أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الثلاثاء 18 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 26 أكتوبر 2010 05:00

- الآداب الشّرعيّة (2) الأدب مع الله: الإخلاص

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الأدب ثلاثة أنواع: أدب مع الله تعالى، وأدب مع الخلق، وأدب مع النّفس.

* أمّا الأدب مع الله تبارك وتعالى:

فالأمر الجامع له هو: مراقبته في السرّ والعلن، وهو غاية الإحسان معه تعالى.

قال الله عزّ وجلّ:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}، وقد فسّر لنا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الإحسان كما في حديث جبريل عليه السّلام الطّويل، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (( أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ )).

ففتّش عن سبل الإحسان لتسلكها، وابحث عن أبوابه لتطرقها .. وها هي أمامك بعض هذه المظاهر، فاظفر بها.

- من مظاهر الإحسان مع الله تعالى ومراقبته.

1- الإخلاص لله في القول والعمل:

فهو السرّ الّذي بينك وبين الله، لا يعلمه أحد سواه، وهو قطب القرآن، قال تعالى:{تَنْزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ} أي: ما أنزلنا عليك الكتاب إلاّ لتقيم العبادة لله وحده لا شريك له.

وما كان السّلف يحملون همّ شيء كما يحملون همّ الإخلاص، حتّى كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا حدّث بحديث الثّلاثة الذين هم أوّل من تسعّر بهم النّار يُغشى عليه.

* وعلامة الإخلاص هو استواء الحال في السرّ والعلن، فمن كان يعمل أمام النّاس ويترك العمل في خلوته فهذا منذر شرّ.

روى ابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ قَالَ:

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا )).

قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا ! أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ:

(( أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا !))

وليس من الحكمة في شيء أن نكتفِي بذكر الدّاء دون بيان الدّواء، لذلك أرى لزاما علينا أن نجيب عن سؤال مهمّ:

* كيف السّبيل إلى إخلاص العمل لله تعالى ؟

1-كثرة الدّعاء، ومن أحسن الأدعية أن نقول: (( اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم )).

فقد روى الإمام أحمد عن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: (( أَيُّهَا النَّاسُ ! اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ، فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ !)).

فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ:" وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟! " قَالَ: (( قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا نَعْلَمُ )).

2- معرفة صفات الله تعالى:

قال ابن رجب رحمه الله: " ما ينظر المرائي إلى الخلق في عمله إلاّ لجهله بعظمة الخالق ".

فإذا علم العبد أنَّ الله وحده هو الذي ينفع ويضرُّ، ويرفع ويخفض، ويقدّم ويؤخّر، طرح من قلبه الخوف من النَّاس والطّمع فيما في أيديهم، فلا يخشى ذمَّهم، ولا يطمع فِي ثنائهم.

وكذلك، متى علم العبد أنَّ الله سميعٌ بصيرٌ، يعلم خائنة الأعين وما تُخفِي الصُّدور، طرح مراقبة النَّاس من قلبه. قال ابنُ القيّم رحمه الله في " الفوائد " (1/ 149):

لا يجتمع  الإخلاص فِي القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يَجتمع الماء والنار، والضب والحوت.

فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فاقبل على الطمع أولا، فاذبَحه بسكين اليأس، وأقبل على الْمدح والثناء، فازهد فيهما زهد عشَّاق الدنيا فِي الآخرة.

فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد فِي الثناء والْمدح، سهل عليك الإخلاص.

فإن قلت: وما الذي يسهل علي ذبـح الطمع والزهد فِي الثناء والْمدح ؟ قلت:

أمّا ذبح الطّمع فيُسهِّله عليك علمُك يقينا أنّه ليس من شيء يُطمَع فيه إلاّ وبيد الله وحده خزائنه، لا يملكها غيره، ولا يُؤتِي العبدَ منها شيئا سواه.

وأمّا الزُّهد فِي الثّناء والمدح، فيُسهّله عليك علمُك أنه ليس أحد ينفع مدحُه ويزين، ويضرّ ذمّه ويشين إلاَّ الله وحده، كما قـال ذلك الأعرابِي للنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( ذَاكَ اللَّهُ )) [رواه التّرمذي وأحمد].

