أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي


- شرح الأصول الثّلاثة (3) منزلة العمل والدّعوة والصّبر.

أرسل إلى صديق

العنوان

استماع المادة

تحميل المادة

تحميل الدّرس مكتوبا

- شرح الأصول الثّلاثة (03) منزلة العمل والدّعوة والصّبر

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

قوله رحمه الله: ( بالأدلّةِ ).

والأدلّة جمع دليل، وهو المرشِد إلى المطلوب، ومنه الدّليل الّذي يدلّ على الطّريق.

ودين الإسلام مبنيّ على الدّليل كما سبق ذكره من كلام شيخ الإسلام رحمه الله، فالدّليل هو المرشد إلى الصّراط المستقيم، المبنيّ على العمل بعلم، خلافا للنّصارى الّذين عبدوا دون علم، فضلّوا وأضلّوا كثيرا، وضلّوا عن سواء السّبيل.

أمّا من علم ولم يعلم فسيأتي بيانه عند ذكر الشّيخ للأصل الثّاني، وهو: العمل بالعلم.

وقفة مع اشتراط معرفة الدّليل في العقائد:

واشتراط المعرفة بالأدلّة هو الأصل، وذلك على القادر على طلبها وفهمِها، أمّا العاميّ فيكفيه التّقليد لعجزه، قال الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.

وهذا خلافا لظاهر ما ذهب إليه بعضُ الشرّاح، الّذين أطلقوا عدم جواز التّقليد، ومنهم من قيّد بما ذكرناه، منهم الشيخ مفتي البلاد النجدية في وقته عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله حيث قال:

" وفرضٌ على كلّ أحدٍ معرفة التّوحيد، وأركان الإسلام بالدّليل، ولا يجوز التّقليد في ذلك، لكن العامّي الّذي لا يعرف الأدلّة إذا كان يعتقد وحدانية الرّبّ، ورسالة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنّار، ويعتقد أنّ هذه الأمور الشّركية التي تُفعَل عند هذه المشاهد باطل وضلال؛ فإذا كان يعتقد ذلك اعتقاداً جازماً لا شكّ فيه فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدّليل؛ لأنّ عامّة المسلمين ولو لُقِّنوا الدّليل فإنّهم لا يفهمون المعنى غالباً "اهـ.

وإنّما قال بعدم صحّة إيمان المقلّد المعتزلة وجمهور الأشاعرة ! قال العدويّ رحمه الله في " حاشيته "(1/152):" والمقلّد يجب عليه اتّباع أهل العلم، غيرَ أنّه لا يجوز له التّقليد في العقائد "!.

وخالف في ذلك المحقّقون منهم، فقد نقل الحافظ رحمه الله في "الفتح" (13/354) عن صلاح الدّين العلائيّ أنّه قال:" وأمّا من غلا فقال: لا يكفي إيمان المقلّد، فلا يُلتفتُ إليه؛ لما يلزم منه من القول بعدم إيمان أكثر المسلمين "اهـ.

ونقل النّوويّ رحمه الله (1/171) عن ابن الصلاح رحمه الله أنّه قال عن حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه:

" وفيه دلالة لصحّة ما ذهب إليه أئمّة العلماء من أنّ العوام المقلِّدين مؤمنون، وأنّه يُكتَفَى منهم بمجرّد اعتقاد الحقّ جزماً من غير شكّ وتزلزُلٍ، خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة "اهـ.

ونقل ابن حزم رحمه الله في " الفصل " (4/35) الإجماع على صحّة إيمان المقلّد مع اليقين.

ومن عجيب ما نقله الحافظ رحمه الله عنهم في (13/350):" قول جماعة منهم: إنّ من لم يعرف اللهَ بالطّرق الّتي رتّبوها، والأبحاث الّتي حرّروها لم يصحّ ايمانه ! حتّى لقد أُورِد على بعضِهم أنّ هذا يلزم منه تكفير أبيك وأسلافك وجيرانك ! فقال: لا تشنِّعْ عليّ بكثرةِ أهل النّار !".

والصّواب: أنّ إيمان المقلّد العاجز عن النّظر في الأدلّة صحيح، بشرط أن يكون إيمانه يقينيّا، لا يعترِيه شكّ أو ريب. فليس الأمر مبنيّا على التّخمين، ومجرّد الظنّ، كما نُقِل عن أحدهم قوله:

قال الطّبيب والمنجـّم كـلاهمـا   ***   لا تبعث الأموات، قلت: إليكما

إن كان حقّا ما قلتما فلست بخاسر   ***   وإن كان كِذْبا  فالخسار عليكما

  • · قوله رحمه الله:" الثّانيةُ: العَمَلُ بِهِ ".

