أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 25 صفر 1437 هـ الموافق لـ: 07 ديسمبر 2015 19:43

- قُـبْـحٌ جَـمِـيـلٌ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد روى الطّبرانيّ عن أنسٍ رضي الله عنه أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( أَلَا أُخْبِرِكُمْ بِنِسَائِكُمْ فِي الْجَنَّةِ ؟ )) قال: قُلْنَا: بَلَى يَا رسُولُ اللهِ، قَالَ:

(( كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ، إِذَا غَضِبَتْ أَوْ أُسِيءَ إِلَيْهَا أَوْ غَضِبَ زَوْجُهَا قَالَتْ: هَذِهِ يَدِي فِي يَدِكَ لاَ أَكْتَحِلُ بِغَمْضٍ حَتَّى تَرْضَى )) [انظر"صحيح التّرغيب والتّرهيب" (1941)].

والودود هي الّتي تتودّد إلى زوجها بالكلام الطيّب والمعاملة الحسنة، وتسارع إلى إرضائه، وإن كانت مظلومةً كما نطق به هذا الحديث.

والظّاهر: أنّ الله ما جعل مثلَ هذه المرأة في الجنّة إلاّ لأنّها ارتَقَت فكانت مثل نساء الجنّة الحورِ العِينِ، اللاّءِ وصفهنّ الله تعالى بالتودّد، فقال وصفهنّ:{عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة:37]، والعُرُب جمع عرُوب، وهي المتحبّبة إلى زوجها، وقال المبرّد: هنّ العاشقات لأزواجهنّ.

وفي الحديث قدّم وصف ( التودّد )؛ لأنّه جمال الباطن، كما في قوله تعالى:{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرّحمن:70] والخيْرات جمع خَيْرة، وقرئ في الشّاذّ ( خَيِّرَات ) جمع ( خيّرة ) كسيّدة، و( حِسان ) جمع حسنة، فهنّ: خيّـرات الخُلُـق وحسـان الخَلْـق، فجمع الله لهنّ جمال الصّفات والأخلاق والشِّيم، وجمال الوجه والصّورة، وقدّم جمال الأخلاق لأنّ جمال النّفس أولى من جمال الصّورة.

جَمَالُ الرُّوحِ ذَاكَ هُوَ الجَمَالُ *** تَطِيبُ بِهِ الشَّمَائِلُ وَالخِلاَلُ 

وَلاَ تُغنِي إِذَا حَسُنَتْ وُجُـوهٌ *** وَفِي الأَجْسَادِ أَرْوَاحٌ ثِقَالُ

وإليك قصّة نسجها لنا يراعُ الأديب مصطفى صادق الرافعي رحمه الله، بعنوان " قُبْحٌ جَميل "، فتريّث في قراءتها، واستخراج جواهرها ودُررهِها. قال رحمه الله:

" دخل أحمدُ بنُ أيمن ( كاتبُ ابنِ طولون ) البصرة، فصنع له مسلمُ بنُ عمران التّاجر المتأدّب صنيعاً[1] دعا إليه جماعةً من وجوهِ التجّار وأعيانِ الأدباء.

فجاء ابنَا صاحبِ الدّعوة، وهما غلامان، فوقفا بين يدي أبيهما، وجعل ابنُ أيمنَ يُطِيل النّظرَ إليهما، ويُعجَبُ من حُسْنِهما، وبِزَّتِهما ورُوائِهما[2]، حتّى كأنّما أُفرِغا في الجمال وزينتِه إفراغاً، أو كأنّما جاءا من شمسٍ وقمرٍ، لا من أبوين من النَاس ! ... وكان لا يصرف نظرَهُ عنهما إلاّ رجع به النّظر، كأنّ جمالَهما لا ينتهي، فما ينتهي الإعجاب به.

وجعل أبوهما يُسارِقُه النّظرَ مسارقةً، ويبدو كالمتشاغلِ عنه، لِيَدعَ له أن يتوسّمَ ويتأمّلَ ما شاء، وأن يملأ عينيه ممّا أعجبه من لُؤلُؤتَيه ومَخَايِلِهِمَا[3]؛ بيدَ أنّ الحُسنَ الفاتنَ يأبَى دائماً إلاّ أن يسمعَ من ناظرِه كلمةَ الإعجابِ به، حتّى لينطِقُ المرءُ بهذه الكلمة أحياناً، وكأنّها مأخوذة من لسانه أخذاً، وحتّى ليُحِسّ أنّ غريزةً في داخله كلّمها الحسنُ من كلامه، فردّت عليه من كلامها !

