أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 18 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 24 نوفمبر 2010 22:38

- أصول النّحو العربيّ (4) الاحتجاج بالقراءة الشّاذّة.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فما زلنا نتحدّث عن الدّليل الإجماليّ الأوّل من أدلّة النّحو العربيّ، ألا وهو القرآن العظيم.

وقد تناولنا فيما سبق الردّ على من طعن في القراءات الصّحيحة، ورَدَّ الاستدلال بها على إثبات بعض القواعد النّحويّة. وبقي علينا أن نتناول بالبحث القراءات الشاذّة في مسألتين اثنتين:

المسألة الأولى:مفهوم القراءة الشّـاذّة

بما أنّه قد اختلطت وكثرت أقوال الأصوليّين في معنى القراءة الشاذّة، فقد سرى ذلك الاختلاف أيضا في أوساط علماء اللّغة العربيّة. والصّواب أن يُقال: إنّ القراءات ثلاثة أنواع:

1- القراءة المقبولة الّتي لا شكّ في قبولها: وهي الّتي توفّر فيها شروط ثلاثة:

أ) صحّة السّند – ب) موافقة اللّغة ولو من وجه ج) موافقة رسم أحد المصاحف العثمانيّة ولو احتمالا.

وهذه القراءة قرآن يتعبّد الله بها.

2- القراءة المردودة الباطلة: وهي الّتي لم يصحّ سندها إلى الصّحابيّ.

فهذه لا تُعتبر قراءةً فضلا أن تعتبر قرآنا.

ومن ذلك القراءة المنسوبة إلى محمّد أبي جعفر الخزاعيّ (تـ: 408 هـ)، فقد نُسِب إليه كتاب موضوع لا أصل له، ونفى ذلك عنه ابن الجزريّ.

3- القراءة الّتي لا تعدّ قرآنا يُتعبّد به، ولكنّها:

أ‌) صحّ سندها إلى الصّحابيّ. ب) وخالفت الرّسم العثماني.

فهذه هي: القراءة الشّاذّة [انظر " النّشر " لابن الجزريّ (1/14)، و" إرشاد الفحول " (88)].

فتعريفها إذن هي: ( ما صحّ سنده إلى الصّحابيّ، ولكنّها خالفت المصاحف العُثمانيّة ).

وبهذا ندرِك:

- ضعف قول كثير من الأصوليّين أنّ القراءة الشّاذّة هي ما رُويت آحادا [البرهان للجويني (1/427) و" روضة النّاظر " لابن قدامة (1/149)].

- أو أنّها ما عدا السّبع - كما قال الرّافعيّ والنّوويّ رحمهما الله -.

- أو ما وراء العشر - كما قال البغويّ والسّبكيّ رحمهما الله- [البحر المحيط (1/474)].

- وضعف قول الإمام البلقيني رحمه الله - كما في " الإتقان في علوم القرآن " (1/210)- أنّ المتواتر هو السّبع، والآحاد هو الثّلاث المتمّمة للعشر، والشّاذ قراءات التّابعين كالأعمش ويحيى بن وثّاب وابن جبير وغيرهم.

- وضعف قول السّيوطيّ نفسِه في " الإتقان " (1/215) أنّ الشاذّ هو ما لم يصحّ سنده.

المسألة الثّانية: حكـم القراءة الشّـاذّة.

إذا صحّ سند القراءة إلى الصّحابيّ سواء كانت وراء السّبع، أو وراء العشر، أو كانت من قراءات التّابعين، فإنّها حجّة في علوم اللّغة العربيّة.

إلاّ إذا كان مصطلح الرّافض لها مغايرا لما ذكرناه، كأن يقصِد بالشّاذ ما لم يصحّ سنده، فهي حينئذ لا يُحتجّ بها.

قال السّيوطيّ رحمه الله في الاقتراح ":

" وقد أطبق النّاس على الاحتجاج بالقراءات الشاذّة في العربيّة إذا لم تخالف قياسا معروفا، بل ولو خالفته يُحتجّ بها في مثل ذلك الحرف بعينه، وإن لم يجُز القياس عليه، كما يُحتجّ بالمُجمَع على وروده ومخالفته القياس في ذلك الوارد بعينه، ولا يقاس عليه نحو " استحوذ "، و" يأبى" ".[1]

ثمّ قال: " وما ذكرته من الاحتجاج بالقراءة الشاذّة لا أعلم فيه خلافا بين النّحاة، وإن اختُلف في الاحتجاج بها في الفقه "اهـ.

مثال على ذلك:

- استدلّ العلماء على جواز دخول لام الأمر على المضارع المبدوء بـ( تاء الخطاب ) بقراءة أبيّ بن كعب وعثمان وأنس رضي الله عنهم، والحسن البصريّ، وابن سيرين - وهي قراءة رويس محمّد بن المتوكّل -: ( فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا ).

