أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 26 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 22 نوفمبر 2011 11:34

- الآداب الشّرعيّة (36) مراعاة أوقات الزّيارة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فمن آداب الزّيارة في الإسلام: مراعاة أوقات الزّيارة، وتحت هذا الأدب أمور ثلاثة: 

الأمر الأوّل: مراعاة الوقت المناسب.

فهناك أوقات لا يليق ولا ينبغي للمسلم أن يزور أخاه بها، كأوقات نومه، وطعامه. ويمكن أن يُستدلّ لهذا الحكم بثلاثة أدلّة:

- الأوّل: أشار إليه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:58].

فالآية نزلت في الأطفال وملك اليمين، يأمرهم الله تعالى فيها أن يستأذنوا للدّخول على أهل البيت، وهذا أدب رفيع ينبغي أن يُربّى عليه أطفالنا.

روى أبو داود عن عكرمَةَ أنّ نَفَرًا من أهْلِ العِرَاقِ قالوا:" يا ابنَ عَبَّاسٍ، كَيْفَ تَرَى في هَذِهِ الآيَةِ الّتِي أُمِرْنَا فِيهَا بِمَا أُمِرْنَا وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ: قَوْلُ اللهِ عزّ وجلّ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ...} الآيةَ ؟ قال ابنُ عبّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّ اللهَ حَلِيمٌ رَحِيمٌ بِالْمُؤْمِنِينَ، يُحِبُّ السَّتْرَ، وَكَانَ النَّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتُورٌ وَلَا حِجَالٌ، فَرُبَّمَا دَخَلَ الخَادِمُ أو الولدُ أو يَتِيمَةُ الرّجُلِ، وَالرّجُلُ على أهلِهِ، فَأَمَرَهُمْ اللهُ بِالِاسْتِئْذَانِ في تلكَ العَوْرَاتِ، فَجَاءَهُمْ اللهُ بِالسُّتُورِ وَالْخَيْرِ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَعْمَلُ بِذَلِكَ بَعْدُ ".

هذه الآية تنصّ على وجوب استئذان أهل الدّار بعضِهم على بعض، وتنصّ على العلّة، وهي: أنّها أوقات نومٍ وانبساطٍ إلى الأهل، فيُفهم منها: أنّه ينبغي للمسلم أن يتَّقِي الزّيارةَ هذه الأوقات للعلّة المذكورة، إلاّ عند الحاجة والضّرورة.

- الثّاني: قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب من: 53]، أي غير مترقّبين ومنتظرين إِنَة الطّعام.

والإِنَى: وقته وإدراكه، ومنه قولنا الآن أي هذا الوقت، ومنه قولنا آن كذا، ومنه قوله تعالى:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَق} [الحديد: من الآية16].

فإذا كنت تعلم أنّه وقت أكلٍ وطعام، فلا ينبغي أن تعكّر عليه صفوَه، وتفسِد عليه حالَه، إلاّ إذا كنت مدعُوّا، فذاك مشروع، ويُقاس عليه وقت النّوم للعلّة نفسِها.

- الثّالث: كان العرب يستنكرون الزّائرَ هذه الأوقات الثّلاث: قبل الفجر، ووقت الظّهيرة، وبعد العشاء.

ويدلّ عليه ما رواه البخاري عن عائشةَ رضي الله عنها قالت:

لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً.

فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَقَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا !

قال أبو بكْرٍ: " فِدًا لَكَ أَبِي وَأُمِّي ! وَاللهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ !...

ثمّ ذكرت حديث الإذن له صلّى الله عليه وسلّم بالهجرة.

والشّاهد: قولها: ( إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً )، وقول الصّديق: ( وَاللهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ ).

ويؤيّد هذه الأدلّة عملُ السّلف:

فقد روى الحاكم والطّبراني عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: لمّا قُبِض النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قلتُ لرجلٍ معي: إنّ هذا العلمَ ليوجد عند هذا الحيّ من الأنصار، فتتبّعت العلمَ أجمعُه منهم، فإذا بلغني الحديث عن أحد منهم ذهبت إليه، وإن كان قائلاً [من القيلولة] جلسْتُ عندَ عتبةِ بَابِه، ولمْ أطرُقْ عليه بابَه ولم أستأْذِنْ، والرِّيحُ تسُفّ عليَّ التّراب وأنا جالس أنتظر خروجَ هذا الأنصاريّ، فإذا خرج قال لي: غفر الله لك يا ابن عمّ رسول الله، ألا دعوتني فآتيَك ؟ فقال ابن عبّاس: لا، العلم يُؤْتَى.

