أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 21 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 25 جانفي 2011 07:05

- شرح الأسماء الحسنى (24) الرّحمن الرّحيم عزّ وجلّ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ من أجلّ أسماء الله سبحانه وتعالى، وأعظمها وأشهرها:

31- الرّحمن 32- الرّحيم

المبحث الأوّل: في ثبوت هذين الاسمين ومنزلتهما.

اتّفق علماء الأمّة على أنّهما من أسماء الله تبارك وتعالى، وذلك لأمور:

الأوّل: لثبوتهما في القرآن في أكثر من آية، أمّا الرّحمن فقد ذكر في القرآن في سبع وخمسين موضعا دون البسملة بين السّور، وأمّا الرّحيم فذكر في 114 موضع.

 

الثّاني: بل إنّ الله عرّف نفسه إلى خلقه بأنّه الله الرّحمن الرّحيم، فقال في فاتحة كتابه: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وقال تعالى:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)} [الحشر].

قال ابن القيّم رحمه الله - كما في " مختصر الصّواعق المرسلة " (2/112)- عنهما بأنّهما:

" أظهر الأسماء الّتي افتتح الله بها كتابه في أمّ القرآن، وهي من أظهر شعائر التّوحيد، والكلمة الجارية على ألسنة أهل الإسلام، وهي بسم الله الرّحمن الرّحيم الّتي هي مفتاح الطّهور، والصّلاة، وجميع الأفعال ..."اهـ

الثّالث: حتّى إنّه تعالى تعرّف إلى الأمم قبلنا بهذا الاسم، فانظر قول بلقيس ملكة سبأ:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)} [النّمل]، وقصّة القرية الّذين جاءهم المرسلون في سورة (يس) قصّ الله علينا قولهم:{قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15)}.

الرّابع: بل إنّه الاسم الّذي سيأتي على لسان العالمين يوم الفزع، قال تعالى:{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)} [يس].

الخامس: أنّهما من اسم الله الأعظم، بدليل ما رواه التّرمذي وابن ما جه والدّارميّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ:

(( اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ:{اَلَم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}.

أمّا إنكار كفاّر قريش لاسم الرّحمن فهو تعنّت وجحود وعناد، قال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)} [الفرقان]، وجاء في صحيح البخاري في قصّة صلح الحديبية قوله: فَدَعَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْكَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ ؟ وَلَكِنْ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.

إنّما ذكرنا أنّه تعنّت لأنّهم كانوا يعرفون هذا الاسم الكريم، ويدلّ على ذلك أمران:

الأوّل: آيات كثيرة ذكرت أنّهم كانوا يعرفونه، مثل قوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزّخرف: 20].

الثّاني: أنّه جاء ذكر اسم الرّحمن في أشعار الجاهليّة، كقول سلامة بن جندب الطّهوي:

عجلتم علينا إذ عجلنا عليكم *** وما يشأ الرّحمـن يُعقَد ويُطلق

وقد ردّ الطّبريّ بشدّة قول من قال إنّ العرب كانت لا تعرف ( الرّحمن )، فقال:" وقد زعم أهل الغباء أنّ العرب كانت لا تعرف الرّحمن " اهـ، ثمّ بيّن رحمه الله أنّ ذلك كان تعنّتا وجحودا.

فالشّاهد أنّ الله تعرّف على عباده باسم الرّحمن، حتّى إنّه لم يتسمّ به أحدٌ من الخلق، أمّا إطلاق أهل اليمامة لقب ( الرّحمن ) على مسيلمة الكذّاب فهو تعنّت أيضا كتعنّت فرعون من قبل يوم قال: أنا ربّكم الأعلى.

المبحث الثّاني: المعنى اللّغويّ.

الاسمان مشتقّان من الرّحمة، والرّحمة في اللّغة - كما في " لسان العرب "-:" هي الرّقّة والتعطّف، والمرحمة مثله .. قال الله عزّ وجلّ:{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالمَرْحَمَةِ} أي: أوصى بعضهم بعضا برحمة الضّعيف، والتعطّف عليه، وترحّمت عليه أي: قلت: رحمة الله عليه "اهـ.

وتطلق الرّحمة في القرآن الكريم والسنّة ويراد بها عدّة معان، كلّها من آثار رحمة الله تعالى، منها:

- النبوّة، كقوله تعالى على لسان نوح عليه السّلام:{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ}، وعلى لسان صالح عليه السّلام:{يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}، ومنه قوله عن الخضر عليه السّلام:{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} أي: آتيناه النبوّة.