قال ابن أيمن: سبحان الله ! ما رأيت كاليومِ قط دُمْيتَيْن لا تُفتحُ الأعينُ على أجملَ منهما؛ ولو نزلا من السّماء وألبستْهُما الملائكةُ ثياباً من الجنّة، ما حسبتُ أن تصنع الملائكة أظرفَ ولا أحسنَ ممّا صنعت أمُّهُما[4].

فالتفت إليه مسلم وقال: أحبّ أن تعوِّذَهما. فمدّ الرّجل يدَه ومسح عليهما، وعوّذهما بالحديث المأثور، ودعا لهما، ثمّ قال:

ما أراك إلا اسْتَجَدْتَ[5] الأمّ فحَسُنَ نسْلُك، وجاء كاللّؤلؤِ يشبه بعضُه بعضاً، صغاره من كباره؛ وما عليك ألاّ تكونَ قد تزوّجت ابنةَ قيصرٍ فأولدتَها هذين، وأخرجَتْهُما هي لك في صيغتِها الملوكيّة[6] من الحسن والأدب والرّونق، وما أرى مثلَهما يكونان في موضعٍ إلاّ كان حولهما جلالُ المُلْك ووقارُه، ممّا يكون حولهما من نور تلك الأمّ.

فقال مسلم: وأنت على ذلك غير مصدِّق إذا قلت لك إنّي لا أحبّ المرأة الجميلة الّتي تصف، وليس بي هوًى إلاّ في امرأة دميمة هي بدمامتها أحبّ النّساء إلَيّ، وأخفُّهُنّ على قلبي، وأصلحُهنّ لي، ما أعدِلُ بها ابنةَ قيصرٍ ولا ابنة كسرى !

فبقي ابنُ أيمنَ كالمشدوه من غرابة ما يسمع، ثمّ ذكر أنّ من النّاس من يأكل الطّينَ ويستطِيبُه لفسادٍ في طبعِه، فلا يحلُو السّكر في فمه وإن كان مكرّراً خالصَ الحلاوة؛ ورثَى أشدَّ الرثاء لأمّ الغلامين أن يكون هذا الرّجل الجلف قد ضارّها[7] بتلك الدّميمة أو تسرّى بها عليها؛ فقال وما يملك نفسه:

أما - والله - قد كفرت النِّعمةَ، وغدرتَ وجحدْتَ وبالغت في الضُرّ، وإنّ أمَّ هذين الغلامين لامرأةٌ فوقَ النّساء، إذ لم يتبيّنْ في ولديها أثرٌ من تغيُّرِ طبعِها وكدور[8] نفسها، وقد كان يسعُها العذرُ لو جعلتهما سَخْنَةَ عينٍ[9] لك وأخرجتهما للنّاس في مساوئِك لا في محاسِنك، وما أدري كيف لا تنِدُّ عليك، ولا كيف صَلُحت بمقدار ما فسدْتَ أنتَ، واستقامت بمقدار ما التويتَ، وعجيبٌ والله شأنكما ! إنّها لتغدو في كرم الأصل والعقل والمروءة والخلق، كما تغلو أنت في البهيمية والنَّزَق[10] والغدر وسوء المكافأة.

قال مسلم: فهو - والله - ما قلتُ لك، وما أحِبّ إلاّ امرأةً دميمةً قد ذهبت بي كلَّ مذهب، وأنستني كلّ جميلةٍ في النّساء، ولئن أخذْتُ أصفُها لك لما جاءت الألفاظ إلاّ من القبح والشّوهة والدّمامة؛ غيرَ أنّها مع ذك لا تجيء إلاّ دالّةً على أجمل معانِي المرأة عند رجُلها في الحظوة، والرِّضى وجمال الطبع؛ وانظر كيف يلتئم أن تكون الزّيادة في القبح هي زيادة في الحسن وزيادة في الحبّ، وكيف يكون اللّفظ الشّائه، وما فيه لنفسي إلاّ المعنى الجميل، وإلا الحسّ الصادق بهذا المعنى، وإلاّ الاهتزاز والطرب لهذا الحسّ ؟

