أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: htoumiat@nebrasselhaq.com

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الأحد 30 ذو القعدة 1444 هـ الموافق لـ: 18 جوان 2023 04:45

- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:

فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.

1- التّعريف بالأضحية.

الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.

 قال النّووي رحمه الله في " المجموع " (8/382):" قيل سمّيت بذلك لأنّها تُفعل في الضّحى، وهو ارتفاع النّهار ".

وقال الحافظ (3/10):" كأنّ تسميتها اشتُقّت من اسم الوقت الذي تشرع فيه ".

ومن هذا التّعريف ندرك:

أنّ ما يُذبح في غير هذا الوقت لا يعتبر أُضحية، إلاّ من عذر.

وأنّ ما يذبح من غير الأنعام لا يُعتبر أُضحية.

وأنّ ما يذبح بغير نيّة التقرّب إلى الله لا يُعتبر أُضحية.

2- هل ورد شيء في فضل الأضحية ؟ 

لم يرد حديث صحيح في فضلها، إلاّ حديث الترمذي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِيَّ  صلّى الله عليه وسلّم سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: (( الْعَجُّ وَالثَّجُّ ))، والثّجّ هو: إراقة الدمّ.

ثمّ إنّ الأُضحية داخلة تحت عموم قوله تعالى:{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }.

ويزداد فضلها ظهورا من خلال الحِكَم العظيمة من مشروعيّتها، من ذلك: 

أ‌) التقرّب إلى الله بالذّبح من بهيمة الأنعام.

ب‌) التصدّق على الفقراء والمحتاجين. 

ت‌) التودّد إلى الأصدقاء بالهديّة من لحوم الأضاحي. 

ث‌) الأكل منها والتّوسعة على النّفس والعيال، قال تعالى:{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }. 

وفي صحيح مسلم عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ: أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لله تعالى )).

ج‌) إظهار شعائر الله تعالى من صلاة، وتضحية، وإعلاء كلمة الله تعالى بها. 

ح‌) ذكر حال أئمّة الهدى من الملّة الحنيفيّة كإبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام وأتباعهما. 

خ‌) التشبّه بالحجّاج، والشّوق إلى ما هم فيه من الخير العميم، والأجر العظيم، وقد سنّ الله لنا أن نكبّر كما يكبّرون، فقال:{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ }.

وشرع لنا ترك الحلق وقصّ الأظافر لمن أراد التّضحية. كلّ ذلك للتشبّه بالحجّاج.

فإذا ثبت للأضحية هذا الفضل، فما حُكْمُ الأضحية.

3- حكم الأضحية.

اختلف العلماء في حكمها على ثلاثة أقوال:

- القول الأوّل: أنّها واجبة على القادر.

وهو قول الإمام أبي حنيفة، ورواية عن مالك وأحمد، والثّوري، والأوزاعي، وربيعة، والليث، وهو الظّاهر للأدلّة التّالية:

1- ما رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاّنَا )) [حديث حسن].

قال السّندي رحمه الله:" ليس المراد أنّ صحة الصلاة تتوقّف على الأضحية، بل هو عقوبة له بالطّرد عن مجالس الأخيار، وهذا يفيد الوجوب، والله تعالى أعلم ".

2- ما رواه أحمد وأبو داود عن مخنف بن سليم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أُضْحِيَةُ كُلَّ عَامٍ )).

[حديث حسن].

- القول الثّاني: أنّها فرض كفاية، قال الحافظ:" وفي وجه للشّافعية من فروض الكفاية ".

- القول الثّالث: للجمهور أنّها سنّـة مؤكّدة، قال ابن قدامة في "المغني"(9/345):

" روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وبلال، وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم.

وبه قال سويد بن غفلة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر " اهـ.

وموقف الجمهور من أدلّة الموجبين ثلاثة مواقف:

1- الموقف الأوّل: منهم من حكم على الحديثين بالضّعف.

2- الموقف الثّاني: منهم من حكم على الحديث الثّاني فحسب بالضّعف.

أمّا الأوّل فحكموا عليه بالوقف على أبي هريرة، كما قال الإمام الطّحاوي والحافظ ابن حجر، وقد عارضه غيره من الصّحابة.

روى البيهقي (9/295) عن حذيفة بن أسيد قال:" رأيت أبا بكر وعمر كانا لا يُضحّيان كراهية أن يُقتدى بهما ".

[قال في "الإرواء" (4/354): وهو صحيح].

وروى أيضا بإسناد صحيح عن أبي مسعود البدري قال:" إنّي لأدع الأضحى وإنّي لموسر، مخافة أن يرى جيراني أنّه حتم عليّ ".

3- الموقف الثّالث: قالوا: إنّها سنّة مؤكّدة وذلك لأجل هذين الأثرين، وتصحيحا للحديثين الواردين.

