أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأحد 01 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 07 نوفمبر 2010 20:05

- تفسير سورة البقرة (3) فضائل السّورة الكريمة

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فما زلنا في ذكر المسائل المتعلّقة بسورة البقرة.

* المبحث الخامس: هل ورد شيء في فضلها ؟

سورة البقرة من أعظم سور القرآن الكريم، حتّى استقرّ ذلك في نفوس الصّحابة والتّابعين، ويدلّ على ذلك ما رواه الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: ( كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يعني عَظُمَ -).

وقد ثبت لها من الفضائل الكثير، إمّا لمجموعها، أو لبعض آياتها، ومن هذه الفضائل:

- الفضل الأوّل: أنّها أطول سورة.

ويثبت فضلها بذلك من وجهين اثنين:

أ) لأنّها أكثر السّور حروفا، فتكون أكثرها أجرا، روى التّرمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ {الم} حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ )).

ب) ولمّا كانت أطول السّور كانت أكثرها آياتٍ، وللمؤمن بكلّ آية يحفظها درجة في الجنّة، روى التّرمذي، وأبو داود، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا )).

وبهذا الحديث استدلّ العلماء أنّ درجات الجنّة أكثر من مائة، ولا يعارض ذلك قولَه صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ )) فقد قال ابن القيّم في توجيهه:

"وهو لا ينفي أن يكون درج الجنة أكبر من ذلك، ونظير هذا قوله في الحديث الصّحيح (( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ ))"اهـ [" حادي الأرواح " (47)].

ويمكن أن يقال: إنّ المائة المذكورة في هذا الحديث إنّما أعدّها الله للمجاهدين في سبيله، بدلالة آخر الحديث، والله أعلم.

- الفضل الثّاني: أنّ الشّيطان يفرّ من البيت الذي تُقرأ فيه.

ولا شكّ أنّ هذا ثابت لجميع القرآن، كما قال تعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً} [الإسراء:45].

ولكنّ هذه السّورة الكريمة خُصّت بذلك، روى مسلم والنّسائي والتّرمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَفِرُّ - وفي رواية: ينفر - مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ {الْبَقَرَةِ} )).

وإنّما خصّت بالذّكر لأسباب ثلاثة:

الأوّل: لطولها وكثرة أسماء الله تعالى والأحكام فيها، هذا ذكره المباركفوري رحمه الله.

الثّاني: أو لأنّ فراره يطول أكثر من فراره من غيرها.

وقد استدلّوا على ذلك بما رواه ابن حبان من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه: (( مَنْ قَرَأَهَا لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلْ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ))، وهو حديث ضعيف كما في "الضّعيفة" (1349).

ولكن يمكن أن يستدلّ لذلك بما ثبت لخواتيم سورة البقرة بلفظ: (( لاَ يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلاَثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبَهَا شَيْطَانٌ )).

وفي رواية التّرمذي عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، أَنْزَلَ مِنْهُ آيَتَيْنِ، خَتَمَ بِهِمَا سُورَةَ {الْبَقَرَةِ وَلَا يُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ )).

الثّالث: لكونها تحتوي على آية الكرسيّ، وهي ممّا يفرّ الشّيطان منها.

فيجتمع لها ثلاثة أسباب: ما ثبت للقرآن جملة، وما ثبت لآية الكرسيّ خاصّة، وما ثبت لأواخرها ثالثا.

- الفضل الثّالث: أنّها حَوَت على نور لم يؤته نبيّ قبل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

وهما خواتيم سورة البقرة، فقد روى مسلم والنّسائيّ وغيرهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:

(( بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ[1]، فَقَالَ:

" هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ:" هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ {الْبَقَرَةِ} لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ )).

فقوله: ( لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا ) أي: ممّا فيهما من الدّعاء ( إلاّ أعطيته ).

وهذا لا يختصّ به صلّى الله عليه وسلّم، بل يعمّ أمّته صلّى الله عليه وسلّم. وذلك:

لأنّ سورة الفاتحة تضمّنت طلب الاستعانة على العبادة، وطلب الهداية، والثّبات على الاستقامة، ومخالفة صراط المغضوب عليهم والضّالّين، وقد آتى الله تعالى هذه الأمّة سؤالها، فيسّر لها كثيرا من أسباب الطّاعة، وضاعف لها الأجور، وسلّمها من الوقوع فيما وقع فيه اليهود والنّصارى من تحريف الكتاب وتأويله على غير وجهه.