قال ابن أيمن: والله إن أراك إلاّ شيطاناً من الشياطين، وقد عجّل الله لك من هذه الدّميمة زوجتَك الّتي كانت لك في الجحيم؛ لِتجتمِعا معاً على تعذيب تلك الحوراء الملائكية أمِّ هذين الصّغيرين، وما أدري كيف يتّصل ما بينكما بعدَ هذا الّذي أدخلتَ من القُبح والدَّمامة في معاشرتِها ومُعايَشَتِها، وبعد أن جعلتها لا تنظر إليك إلاّ بنظرتها إلى تلك. أفبهيمة هي لا تعقل ؟ أم أنت رجل ساحر ؟ أم فيك ما ليس في النّاس ؟ أم أنا لا أفقه شيئاً ؟

فضحك مسلم وقال: إنّ لي خبراً عجيباً: كنت أنزل ( الأبُلَّة )[11] وأنا مُتَعَيِّش[12] فحملت منها تجارة إلى البصرة فربحت، ولم أزلْ أحملُ من هذه إلى هذه فأربحُ ولا أخسر، حتّى كثُر مالي، ثمّ بدا لي أن أتّسع في الآفاق البعيدة لأجمعَ التّجارة من أطرافها، وأبسُطَ يدِي للمال حيث يكثُرُ وحيث يقِلُّ، وكنت في ميْعَةِ الشّباب وغلوائه، وأوّل هجمة الفتوّة على الدّنيا، وقلت: إنّ في ذلك خلالاً[13]؛ فأرى الأمم في بلادها ومعايشها، وأتقلب في التجارة، وأجمع المال والطرائف، وأُفيدُ عِظةً وعبرةً، وأعلم علماً جديداً، ولعلّني أصيبُ الزّوجة الّتي أشتهيها وأصوِّر لها في نفسي التّصاوير، فإنّ أمري من أوّله كان إلى علوٍّ فلا أريد إلاّ الغاية، ولا أرمي إلا للسَّبَق، ولا أرضى أن أتخلّف في جماعة النّاس.

وكأنّي لم أر في الأبلّة ولا في البصرة امرأةً بتلك التّصاوير الّتي في نفسي، فتأخذَها عيني، فتعجبَني، فتصلحَ لي، فأتزوّجَ بها، وطمعتُ أن أستنْزِل نجماً من تلك الآفاق أحرزُه في داري. فما زلت أرمي من بلدٍ إلى بلدٍ حتّى دخلت بلخَ[14] من أجلِّ مدنِ خُراسانَ وأوسعِها غَلَّةً، تحمل غلّتَها إلى جميع خُراسان وإلى خوارزم؛ وفيها يومئذ كان عالِمُها وإمامها أبو عبد الله البلخيّ، وكنّا نعرف اسْمَه في البصرة؛ إذ كان قد نزلها في رحلتِه، وأكثر الكتابة بها عن الرّواة والعلماء؛ فاستخفَّتني إليه نَزِيَّةٌ[15] من شوقي إلى الوطن، كأنّ فيه بلدي وأهلي؛ فذهبت إلى حلْقتِه، وسمعتُه يفسّر قولَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( سَوْدَاءُ وَلُودٌ خَيْرٌ مِنْ حَسْنَاءَ لاَ تَلِدُ ))[16]... سمعت -والله- كلاماً لا عهدَ لي بمثله، وأنا من أول نشأتي أجلس إلى العلماء والأدباء، وأداخلُهم في فنون من المذاكرة، فما سمعت ولا قرأت مثلَ كلام البلخي، ولقد حفظته حتّى ما تفوتني لفظةٌ منه، وبقي هذا الكلام يعمل في نفسي عملَه، ويدفعني إلى معانيه دفعاً، حتّى أتى عليّ ما سأحدّثُك به. إنّ الكلمةَ في الذّهن لتوجِدُ الحادثةَ في الدّنيا.

