أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

السبت 26 محرم 1432 هـ الموافق لـ: 01 جانفي 2011 02:16

- تفسير سورة البقرة (12) الكفر: معانيه وأسبابه.

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فلمّا ذكر الله عزّ وجلّ المؤمنين وأحوالَهم في أربع آيات، ذكر الكافرين ومآلَهم في آيتين، فقال:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)}. ولنا في هاتين الآيتين مسائل ثلاث:

- المسألة الأولى: شرح الألفاظ وبيان المعاني.

- ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ): وأصل الكفر في كلام العرب: السّتر والتّغطية، ومنه قول العرب:" ليلة كفَرَ النُّجومَ غمامُها "، أي: سترها. ومنه سمّي اللّيل كافرا، لأنّه يغطّي كلّ شيء بسواده، قال الشّاعر:

 

فتذكّرا ثَقلا رثيدا بعدما *** ألقت ذُكاء يمينَها في كافر[1]

والكافر يطلق أيضا على الزّارع، والجمع كفّار، قال الله تعالى:{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20]، يعني: الزرّاع؛ لأنّهم يغطّون الحبّ. ومنه الكَفْر للقرية المليئة بالأشجار.

وله في القرآن الكريم معانٍ خمسة:

1- التّغطية، وهو المعنى اللّغويّ السّابق ذكره.

2- الكفر بالتّوحيد، كهذه الآية، وهو الغالب استعماله.

3- كفران الّنعمة والإحسان، ومنه قوله تعالى في البقرة:{وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} [آية 152].

ومنه ما رواه البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أُرِيتُ النَّارَ، فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ )) قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ ؟ قَالَ: (( يَكْفُرْنَ الْعَشِير،َ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ )).

ولمّا كانت المعاصي كفرانا لنعمة الله تعالى على عبده سمّاها كفرا، كالطّعن في الأنساب، والفخر بالأحساب، والنّياحة، وقتال المؤمن.

4- التبرّؤ، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ} [العنكبوت: من 25]، أي: يتبرّأ بعضكم من بعض.

5- الجحود، ومنه قوله تعالى في البقرة:{فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} [آية 89].

التّعريف بالكفر اصطلاحا:

من خلال ما جاء في كلام أئمّة السنّة كالإمام أحمد، والآجرّي، وابن تيمية، وابن القيّم، وابن الوزير، وغيرهم نستخلص أنّ الكفر - وهو نقيض الإيمان -:

- قد يكون تكذيباً في القلب، فهو مناقض لقول القلب - وهو التّصديق -.

- وقد يكون الكفر عملاً قلبياً كبغض الله تعالى، أو آياته، أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والذي يناقض الحبّ الإيماني، وهو آكد أعمال القلوب وأهمها.

- وقد يكون قولاً ظاهراً يناقض قول اللّسان.

- وتارة يكون عملاً ظاهراً: كالسّجود للصّنم، والطّواف بالقبور، واتّخاذ الصّليب، وإهانة شعائر الله.

لذلك يعرّف ابن حزم رحمه الله الكفرَ بعبارة جامعة فيقول:

" وهو في الدين: صفة من جحد شيئاً ممّا افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجّة عليه ببلوغ الحقّ إليه بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه، أو بهما معاً، أو عمل عملاً جاء النصّ بأنّه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان "اهـ.

-( سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ): كلمة سواء تأتي في اللّغة على ثلاثة معان كلّها وردت في القرآن:

1- بمعنى " مُسْتَوٍ " مثل هذه الآية والمعنى: إنذارك وعدمه مستوٍ عندنا، ومثله قوله تعالى:{قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} [الشعراء:136]، والمثنّى: سِيَّانَ.

2- بمعنى التّام، كقوله تعالى:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصّلت: من الآية10].

3- بمعنى " وسط "، نحو قوله تعالى:{فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصّافّات:55].

-( أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ): الإنذار: هو الإبلاغ والإعلام، ولا يستعمل إلاّ في تخويف، قال تعالى:{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت:13].

ومنه سمّي (الشَّيب) نذيرا؛ لأنّه يُعلِم المرءَ باقترابه من الموت، وبه فسّر ابن عبّاس رضي الله عنهما قوله تعالى:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: من الآية37] قال: هو الشّيب، وقاله البخاري أيضا.

ومعنى هذه التّسوية أنّهم لا يؤمنون، فأراد الله عزّ وجلّ توكيد ذلك فقال:

-( لاَ يُؤْمِنُونَ ): فالكفّار الّذين لا يستجيبون ولو تبيّن لهم ما تبيّن صنفان:

· الصّنف الأوّل: المشركون:

فمنهم من عزم على ألاّ يؤمن بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولو أوتي ما أوتي، حرصا على الجاه والمكانة الّتي يتبوّءها في قومه، أولئك الّذين قال تعالى عنهم:{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} [الحجر:15]، وقالوا:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً (93)} [الإسراء]..

