أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الجمعة 02 محرم 1447 هـ الموافق لـ: 27 جوان 2025 07:00

- ماذا تعرف عن شهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فهذه الأسطر إنّما هي وقفات اعتبار وتدبّر، ولحظات تأمّل وتفكّر .. لحظات مع ضيف عظيم مكرّم، ألا وهو شهر الله المحرّم .. فماذا تعرف عن هذا الشّهر؟

لقد عرفنا ما يدعو إليه شهر رمضان .. كان داعيا للصّيام والقيام ..

عرفنا ما يدعو إليه شهر ذي الحجّة .. كان داعيا إلى حجّ بيت الله الحرام ..

فما هي تلكم الرّسائل الّتي تحملها إلينا نسمات هذا الشّهر الكريم، ونفحات هذا الموسم العظيم ؟

الرّسالة الأولى: تذكّروا حرمات الله ..

قد يتساءل كثيرون: لماذا نتحدّث عن تعظيم الحرمات في هذا الشّهر بالذّات ؟ أليس شهر ذي الحجّة وقبله ذو القعدة من الأشهر الحرم ؟

فالجواب: بلى، ولكن اعلم – أخي الكريم – أنّا خصصناه بالذّكر، لأمرين اثنين:

الأمر الأوّل: أنّه اسم إسلاميّ، وكان اسمه في الجاهليّة صفر الأوّل، وبقيّة الشّهور كانت على ما هي عليه.

فكأنّ الله عزّ وجلّ يريد منّا أن نلحظ الحرمات فيه أكثر من غيره ..

ولك أن تتأمّل الحاجّ في ذي الحجّة يسأل فزِعا، ويقصدك جزِعاً: لقد قلت زورا ولغوا ! لقد مسست الطّيب سهوا ! لقد قطعت شجرة غفلة .. لقد سقطت من رأسي شعرة !

وكذلك ترى النّاس أيّام الأضاحي .. يسألون ويخافون ألاّ تقبل منهم ضحاياهم تعظيما للحرمات:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحجّ: من الآية30]..

حتّى إذا أيّامُ ذي الحجّة انسلخت، وذُبِحت الأضاحي وسُلخَت، ربّما عاد النّاس إلى المعاصي واللّهو، والكبائر واللّغو ..

فسمّاه الله عزّ وجلّ محرّما ليتفطّنوا إلى أنّ الله في ذي الحجّة هو الله في غيره ..

الأمر الثّاني: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سمّاه " شهر الله "، وهذا لم يثبت لغيره، فأضافه إلى الله عزّ اسمه تعظيما له وتفخيما، وتنويها بشأنه وتكريما، كقولهم بيت الله، وناقة الله، وهذا دون بقيّة الشّهور.

الرّسالة الثّانية: حياة المؤمن كلّها حُرُمات ..

يقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم} [التّوبة: 36].

مِنْهَا أربعة حُرُمٌ: ثلاثة سرد، وواحد فرد .. ثلاثة متتالية: وهي ذو القَعدة وذو الحجّة ومحرّم، وشهر فرد منفصل عن الأولى: وهو رجب.

ولم تأت الأشهر متتاليةً كلّها لحكمة بالغة ..

قال العلماء: الحكمة من ذلك أن تعلم أنّ عام المسلمين يبدأ بشهر حرام، وهو ( محرّم )، ووسطه شهر حرام وهو ( رجب )، وآخره شهران حرام: وهما ذو القعدة وذو الحجّة .. فالعام كلّه، والحياة كلّها مبنيّة على تعظيم حرمات الله تعالى.. لذلك قال تعالى:{ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم}..

{فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} بمعصية الله، فإنّ الله إذا عظّم شيئا عظّم أجر الطّاعة فيه، وعقاب المعصية فيه ..

فجعل هذه الأزمنة حرمات ..

وجعل بعض الأمكنة حرمات .. فمكّة حرمٌ على لسان إبراهيم عليه السّلام، والمدينة حرمٌ على لسان المصطفى الأمين صلّى الله عليه وسلّم.