قال ابن أيمن: اِطْوِ خبرَك إن شئت، ولكن اُذْكُر لي كلامَ البلخيّ، فقد تعلّقَتْ نفسي به ".

وقبل أن أواصل في سرد قصّة الرّافعيّ رحمه الله، فإنّي أقطع سردَه لكلام الإمام البلخيّ، فأذكر أهمّ ما فيه لطوله، وأُبْقِي على دُررِه، فهو وإن كان يشرح حديثا لا يصحّ، ولكنّ المعاني الّتي يرمي إليها كلّها أصابت كبد الصّواب. وإليك فحوى شرحه:

1- أنّه كنّى بالسّواد عن الصّفات الّتي يستقبحها الرّجال في النساء وصورهنّ؛ فألطف التّعبيرَ؛ كيلا يصف المرأة بالقبح والدّمامة، وتنزيهاً لهذا الجنس الكريم؛ فإنّ المرأة أمّ أو في سبيل الأمومة؛ والجنّة تحت أقدامها، فكيف تكون الجنّة تحت قبيح ؟!

2- أنّ أكمل الخلق صلّى الله عليه وسلّم ما زال يوصي بالنّساء ويرفع شأنهنّ حتى كان من آخر وصاياه: (( الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )) فربط بين العبادة والزّواج؛ لأنّه بطبيعته نوع رقّ.

3- لو أن أماًّ كانت دميمةً شوهاءَ في أعين النّاس، لكانت في أعينِ أطفالها أجملَ من ملكةٍ على عرشِها. فهو صلّى الله عليه وسلّم يقرّر للنّاس أنّ كَرَمَ المرأة بأمومتها، فإذا قيل: إنّ في صورتها قبحاً، فالحسناء الّتي لا تلد أقبحُ منها في المعنى. وانظر أنت كيف يكون القبحُ الّذي يقال: إنّ الحُسْنَ أقبحُ منه !

4- فالحديث يفيد أنْ لا قُبحَ في صورة المرأة، وأنّها منزهة في لسان المؤمن أن توصف بهذا الوصف، فإنّ كلماتِ القبح والحسن لغةٌ بهيميّةٌ تجعل حبَّ المرأة حبّاً على طريقة البهائم.

5- فأكبر الشّأن هو للمرأة الّتي تجعل الإنسانَ كبيراً في إنسانيّته، لا الّتي تجعله كبيراً في حيوانيّته، فلو كانت هذه الثّانية هي الّتي يصطلح النّاس على وصفها بالجمال فهي القبيحة لا الجميلة، إذ يجب على المؤمن الصحيح الإيمان أن يعيش فيما يصلح به الناس، لا فيما يصطلح عليه الناس.

6- لا ينبغي أن يحصُر الإنسان الذّات السّماوية الواسعة في الذّات التّرابية الضيّقة، فالنّظر يجب أن يكون إلى العمل، فالعمل هو لا غيره الذي تتعاوره ألفاظ الحسن والقبح.

7- مهما اختلف الزّوجان في القبح والجمال، فهما في الحقيقة والعمل وكمال الإيمان الروحي: إرادتان متّحدتان تجذب إحداهما الأخرى جاذبيّة عشقٍ، وتلتقيان معاً في الفضيلة وثواب الله والإنسانية؛ ولذلك اختار الإمام أحمد بن حنبل عوراء على أختها، وكانت أختها جميلة، فسأل: من أعقلهما ؟ فقيل: العوراء فقال: زوّجوني إيّاها. فكانت العوراء في رأي الإمام وإرادته هي ذات العينين الكحيلتين، لوفور عقله وكمال إيمانه.

8- ليس الحكم للعين وحدها، فهناك العقل والقلب، فجواب العين وحدها إنّما هو ثلث الحق، وضياع الثّلثين يجعله في الأقلّ حقاً غيرَ كامل.

9- ما نكرهه من وجه، قد يكون هو الذي نحبه من وجه آخر، إذا نحن تركنا الإرادة السليمة تعمل عملها الإنساني بالعقل والقلب، وبأوسع النظرين دون أن أضيقهما {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النّساء من:19].