وحتّى لو أنزل عليهم الكتاب، لضُرب به عُرض الحائط، فقد قال تعالى:{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأنعام:7].

فقد بلغ بهم الكفر إلى حدّ أنّ الله لو أنزلها ثمّ لم يؤمنوا بها لكانوا قد حكموا على أنفسهم بالعذاب !

روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا وَنُؤْمِنُ بِكَ ؟ قَالَ: (( وَتَفْعَلُونَ ؟ ))قَالُوا: نَعَمْ.

قَالَ: فَدَعَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمْ الصَّفَا ذَهَبًا، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ. قَالَ: (( بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ )).

· الصّنف الثّاني: أهل الكتاب:

ذلك لأنّهم كفروا بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبما أنزل إليه، فيكونون قد كفروا بما أنزل عليهم كذلك؛ لأنّ الأنبياء دينهم واحد.

وإنّ أخبار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد جاء ذكرها في التّوراة والإنجيل، فلن يؤمنوا بك وقد كفروا بما أنزل إليهم، وفيه ذكرٌ لصفاتك وأخبارك والعهد الّذي أخذه الله عليهم.

وفي حالهم قال تعالى:{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البقرة: من الآية145].

ولا بدّ من التّنبيه على أمر مهمّ في هذه الآية، وهو: أنّ كلمة العلماء في تأويل هذه الآية تتّفق على أنّ هذا الحكم خاصّ بمن سبق في علم الله أنّه يموت على كفره، فأراد الله تعالى أن يُعلِم عباده أنَّ في النّاس من هذه حاله دون أن يعيّن أحدا.

لذلك حملها ابن عبّاس رضي الله عنه على رؤساء اليهود، كحُيَيّ بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظرائهما.

وقال الرّبيع بن أنس: نزلت فيمن قتل يوم بدر، والمقصود أنّها خاصّة بمن علم الله أنّه سيموت على الكفر، فهي مثل قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97)} [يونس].

والّذي حمل العلماء جميعهم على هذا التّأويل هو: أنّ هناك مِن أهل الكفر مَن إذا دعوتهم أسلموا، وإذا أنذرتهم تذكّروا، وعموم أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كانوا على الكفر، فأنجاهم الله بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم إلى الإيمان وشعائر الإسلام.

-( خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ): الختم: هو الطّبع والغلق، وعادة العرب أنّهم إذا أرادوا إحكام غلق الأشياء ختموا عليها بخاتم حتّى لا يُفتح إلاّ بإذنهم، فالّذين يتمادون في الباطل يختم الله على قلوبهم فلا يصلهم شيء من الهدى والنّور الّذي أنزل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وإذا ختم على القلوب فهم لا يعقلون ولا يفقهون.

-( وَعَلَى سَمْعِهِمْ ): وأغلق على آذانهم فهم لا يسمعون شيئا من الحقّ، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً[2]} [الأنعام: من الآية25].

-( وَعَلَى أبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ): أي: غطاء، فهم لا يبصرون هدى، كما قال تعالى:{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} [الكهف:101]، وقال عن ساعة الحقيقة:{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق:22].

والوقف التامّ يكون على ( سَمْعِهِمْ )، فالختم على القلب والسّمع، والغشاوة على الأبصار، ليوافق ذلك قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [الجاثـية:23].

-( وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ): العذاب لغة: هو المنع، وسمّي العقاب عذابا لأنّه يمنع صاحبه من اقتراف المحرّمات، ومنه الماء العذب لأنّه حُبِس في الوعاء حتّى يصفُو ويفارقه ما خالطه.

المسألة الثّانية: وجوب إنذار الكفّار.

لا حجّة لأحد في أن يترك دعوةَ الكافرين والمشركين وإنذارَهم محتجّا بهذه الآية، وذلك من وجوه:

1- فممّا سبق تبيّن لنا أنّ الآية خاصّة بمن علم الله عزّ وجلّ أنّهم ميّتون على الكفر، فلا حجّة لأحد في ترك الدّعوة، لأنّه لا يعلم ما يعلمه الله تعالى.

2- أنّ الله عزّ وجلّ أمر بدعوتهم جميعا وفي علمه أنّ كثيرا منهم سيموت على الكفر:

فقال تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشّعراء:214]، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: من الآية67]، وقال:{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)} [الغاشية]، وقال:{إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: من الآية12].

3- أنّنا ننذرهم رجاء انتفاعهم، وإقامة للحجّة عليهم، واعتذارا إلى الله يوم القيامة، كما قال صالحو القرية:{مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: من الآية164].