وجعل الأوامر والنّواهي حرمات، فلا يصحّ لأحد أن يتعدّى الحلال، ولا أن يقرب الحرام:

يقول الله تعالى في الأوامر والمباحات:{فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: الآية229].

ويقول في المحرّمات:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة:187]..

ولم يقف تعظيم الحرمات عند هذا الحدّ، بل ما زال هذا الدّين القيّم يرفع رتبتك، ويُعلي درجتك، حتّى أرشدك إلى ترك الشّبهات:

روى البخاري ومسلم أنّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ:

(( الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ )).

دين كلّه حرمات، وحدود معلومات، ودرءٌ للشّبهات ..

فأين أولئك الّذين استباحوا كلّ شيء، حتّى إذا قيل له: ذاك حرام ! قال: أنتم لا تعرفون إلاّ الحرام ؟!

وأين أولئك الّذين استحلّوا دماء المسلمين .. وأعراض المسلمين .. وأموال المسلمين، من أجل شبهات علِقت بأذهانهم، وانطلت على أفهامهم ؟

فليتأمّلوا قول المولى عزّ وجلّ:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحجّ: 32].

الرّسالة الثّالثة: تذكّروا عزّة المسلمين ..

قال الإمام الطبري رحمه الله في " تاريخه "(2/3): " ذِكْر الوقت الّذي عُمِل فيه التأريخ:

عن الشّعبي قال: كتب أبو موسى الأشعريّ إلى عمر رضي الله عنهما: إنّه تأتينا منك كتبٌ ليس لها تأريخ ؟

قال: فجمع عمرُ النّاسَ للمشورة، فقال بعضهم: أَرِّخْ لمبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ! وقال بعضهم: لمُهَاجَرِ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم !

فقال عمر: لاَ، بَلْ نُؤَرِّخُ لِمُهَاجَرِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَإِنَّ مُهَاجَرَهُ فَرَّقَ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ.

وروى عن ميمون بن مهران قال: رُفِعَ إلى عمر صَكٌّ محلّه في شعبان، فقال عمر: أَيُّ شَعْبَانَ ؟ الَّذِي هُوَ آتٍ أَوْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ ؟

ثمّ قال لأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( ضَعُوا لِلنَّاسِ شَيْئًا يَعْرِفُونَهُ ).

فقال بعضهم: اُكْتبوا على تأريخ الرّوم. فقيل: إنّهم يكتبون من عهد ذي القرنين، فهذا يطول.

وقال بعضهم: اُكتبوا على تأريخ الفرس. فقيل: إنّ الفرس كلّما قام ملك طرح من كان قبله.

فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة ؟ فوجدوه عشر سنين.

ثمّ قالوا: فأيّ الشّهور نبدأ ؟ فقالوا: رمضان. ثمّ قالوا: المحرم، فهو منصرَفُ النّاس من حجّهم، وهو شهر حرام فأجمعوا على المحرّم.

لذلك روى الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: ( مَا عَدُّوا مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وَلَا مِنْ وَفَاتِهِ، مَا عَدُّوا إِلَّا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ ).

ومن قرأ هذه الآثار، واستمع إلى هذه الأخبار لا يخرج إلاّ بنتيجة واحدة:

أنّ أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أرادوا بوضع هذا التّأريخ هجرَ ما عليه أهل الكتاب والمشركون .. أرادوا تمييز شخصية المسلمين، وعدم التبعيّة للمشركين ..

لقد ساروا على خُطا نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم الّذي ما مات حتّى تغلغل في صدورهم أنّ مخالفة الكافرين قربة لربّ العالمين ..

فأين التّأريخ الإسلاميّ في حياة المسلمين ؟.. أين ذكر محرّم، وصفر، وربيع الأوّل ؟..

فعلى المسلمين أن يقفوا مع أنفسهم: هل حقّقوا هذا الأصل العظيم، وهو مخالفة من كفر بربّهم الكريم ؟!..

