أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 28 محرم 1440 هـ الموافق لـ: 08 أكتوبر 2018 12:35

السّيرة النّبويّة (99) غزوة أُحُد: مشاهد من قتال الصّحابة رضي الله عنهم

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

 

الحمد لله، وبعد:

فقد رأينا كيف امتلأ قلب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالسّرور؛ وهو يرى أصحابه يمتثلون أوامره كأنّها نُقشت في قلوبهم. 

* إنّه يرى مصعب بنَ عمير رضي الله عنه الّذي لا يملك سوى سيفِه، وقرآناً في صدره، يلقّن المشركين دروسا كما لقّن الأنصار من قبل تلاوة القرآن.

* ويرى أبا دجانة رضي الله عنه وعليه عصابته الحمراء آخذا بسيف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مصمّما على أداء حقّه، فكان يهدّ صفوف المشركين هدّا، لا يلقى مشركا إلاّ قتله، وجعل يهتف قائلا:

                                                                     ( أَنَـا الَّذِي عَـاهَـدَنِي خَلِـيـلِي     وَنَـحْـنُ بِالسَّفْـحٍ لَدَى النَّخِـيـلِ

      أَنْ لاَ أَقُـومَ الدَّهْـرَ فِي   الكَيُّولِ       أَضْـرِبْ بِسَـيْـفِ اللهِ وَالرَّسُـولِ )[1] 

* أمّا ذلك الشّيخ الأعرج عمرو بن الجموح، ورفيق دربه عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله عنهما:

فكانا يقاتلان كالشّباب.. ولكن.. لتقدّم السنّ أحكام قاسية .. فقد سقط عبد الله والدُ جابر رضي الله عنه شهيدا على أرض المعركة، وكان أوّل شهيد في سجلاّت أحد.

وقد شاهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الملائكة تظلّله، روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ )).

والعجيب أنّه وهو ساقط على أرض المعركة، كان يتمنّى أن يعود ليُقتل في سبيل الله ! ولم يقف إكرام الله تعالى له عند هذا فحسب، فقد خصّه بشيء تشرئبّ له الأعناق.. سنذكره لاحقا إن شاء الله.

* وبعده بزمن ترى صاحبه ورفيق دربه عمرو بنَ الجَمُوح يسقط أرضا ليرتفع سماء شهيدا.. ليطأ بقدمه صحيحةً أرض الجنّة، ويدلّيها في أنهارها ومياهها..

وبقيت المعركة تتأجّج كبركان ثائر يقذف حمما.. يقذف جثثا ودماءً.. فوصل إلى أرض المعركة:

* حُسَيْلٌ وثابت بن وقشٍ ..

حسيلٌ: والد حذيفة رضي الله عنهما .. لقد ظلّ ينتظر هذا اليوم على أحرّ من الجمر؛ لأنّه رُدّ في بدر .. ولكنّه يرى نفسَه مرابطا يحرس المدينة هو وثابت بن وقش ..

فضاقت بطموحهما أسوارُ المدينة النّبويّة، وشعرا أنّ هذا المكان لا يليق بشجاعين مثليهما ..

( فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ - وَهُمَا شَيْخَانِ كَبِيرَانِ -:

لاَ أَبَا لَكَ ! مَا نَنْتَظِرُ ؟ فَوَاللهِ مَا بَقِيَ لِوَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ ظَمَأَ حِمَارٍ، إِنَّمَا نَحْنُ هَامَةُ القَوْمِ-أي أسياد فيهم-! أَلاَ نَأْخُذُ أَسْيَافَنَا ثُمَّ نَلْحَقُ بِرَسُولِ اللهِ ؟! "..

قال محمود بن لبيد رضي الله عنه: ( فَدَخَلاَ فِي المُسْلِمِينَ وَلاَ يَعْلَمُونَ بِهِمَا )..[2]

ولكنّ تقدّم السنّ دائما له أحكامه الخاصّة .. قال لبيد رضي الله عنه: ( فَأَمَّا ثَابِتُ بْنُ وَقْشٍ فَقَتَلَهُ المُشْرِكُونَ، وَأَمَّا أَبُو حُذّيْفَةَ ...)