4- أنّنا ننذرهم رجاء انتفاعنا، قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33].

5- أنّ الّذي نزلت عليه هذه الآية ظلّ يدعو الكفّار إلى أن لحق بالرّفيق الأعلى.

فإن قيل فلماذا أخبر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بحال الّذين كفروا ؟

الجواب: أنّ الله لم يعيّن له أحدا في الآية، وإنّما المقصود من الآية تسلية الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وأنّ إعراضهم وكفرَهم ليس تقصيرا منه.

وقد كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتألّم لصدود النّاس عنه وعن دعوته، حتّى قال له ربّه:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر:8]، وقال:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} [الكهف:6]، وقال:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:3] وقال تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [لقمان:23].

فالمطلوب: هو الدّعوة فمن استجاب لك فبها ونعمت، ومن أبى وستكبر فاعلم أنّ الله لم يشأ هدايته وبيده الأمر كلّه.

المسألة الثّالثة: ضرر الذّنوب على القلوب والسّمع والأبصار.

- كثيرا ما يجمع الله بين القلب والسّمع والبصر لأنّها وسائل الإدراك، والهدى يدخل إلى العبد من هذه الأبواب الثّلاثة.

لذلك قال تعالى:{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء:36]، وامتنّ على عباده بها فقال:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النّحل:78]، وقال:{وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} [المؤمنون:78]، وقال:{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة:9].

وجعل عزّ وجلّ أهل النّار هم الّذين لا ينتفعون بهذه الوسائل الثّلاثة، فقال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف من:179].

- وأغلب الآيات تبدأ بذكر القلب لأنّه هو الغاية، فالسّمع والبصر خدمٌ للقلب، وفي آية البقرة بدأ بذكر القلب لأنّ الختم عليه أشدّ، فقد يسمع الإنسان ويبصر ولا يفقه شيئا، قال تعالى في السّمع:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال:23]، وقال في البصر:{فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: من الآية46].

ولكن، ما سبب هذا الطّبع والختم على القلوب ؟

فاعلم أنّ الختم على القلوب والأسماع، وعمى الأبصار، إنّما سببه: الإصرار على الذّنوب وعدم التّوبة منها.

ومصداق ذلك ما رواه مسلم عن حذيْفَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يقولُ:

(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ:

عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ.

وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا[3] كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا )).

وبدايته " الغين " أو الغيم، كما في صحيح مسلم عن الأَغَرِّ المُزَنِيِّ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ )).

ولو تساهل المرء في هذه المرحلة ازداد حتّى يصير رانّا، وما بعده الطّبع والختم على القلب عياذا بالله، وأعظمه الإقفال.

قال ابن القيّم رحمه الله في " الوابل الصيّب ":

" وإذا صدئ القلبُ لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه، فيرى الباطل في صورة الحقّ، والحقّ في صورة الباطل، لأنّه لمّا تراكم عليه الصّدأ أظلم، فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه، فإذا تراكم عليه الصّدأ، واسودّ وركبه الرّان، فسد تصوّره وإدراكُه، فلا يقبل حقّا، ولا ينكر باطلا، وهذا أعظم عقوبات القلب .." اهـ

ولذا قيل: المعاصي بريد الكفر.

وذكر ابن القيّم في " شفاء العليل " عن أبي معاذ النّحويّ قال:" الرّين أن يسودّ القلب من الذّنوب، والطّبع أن يطبع على القلب وهو أشدّ من الرّين ، والإقفال أشدّ من الطبع وهو أن يقفل على القلب "اهـ.

قال ابن جرير:" إن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها، فلا يكون إليها مسلك، ولا للكفر منها مخلص ".

والله المستعان، وعليه التّكلان.



[1] البيت قاله ثعلبة بن أبي صعير المازنيّ رضي الله عنه يذكر الظّليم والنّعامة وأنّهما تذكّرا بيضهما في أدحيّهما - والأدحيّ هو العشّ في الأرض - فأسرعا إليه.

والرّثيد من رثد المتاع يرثده رثدا، فهو مرثود ورثيد، نضّده ووضع بعضه فوق بعض أو إلى جنب بعض [لسان العرب].

و( ذُكاء )- بضمّ الذّال والمدّ -: اسم للشّمس.

[2] قال في " اللّسان ": " الوَقْرُ: ثِقَلٌ فـي الأَذن، بالفتـح، وقـيل: هو أَن يذهب السمع كله، والثِّقَلُ أَخَفُّ من ذلك ".

[3] المربادّ: هو الأسود فيه قليل من البياض. و( مجخّيا ): أي منكوسا ومقلوبا.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.