ونعود إلى الرّافعيّ رحمه الله، قال:

" فوثب ابنُ أيمن، وأقبل يدور في المجلس ممّا دخله من طرب الحديث ويقول: ما هذا إلا كلام الملائكة سمعناه منك يا ابنَ عمران !

قال مسلم: فكيف بك لو سمعته من أبي عبد الله؛ إنه -والله- قد حبّب إليّ السّوداء والقبيحةَ والدّميمةَ، ونظرت بنفسي خيرَ النّظرين، وقلت: إن تزوّجت يوماً فما أبالي جمالاً ولا قبحاً، إنّما أريد إنسانيّةً كاملةً منّي ومنها ومن أولادنا، والمرأة في كلّ امرأة، ولكن ليس العقل في كلّ امرأة.

قال: ثمّ إنّي رجعت إلى البصرة، وآثرتُ السُّكنَى بها، وتعالمَ النّاس إقبالي، وعلمت أنه لا يحسن بي المقام بغير زوجة، ولم يكن بها أجلُّ قدراً من جدِّ هذين الغلامين، وكانت له بنتٌ قد عضلها، وتعرض بذلك لعداوة خُطّابها؛ فقلت: ما لهذه البنتِ بدٌّ من شأن، ولو لم تكن أكملَ النّساء وأجملَهن، ما ضنَّ بها أبوها رجاوةَ أن يأتيه من هو أعلى، فحدّثتني نفسي بلقائه فيها، فجئته على خلوة.

فقطع عليه ابنُ أيمنَ، وقال: قد علمنا خبرَها من منظر هذين الغلامين، وإنّما نريد من خبرِ تلك الدّميمة الّتي تعشَّقْتَها.

قال: مهلاً فستنتهي القصّة إليها. ثمّ إنّي قلت: يا عمّ، أنا فلان بن فلان التّاجر. قال: ما خفي عنّي محلُّك ومحلُّ أبيك. فقلت: جئتك خاطباً لابنتِك. قال: والله ما بي عنك رغبةٌ، ولقد خطبها إليّ جماعة من وجوه البصرة وما أجبتهم، وإنّي لكارِهٌ إخراجَها عن حِضْنِي إلى من يُقَوِّمُها تقويمَ العبيد. فقلت: قد رفعها الله عن هذا الموضع، وأنا أسألك أن تُدخِلَني في عددك، وتَخْلِطَنِي بشملك.

فقال: ولا بدّ من هذا ؟ قلت: لا بدّ. قال: اُغْدُ عليّ برجالك.

فانصرفت عنه إلى ملأ من التجّار ذوي أخطار، فسألتهم الحضور في غدٍ؛ فقالوا: هذا رجل قد ردّ من هو أثرَى منك، وإنّك لتُحَرِّكُنا إلى سعيٍ ضائع. قلت: لا بدّ من ركوبكم معي. فركبوا على ثقة من أنّه سيردّهم.

فصاح ابن أيمن - وقد كادت روحه تخرج -: فذهبتَ، فزوَّجَكَ بالجميلة الرّائعةِ أمِّ هذين؛ فما خبرُ تلك الدّميمة ؟

قال مسلم: يا سيّدي، قد صبرتَ إلى الآن، أفلا تصبِرُ على كلمات تُنَبِّئُكَ من أين يبدأ خبرُ الدّميمة، فإنّي ما عرفتها إلاّ في العُرْس !

قال: وغدونا عليه فأحسنَ الإجابة وزوَّجَنِي، وأطعمَ القومَ ونحرَ لهم، ثمّ قال: إن شئت أن تبيتَ بأهلك فافعلْ، فليس لها ما يُحتاجُ إلى التَّلَوُّمِ عليه وانتظارِه. فقلت: هذا يا سيدي ما أحبّه. فلم يزل يحدّثني بكلّ حَسَنٍ حتّى كانت المغرب، فصلاّها بي، ثم سبّح وسبّحت، ودعا ودعوت، وبقي مقبلاً على دعائه وتسبيحِه ما يلتفت لغير ذلك، فأمضَّني[17] - علِمَ الله - كأنّه يرى أنّ ابنتَه مقبلةٌ على مصيبةٍ، فهو يتضرّع ويدعو !

