أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 15 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 23 أكتوبر 2010 10:13

- أصول اعتقاد السّلف (4) العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح ج 1

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد رأينا أصلين من أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة، الأوّل هو: ( لا تُبنَى العقيدة إلاّ على النّقول الصّحيحة )، وكان الأصل الثّاني هو: ( لا تفهم النّقول الصّحيحة إلاّ بفهم سلف الأمّة ).

وإنّنا في هذه الحلقة نتطرّق إلى:

الأصل الثّالث: ( العقل الصّريح لا يُخالف النّقل الصّحيح ).

وهذا الأصل من أنفع وأهمّ أصول الاعتقاد، فلا يمكن أن يتعارض العقل الصّريح والنّقل الثّابت الصّحيح أبدًا.

فإذا وُجِد ما يوهم التعارض بين النّقل والعقل، فاعلم أنّ هناك أحدَ أمرين:

- إمّا أن يكون النصّ غيرَ صحيحٍ.

- أو أن يكون العقل غيرَ صريح.

فيجب البحث عن صحّة النصّ[1]، فإن ثبت بالسّند الصّحيح لزم أن يُحكم على العقل أنّه غير سليم صريح، والعقل الصّريح هو القلب السّليم الّذي نهل من ينابيع الكتاب والسنّة وآثار سلف هذه الأمّة.

فإذا توفّر هذا الشّرطان ( صحّة النص وسلامة العقل ) فلا يمكن أبدًا أن يكون هناك تعارض أو تناقض.

ويدلّك على ذلك أنّ كلّ من ادّعى التّعارض بين العقل والنّقل تراهم من أهل البدع والضّلال، الّذين خالفوا الأصلين السّابقين، ولم يُسمع حرفٌ واحدٌ عن أهل السنّة والجماعة أنّهم ردُّوا نصّا صحيحا لأنّه خالف العقل، كلّ هذا لتوفّر هذين الشّرطين:

صحّة النّقل: فهم لا يبنون الاعتقاد إلاّ على النّقول الثّابتة كما مرّ.

-  وسلامة العقل من الآفات الدخيلة عليه، كالتّعصّب إلى المشايخ، والتّأثّر بعلم الكلام، والوقوع في فلسفات الغربيّين، ونحو ذلك.

ولأهمّية هذا الأصل أفرده شيخ الإسلام ابن تيمية بمؤلّف خاصّ وهو كتابه الكبير المفيد:" درء تعارض العقل والنقل ".

وإنّما ركّز أهل العلم على هذه القاعدة لرواج المذهب الكلامي القائم على المقدّمات الفلسفيّة، ومن أخطر ذلك: ما وضعه الرّازي (544هـ/606هـ) في " أساس التّقديس ".

الرّازي الذي يمثّل مرحلة خطيرة في مسيرة المذهب الأشعريّ، فالمذهب الأشعريّ في الحقيقة لم يقم على أحد كما قام على اثنين: أبي المعالي الجويني (478هـ)، والرّازي.

* أساس التّقديس:

وملخّص ما قاله في " أساس التّقديس ":

أنّه إذا تعارض العقل والنّقل، فلا يخرج عن أن يكون أحد أربعة أحوال، إمّا:

- أن نقبلهما معا، وهذا محال، لأنّ النّقيضين لا يجتمعان، ومن أمحل المحال اجتماع الضدّين في الحال.

- أن نردّهما معا، وهذا محال، لأنّ في ذلك طعنا في النّقل والعقل معا.

- أن نقدّم النّقل على العقل، وهذا محال أيضا، لأنّ العقل هو الطّريق إلى معرفة صحّة النّقل، فلو طعنّا فيه لطعنّا في النّقل أيضا، فلم يبق إلاّ:

- أن نقدّم العقل على النّقل، بضرب من التّأويل.

وقد راج هذا الكلام بين الأشاعرة حتّى عدّوه فتحا عظيما ونصرا عزيزا.

فجاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فنقض هذا الكلام من أساسه، وذلك في كتب عديدة له، أشهرها "درء تعارض العقل والنّقل" في أحد عشر مجلّدا، و"بيان تلبيس الجهميّة" في جزئين، وترى كثيرا من تلك التّأصيلات السّلفيّة في مواضع كثيرة من مجموع الفتاوى وخاصّة المجلّد الخامس والسّادس.