فازهد فِي مدح من لا يَزينُك مدحُه، وفِي ذمِّ من لا يشينُك ذمُّه، وارغب فِي مدح من كلُّ الزَّينِ فِي مدحه، وكل الشَّينِ فِي ذمِّه.

ولن يُقدَر على ذلك إلاَّ بالصبر واليقين، فمتى فقـدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السّفر فِي البحر فِي غير مركب، قال تعالى:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الرّوم:60]، وقال تعالَى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24] ".

فالإخلاص لوجه الله تعالى أن تستحي منه إذ علّمك وفهّمك وأجلسك مجالس الرّحمة هذه، فمن العيب بعد ذلك  أن تعمل لغيره.

3- تكلّف إخفاء العمل أحيانا:

كصلاة النّافلة، والصّدقة، وغير ذلك أمام من تظهر أمامه هذه الأعمال غالبا، كصديق ملازم، أو زوجة ونحوهم.

لأنّ تعوّد إخفاء الأعمال عمّن يغلب عليهم اطّلاعهم عليك من أحسن ما يعوّد المؤمن على الإخلاص.

وقد قالوا: عمل الخلوة أحبّ إلينا من عمل الجلوة. لذلك كان كثير من السّلف يستحبّون أن يكون للرّجل خبيئةٌ من عمل صالح لا يعلم به أحد، اقتداء بحديث أصحاب الغار الثّلاثة، وبما رواه الضّياء في " المختارة "، والخطيب في " تاريخه " عَن الزُّبير بن العوّام رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالَ: (( مَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبِيءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ )) [" الصّحيحة "(2313)].

بل كانوا يكرهون إظهار حسناتهم كما يكره أحدنا إظهار عيوبه، وما قصّة عبد الله بن المبارك عنّا ببعيد.

فقد ذكر ابن الجوزي في "صفوة الصّفوة" (4/144) عن عبدة بن سليمان قال:

كنّا في سرية مع عبد الله بن المبارك في بلاد الرّوم، فصادفنا العدوّ، فلمّا التقى الصفّان خرج رجل من العدوّ، فدعا إلى البِراز ( أي: المبارزة )، فخرج إليه رجلٌ فطارده ساعة فطعنه فقتله، ثمّ آخر فقتله.

ثمّ دعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فطارده ساعة فطعنه فقتله، فازدحم عليه النّاس، وكنت فيمن ازدحم عليه، فإذا هو ملثِّمٌ وجهَه بكمّه، فأخذت بطرف كمّه فمددته، فإذا هو عبد الله بن المبارك، فقال: و أنت يا أبا عمرو ممّن يشنّع علينا.

ويقول الحسن:" إن كان الرّجل لَيجمع القرآن ولَمَّا يشعر به الناس، وإن كان الرجل لينفق النفقة الكثيرة ولَمَّا يشعر الناس به، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته ولَمَّا يشعر الناس به، ولقد أدركت أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملونه في السر فيكون علانية أبداً ".

وهذا منصور بن المعتمر كان يكتحل نهارا حتّى لا يظهر أثر دموع الأسحار في عينيه.

وقال النّعمان بن قيس: ما رأيت عبيدة رحمه الله متطوّعا في مسجد الحيّ.

وروى ابن المبارك في " الزّهد " عن الرّبيع بن خثيم أنّه ما رُئِي متطوّعا في مسجد الحي.

ويقول حمّاد بن زيد:" كان أيّوب رُبَّما حدّث فِي الحديث فيرقَّ وتدمعَ عيناه، فيلتفت ويَمتخطُ، ويقول ما أشدَّ الزكام ! فيُظهرُ الزُّكامَ لإخفاءِ البكاء.

ويقول محمّد بن واسع التابعي: إن كان الرّجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم.

وكان علي بن الحسين يحمل الخبز بالليل على ظهره يتتبع به المساكين بالظلمة، ويقول: إنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ. قال محمّد بن إسحاق: كان أهالٍ بالْمدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلما مات وانقطع الطَّعام عرفوه، ورأوا على ظهره آثاراً مِمَّا كان ينقله من القِربِ والْجِرابِ بالليل وكان يعول مائة بيت.

