أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 02 ذو الحجة 1442 هـ الموافق لـ: 12 جويلية 2021 15:36

- فضائل وأعمال عشر ذي الحجّة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الخطبة الأولى [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّ الله تبارك وتعالى يقول في محكم تنزيله، وأحسن قيله:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:62]. فلا يزال اللّيل والنّهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، لأجل صنفين من النّاس:

الصّنف الأوّل: لمن أراد أن يذّكر ويتوب، ويتّعظ ويئوب، فيبسط الله يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل..حتّى تطلُع الشّمس من مغربها.

والصّنف الثّاني: أو أراد شكورا، يريد أن يضيف إلى رصيده الأعمال الصّالحات، لتمحى عنه السّيئات، وينال بها أعلى الدّرجات.

صِنفٌ ذو همّة عالية، إن عجز عن حجّ بيت الله الحرام، فإنّه لا يرضَى إلاّ مزاحمتهم في هذا السّباق إلى ذي الجلال والإكرام .. فيحرصون على جليل الأعمال، ولا يكتفون بالأمانيّ والآمال.

حالهم حال أولئك الفقراء الّذين جاءوا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ ؟! قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُتُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ )) .

وخاصّة أنّ الله قد فتح باب السّباق إليه هذه الأيّام على مِصراعيه ..

وقد أشرنا في الخطبة السّابقة إشاراتٍ خاطفة، إلى فضل العشر الأُوَل من هذا الشّهر المبارك شهر ذي الحجّة، أعظم أشهر الحجّ .. عشرة أيّام تُضاعف فيها الأعمال، وتتحقّق فيها الآمال، وذكرنا أنّ النّصوص في فضله كثيرة:

- منها قسمُ الله تعالى بهذه الأيّام، وذلك في قول الله تبارك وتعالى:{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال ابن عباس رضي الله عنه وغيره:" والفجر: يريد صبيحة يوم النّحر، وليال عشر: هي العشر الأول من ذي الحجّة.

- ومنها ما يدلّ على فضل تاسع هذه الأيّام، وهو يوم عرفة، وما أدراك ما يوم عرفة ؟! روى مسلم عن أبي قتادَةَ أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )).

- ومنها ما يدلّ على أنّ اليوم العاشر منه أعظم الأيّام في السّنة، فقد روى أبو داود عن عبدِ اللهِ بنِ قُرْطٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تبارك وتعالى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ )).

لذلك أراد الله أن يدخل على قلوب عباده السّرور، ويثلج لهم الصّدور، فقد روى التّرمذي وأبو داود وغيرهما عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: قالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ )) فقالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ؟ قالَ: (( وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )).

فبماذا نتقرّب إلى الله هذه الأيّام ؟

  • · إنّ من أعظم الأعمال التي يرغّب الله تبارك وتعالى عباده فيها في مثل هذه الأيّام ذكر الله تعالى، قال تعالى:{فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} [البقرة: من الآية200].

فقد كان العرب في الجاهليّة في مثل هذه الأيّام يقصدون أسواق العرب ومحافلهم كعكاظ، ومِجَنَّة، وذي المجاز، ويشرعون في ذكر الآباء والأجداد ومفاخرهم، فأراد الله تعالى أن تكون هذه الأيّام أيّام ذكر له وحده لا شريك له، وأكّد الله تعالى ذلك في أيّام التّشريق، فقال عزّ وجلّ:{وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: من الآية203].

وسنقِف عند هذا الأمر الربّانيّ قليلا:{وَاذْكُرُوا اللهَ}؛ وذلك لسببين اثنين:

السّبب الأوّل: وهو أنّ النّاس قد أجمعوا على ظاهرة قسوة القلوب، وبعد النّاس عن علاّم الغيوب، وإصرارهم على المعاصي والذّنوب، وليس ثمّة دواء أنفع ولا علاج أنجع من ذكر الله تعالى, وإنّ رجلا قال للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوةَ قلبي ؟ قال: أَذِبْهُ بِالذِّكْر.

فذكر الله حياة القلوي وغذاؤها، قال تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشّورى من: 52].

وكلّما كان العبد أكثر ذكرا لله تعالى كان أكثر إحساسا، فيرى المعروف معروفا، والمنكر منكرا، والحقّ حقّا، والباطل باطلا، وإلاّ:

( ............ مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيـلاَمُ )

قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام من: 122].

وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: (((( مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ )).

السّبب الثّاني: هو تهاون النّاس وإعراضهم عن ذكر الله بشتّى صوره، إلاّ من رحم ربّك وقليل ما هم.

فلا يخفى عليكم أنّ ذكر الله نوعان: ذكر مطلق، وذكر مقيّد:

فالذّكر المطلق: هو الّذي ورد التّرغيب فيه مطلقا من غير تقييد بزمان أو مكان أو حال، فالمسلم يذكر الله على كلّ حال، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [آل عمران من: 191]، يسبّح الله، ويهلّل، ويكبّر، ويحمد، ويُثني عليه الخير كلّه، ويقرأ القرآن، ويُصلّي على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ونحو ذلك.