فسوف نعرف حاله بعدُ إن شاء الله؛ فله قصّة رهيبة !

هذان ضيفان حلاّ على أحد، فأكرمهما الله تعالى .. وجاء ضيف ثالث:

* عمرو بنُ أُقَيشٍ : روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ( أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُقَيْشٍ رضي الله عنه كَانَ لَهُ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأْخُذَهُ ) إذن هو يريد الإسلام ولكنّه يعلم أنّه لو أسلم لما حلّ له الرّبا، فالمانع ليس الكبر ولكنّه الهوى.. مع وجوب ملاحظة أنّه لم يرد الإسلام أيّام الأمن والسّكون.. فكيف حاله يوم الرّهبة والفتون ؟..

( فَجَاءَ يَوْمُ أُحُدٍ ) أي: إلى المدينة، فوجدها لا تُضحّي بأموالها فقط، ولكنّها تضحّي بأرواح أبنائها وفلْذات أكبادها..

( فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي ؟! قَالُوا: بِأُحُدٍ.. قَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ ؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ. قَالَ: فَأَيْنَ فُلَانٌ ؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ ). عندئذ هانت عليه أمواله كلّها.. وهان رباه .. وهان كلّ شيء في نظره، وكشفت الشّدائد عن معدَنِه: ( فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، وَرَكِبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ، قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا يَا عَمْرُو ! قَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ. فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رضي الله عنه فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ أَوْ غَضَبًا لَهُمْ أَمْ غَضَبًا لِلَّهِ ؟ فَقَالَ: بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلّى الله عليه وسلّم .. فَمَاتَ، فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً )..

الجنّة بخلودها، وسحرها، وأنهارها، وثمارها، ونسائها، وخدمها، وكلّ ما فيها، لهذا الفارس من أجل لحظات من التّوحيد ..

هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، فكيف بمن عمل عملهم ؟!

* أنس بن النّضر رضي الله عنه .. الّذي برّ بقسمه.. روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:" غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ ! لَئِنْ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ "..

وقد برّ بقسمه، فبهر من رآه بشجاعته، كان كالأسد بين الصّفوف لا تزيده الجراح الكثيرة إلاّ شراسةً وإقداما في الفتك بأعداء الله تعالى.. لا يتفوّق عليه أحد إلاّ:

* حـمـزة رضي الله عنه.. كان يقاتل بأسلوب جديد، ويصرخ صراخ الشّهيد .. شاهده كثيرون وكأنّهم نسُوا أنّهم في ساحة قتال لا تجوز فيها الغفلة ولا السّهو عن العدوّ.. ولكنّ المنظر كان لا يمكن تحمّل تركه يمرّ.. كان قتاله يأخذ بقلوب الأبطال..

ممّن شاهدوه سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه .. فلنستمع إليه..

روى الحاكم[3] بسند صحيح عن سعدٍ رضي الله عنه قال:" كَانَ حَمْزَةُ رضي الله عنه يُقَاتِلُ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِسَيْفَيْنِ، وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللهِ .. أَنَا أَسَدُ اللهِ ..".

كان يحُزّ الرّقاب، ويُذلّ الطّغاة، فيتساقطون أمامه .. أجمع كلّ من رآه أنّه لا يمكن لأيّ شيء أن يصمُدَ أمامه، حتّى ذلك العبد الأسمر البعيد، الّذي لا يزال يترقّبه من بعيد، ولم يشارك في القتال، لم يجد إلى غاية الآن فرصةً للإجهاز عليه .. كان يراه هَوْلاً مستطيرا .. بل جحيما وسعيرا .. واستمع إلى وحشيّ بن حرب وهو يحدّثنا عن حال حمزة رضي الله عنه بعبارة وجيزة بليغة:

روى ابن إسحاق عنه بسند صحيح أنّه قال:" إنّني أنظر حمزة وأتبصّره، حتّى رأيته في عرض النّاس، كأنّه الجمل الأورق يهدّ النّاس بسيفه هدّا، ما يقوم له شيء "..