وملخّص كلام ابن تيمية رحمه الله في ردّه، أنّ ما قاله الرّازي وغيره مردود من طريقين:

1الطّريق الأوّل: طريق المنع:

- وهو أنّ النّقل الصّحيح لا يمكن أن يخالف العقل الصّريح، وذلك ما سبق بيانه آنفا.

- وهو أنّ العقل لا ينضبط، وما علّق على ما لا ينضبط لا ينضبط أيضا؛ بدليل أنّنا نرى كثيرا منهم ينفي بدلالة العقل ما أثبته الآخر بدلالة عقله.

- أنّه يمكن أن نجعل القسمة أكثر من ذلك بأن يقال: يقدّم النّقل أحيانا ويقدّم العقل أحيانا أخرى، والرّاجح هو ما دلّت القرائن على صحّته.

2-  الطّريق الثّاني: طريق التّسليم:

سلّمنا أنّ القسمة رباعيّة، ثمّ سلّمنا أن العقل الصّريح قد يخالف النّقل الصّحيح، فيقال: قولكم:

إنّهما لا يقبلان معا، صحيح.

وإنّهما لا يطرحان معا، صحيح.

أمّا قولهم: لو قدّمنا النّقل على العقل كان ذلك طعنا في العقل الّذي به عرفنا صحّة النّقل، فهذا غير صحيح، من وجهين اثنين:

أوّلهما: ما فررتم منه وقعتم فيه، لأنّ تقديم العقل على النّقل فيه اتّهام أيضا للعقل، لأنّ العقل شهد بصحّة النّقل، ثمّ ادّعى غلطه.

ثانيهما: كون العقل دليلا على النّقل، لا يعني أنّه صواب في جميع أحيانه، ومثل ذلك مثل من سأل عن طبيب ماهر حاذق، فدلّه أحدهم عليه، وبعد ذلك أراد هذا الدالّ على الطّبيب أن تُعرض عليه آراء الطّبيب وأحكامه ! فما قبله كان صوابا وما رفضه كان باطـلا ! ولا ريب أنّ هذا لا يقول به عاقل.

  • * من المسائل الفرعيّة تحت هذا الأصل:

وحتّى يتّضح هذا الأصل أكثر، فإليك بعض ما أوردوه من النصوص الّتي ادّعوا أنّها تعارض العقول، ونبيّن أنّ هذه النّصوص إن ثبتت صحّتها فإنّها لا يمكن أن تعارض العقل.

-    المثال الأوّل: قـوله تعـالى:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك:16]، وقول النـبيّ صلّى الله عليه وسلّم للجارية: (( أَيْنَ اللهُ ؟ )) قالت: فِي السَّمَاءِ. [رواه مسلم].

فقالوا: لو أخذنا بظاهر هذا الحديث والآية للزِم من ذلك أن يكون الله تعالى داخلَ السماء لأنّ حرف ( في ) في اللّغة العربية للظّرفية، وهذا محال.

والجواب على ذلك من وجهين: بالمنع والتّسليم:

أمّا المنع فيقال: ليس بالضّرورة أن تكون ( في ) هنا للظّرفية، بل هي بمعنى (على)؛ فإنّ ( في ) تأتي في اللّغة العربيّة بمعنى على، ومصداق ذلك قول الله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك: من الآية15]، وقوله حكاية عن فرعون:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طـه: من الآية71] أي: على الأرض وعلى جذوع النّخل.

وأمّا الجواب بالتّسليم فنقول: إن سلّمنـا أنّ المراد بـ: ( في ) هو الظّرفية، فإنّنا لا نسلّم بأنّ المراد بـ ( السّماء ) هي ذات الأطباق الزّرقاء، بل المراد بها العلوّ، فإنّ كلّ ما علاك فهو سماءٌ، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى:{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: من الآية22]، وقوله:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: من الآية5].

والماء لا ينزل من السّماء الزّرقاء بل من السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض.

والأمر المنزّل من عند الله تعالى يُقبض من تحت العرش فوق السّماوات السّبع.

فعلى هذا لا يكون في الآية ما يتعارض مع العقل، بل هي موافقة له كل الموافقة؛ لأنّ العقل السليم يفرض صفة العلو المطلق لله تعالى.

-    المثال الثّاني: ما يُروى عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (( الحَجَرُ الأَسْوَدُ يَمِينُ اللهِ تَعَالَى فِي الأَرْضِ، فَمَنْ قَبَّلَهُ وَصَافَحَهُ فَكَأَنَّمَا قَبَّلَ يَدَ اللهِ تَعَالَى وَصَافَحَ يَمِينَهُ )).