والذّكر المقيّد: هو الّذي ورد الدّليل بتقييده بزمن أو مكان أو حال، فالمقيّد بالزّمن كأذكار الصّباح والمساء، والمقيّد بالمكان كمن نزل منزلا، أو دخل مسجدا أو بيتا، أو غير ذلك، والمقيّد بحال: كالمقيّد بحال المطر والصّحو، والمرض، و واللّباس والنّوم، والأكل، ودبر الصّلوات المكتوبة، وغير ذلك.

وإنّنا إذا عجزنا عن أن نكون من الذّاكرين اللهَ على كلّ حال تسبيحا وتمجيدا وتكبيرا وتهليلا واستغفارا وحوقلة وغير ذلك، فلا ينبغي أن نعجز عن ذكر الله في الأوقات الّتي أمرنا الله فيها وأمرنا رسول الله فيها بذكر الله ..

ولكنّك ترى بأمّ عينيك تقصيرا رهيبا وغفلة عجيبة حتّى في مواطن الذّكر القليلة: فصار النّاس يدخلون المسجد ويخرجون بلا ذكر .. يسمعون الأذان ولا يردّدون خلفه .. يلبسون ثيابهم ونعالهم ويأتون مضاجعهم ويدخلون منازلهم ويغادرونها ويركبون مراكبهم ولا يأتون على ذكر الله !! حتّى بلغ بهم الأمر إلى أن صاروا يتركون تحيّة الإسلام، فلا تُلقَى إلاّ على المعرفة والمصالح !!

فليس لدينا لمعالجة هذا الأمر إلاّ الكلمات .. وأيّ كلمات ؟! كلمات من وحي ربّ الأرض والسّموات، وأحاديث سيّد السّادات صلّى الله عليه وسلّم .. فنأتي على بعض فضائل الذّكر لعلّ فيها تذكيرا للغافلين، وتثبيتا للطّائعين ..

- الفضل الأوّل: أنّه أعظم عبادة على الإطلاق، وما عُبِد الله بمثل ذكره .. روى الإمام أحمد والتّرمذي بسند حسن عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال: قالَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ )). قَالُوا: بَلَى. قَالَ: (( ذِكْرُ اللَّهِ تعالى )).

فإن قيل: أليست الصّلاة أعظم العبادات ؟

فالجواب: أنّ الصّلاة ما عُظّمت إلاّ لأنّها ذكر لله تعالى، قال تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: من الآية45]، وأنّ الصّلاة دليل على ذكر الله قال تعالى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:15]، وقدّمه في الذّكر عندما حرّم الخمر، فقال:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91].

لذلك جاء وصفه بأنّه أحبّ العمل إلى الله، فقد روى الطّبراني عنْ مالِكِ بنِ يُخَامِرَ أنّه قال لمُعاذٍ رضي الله عنه: أَخْبِرْنِي بِأَفْضَلِ الأَعْمَالِ وَأَقْرَبِهَا إِلى اللهِ ؟ فقَالَ مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ: " إِنَّ آخِرَ كَلاَمٍ فَارَقْتُ عَلَيْهِ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ قُلْتُ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ ؟ قال: (( أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ )).

ولذلك كلّه أوصى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالذّكر إذا كثرت الأعمال على العبد، روى التّرمذي عنْ عبدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ: (( لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ )).

الفضل الثّاني: أنّه العبادة الّتي أمر الله تعالى بالإكثار منها، فالله لا يأمر المؤمنَ بذكره، ولكنّه يأمره بالإكثار من ذكره، لذلك جاءت أكثر النّصوص الآمرة بالذّكر واصفة له بالكثرة، ومن ذلك في القرآن الكريم:

قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45]، {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:35]،{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً} [الأحزاب:41]، وقوله:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً} [البقرة: من الآية200].

ولذلك ذمّ الله تعالى المنافقين لأجل أنّهم يذكرون الله قليلا، قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 142]، فهذا وعيد شديد للمؤمن الحقّ أن لا يكتفي بمجرّد الذّكر القليل.

- الفضل الثّالث: أنّه سبب لمعيّة الله تعالى وسبب لأن يذكرك الله في الملأ الأعلى، وسبب لقرب الله منك.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَقُولُ اللهُ تعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ. وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )).

ثلاثة أمور الواحدة منها تزن الكون كلّه:

أوّلها: ( وأنا معه إذا ذكرني ) تلك هي المعيّة الخاصّة، لا تكون إلاّ للمؤمنين الصّالحين، قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

ولم تقف المكافأة عند هذا، بل زاد: (( فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ )). قال تعالى:{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة:152] أي: اذكروني بالمعذرة أذكركم بالمغفرة، واذكروني بالثّناء أذكركم بالعطاء، واذكروني بالسّؤال أذكركم بالنّوال، واذكروني بالتّوبة أذكركم بعفو الحوبة، واذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص، واذكروني بالمناجاة أذكركم بالنّجاة .

قال أبو عثمان النّهدي: إني لأعلم السّاعة الّتي يذكرنا الله فيها. فقيل له: ومن أين تعلمها ؟ قال: يقول الله عزّ وجلّ: فاذكروني أذكركم. فقيل له: نذكر الله ولا نجد في قلوبنا حلاوة ؟ فقال: احمدوا الله تعالى على أن زيّن جارحة من جواركم بطاعته.