ومن عجائب أخبار المخلصين ما حصل لصاحب النَّفق، وما أدراك من صاحب النّفق ؟

فقد حاصر المسلمون حصناً واشتد عليهم رمي الأعداء، فقام أحد المسلمين وحفر نفقاً فانتصر المسلمون، ولا يُعرَف من هو هذا الرجل؟

وأراد مَسلمة أن يعرف الرَّجل لمكافأته، ولَمَّا لَمْ يجده سأل الله تعالى أن يأتيه. فأتاه طارقٌ بليل، وسأله شرطاً، وهو أنه إذا أخبره من هو لا يبحث عنه بعد ذلك أبداً، فعاهده، فأخبره.

و كان مسلمة يقول: اللّهم احشرنِي مع صاحب النفق.

وذكر ابن خلّكان في ترجمة الإمام الْماوردي أنّه لم يُظهِر شيئاً من تآليفه فِي حياته، حتّى دنت وفاته فوكل بها إلى شخص يثق به فقال له: إنّ الكتب التِّي فِي المكان الفلانِي كلّها من تصنيفي، وإنَّما لَم أظهرها لأنِّي لَم أجد نيّة خالصة لله تعالى لَم يشبها كدر !

3-الصّيام: ومعلوم أنّ الصّيام مدرسة للإخلاص، إذ تكون على طاعة لا يعلمها إلاّ الله.

وفي الحديث: (( كلّ عمل ابن آدم له، إلاّ الصّوم، فإنّه لي وأنا أجزي به )) فهو يجعل العبد معتادا على العمل لله وحده.

4-مراقبة النّفس قبل العمل.

قيل للحسن رحمه الله: تعالَ نشهدْ جنازة فلان. فدخل بيته ثمّ خرج، فسئل ؟ فقال: أخلصت النيّة.

بمعنى أنّه أشهد الله تعالى أنّه ما خرج لئلاّ يقال عنه متقاعس عن حضور الجنازة، ولولا الحياء من النّاس ما تكلّفت شهودها ! لا، ولكن خرجت طمعا في الأجر.

وكان ابن عيينة يقول:" ما عالجت شيئا أشدّ عليّ من نيّتي تتقلّب عليّ ".

وكان بعضهم إذا قيل له حدِّثنا، قال:" لا، حتّى تأتي النيّة ".

ذلك لأنّ أوّل ما يطلب الإنسان العلم يأتيه الزّهو والغرور، وحبّ المناظرة والمناقشة والظّهور، والبروز على الأقران، وغير ذلك من حظوظ الدّنيا، فمن أراد الله به خيرا في بداية الطّلب كسر قلبه لخشيته.

وتبقى المراقبة أثناء العمل، وبعد العمل.

فقد ذكر الذّهبي عن أبِي الحسن القطان قال: أُصِبتُ ببصري، وأظن أنِّي عوقبت بكثرة كلامي أثناء الرحلة !

قال الذهبي: صدق والله، فإنَّهم كانوا مع حسن القصد وصحة النية غالباً، يخافون من الكلام وإظهار المعرفة.

وقال هشام الدَّستوائي:" والله ما أستطيع أن أقول إنِّي ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عزَّ وجلَّ ".

5-قراءة سير الصّالحين المخلصين.

فالنّفس مجبولة على حبّ الائتساء، فلندعْها تستغلّ ذلك في الإخلاص ..

وقد قال أبو حنيفة رحمه الله: لتراجم العلماء أحبّ إليّ من كثير الفقه، وقيل قديما: تراجم الرّجال مدارس الأجيال.

فمن أقوالهم:

- المخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته.

- وقال ابن أبي ملكية: أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلهم يخاف النفاق على نفسه.

- وقال سهل بن عبد الله: ليس على النّفس شيء أشقّ من الإخلاص لأنّه ليس لها فيه نصيب.

- وقال يوسف بن الحسين: أعزّ شيء في الدّنيا الإخلاص.

- وقال نعيم بن حماد: ضرب السياط أهون علينا من النيّة الصّالحة.

- وقال ابن القيم: العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه.

- وقال الفضيل بن عياض: أدركنا أناسا يراءون بما يعملون، فصار الناس اليوم يراءون بما لا يعملون.

