أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 10 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 16 نوفمبر 2010 13:46

- شـرح كتـاب الحـجّ (35) حلق الرّأس وأحكامه

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

- شـرح كتـاب الحـجّ (35) حلق الرّأس وأحكامه

البـاب الحــادي عـشـر: ( التّرغـيـب فـي حـلق الرّأس بمـنـى ).

· شـرح التّبـويـب:

- حلق الرّأس: هو إزالة شعر الرّأس، وحذف المضاف – وهو " شعر " – للعلم به، كما يقال: يحرم نتف الوجه وحلق اللّحية، أي: نتف شعر الوجه، وحلق شعر اللّحية.

- حكمه: والحلق من واجبات الحجّ عند أكثر العلماء، وذهب الشّافعيّة إلى أنّه ركن. والدّليل:

أ‌) قوله تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: من الآية 27].

ووجه الدّلالة أنّ الله كنّى عن العمرة هنا بالحلق والتّقصير ممّا يدلّ على وجوبهما، فتسمية الشّيء ببعضه دليل على وجوبه، كما سمّى الله الفاتحة صلاةً.

ب‌) عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَُمْ ))، فهو للوجوب، وأفعاله بيان لأقواله.

ت‌) أنّه أحد الأمور الثّلاثة الّتي يتمّ بها التحلّل.

- اختصاص الحلق بالرّجال:

ذلك لما رواه أبو داود أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ )).

والقدر الّذي تأخذ منه المرأة من شعرها هو مقدار الأنملة، لما رواه ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عمر رضي الله عنه قال:" المرأة إذا أرادت أن تقصر جمعت شعرها إلى مقدّم رأسها ثمّ أخذت منه أنملة ".

أمّا الأصلع من الرّجال، فذهب جمهور العلماء إلى أنّه يستحبّ له أن يُمِرّ الموسى على رأسه، وقال أبو حنيفة بالوجوب.

- مستحبّاته:

أ‌) يستحبّ أن يكون بعد رمْيِ جمرة العقبة:

لأنّ مراعاة التّرتيب أولى وأفضل، لفعله صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: (( خُـذْ )).

ب‌) كما يستحبّ لمن كان عليه هديٌ أن يكون حلقه بعد النّحر للحديث السّابق.

وأيضا لما رواه البخاري عَنْ الْمِسْوَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ.

ت‌) ومن السّنة أن يبدأ بالشقّ الأيمن، ثمّ الأيسر، لما رواه مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَتَى مِنًى، فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: (( خُذْ ))، وَأَشَارَ إِلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ.

والدّليل على أنّ التّرتيب لا يُشترط، هو ما رواه الشّيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: " لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ ؟" فَقَالَ: (( اذْبَـحْ وَلَا حَـرَجَ )) فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ ؟ قَالَ: (( ارْمِ وَلَا حَـرَجَ )) قَالَ: فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: (( افْـعَـلْ وَلَا حَـرَجَ )).

ث‌) ويستحبّ للمعتمر أن يكون تقصيره أو حلقه في المروة، والحاجّ في منى جمعا بين الآثار.

أمّا حلق الحاجّ بمنى: فقد دلّ عليه الأحاديث السّابقة.

أمّا حلق المعتمر أو تقصيره بالمروة: فدلّ على ذلك ما رواه مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: أَعَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ مِنْ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ ؟

[والمِشقص: سهم بطرف حادّ عريض].

قال النّووي رحمه الله:

" وفيه جواز أن يكون تقصير المعتمر أو حلقه عند المروة، لأنّها موضع تحلّله، كما يستحبّ للحاجّ أن يكون حلقه أو تقصيره في منى لأنّها موضع تحلّله، وحيث حلقا أو قصرا من الحرم كلّه جاز ".

( تـنـبـيـه )

وهذا الحديث يجب حمله على أنّه قصّر صلّى الله عليه وسلّم في عمرة ( الجعرانة )، وليس في حجّته، ولا في عمرة القضاء، كيف ذلك ؟

لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع كان قارنا، فلا يمكنه أن يحلق في المروة.

ولا يصحّ حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأنّ معاوية رضي الله عنه لم يكن يومئذٍ مسلما، إنّما أسلم يوم الفتح سنة ثمان.

ولا يصحّ قول من حمله على حجّة الوداع وزعم أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان متمتّعا، لأنّ هذا غلط فاحش.

والله أعلم.

· الحـديـث الأوّل:

1158-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ )).

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ! وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ:

(( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

[رواه البخاري ومسلم وغيرهما].

· الحـديـث الثّـاني:

1159-وَعَنْ أُمِّ الحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:

(( دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً )).

[رواه مسلم].

· الحـديـث الثّـالث:

1160-وَعَنْ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ:

(( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِين،َ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ))

قَالَ: يَقُولُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ:

(( وَلِلْمُقَصِّرِينَ )).

ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، فَمَا يَسُرُّنِي بِحَلْقِ رَأْسِي حُمْرَ النَّعَمِ.