ثمّ كانت العتمةُ فصلاّها بي، وأخذ بيدي، فأدخلني إلى دار قد فُرِشَت بأحسنِ فَرْشٍ، وبها خدمٌُ وجَوَارٍ في نهايةٍ من النّظافة؛ فما استقرّ بي الجلوس حتّى نهض وقال: أستودعُك الله، وقدَّمَ الله لكما الخيرَ وأحرزَ التّوفيق. واكتنفني عجائز من شَمْله، ليس فيهنّ شابّة إلاّ من كانت في الستّين. فنظرت فإذا وجوهٌ كوجوه الموتى، وإذا أجسامٌ بالية يتضامُّ بعضُها إلى بعض، كأنّها أطلالُ زمنٍ قد انقضّ بين يديّ ...

فصاح ابن أيمن: وإنّ دميمتَك لعجوز أيضاً !؟ ما أراك يا ابنَ عمرانَ إلاّ قتلْتَ أمَّ الغلامين !

قال مسلم: ثمّ جلوْنَ ابنتَه عليّ وقد ملأْنَ عينَيَّ هرماً وموتاً، وأخْيِلَةَ شياطين، وظلالَ قرود؛ فما كِدْت أستفيق لأرى زوجتي، حتّى أسرعْن فأرْخَيْن السّتورَ علينا؛ فحمدتُ الله لذهابهنّ، ونظرت ...

وصاح ابن أيمن - وقد أكله الغيظ -: لقد أطَلْت علينا، فستحكي لنا قصّتَك إلى الصّباح ! قد علمناها ويلَكَ، فما خبَرُ الدّميمةِ الشّوهاء ؟

قال مسلم: لم تكن الدَّميمةُ الشّوهاء إلاّ العروس ...

فزاغت أعينُ الجماعة، وأطرق ابنُ أيمن إطراقةَ من ورد عليه ما حيّره، ولكنّ الرّجل مضى يقول:

ولمّا نظرتُها لم أر إلاّ ما كنتُ حفظته عن أبي عبد الله البلخيّ، وقلت: هي نفسي جاءت بي إليها، وكأنّ كلامَ الشّيخ إنّما كان عملاً يعمل فِيَّ ويُديرُني ويصرِفُنِي، وما أسرعَ ما قامت المسكينة فأكبّت على يديّ، وقالت:

يا سيّدي، إنّي سرٌّ من أسرار والدي كتمه والدي وأفضى به إليك، إذ رآك أهلاً لسترِه عليه؛ فلا تُخْفِر[18] ظنّه فيك، ولو كان الّذي يُطلَب من الزوجة حسنُ صورتِها دون حسْنِ تدبيرِها وعفافِها لعظُمت مِحْنتِي، وأرجو أن يكون معي منهما أكثرَ ممّا قَصُرَ بي في حسن الصّورة؛ وسأبلُغ محبّتك في كلّ ما تأمرني؛ ولو أنّك آذيتنِي لعددْتُ الأذى منك نعمة، فكيف إن وسعني كرمُك وسِترُك ؟ إنّك لا تعامل اللهَ بأفضلَ من أن تكون سبباً في سعادة بائسةٍ مثلي. أفلا تحرص يا سيدي، على أن تكون هذا السبب الشريف.

ثمّ إنّها وثبت فجاءت بمالٍ في كيس، وقالت: يا سيّدي قد أحلّ الله لك معي ثلاثَ حرائر، وما آثرتَه من الإماء؛ وقد سوّغتك تزويجَ الثّلاث وابتياع الجواري من مالِ هذا الكيس، فقد وقفتُه على شهواتِك، ولست أطلب منك إلاّ ستري فقط !

قال أحمد بن أيمن: فحلف لي التّاجر: أنّها ملكت قلبي ملكاً لا تصل إليه حسناءُ بحُسنِها؛ فقلت لها:

إنّ جزاء ما قدّمتِ ما تسمعينه منّي: والله لأجعلنَّكِ حظِّي من دنياي فيما يؤثره الرّجل من المرأة، ولأضربَنَّ على نفسي الحجاب ما تنظر نفسي إلى أنثى أبداً.