الخطبة الثّانية.

فمن فضائل ذكر الله أيضا:

- الفضل الرّابع: أنّ ذكر الله نجاة يوم القيامة من حرّ الشّمس ولهيبها.

فلا يخفى عليكم قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم - فيما رواه مسلم عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه -: (( تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا )) وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ )).

ولكن هناك أصنافا من النّاس وقاهم الله شرّ ذلك اليوم ولقّاهم نضرةً وسرورا، ففي الصّحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ )).

- الفضل الخامس: الذّكر من أسباب القوّة، يعين على القيام بالعبادة.

روى الطّبرانيّ والبزّار عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ عَجَزَ مِنْكُمْ عَنِ اللَّيْلِ أَنْ يُكَابِدَهُ، وَبَخِلَ بِالمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَجَبُنَ عَنِ العَدُوِّ أَنْ يُجَاهِدَهُ فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللهِ )).

فمن ابتُلِي بهذا التّقصير في الإنفاق، ومكابدة اللّيل، وعن الجهاد فليُكثر من ذكر الله تعالى، فإنّ الذّكر شفاء للقلب المريض، وحياة للقلب الميّت، وقوّة للأعضاء الكليلة، وها هي فاطمة رضي الله عنها تسأل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عبدا يخدمها، فأوصاها صلّى الله عليه وسلّم بالتّسبيح والتّحميد والنّكبير، فيدلّ ذلك على أنّ الذّكر قوّة، لذلك أمر الله به عند ساعة القتال.

- الفضل السّادس: أنّ ذكر الله حصن من الشّيطان.

وقد روى التّرمذي بسند صحيح أنّ من وصايا يحيى بنِ زكريّا لبني إسرائيل قوله: (( وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى حِصْناً حَصِيناً فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللهِ )) الحديث.

ومن الذّكر الطّارد لوساوس الشّيطان: الإكثار من قراءة القرآن، والإكثار من الاستعاذة من الشّيطان، والبسملة؛ حتّى إنّه يصير أصغر ما يكون، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَال الشَّيْطَانُ: لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قاَلَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ المَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ )). وغير ذلك ممّا لا يخفى.

الحاصل عبادَ الله: أنّ الله جعل ذكرَه أفضل زاد يحمله العبد في سفره إلى الله، وقد روى التّرمذي عن ثوْبَانَ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال حين سئِل عن أفضل المال: (( أَفْضَلُهُ لِسَانٌ ذَاكِرٌ، وَقَلْبٌ شَاكِرٌ، وَزَوْجَةٌ مُؤْمِنَةٌ تُعِينُهُ عَلَى إِيمَانِهِ )).

وما أشبهَ هذا بقوله تعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف:46].

وقد جاء في المسند عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه عنْ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( اسْتَكْثِرُوا مِنْ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ )) قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قال: (( التَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالتَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ )).

فذكر الرّحمن هو غِراس الجنان، ففي سنن التّرمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( لَقِيتُ إِبْراَهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ )).

وقد صحّت أحاديث كثيرة تبيّن أنّ للمسلم بكلّ تكبيرة أو تحميدة أو تسبيحة شجرةً في الجنّة.

وإلى جانب الذّكر، فهناك من الأعمال الصّالحة ما شرعه الله تعالى هذه الأيّام العشر، منها:

- الإكثار من العمل الصّالح: فطوبى لمن أكثر من الصّلاة هذه الأيّام ! وطوبى لمن أكثر من الصّدقة على الفقراء والأرامل والأيتام ! طوبى لمن أكثر من تلاوة القرآن !

- صيام تسعٍ من هذه الأيّام: لما رواه أبو داود عن أمّ سلمة: (( أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم تسعَ ذي الحجّة )).

- أنّه شرع للمقيم أن يتقرّب إلى الله بالأضحية كما يتقرّب الحاجّ إلى الله بالنّسك.

- النّحر: فمن أجلّ العبادات هذه الأيّام التقرّب إلى الله تعالى بالأضاحي.

ولكن، من أراد ونوى الأضحية فلا يجوز له أن يأخذ من أظفاره أو شعر بدنه شيئا.

فقد روى مسلم وغيره عن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا [ولا يقلمنّ ظفرا] )).

قال الإمام أحمد وإسحاق وداود وأصحاب الشّافعيّ: يحرم على كلّ من أراد أن يُضحِّي أن يأخذ شيئا من شعره وظفره حتّى يُضحِّي، قال العلماء: والحكمة في ذلك أن يتشبّه بالمحرم في بعض أحكامه.

- الاجتماع في صلاة العيد كما يجتمع الحجّاج عند البيت المجيد.

فنسأل الله تعالى أن يرزقنا قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وعملا متقبّلا، وأن يُلهمنا ذكره وشكره وحسن عبادته،

إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

أخر تعديل في الثلاثاء 03 ذو الحجة 1442 هـ الموافق لـ: 13 جويلية 2021 16:20

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.