[رواه أحمد، والطّبراني في "الأوسط" بإسناد حسن].

(قال الحافظ): وتقدّم في حديث ابن عمر رضي الله عنه الصّحيح أنّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَنْصَارِيِّ:

(( وَأَمَّا حِلاَقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ )).

وتقدّم أيضا في حديث عبادة بن الصّامت:

(( وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعْرَةٌ تَقَعُ فِي الأَرْضِ إِلاَّ كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ )).

· شـرح الغريـب:

- قوله: ( فَمَا يَسُرُّنِي بِحَلْقِ رَأْسِي حُمْرَ النَّعَمِ ): الباء هنا هي باء البدليّة أو الثّمنية، وضابطها أن تعوّض بكلمة (بَدَلَ)، فتقول: ما يسرّني بدل الحلق حمر النّعم.

- ( حُمْر النّعم ): بتسكين الميم: جمع حمراء، أمّا ضمّها فهو جمع حمار.

والنّاقة الحمراء أي: الصّهباء الّتي يكون لونها بنّيا ذاهبا إلى الأحمر، وهي من أنفس أموال العرب.

· الفـوائــد:

- الفائدة الأولى: اتّفق الأئمّة على أنّ الحلق أفضل من التّقصير.

وذلك من أوجه خمسة:

أ‌) أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا لمن يحلق رأسه بالمغفرة ثلاثا، ولمن قصّر مرّة واحدة.

ب‌) أنّ الله قدّم الحلق في الذّكر على التّقصير، فقال:{ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ }.

ت‌) أنّه بقدر ما يسقط منه من شعر رأس الحاجّ، بقدر ما تُكتب له الأجور والحسنات، وتكفّر عنه الخطايا والسيّئات، كما في حديث ابن عمر الّذي ذكره المصنّف، ففيه: (( فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ، وَتُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ )).

ث‌) وكذلك من يحلق يكون أكثر نورا يوم القيامة من المقصِّر، بدلالة حديث عبادة بن الصّامت رضي الله عنه ، ففيه: (( فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَعْرِكَ شَعْرَةٌ تَقَعُ فِي الأَرْضِ إِلاَّ كَانَتْ لَكَ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ )).

ج‌) قال كثير من أهل العلم: ووجه تفضيل الحلق على التّقصير أنّه أبلغ في العبادة، وأبين للخضوع والذلّة. أمّا الّذي يقصّر فإنّه يُبقِي على نفسه شيئا ممّا يتزيّن به، بخلاف الحالق، فإنّه يُشعِر بأنّه ترك ذلك لله تعالى.

- الفائدة الثّانية:

أحاديث الباب نصّ في أنّ التّقصير يجزئ عن الحلق، وهو مجمعٌ عليه، إلاّ ما يُروَى عن الحسن البصريّ والنّخعي أنّ الحلق يتعيّن في أوّل حجّة.

وفي حكاية الوجوب عنهما نظر، وذلك، لأمور:

أوّلا: لأنّ من حكاه – وهو الإمام ابن المنذر – إنّما حكاه بصيغة التّمريض.

ثانيا: أنّه قد ثبت عن الحسن خلافه، فقد قال ابن أبي شيبة: حدّثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن قال في الّذي لم يحجّ قط:" إن شاء حلق، وإن شاء قصّر ".

ثالثا: غاية ما اعتمده من نسب ذلك إلى إبراهيم النّخعيّ، هو ما رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النّخعي قال:

" إذا حجّ الرجل أوّل حجّة حلق، فإن حج أخرى فإن شاء حلق وإن شاء قصر ". ثمّ روي عنه أنه قال:" كانوا يحبّون أن يحلقوا في أوّل حجّة وأوّل عمرة " اهـ.

وهذا يدلّ على الاستحباب لا للّزوم كما لا يخفى.

- الفائدة الثّالثة:

حاول بعض أهل العلم أن يبيّن السّبب في حرص الصّحابة على التّقصير، والأولى ما قاله الخطّابي وغيره:" إنّ عادة العرب أنّها كانت تحبّ توفير الشّعر والتزيّن به، وكان الحلق فيهم قليلا ".

- الفائدة الرّابعة: يستحبّ للمتمتّع أن يجمع بين الحلق والتّقصير.

ربّما توهّم متوهّم أنّ القول باستحباب الحلق يعارض أمره صلّى الله عليه وسلّم للصّحابة في حجّتهم بالتّقصير، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لهم: (( وَلْيُقَصِّرْ ولْيَحْلِلْ )).

والصّواب أنّه لا تعارض، فقد قال الحافظ في " الفتح " (3/449):

" يستحبّ في حقّ المتمتّع أن يقصر في العمرة، ويحلق في الحجّ، إذا كان ما بين النّسكين متقاربا ".اهـ

قال الشّيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " (3/283): " وهذه فائدة يغفل عنها كثير من المتمتّعين فيحلق بدل التّقصير ".

والله أعلم وأعزّ وأكرم.

أخر تعديل في الثلاثاء 10 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 16 نوفمبر 2010 13:49

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.