ونظّروا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ))، وقوله: (( الوِتْرُ حَقٌّ )).

وقاسوا على قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا ))، فكما أنّ أكل البصل والثوم غير محرّم، فالأضحية ليست واجبة.

الجواب عن اعتراض الجمهور:

1- أمّا تضعيفهم فمقابل بتصحيح غيرهم، فقد قال الحاكم عن الحديث الأول:" صحيح على شرط الشّيخين " ووافقه الذّهبي، والصّواب أنّ الحديث حسن، كما في "إرواء الغليل".

2- حتّى لو قيل: إنّه موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه، فليس هناك إجماعٌ من الصّحابة، فتبقى الحجّة قائمةً بالحديثين.

3- أمّا التّنظير على أكل البصل والثّوم فحجّة لمن قال بالوجوب، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، فكما يجب ترك البصل لحضور الجماعة، كذلك يجب العزم على الأضحية لحضور مصلّى العيد.

ثمّ إنّ الأدلّة الخارجيّة قامت على إباحة أكل البصل والثّوم، ولو لم ترد لكان الظّاهر هو تحريمهما لهذا الحديث.

4- هل يستدين الرّجل ليُضَحّي ؟

قال ابن حبيب المالكيّ رحمه الله:" إن وجد الفقير من يُسلفه فليستلف ويشتر بها الاُضحية ".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:" إن كان له وفاء فاستدان ما يُضَحّي به فحسنٌ، ولا يجب عليه أن يفعل ذلك ". [" المجموع " (26/305)].

5- هل يُضَحّي الذي عليه دَين ؟

نعم، يجوز ذلك، بشرط أن يكون غيرَ مطالَبٍ بالوفاء عاجلا.

[" مجموع الفتاوى " (26/305)].

6- ماذا على من أراد أن يُضَحّي ؟

- أوّلا: يجب عليه أن يستحضر النيّة، فلا يُضحّي لأجل التّباهي أمام النّاس، ولا لأجل الأولاد.

فمن العيب أن يقول المضحّي: اللهمّ هذا منك ولك، وهو غير مخلص في قوله ذلك.

- ثانيا: من أراد التّضحية ودخل عليه هلال ذي الحِجَّة حَرُم عليه أن يقلع شيئاً من أظفاره، أو يحلق شيئاً من شعره [شعر رأسه أو إِبِطِه أو عانته].

ودليل ذلك ما رواه مسلم عن أمّ سلمة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ )) .

والحكمة في ذلك - والله أعلم - التشبّه بالمُحرِم كما سبقت الإشارة إليه.

7- هل يجوز الاشتراك في الأُضحية ؟

لا يجوز الاشتراك في الأُضحية إن كانت من الضّأن، وإنّما يصحّ الاشتراك في الإبل والبقر.

ذلك لأنّ الأُضحية عبادة وقُربة إلى الله، فلا يجوز وقوعها إلاّ على الوجه الذي شرعه الله زمنا وعددا وكيفية.

قال أهل العلم: يشترك سبعة من البيوت في البقر والإبل؛ للحديث الذي رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: ( نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ).

أمّا الشّاة فلا تُجزئ إلاّ عن بيت واحد للحديث السّابق ذكره: (( إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أُضْحِيَةٌ كُلََّ عَامٍ )).

[معنى أهل بيت واحد: أهل الرّجل الذين هم تحت كفالته ونفقته، ولو كانوا مائة نفس].

8- ما هي شروط الأضحية ؟

يشترط في الأضحية شروط في الجنس، والسنّ، والوصف.

1- أمّا الشّروط التي يجب توفرّها في الجنس: أن تكون من الأنعام، قال تعالى:{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }.

والأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم. ( والغنم يشمل الضّأن والمعز ).

وأفضلها الغنم، فالبقر، فالإبل [هذا لغير الحاجّ المتمتّع والقارن].

قال النّووي رحمه الله:

" وأجمع العلماء على أنه لا تجزي الضحية بغير الإبل والبقر والغنم, إلاّ ما حكاه ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه قال: تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة، وبالظبي عن واحد، وبه قال داود في بقرة الوحش، والله أعلم "اهـ.

2- أمّا الشّروط التي يجب توفّرها في السنّ: فلا يقبل من الإبل والبقر والماعز إلاّ الثّـني.

لما رواه مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ )).

قال النّووي:" قال العلماء: المسنة هي: الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، وهذا تصريح بأنّه لا يجوز الجَذَع من غير الضأن في حال من الأحوال، وهذا مجمع عليه على ما نقله القاضي عياض "اهـ.[1]

الثّني من الإبل: هو ما أكمل خمس سنوات، ودخل في السّادسة.

والثّني من البقر والمعز: هو ما أكمل سنتين ودخل في الثّالثة.