فإن وجدنا أنفسنا كذلك، فلنحمد الله على ذلك، وإلاّ فإنّنا ما فقهنا بعدُ معنًى لما فعله هؤلاء الأخيار من أصحاب النبيّ المختار صلّى الله عليه وسلّم ..

الرّسالة الرّابعة: احذر الجهل !..

الكلام عن هجرة سيّد الأنام صلّى الله عليه وسلّم: ما أطيبه من حديث ! وإنّا لنسعى إلى مثله السّعي الحثيث .. إذ هو حدث لا كسائر الأحداث .. إنّها بداية خروج النّاس من الأجداث ..

ولكنْ لا بدّ أن نعلم أنّ الحديث عن الهجرة النبويّة في هذا الشّهر، إنّما يُشرع لأنّهم أرّخوا بشهر الله المحرّم ؟

لا لأنّ الهجرة النبويّة كانت بشهر محرّم !

فإنّ العلماء قاطبة من المؤرّخين كالطّبري وابن كثير، وأصحاب المغازي والسّير كابن هشام، وابن إسحاق، متّفقون على أنّ الهجرة كانت بشهر ربيع الأوّل.

وتوضيح ذلك: أنّ الأنصار بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيعة العقبة الثّانية في موسم الحجّ، أي: في شهر ذي الحجّة.

وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعدهم بمكّة بقيّة ذي الحجّة من تلك السنة والمحرّم وصفر، وخرج مهاجرا إلى المدينة في شهر ربيع الأوّل.[انظر " تاريخ الإمام الطّبريّ "].

ولكنّ الوهم سرى على عقول أكثر المسلمين بسبب أنّ الصّحابة لمّا أرادوا التّأريخ اختاروا السّنة التي هاجر فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يلتفتوا إلى الشّهر الذي هاجر فيه، وإنّما اختاروا محرّما لأنّه منصرف النّاس من الحجّ كما سبق بيانه -.

وهذا يدلّ على منزلة الهجرة في صدور المؤمنين، ومرتبتها في قلوب المسلمين.

الرّسالة الخامسة: أعمال لها فضل الهجرة في سبيل الله.

روى النسائي أَنَّ أَبَا فَاطِمَةَ اللّيثي رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! حَدِّثْنِي بِعَمَلٍ أَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَأَعْمَلُهُ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( عَلَيْكَ بِالْهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهَا )).

ولأجل هذه الفضل، جعل الله تعالى لها خَلَفاً:

· فاحرص على الابتعاد عمّا نهى الله عنه، فإنّه هو الهجرة الحقيقيّة، فقد روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ )).

· واحرص على الإكثار من العبادة، من صلاة، وذكر، وصدقة، وصيام، فقد روى مسلم عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ )).

قال الإمام النّووي رحمه الله:" المراد بالهرج هنا: الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أنّ النّاس يغفُلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرّغ لها إلاّ أفراد " اهـ..

وأيّامنا هذه أيّام هرج وفتن، وأيّام هجرة وصبر على المحن .. ومن أجلّ العبادات التي يمكن أن تساوي مقام الهجرة التي قال عنها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((لا مثل لها))..الصّيام، فقد حثّ عليه بالوصف نفسه:

روى النّسائي وأحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقُلْتُ: مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ ؟ قَالَ: (( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ! فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ )).

فمن أبرز ما يعبد به الله تعالى في هذا الشّهر الكريم الصّيام، حيث روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ )).

حتّى إنّ جمهور العلماء يفضّلونه على صوم شعبان !!.. فعلينا باغتنام هذا الفضل العظيم، والثّواب العميم، من الله البرّ الكريم، وإن فاتك شيء فلا يفوتنّك صوم التّاسع والعاشر منه، وذلك لفضله، وعِظم أجره.

روى مسلم عن أبِي قتادةَ رضي الله عنه قال: سُئِلَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ؟ فَقَالَ: (( يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ )).

وسبحانك اللهمّ وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

أخر تعديل في الجمعة 02 محرم 1447 هـ الموافق لـ: 27 جوان 2025 13:32

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.