وفي رواية الدّارمي رحمه الله:" وُجِد أكثرُ حديثِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عنْدَ هذا الحَيّ من الأَنصَار، واللهِ إنْ كنْت لآتِي الرَّجُل مِنْهم فيُقَالُ: هو نائم، فلو شئت أن يوقَظَ لِي، فأَدَعُه حَتَّى يَخْرجُ".

وقد ذكر الإمام الآلوسي رحمه الله هذه القصّة وقال: بلغتني هذه القصّة وأنا صغير فتأدّبت بها فنفعني الله بها.

وقد حُكِي عن بعض أفاضل هذا العصر أنّه زار والدته بالمدينةِ فبلغ المدينة بين الظّهر والعصر، فما رضي أن يستأذنها خشية أن يعكّر عليها راحتها !

الشّاهد: هو مراعاة وقت الزّيارة، وأنّ الأدب لا بدّ منه.

الأمر الثّاني: مراعاة الوقت التي دعيت إليه.

فلا تزد عليه، قال تعالى:{فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب:53].

قالت عائشة وابن عبّاس رضي الله عنهم: حَسْبٌك من الثّقلاء أنَّ الله لَمْ يستَحْيِ منهم.

لذلك سمّاها العلماء:" آية الثّقلاء "، قال ابن أبي عائشة وحمّاد بن زيد: أنزلت في الثّقلاء: يأتون وقت الطّعام، ثمّ يستأنس للحديث.

وقد أدّب الله صحابة نبيّه في العصر الأوّل، ففرض عليهم الصّدقة قبل مناجاة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)} [المجادلة].

قال ابن عبّاس رضي الله عنهما:" ذلك أنّ المسلمين أكثروا من المسائل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى شقّوا عليه، فأراد الله أن يُخفّف عن نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا أنزلت آية المناجاة جبُن كثير منهم وكفّوا عن المسألة ".

قال السّعدي رحمه الله:"{ذَلِكًمْ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} أي: بذلك يكثر خيركم وأجركم، وتحصل لكم الطّهارة من الأدناس التي من جملتها ترك احترام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وترك الأدب معه بكثرة المناجاة التي لا ثمرة تحتها، فإنّه إذا أُمِر بالصّدقة بين يدي مناجاته صار هذا ميزانا لمن كان حريصا على العلم والخير فلا يبالي بالصّدقة، ومن لم يكن له حرص ولا رغبة في الخير وإنّما مقصوده مجرّد كثرة الكلام فينكفّ بذلك عن الّذي يشق على الرّسول، هذا في الواجد للصّدقة، أمّا الذي لا يجد فإنّ الله لم يُضيّق عليه الأمر، بل عفا عنه وسامحه "اهـ.

الأمر الثّالث: التحلّي بآداب الحديث.

فلا بدّ علي الزّائر من:

1- أن ينتقي من الحديث أطيبه، ومن الكلام أحسنه، فيبتعد عن ذكر النّاس ومعايبهم، وعدّ عثراتهم وزلاّتهم.

2- وعليه باجتناب الثّرثرة، وحشر النّفس فيما لا يعني، وتضييع الأوقات فيما لا طائل تحته، فإنّ تضييع الوقت من المقت، وقد كان سفيان يقول للثّقلاء: أما آن لكم أن تقوموا ؟ إِنَّ مَلَكَ الشّمس لاَ يَفْتُر.

3- وليعلم أنّ الله قال في كتابه:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وقد أحسن من قال:

ولئن ندمت على السّكوت مرّة *** فلتندمنّ عـن الكـلام مرارا

إنّ السّكـوت سـلامة ولربّما *** زرع الكـلام عداوة وضرارا

4- وليحذر من الجدال، فإنّه زيغ وضلال، وأذى ووبال، وفي سنن التّرمذي وابن ماجه بسند حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدَى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الجَدَلَ )) ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}.

5- اجتناب نقل ما يُؤذيه من الأخبار:

وإلاّ كنت أنت الذي تؤذيه لا المتكلّم فيه، وقد قال أحدهم للحسن البصري: يا أبا سعيد، قومٌ يجالسونك لا لشيء إلاّ لتتبّع سقطاتك، وتصيّد زلاّتك ! فتبسّم الحسن وقال:" يا هذا، أنا حدّثت نفسي بالجنان، وملاقاة الرّحمن، فطمعت في ذلك، وما حدّثتها قط بالسّلامة من أذى النّاس، فمن أنا إذا تُكُلّم في ربّ السّموات والأرض: يخلق ويُعبَد غيره، ويرزق ويُشكر سواه ".

هذا ونسأل الله تعالى التّوفيق إلى العمل بما نتعلّمه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.