أمّا الضّـأن [الكبش والنّعجة] فيجزئ فيها الجَذَع: وهو ما استكمل سنةً على الصّحيح.

وهذا قول أئمّة اللّغة، وجمهور الفقهاء. قال النّووي رحمه الله:

" والجذع من الضأن: ما له سنة تامة، هذا هو الأصح عند أصحابنا، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم. وقيل: ما له ستة أشهر، وقيل: سبعة، وقيل: ثمانية، وقيل: ابن عشرة ..".

[انظر" فتح الباري (10/12)، و" المجموع " للنّووي (13/118)].

نعم، قال بعض أهل العلم: إنّ الضّأن إذا كان أقلّ من سنة، وكان يشبه ابن السّنة التّامّة، فيجزئ إن شاء الله.

3- أمّا الأمور التي ينبغي توفّرها في الوصف: فهي تدور بين الاستحباب والوجوب.

فنذكر ما هو على سبيل الأفضليّة، ثمّ العيوب التي تردّ بها الأضحية.

9- ما أفضل الأضاحي ؟

- أفضل الأضاحي الضّأن ( والكبش أفضل من النّعجة ).

ويستحبّ أن يكون سمينا عظيما

قال الله عزّ وجلّ:{ وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقوَى القُلُوبِ }، قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" تعظيمها: استسمانها واستحسانها ".

لذلك قالت عائشة:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ".

أقرنين :لهما قرون.

أملحين: الأملح هو الأبيض الذي يخالطه سواد في عينيه وسواد في قوائمه.

وفي صحيح البخاري عن أَبِي أُمَامَةَ بن سهل-وهو غير أبي أمامة المعروف - قَالَ:" كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ ".

10- ما هي العيوب التي تردّ بها الأضحية ؟

لا تجزئ التّضحية بالعوراء الواضح عَوَرُها، ولا العمياء، ولا العرجاء الواضح عرجها، ولا المريضة الواضح مرضها، ولا المكسور عظمها.

والأحاديث الصّحيحة كثيرة في بيان ذلك، ومن أشهرها:

ما رواه الإمام مالك في " الموطأ " عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنََّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم سُئِلَ: مَاذَا يُـتَّقَى مِنْ الضَّحَايَا ؟ فأشار بيده وقال: ((أَرْبَعًا: الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي ))[2].

ويلحق بـهذه الأربع ما كان مثلها أو أولى منها بعدم الإجزاء، فلا يُضَحَّى بها وهي:

العمياء.

والمبشومة - وهي التي انتفخ بطنها ولم تستطع إخراج ما في بطنها ( حتى تُـثْـلِط ) أي: حتّى تخرج فضلاتها.

تنبيهات:

1- غير هذه العيوب كالمقطوعة الأُذُن، ومشقوقة الأُذن طولا، الّتي لم يَرِد ذكرُها في هذا الحديث عدّه العلماء عيبا مخلاّ بشروط الكمال، لا بشروط الصحّة، والله أعلم.

2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( البيّن ) دليل على أنّه يُعفى عن اليسير من العيوب.

3- لا يضرّ أن تكون الأُضحية مكسورة القرن، فقد روى التّرمذي أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه سُئِلَ عن ذلك فقال:" لاَ يَضُرُّكَ ".

4- لا يضرّ أن يكون الكبش موجوءاً، أي: منـزوع الخصيتين، فقد ( ضَحَّى النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ ).

[رواه ابن ماجه بسند صحيح عن عائشة].

5- لا يجوز المبالغة في تـتبّع العيوب، بل يُقتصر على ما ذكرته النّصوص.

11- ما حكم الأُضحية التي لحقها عيب بعد شرائها ؟

روى الإمام البيهقي بسند صحيح أنّ عبد الله بن الزّبير سئل عن ناقة عوراء فقال: " إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فامضوها، وإن كان أصابها قبل فابدلوها ".

وهو قول عطاء، والإمام مالك، وغيرهم.

12- ما حكم بيع شيء من الأُضحية ؟

اعلم أنّه يحرُم على المسلم أن يبيع شيئا من أُضحيته، وهو مذهب عطاء، والنّخعي، والإمام مالك، وإسحاق، والشّافعيّة.

ويدلّ على ذلك أمران:

- الأوّل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَتِهِ فَلاَ أُضْحِيَةَ لَهُ )).

[رواه الحاكم وقال:" صحيح الإسناد "].

- الثّاني: أنّه يحرم إعطاء شيء من الأُضحية أُجرةً للجزّار الّذي يُسْتأجر للذّبح، بل يُعطَى أُجرته مالاً، ثمّ يُعطى منها هديّة.

فقد روى الشّيخان عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال:" أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ لاَ أُعْطِيَ الجَازِرَ مِنْهَا شَيْئاً ".