فالعمل هو ثمرة العلم، والعلم مقصودٌ لغيره، فهو بمنزلة الشّجرة والعمل بمنزلة الثّمرة، وقد قالوا: علم بلا عمل كشجرة بلا ثمر.

وإنّ الّذي يعلم ولا يعملُ شرّ من الجاهل، وفي حديث مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ [فذكر الشّهيد والمتصدّق بماله، ثمّ قال]: وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا ؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ ! وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ )).

وروى الدّرامي أنّ عمرَ بنَ الخطّابِ رضي الله عنه قال لعبدِ اللهِ بنِ سلامٍ رضي الله عنه: من أربابُ العلمِ ؟ قال: الّذينَ يعملونَ بما يعلمونَ. قال: فما يَنْفِى العلمَ منْ صدورِ الرّجالِ ؟ قال: الطّمعُ.

حسبي بعلمي إن نفع *** ما العيب إلاّ في الطّمع 

ما طـار طير وارتفع *** إلاّ كما طـار وقـع 

فإنّ تقوى الله عزّ وجلّ ما كانت في قليل إلاّ كثّرته، ولا في يسير إلاّ باركته، فهي وصيّة الله تعالى للأوّلين والآخرين، وموعظة الله لعباده أجمعين.

فالعلم الذي تُحصّله مع الأيّام، يجب أن يظهر على قلبك ولسانك وجوارحك، وما أقبح بالمسلم أن لا يحاسب نفسه فيما يتعلّمه: ما الّذي جناه واستثمره ؟ ما أقبح بمن يتعلّم أن تكون فيه خصلة من خصال الجاهليّة ! 

فيا طالب العلم، إنّك إن اتّقيت الله عزّ وجلّ قَبِل منك أعمالك، وهو القائل:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ}. 

فإذا خرجت وأنت تحمل كتابا، ورمقتك الأنظار والأبصار، فاستشْعِر وأنت على ذلك الحال أنّك ذاهب إلى معرفة ما يقرّبك إلى الله، ويبعدك من الشّيطان .. تذهب إلى ما يخرجك من الظّلمات إلى النّور، فاحذر ألاّ تحاسب نفسك فيكون العلم عليك لا لك. 

قال الإمام أبو بكر الآجرّي رحمه الله تعالى في " أخلاق العلماء " (ص 54) وهو يتكلّم عمّا يجب أن يهتمّ له المتعلّم:

" .. ولأن يتأدّب بالعلم .. إن ازداد علما خاف من ثبات الحجّة، فهو مشفق في علمه، كلّما ازداد علما ازداد إشفاقا، إن فاته سماع علم قد سمعه غيره فحزن على فوته لم يكن حزنه بغفلة حتّى يواقِفَ نفسه، ويحاسبها على الحزن، فيقول:

لم حزنتِ ؟ احذري يا نفس أن يكون الحزنُ عليك لا لك إذ سمعه غيرك فلم تسمعيه أنت !.. فكان أولى بك أن تحزني على علم قد قرع السّمع، وقد ثبتت عليك الحجّة، فلم تعملي به، فكان حزنك على ذلك أولى من حزنك على علم لم تسمعيه ولعلّك لو قدّر لك سماعه كانت الحجّة عليك أوكد .. فاستغفر الله من حزنه، وسأل مولاه الكريم أن ينفعه بما قد سمع " اهـ.

وكم يشكو الواحد منّا قلّة التّوفيق ؟ 

كم منّا من يشكو من الملل والكلل بمجرّد فتح كتاب !؟ .. كم منّا من يقول: أدرس وأحفظ، وأحفظ ثمّ أنسى ؟! 

فليعلم أنّه لو نقّب عن خبايا نفسه، وإلى أمثلة من أعماله لوجد الدّاء هو إصراره على الغيبة .. إصراره على الكذب .. إصراره على أكل المال بالباطل .. إصراره على إضاعة الأوقات .. وقوعه في عصيان والديه، وغير ذلك ممّا يجده بين يديه. 

وقد جاء الإمامُ الشّافعي رحمه الله يوما إلى الإمام مالك رحمه الله، وقرأ عليه " الموطّأ "، فأُعجب الإمام مالك بعلم الشّافعي، فقال له: "اعلم يا هذا أنّ الله قد ألقى في قلبك نورا، فلا تطفئه بظلمة المعصية ".

وقد قال أحدهم - وينسبونه إلى الشّافعيّ وهو ليس له -: 

شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي 

وقـال لي بأنّ العـلم نـور *** ونور الله لا يهدى لعاصي

وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:" لا يغرُرْكم من قرأ القرآن، ولكن انظُروا إلى مَن يعمل به ".