قال ابن الطّيّب الفاسيّ في " شرح الاقتراح " (1/422):

" هي حجّة على من منَع ذلك من أصله ورام إبطاله، ورادّة عليه مقالَه ".

ويؤيّد جواز هذه القراءة أنّه قد جاء في المتواتر:{وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: من الآية12].

- وغير ذلك من الأمثلة.

تـنـبـيـه مـهـمّ

إنّ الّذين ردّوا الاستدلال على بعض القواعد النّحويّة ببعض القراءات المتواترة - بلْهَ الشّاذّةَ – قد زعموا أنّه قد وقع القرّاء في اللّحن ! فقالوا: بما أنّ هناك لحناً في القراءات فلا يُحتجّ بها إذا خالفت القياس !

وممّا احتجّ به بعضهم على وقوع اللّحن في القراءات ما يلي:

· الأثر الأوّل:

ما رواه أبو بكر بن أبي داود بسنده في " المصاحف " (ص 104)، وأبو عبيد في " فضائل القرآن " وذكره ابن الأنباري أيضا:

أنّ عثمان بن عفّان رضي الله عنه لمّا فرغ من المصحف أُتِي به، فنظر فيه، فقال رضي الله عنه: ( قَدْ أَحْسَنْتُمْ، وَأَجْمَلْتُمْ، أَرَى فِيهِ شَيْئاً مِنْ لَحْنٍ سَتُقِيمُهُ العَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا ).

وللردّ على هذا طريقان:

1) المنع: أنّ هذا الأثر ضعيف، قال الإمام الآلوسيّ رحمه الله في " مقدّمة تفسيره ":

" فالحق أنّ ذلك لا يصحّ عن عثمان رضي الله عنه، والخبر ضعيف مضطرب منقطع، إذ كيف يُظنُّ بالصّحابة:

- أوّلا: اللّحن في الكلام، فضلا عن القرآن وهم هم.

- ثمّ كيف يُظنّ بهم ثانيا اجتماعهم على الخطأ وكتابته.

- ثمّ كيف يظنّ بهم ثالثا عدم التنبّه والرّجوع.

- ثم كيف يُظنّ بعثمان عدم تغييره وكيف يتركه لتقيمه العرب، وإذا كان الّذين تولّوا جمعه لم يقيموه -وهم الخيار- فكيف يقيمه غيرهم ؟! فلعمري إنّ هذا ممّا يستحيل عقلا وشرعا وعادة " اهـ.

وهذا الجواب قد أخذه الآلوسيّ رحمه الله عن السّيوطيّ في " الاقتراح ".

وقد ردّ بمثل ذلك أيضا محمّد طاهر الكردي في " تاريخ القرآن الكريم " (1/ 56).

2) التّسليم: فقد قال أبو بكر بن أبي داود نفسه بعد روايته لهذا الأثر:

" هذا عندي يعني: بلِغُتها، وإلاّ لو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعا لما استجاز أن يبعث به إلى قوم يقرءونه ".

وحمله السّيوطيّ كذلك على ما وقع فيه إلى غير لسان قريش.

· الأثر الثّاني:

ما رواه ابن أبي داود أيضا في " المصاحف " (ص 109) بسنده، وأبو عبيد في " فضائل القرآن " عن سعيد بن جبير قال: " في القرآن أربعة أحرف لحن: {الصَّابِئُونَ}،{وَالمُقِيمِينَ}،{فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}،و{إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ".

وهذا أيضا فيه انقطاع، فلا يصحّ.

ثمّ لو صحّ عنه، فيُحمل على ما حُمل عليه قول عثمان رضي الله عنه، فيقصِد أنّه مخالف للغة قريش.

· وما رواه أيضا في " المصاحف " (1/111) بسنده وأبو عبيد في " فضائل القرآن " عَنْ عروة قال: سألت عائشة عن لحن القرآن:{إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}، وعن قوله:{وَالمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}، وعن قوله:{وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ}، فقالت: " يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذَا عَمَلُ الكُتَّابِ، أَخْطَئُوا فِي الكِتَابِ ".

وهذا أيضا لا يصحّ سنده.

وقد أبعَد السّيوطي رحمه الله إذ حكم على أثر عائشة رضي الله عنها في " الإتقان " أنّه صحيح على شرط الشّيخين !

ولكنّه حمل معناه على أنّ المقصود من قولها ( أخطؤوا ) أي: في اختيار الأولى من الأحرف السّبعة لجمع النّاس عليه، لا أنّ الّذي كتبوه خطأ لا يجوز.

وممّن أجاب بذلك ابن أَشْتَه وابن جِبارة في " الرّائيّة ".

ومثل هذه الآثار، وتصحيحُها من قِبَل بعض الأخيار، هو الّذي فتح الباب للمستشرقين، والنّصارى المستغربين، فصاروا يطعنون في كلام الله، ويدّعون أنّ فيه لحناً.

( تتمّة وفوائد مهمّة في إعراب الآيات الّتي تستشكلُ ).