فإذا لم يجز إعطاء الجازر أجرته منها، فلا يجوز بيعها من باب أولى.

13- ما هي آداب الذّبـح ؟

1- اختيار آلة حادّة، حتّى لا يُعذّب الحيوان: فإنّ الله قال:{ وَأَحسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ }.

وفي الحديث الّذي رواه مسلم عن شدّاد بن أوس رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(( إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلِْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلِْيُرحْ ذَبِيحَـتَـهُ )).

2- من الرّفق بالحيوان أن لا يشحذ السّكين أمام الأُضحية، ولا يذبحها بحضرة أضحية أخرى، ولا يجرّها بعنف للذّبح.

فقد " مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِرَجُلٍ يَشْحَذُ سِكِّينَهُ أَمَامَ الأُضْحِيَةِ، فَقَالَ: (( أَفَلاَ قَبْلَ هَذَا ؟ أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَـَتيْنِ، هَلاَّ حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا ؟)).

3- وتوضع الأُضحية على جانبها الأيسر، ويضع الذّابح قدمه اليمنى على جانبها الأيمن.

4- يوجّه وجه الأُضحية إلى القبلة، كما يشير إليه حديث جابر رضي الله عنه عند أبي داود حين قال:" كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَتَهُ وَجَّهَهَا ..." أي: إلى القبلة.

5- ذكر اسم الله:

فيقول عند الذّبح :" بسم الله، والله أكبر، اللهمّ هذا منك ولك، اللهمّ تقبّل منّي ".

وقد اختلف العلماء اختلافا كبيرا في حكم من ترك التّسمية على خمسة أقوال، لذلك على المسلم أن يُراعي ذكرَ اسم الله خروجا من خلاف العلماء.

6- ولا يجوز أن يشرع في سلخها وكسر عظمها قبل خروج روحها، قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:

" لاَ تَعْجَلُوا الأَنْفُسَ حَتَّى تُزْهَقَ " [انظر " فتح الباري "(9/526)].

7- لا بدّ من مراعاة وقت الذّبح: وهو بعد صلاة العيد يوم الأضحى إلى آخر يوم من أيّام التشريق.

وأيّام التشريق: ثلاثة بعد يوم العيد، فتكون أيّام الذّبح أربعة، ويجزئ الذّبح ليلا، والذبح في النهار أفضل، وأفضله يوم العيد، ثم ما بعده على التّوالي.

ولا تصحّ الأضحية قبل وقتها، ولا تصحّ أيضا بعده، إلاّ من عذر.

ومن ذبح قبل الصّلاة فعليه الإعادة، لما رواه البخاري ومسلم عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:

(( إِنَّ أَوَّلَ قَالَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا: أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنْ النُّسْكِ فِي شَيْء ٍ)).

8- ومن السنّة أن لا يأكل المضحي شيئا يوم النحر حتى يضحي فيأكل من أضحيته ، فقد روى الدّارمي عن أَبِي موسى الأشعريّ رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يفعل.

14- كيف تُقسَم الأُضحية ؟

جاء في صحيح مسلم عن سلمةَ بنِ الأكْوَع رضي الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا )).

وفي رواية أبي داود: (( وَاتَّجِرُوا )) أي:اطلبوا الأجر.

من أجل ذلك استحبّ العلماء أن تقسّم الاضحية ثلاثة أثلاث: ثلث يأكل منه أهل البيت، وثلث يُتَصدّق به، وثلث يطعم به الأضياف والجيران.

بشرى.

من لم يستطع الأُضحية لفقر أو عجز، فلا يحزن، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ضحّى عمّن لم يضحّ من أمّته ممّن شهد لله تعالى بالتّوحيد، ولنبيّه صلّى الله عليه وسلّمبالتّبليغ.

هذا آخر ما أردنا بيانه من أحكام الأضحية، وتقبّل الله من الجميع.

[انظر تفصيل هذه الأحكام في الرّسالة النافعة:" أحكام الأضحية " للشّيخ أبي سعيد بلعيد حفظه الله، ووفّقه لما يحبّه ويرضاه].



[1] وفي حكاية هذا الإجماع نظر، فقد نُقل عن الأوزاعي أنه قال: يجزي الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن، وحكي هذا عن عطاء.

[2] قال الباجي رحمه الله في " شرح الموطّأ ":

" النَّقْيُ: الشَّحم، يريد أنّه لا يوجد فيها شحم، فإذا بلغت هذا الحدّ من الهزال فإنّها لا تجزئ، لأنّها خارجة عن الحدّ المعتاد، لأنّه لا منفعة في لحمها ولا طيب كالمريضة ".

أخر تعديل في الأحد 30 ذو القعدة 1444 هـ الموافق لـ: 18 جوان 2023 08:54

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.