فقالوا: هذا الحديث يتعارض مع العقل؛ لأنّه يثبت عقيدة الحلوليّة وأن الله تعالى حالّ معنا، فهو يثبت أنّ أحدًا يصافح الله تعالى.

والجواب أن يقال: لا يجوز الحكم قبل النّظر في صحّة النّقل وفي صراحة العقل.

* فهذا الكلام إذا نظرنا إليه من حيث الثّبوت فهو لا يصحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإسناده مظلم[2].

وقد رُوِي عن ابن عبّاس رضي الله عنه بسند ضعيف أيضا.

إذًا فإنّ هذا النّقل فَقَدَ أحد الشّرطين وهو: صحّة السّند.

* ثمّ لو سلّمنا بأنّه صحّ عن ابن عبّاس رضي الله عنه وأنّه ليس للرّأي فيه مجال، وابن عبّاس ليس ممّن يأخذ عن أهل الكتاب، وثبت له حكم الرّفع، فإنّه لا يتعارض مع العقل من وجوه:

أولها: أنّ ابن عبّاس رضي الله عنه قال: ( يَمِين اللهِ تعالى فِي الأرْضِ )، ولم يطلق هذه اليمين، فهي يمين مقيّدة بأنّها في الأرض، ويمين الله تعالى ليست في الأرض وإنّما هي في السّماء، فعلم أنه لم يرد حقيقة يمين الله تعالى.

والثّاني: أنّه قال: ( فمن صافحه وقبله فكأنّما صافح ) وغاية ما في هذا أنّه تشبيه، ومن المعلوم بالعقل أن المشبه ليس هو المشبّه به، فدل هذا على أنه أراد التقريب وضرب المثل فقط لا إرادة التّمثيل، وذلك لأنّ عادة الملوك إذا دخل عليهم رعاياهم قبّلوا أيديَهم، ولله المثل الأعلى.[انظر " مجموع الفتاوى " (6/397)].

-    المثال الثّالث: ما رواه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الْإِيمَانَ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةَ يَمَانِيَةٌ وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ )).

فقالوا: ظاهر هذا الحديث يدعو إلى الحلول، إذ فيه إثبات أنّ الرّحمن حالٌّ ببعض مخلوقاته.

والجواب:

إنّ الحديث ضعيف أيضا، فقيل منكر وقيل شاذّ[3].

ثمّ إنّه لو صحّ فإنّ كلمة ( نفَس ) ليس المقصود منها النّفس المعروف، بل هي من نَفَّس يُنفِّس تنفيسًا، أي من التفريج.

أي إنّ تفريج الله لعباده يكون من قِبل اليمن، وهذا هو الذي حصل، فإن الله تعالى نفَّس على عباده في حروب الردّة بأهل اليمن، فهم أهل إيمانٍ وحكمة.

فعلى هذا المعنى الصحيح الّذي هو ظاهر اللفظ، لا يكون في الحديث أي إشكال ولله الحمد والمنة. [" مجموع الفتاوى " (6/398)].

( فائدة ) أوّل قياس فاسد عُورض به النّصوص ..

قال ابن القيّم رحمه الله في "الصّواعق المرسلة" (3/998):

"إنّ معارضة الوحي بالعقل ميراث عن الشيخ أبي مرّة [وهو من ألقاب الشّيطان]، فهو أوّل من عارض السّمع بالعقل، وقدّمه عليه، فإنّ الله سبحانه لما أمره بالسجود لآدم عارض أمره بقياس عقلي مقدّماته:{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} إذن فـ{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} والفاضل لا يسجد للمفضول ".

وقد ردّ عليه من وجوه عديدة، فلا تفوّتها عليك، وانظرها للاستفادة.

[يتبع إن شاء الله]


[1] والمراد بالنصّ هنا هو النصّ من السنّة، لأنّ القرآن كلّه متواتر.

[2] " منكر، أخرجه أبو بكر بن خلاّد في " الفوائد " (1/224/2)، و ابن عديّ (17/2)، وابن بشران في " الأمالي " (2/3/1)، والخطيب (6/328)، وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (2/84/944) " [ الضّعيفة (1/223)].

[3] كما في " الضّعيفة " (3/ص 96) رقم 1097.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 12:09

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.