1- أمّا قوله تعالى:{إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[2]: فاسم الإشارة ( هذان ) جاء على لغة من يُلزم المثنّى الألف رفعا ونصبا وجرّا.

وهي لغة بني الحرث بن كعب، وزَبِيد، وخثعم، وكنانة بن زيد، يجعلون رفع الاثنين ونصبه وخفضه بالألف؛ يقولون: جاء الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزّيدان.

قال أبو جعفر النّحاس:" وهذا القول من أحسن ما حُمِلت عليه الآية؛ إذ كانت هذه اللغة معروفة، وقد حكاها من يُرتضَى علمُه وأمانته، منهم:

- أبو زيد الأنصاري، وهو الّذي يقول: إذا قال سيبويه: ( حدّثني من أثق به ) فإنّما يعنيني.

- وأبو الخطاب الأخفش، وهو رئيس من رؤساء اللّغة.

- والكسائي، والفرّاء، كلّهم قالوا: هذا على لغة بني الحرث بن كعب "اهـ.

إذن فهي لغة من لغات العرب، على قلّتها لا تعدّ لحناً.

2- أمّا قوله تعالى:{وَالمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}[3] فكلمة ( المقيمين ) ليست معطوفة على الاسم المرفوع قبلها ( الرّاسخون )، ولكنّها مفعول به منصوب على الاختصاص، كأنّه قال:" وأخصّ المقيمين الصّلاة "، تنويها بإقام الصّلاة وشرفها.

ثمّ تعرب الجملة الفعليّة ( أخصّ المقيمين ) معترضةً لا محلّ لها من الإعراب.

ومن المقرّر أنّ الاختصاص شائع في المدح والذم والترحّم، ومنه – على قول – قوله تعالى:{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4].

3- قوله تعالى:{وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} فقد رُفعت كلمة ( الصّابئون ) مع أنّها معطوفة على اسم ( إنّ ).

والجواب: أنّها مبتدأ، خبره محذوف، والتّقدير: ( والصّابئون كذلك )، ثمّ الجملة الاسميّة معترضة لا محلّ لها من الإعراب.

وهو استعمال معروف، بوّب العلماء له بقولهم: أنّه لا يجوز رفع المعطوف على اسم (إنّ) حتّى تستكمل خبرها.

قال ابن مالك رحمه الله:

( وجائـزٌ رفعُك معطـوفا على *** منصوب "إنّ" بعد أن تستكملا )

قالوا: فإذا جاء الاسم مرفوعا قبل استكمال الخبر – كما في مسألتنا هذه – فيعرب مبتدأً خبره محذوف.

وإذا سألت ما سرّ رفع كلمة ( الصّابئون ) في الآية ؟

فالجواب: هذا ليلفت الله انتباه السّامع الّذي ربّما حكم على الصّابئين الّذين تُوفُّوا غيرَ منتسبين لدين غير الحنيفيّة أنّهم ليسوا من أهل النّجاة، فأراد الله أن يخصّهم بالذّكر فرفع اللّفظ ليرفع المعنى.

4- أمّا قوله تعالى:{ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ }، فإنّ الفعل الواقع في جواب الطّلب له وجهان:

أ‌) النّصب إذا ولِي فاء السّببيّة، فتقول: ذاكرْ فتنجحَ.

ب‌) الجزم، إذا لم تلِه الفاء، فتقول: ذاكرْ تنجحْ.

والآية من هذا القبيل، ونوّع الله تعالى في الجواب، ليدلّ على أنّ المستغيث حال الشدّة يبحث للنّجاة عن كلّ سبيل.

والله تعالى أعلى وأعلم، وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للتّي هي أقوم.



[1] يقصد رحمه الله بهذين المثالين أنّ ما صحّ سنده وخالف القياس فعليه لا يُقاس.

فالفعل ( استحوذ ) قياسه أن يقال فيه ( استحاذ ) لأنّ الحرف الصّحيح ( الحاء ) أولى بالحركة من المعتل ( الواو )، مثل " استقام "، و"استقال"، وغيرها. ولكنّه جاء عن العرب وفي أفصح الكلام ( استَحْوذ ) فينطق به على نحو ما جاء، ولا يقاس عليه.

والفعل ( يأبَى ) ماضيه ( أبَـى )، وليس في اللّغة العربيّة ( فعَل يفعَل ) مفتوح العين إلاّ إذا كانت عينه أو لامه حرفا من حروف الحلق (الهمزة، والهاء، والعين، والغين، والحاء، والخاء )، والفعل ( يأبى ) ليس كذلك، فيُحفظ ولا يقاس عليه.

[2] أمّا على قراءة عاصم: ( إنْ هذان )، وقراءة أبي عمرو: ( إنّ هذين ) فلا إشكال، ولكن قراءة الباقين هي الّتي أشكلت.

[3] من قوله عزّ وجلّ:{ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا } [النّساء (162)].

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.