كما تضمّنت أواخر البقرة سؤال التّخفيف ورفع الأغلال والآصار التي كانت على من قبلهم، ورفع عنهم الخطأ والنّسيان، لذلك جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم.

فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ ! كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا ؟!

فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ؟! بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )).

قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}.

فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: نَعَمْ.{رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: نَعَمْ.{رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ: نَعَمْ. {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قَالَ: نَعَمْ.

- الفضل الرّابع: أنّها تشفع لحاملها.

- الفضل الخامس: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سمّاها زهراء. وهذان تشاركها فيهما سورة آل عمران.

- الفضل السّادس: أنّها أمان من السّحر.

وهذه الفضائل الثّلاث يدلّ عليها ما رواه مسلم عن أبي أمامة الباهلِيّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

(( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ{الْبَقَرَةَ} وَسُورَةَ{آلِ عِمْرَانَ} فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا.

اقْرَءُوا سُورَةَ {الْبَقَرَةِ} فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ )).

قال معاوية بن سلاّم: بلغني أنّ البطلة: السَّحَرَةُ.

وقد وصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم سورة البقرة وكذا آل عمران بأنّهما ( زهراوان )، وهو مثنّى زهراء.

قال النّووي رحمه الله:" قالوا: سمّيتا الزّهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما ".

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ( فإنّهما يأتيان يوم القيامة كأنّهما غمامتان أو كأنهما غيايتان ) قال العلماء: المراد أنّ ثوابهما يأتي كغمامتين.

ومن المعلوم أنّ القرآن كلّه شافع لأصحابه، ولكنّ النبيّ  صلّى الله عليه وسلّم خصّ هاتين السّورتين بالذّكر لسببن اثنين:

- لأنّهما يتقدّمان القرآن كلّه، كما ينصّ عليه حديث النّواس بن سمعان رضي الله عنه.

- أو يريد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُعلِم أمّته بأنّ من فاته القرآن كلّه فليحرص على هاتين السّورتين.

ثمّ أكّد على سورة البقرة خاصّة بقوله: (( فَإِنّ أَخْذَها بَرَكَة )) أي يحصل بها الخير المنشود، وأنّ ( تَرْكها حَسْرَة ) لما يُرَى من أجر حفّاظها، ولذلك كلّه قال أنس بن مالك رضي الله عنه:" كان الرّجل إذا حفظ البقرة جدّ فينا ".

- الفضل السّابع: أنّها سنام القرآن.

روى التّرمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ )).

وروى ابن حبّان في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.. )).

وقد سبق أن شرحنا معنى هذا الحديث في ذكر أسماء السّورة الكريمة.

- الفضل الثّامن: أنّها سبب لنزول السّكينة.

روى ابن حبّان عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:

يَا رَسُولَ اللهِ ! بَيْنَمَا أَنَا أَقْرَأُ اللَّيْلَةَ سُورَةَ البَقَرَةِ إِذْ سَمِعْتُ وَجْبَةً مِنْ خَلْفِي، فَظَنَنْتُ أَنَّ فَرَسِي انْطَلَقَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اِقْرَأْ أَبَا عَتِيكٍ )).

قال: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا مِثْلُ المِصْبَاحِ مُدَلَّى بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَرَسُولُ الله ِصلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( اِقْرَأْ أَبَا عُتَيْكٍ )).

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ! مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( تِلْكَ المَلاَئِكَةُ نَزَلَتْ لِقِرَاءَةِ سُورَةِ {البَقَرَةِ} أَمَا إِنَّكَ لَوْ مَضَيْتَ لَرَأَيْتَ العَجَائِبَ )).

فلا جرم أن يجِدّ الرّجل في الصّحابة الكرام إذا حفِظ هذه السّورة.

بل إنّك لترى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستنفر بمنزلتها الأنصار رضي الله عنهم يوم حنين، فقد روى الإمام أحمد أنّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم خَطَبَهُمْ - أي: يوم حُنين، وَقَالَ:

(( الْآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ )) وَقَالَ: (( نَادِ يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ !)).

نسأل الله التّوفيق والسّداد، والهدى والرّشاد.



[1] أي: جبريل عليه السّلام كما في رواية.

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 10:06

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.