فمن الانتحار أن يتصدّى شخص لهذا الّذي يصرخ: أنا أسد الله ! أنا أسد الله !.. هان عليه الرقّ في تلك اللّحظات، فالحياة عبدا، أهون من الموت حرّا ..

فالسّاحة الآن للرّسول صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه رضي الله عنهم، حيث هرب الوثنيّون تاركين نساءهم في متناول الزّبير رضي الله عنه وأصحابه ..

* أمّا نساء المسلمين، فكُنّ كرجالهم يؤدّين واجبهنّ على أكمل وجه، فكُنّ يُمارسن التّمريض والإسعاف بالماء.

روى البخاري عنْ أنسٍ رضي الله عنه قالَ: لَمَّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ لقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ - أي: تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ - عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ "..

* عائشة رضي الله عنها، لا تتعدّى الحادية عشر من عمرها، تراها تحت ظلال جبل أحد، وتصف لنا الحدث، فتقول - كما في صحيح البخاري و"سنن البيهقيّ" واللّفظ له -:" هُزِمَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ هَزِيمَةً بَيِّنَةً تُعْرَفُ فِيهِمْ "..

خلت السّاحة إلاّ من ركضهم يبحثون عن بقايا حياة .. لا ترى إلاّ جثتهم المنتنة. وكان عدد قتلى المشركين سبعين قتيلا ..

وإن شئتَ فقل: تسعةً وستّين؛ فإنّ أحدَهم يتظاهرُ بالموت خشية أن يُجهِزَ عليه فرسان محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

إنّه وهب بن عمير .. روى الطّبراني في "معجمه" عن أنَسٍ رضي الله عنه قالَ:" كَانَ وَهْبُ بْنُ عُمَيِْرٍ شَهِدَ أُحُدًا كَافِرًا، وَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَكَانَ فِي القَتْلَى، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَعَرَفَهُ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ فِي بَطْنِهِ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ، ثُمَّ تَرَكَه ".

ولكن .. هل مات ؟ إنّه سيكون له شأن عظيم، فـرضي الله عنه.

ها هي السّاحة الآن تُذكّر بانتصار بدر، سبعون للأسر، وسبعون للقبر .. والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يكحّلون أنظارهم بمشهد يسرّ النّفس ويشرح الصّدر ..

لقد كانت السّاحة مزيّنة بجتث المشركين من جهة، وبالغنائم من جهة .. وبهذا يكون الله تعالى قد أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم أهل الشّرك وحده ..

لكن ... سرعان ما تحوّلت السّاحة إلى دماء أهل الإيمان، يخوض فيها بأقدامهم أهل الشّرك والكفران .. إنّهم الرّماة .. فـ:

ماذا حدث ؟ وماذا فعل الرّماة ..

هذا ما سوف نراه لاحقاً إن شاء الله تعالى.



[1] رواه البيهقيّ في " السّنن الكبرى "، وانظر " نهاية الأرب "(17/88)، و" سير أعلام النّبلاء " (1/8245). ومعنى ( الكيُّول ) قال أبو عبيدة رحمه الله: هو آخر الصّفوف، وبمثل ذلك قال الهرويّ وزاد: سُمّي بكيّول الزّند، وهي سواد دخان يخرج منه آخرا بعد القدح إذا لم يورِ نارا، وذلك شيء لا غناء فيه، وكذلك كيّول الصّفوف لا يوقد نار الحرب ولا يزكّيها [الرّوض الأنف (3/162)].

[2] أخرجه ابن إسحاق ومن طريقه الحاكم (3/202) وقال: " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ".

[3] وقال: " صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه " وقال الذّهبي: " صحيح "، وعنه رواه البيهقيّ في " السّنن الكبرى ".

أخر تعديل في الاثنين 28 محرم 1440 هـ الموافق لـ: 08 أكتوبر 2018 12:43

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.