): هو طواف الوداع كما سيأتي بيانه في الحديث التّالي.

وسمّي بذلك لتوديع البيت، ويُسمّى أيضا طواف الصّدر، لأنّه عند صدور النّاس من مكّة، وهو طواف لا رمل فيه.

ولا يلزم اثنين من النّاس: المكّي والحائض.

أمّا المكّي: فلأنّه ملازم لمكّة.

وأمّا الحائض: فلأنّه لا يصحّ منها، فلو تأخّرت حتّى تطّهر طافت. روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:" أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ ".

وبهذا استدلّ أبو حنيفة وأحمد والشّافعي في رواية على وجوبه.

وقال مالك والشّافعي - في رواية أخرى -: هو سنّة. وثمرة الخلاف: أنّ من قال بوجوبه يلزم تاركه دمٌ.

فإذا طاف الحاجّ سافر لتوّه إلاّ شيئا من الحوائج يقضيها في طريقه لا بدّ له منها، أمّا لو اشتغل بغير ذلك فعليه إعادته.

وعليه أن يستشعر بأنّه ربّما كان هذا آخر عهد له بالبيت في هذه الدّنيا.

وختام الأعمال كلّها وتاجها، مغفرة الله، ورحمته الواسعة، لذلك قال:

( فَإِنَّكَ تَطُوفُ وَلاَ ذَنْبَ لَكَ، يَأْتِي مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ، فَيَقُولُ: اِعْمَلْ فِيمَا تَسْتَقْبِلْ، فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى ).

نسأل الله من فضله العميم، ولطفه الكريم، آمين.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 11:49

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.