ثم أتممتُ سرورَها، فحدّثتها بما حفظته عن أبي عبد الله البلخي، فأيقنتُ -والله- يا أحمد أنّها نزلت منّي في أرفعِ منازلِها، وجعلت تُحسِن وتحسِن كالغُصنِ الّذي كان مجروداً، ثمّ وخزته الخضرة من هنا وهناك.

وعاشرتُها، فإذا هي أضبطُ النّساء وأحسنُهنّ تدبيراً، وأشفقُهنّ عليّ، وأحبُّهنّ لي، وإذا راحتي وطاعتي أوّلُ أمرِها وآخرُه، وإذا عقلُها وذكاؤُها يُظهِران لي من جمال معانيها ما لا يزال يكثر ويكثر، فجعل القبح يقِلّ ويقِلّ، وزال القبح باعتيادي رؤيتَه، وبقِيت المعاني على جمالِها، وصارت لي هذه الزّوجة هي المرأة وفوق المرأة.

ولمّا ولدت لي، جاء ابنُها رائعَ الصّورة؛ فحدّثَتْني أنّها كانت لا تزال تتمنّى على كرمِ الله وقدرتِه أن تتزوّج وتلدَ أجملَ الأولاد، ولم تدَعْ ذلك من فكرها قط، وألَّفَ لها عقلُها صورةَ غلامٍ تتمثّلُه، وما برحت تتمثّلُه، فإذا هي أيضاً كان لها شأنٌ كشأنِي، وكان فكرُها عملاً يعمل في نفسِها ويديرُها ويصرفُها .

ورزقني الله منها هذين الابنين الرّائعين لك، فانظر؛ أيّ معجزتين من معجزات الإيمان ! " انتهى .

                                                                 [" من وحي القلم " (151/1-160].



[1]/ أي: طعاماً

[2]/ البِزّة - بكسر الزّاي -: الهيئة. والرُّواء: حسن المنظر.

[3]/ جمع " مَخيلة "، وهي: العلامة والأمارة، تقول: ظهرتْ فيه مخايِِلُ النّجابة أي: علاماتها وأماراتها.

[4]/ في هذا الكلام مجازفة، والعبارة لا تليق في قدرِ الجنّة، ولا في حقّ الملائكة، فغفر الله لقائلها.

[5]/ استجدت: طلبت أجود النّساء وأحسنهنّ.

[6]/ قال الراّفعيّ رحمه الله في حاشية مقاله:" تجيء هذه الكلمة في كتب الأدب والتّاريخ على غير قاعدة النّسب، وهو الأفصح في رأيِنا، ومن ذلك تسمية الإمام ابن جنّي كتابه: التّصريف الملوكيّ "اهـ. يقصد رحمه الله أنّ القاعدة في النّسب أن يُنسب للمفرد لا إلى الجمع، وشذّ عن القاعدة نحو: أنصاريّ، وصحابيّ وغير ذلك.

[7]/ قال الرّافعيّ رحمه الله:" المضارة: اتخاذ الضرّة على الزوجة ".

[8]/ كدور: ضدّ الصّفاء.

[9]/ سخنَة عين: ضدّ قرّة عين.

[10]/ النّزق: الخفّة والطّيش

[11]/ بلدة تقع على شاطئ دجلة  في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة.

[12]/ قال الرّافعيّ رحمه الله:" أي متكسّب ليعيش لا ليغتني، وهذا يسمّيه العامّة: المتسبّب ".

[13]/ جمع خَلّة، وهي الطّريق والسّبيل.

[14]/ قال الرّافعيّ رحمه الله:" موقعها اليوم في بلاد الأفغان ".

[15]/ النزيّة: ما يعتري الإنسان فجأة من شوق أو نحوه.

[16]/ رواه الطبراني في"الكبير"(19/416/1004)، وابن حبّان في "المجروحين" (2/111) وقال:" وهذا حديث منكر لا أصل له "، وقال العراقي في "تخريج الإحياء"(461):" لا يصحّ ".

[17]/ أمضّني: أرهقني وآلمني.

[18]/ أخفر، من قولهم: أخفر العهد أي: نقضه، فكأنّها قالت: لا تنقض ظنّه بك، أي: لا تخيّب ظنّه فيك.

أخر تعديل في الاثنين 25 صفر 1437 هـ الموافق لـ: 07 ديسمبر 2015 19:52

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.