وقال مالك بن دينار رحمه الله:" تلقى الرّجلَ ما يلحن حرفاً، وعملُه لحنٌ كلّه !".

وقال ابن جماعة رحمه الله في هذا الشّأن:

" واعلم أنّ جميع ما ذُكر من فضيلة العلم والعلماء إنّما هو في حقّ العلماء العاملين الأبرار المتقين، الّذين قصدوا به وجه الله الكريم، والزّلفى لديه في جنّات النّعيم، لا مَن طلبه لسوء نيّة، أو خُبث طويَّة، أو لأغراض دنيوية من جاه أو مال، أو مكاثرة في الأتباع والطُلاّب " [" تذكرة السّامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلّم " (ص 9)].

قال ابن رجب رحمه الله في "فضل علم السّلف على الخلف " (ص 69) وهو يشرح حديث (( اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا )):

" كان الإمام أحمد رحمه الله يقول عن معروف:" معه أصل العلم: خشية الله "، فأصل العلم بالله [هو] الّذي يوجب خشيته، ومحبّته، والقرب منه، والأنس به، والشّوق إليه.

ثمّ يتلوه العلمُ بأحكام الله، وما يحبّه ويرضاه من العبد من قولٍ أو عملٍ أو حالٍ أو اعتقادٍ.

فمن تحقّق بهذين العلمين كان علمه نافعاً، وحصل له العلم النّافع، والقلب الخاشع، والنّفس القانعة، والدّعاء المسموع.

ومن فاته هذا العلم النّافع، وقع في الأربع التي استعاذ منها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وصار علمه وبالاً وحجّة عليه، فلم ينتفع به؛ لأنّه لم يخشع قلبه لربّه، ولم تشبع نفسه من الدّنيا، بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً ولم يُسمع دعاؤه؛ لعدم امتثاله لأوامر ربّه وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه ...".

  • · قوله رحمه الله: ( الثّالثةُ: الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ ).

فأشرف المنازل العلم، وزينته العمل، وزكاته الدّعوة إليه، وهو منهج الأنبياء والمرسلين، يقول الله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}، وقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}.

  • · قوله رحمه الله: ( الرّابعةُ: الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ ):

لأنّ من دعا النّاس إلى الهدى، وحذّرهم من مزلاّت الرّدى، يحولُ بين النّاس وشهواتهم، ويعيقُهم عن نشر فسادهم، فهو بذلك قد خلف الرّسل في مهمّتهم،{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصّلت من: 43]، فلا بدّ أن يُصادف المشاقّ، وتعترض طريقَه الأشواك، حتّى يتلطّخ جسده بدماء النّصب والتّعب، فيكونَ ذلك دليلا على صدقه.

وإذا صدق العبدُ ربّه صدقه بالنّصر العزيز والفتح المبين، قال تعالى:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34].

وقد سُئل الشّافعيّ رحمه الله: يا أبا عبد الله، أيّما أفضل للرّجل: أن يُمكّن أو يُبتلَى ؟ فقال الشّافعيّ رحمه الله: لا يُمَكَّنُ حتّى يُبتلَى، فإنّ الله ابتلى نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمّداً صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين فلمّا صبروا مكّنهم.

قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجدة: 24]، فبالصّبر واليقين تُنال الإمامة في الدّين.

قال ابن القيّم رحمه الله في " الفوائد ":" وهذا أصلٌ عظيمٌ، فينبغي للعاقل أن يعرِفه، وهذا يحصل لكلّ أحدٍ؛ فإنّ الإنسان مدنيّ بالطّبع، لا بدّ له من أن يعيش مع النّاس، والنّاس لهم إراداتٌ وتصوّراتٌ يطلبون منه أن يوافقَهم عليها؟، وإن لم يوافقهم آذوه وعذّبوه ...".

وقال في موضعٍ آخر من " الفوائد ":

" يا مخنّث العزم، أين أنت والطّريق طريقٌ تعِب فيه آدمُ، وناح لأجله نوحٌ، ورُمِي في النّار الخليل، وأُضجِع للذّبح إسماعيل، وبِيعَ يوسفُ بثمنٍ بخسٍ، ولبِث في السّجن بضعَ سنين، ونُشِر بالمنشار زكريّا، وذُبِح السيّد الحصورُ يحيى، وقاسى الضرَّ أيّوب، وزاد على المقدار بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقرَ وأنواعَ الأذى محمّد، تزها أنت باللّهو واللّعب ؟!

فيا دارها بالحزن إنّ مزارها *** قريب، ولكنْ دون ذلك أهوال "اهـ.

ونُكمل إن شاء الله ما جاء في تفسير سورة العصر لاحقا إن شاء الله.

:

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.