- وعن الحسن أنه قال: لا يزال العبد بخير إذا قال، قال لله، وإذا عمل، يعمل لله.

ومن أخبارهم:

- كان منصور بن المعتمر إذا صلى الغداة أظهر النشاط لأصحابه فيحدثهم ويكثر إليهم، ولعله إنما بات قائماً على أطرافــه، وكلّ ذلك ليخفي عليهم العمل.

- وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلّي، فإذا دخل عليه الدّاخل نام على فراشه.

- وحسان بن أبي سنان تقول عنه زوجته: كان يجيء فيدخل في فراشي، ثم يخادعني كما تخادع المرأة صبيها، فإذا علم أني نمت سل نفسه فخرج، ثم يقوم فيصلي.

- قال ابن الجوزي: كان إبراهيم النخعي إذا قرأ في المصحف فدخل داخل غطّاه.

- وكما كانوا يخافون الرّياء في العبادة فقد كان خوفهم أشدّ  خوفهم من الرّياء في باب العلم:

- قال الشافعي: "وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم -يقصد علمه- على أن لا ينسب إليّ حرف منه.

- قال ابن المبارك: "ما لقيت واحدا من أهل العلم إلا قال: إياك والشهرة".

- وذكر ابن الجوزي عن الحسن أنه قال: كنت مع ابن المبارك فأتينا على سقاية والناس يشربون منها، فدنا منها ليشرب ولم يعرفه الناس، فزحموه ودفعوه، فلما خرج قال لي: ما العيش إلا هكذا، يعني حيث لم نعرف ولم نوقر.

6- مخالطة من تتوسم فيه الإخلاص:

فالصّاحب ساحب، والنّاس كأسراب القطا مجبولون على أن يتشبّه بعضهم ببعض، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: (( المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ )) {رواه أحمد والترمذي].

7- المجاهدة: قال سفيان: " ما عالجت شيئا أشدّ عليّ من نيّتي، لأنّها تتقلّب عليّ ".

8- الدنوّ من المساكين.

فتلك وصيّة حفظها أبو ذرّ رضي الله عنه  عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (( أوصاني خليلي بحبّ المساكين والدنوّ منهم )).

وكان من دعائه صلّى الله عليه وسلّم: (( وأسألك حبّ المساكين )).

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في جزء سمّاه "اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى" حيث قال ص(84-88):

" اعلم أنّ محبّة المساكين لها فوائد كثيرة:

منها أنّها توجب إخلاص العمل لله عزّ وجلّ، لأنّ الإحسان إليهم لمحبّتهم لا يكون إلاّ لله عزّ وجلّ، لأنّ نفعهم في الدّنيا لا يُرجى غالبا، فأمّا من أحسن إليهم ليُمدح بذلك، فما أحسن إليهم حبّا لهم، بل حبّا لأهل الدّنيا وطلبا لمدحهم له بحب المساكين ".

9- تذكر الموت: فقد روى التّرمذي والنّسائيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ )) -يَعْنِي الْمَوْتَ- زاد غيرهما: (( فَإِنَّهُ مَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ فِي ضِيقٍ إِلاَّ وَسَّعَهُ، وَلاَ ذَكَرَهُ فِي سَعَةٍ إِلاَّ ضَيَّقَهَا عَلَيْهِ )).

10- معرفة فوائد الإخلاص:

ذلك لأنّ المرء إذا عرف ما يجنيه من الثّمار العظيمة حرص على العمل، وإذا علم العواقب الوخيمة تراجع وكسل.

1- أعظم فوائده قبول العمل، ومثل المرائي كمثل المسافر يحمل جرابا من تراب، يُتعِبُهُ ولا ينفعه.

2- النّجاة من الفواحش والمصائب، قال تعالى حكاية عن إبليس:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)}.

وهذا يوسف عليه السّلام يقول تعالى عنه:{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: من الآية24].

وفي قصّة الثّلاثة الّذين آواهم المبيت إلى غار، ترى أنّهم ما أنجاهم إلاّ إخلاصهم.

3-الثّبات على الاستقامة .. قال مالك قولته المشهورة: " ما كان لله دام واتّصل ".. لذلك كان كلّ من زلّت به قدمه في الطّريق كان لأجل عدم أو قلّة الإخلاص.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 22:42

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.