- الرّزق، ومنه قوله عزّ وجلّ:{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)} [الإسراء]، وقوله:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}.

- المطر:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}.

- الجنّة: كقوله تعالى:{سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ} [التّوبة: 100]، وقوله:{يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)} [الإنسان]، ومنه ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:

(( تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتْ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتْ الْجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا )).

ومنه دعاء بعض السّلف: اللَّهُمَّ اجْعلنِي في مُستَقَرّ رحْمتِك.

المبحث الثّالث: معنى الاسمين في حقّ الله تعالى:

الاسمان مشتقّان من الرّحمة - كما سبق ذكره -، فيجتمعان في أمر، ويفترقان في أمور:

* فيجتمعان في الدّلالة على المبالغة، فمعنى كلّ منهما الشّديد الرّحمة، فينبغي اتّباع ما اختاره الله لنفسه، واختاره له رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فيوصف ويُدعى بهذين الاسمين الدالّين على المبالغة، فلا يليق أن يخبر العبد عن ربّه بما يدلّ على قلّة رحمته كأن يسمّيه (راحم) كما نسمعه على ألسنة المتصوّفة: اللهمّ ارحمنا فإنّك بنا راحم، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر !

فإذا كان كلاهما يدلّ على المبالغة في الرّحمة، فما الفرق بينهما ؟

* الفروق بينهما من وجوه:

- أنّ الرّحمن أبلغ من الرّحيم، لأنّ ( فعلان ) يدلّ دائما على المبالغة، نحو غضبان وجوعان ونحو ذلك.

بخلاف وزن ( فعيل ) فهو قد يأتي لغير المبالغة نحو: جميل، ونظيف، وعظيم، فهو بمعنى فاعل ليس غير، بل إنّ ( فعيل ) قد يأتي بمعنى المفعول كقتيل، وجريح، وحسير، ونحو ذلك. ولا شكّ أنّ ما لزم معنى المبالغة دائما يكون أبلغ من غيره.

- قال كثير من أهل العلم: إنّ ( الرّحمن ) هو ذو الرّحمة الشّاملة لجميع الخلائق في الدّنيا، وللمؤمنين في الآخرة، و( الرّحيم ) هو ذو الرّحمة للمؤمنين فحسب، واستدلّوا على ذلك بأمرين:

الأوّل: قوله تعالى في أكثر من موضع من كتابه:{الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى}، وقوله:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ الرَّحْمَنُ} قالوا: فذكر الله اسمه الرّحمن دون غيره في مقام ذكر الاستواء على العرش ليعُمّ جميع خلقه برحمته، وقال:{وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:43] فخصّ المؤمنين باسمه ( الرّحيم ).

الثّاني: ما رواه الطّبراني في " الأوسط " بسند جيّد، وصحّحه الألباني في " صحيح التّرغيب والتّرهيب " عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم لِمُعَاذٍ رضي الله عنه:

(( أَلاَ أُعَلِّمُكَ دُعَاءً تَدْعُو بِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ دَيْنًا لَأَدَّاهُ اللهُ عَنْكَ ؟ قُلْ يَا مُعَاذُ: اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ الخَيْرُ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، تُعْطِيهُمَا مَنْ تَشَاءُ وَتَمْنَعُ مِنْهُمَا مَنْ تَشَاءُ، اِرْحَمْنِي رَحْمَةً تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ )).

وهذا القول: وهو شمول ( الرّحمن ) للكافرين والمؤمنين، وتخصيص ( الرّحيم ) بالمؤمنين قويّ، لولا أنّه يرد عليه قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ بالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمُ} أي: هو رحيم بكلّ النّاس مؤمنهم وكافرهم.

- وأحسن الفروق أن يقال إنّ ( الرّحمن ) صفة ذات، والرّحيم صفة فعل: فالرّحمن يدلّ على أنّه سبحانه متّصف بالرّحمة الواسعة ولو قبل أن يخلق العباد، والرّحيم يدلّ على الصّفة المتعلّقة بالعباد فيوصلها لمن يشاء، قال ابن القيّم رحمه الله في "بدائع الفوائد " (1/24):

" إنّ ( الرّحمن ) دالّ على الصّفة القائمة به سبحانه، و( الرّحيم ) دالّ على تعلّقها بالمرحوم، فكان الأوّل للوصف، والثّاني للفعل، فالأوّل دالّ على أنّ الرّحمة صفته، والثّاني دالّ على أنّه يرحم خلقه برحمته.

وإذا أردت فهم هذا فتأمّل قوله:{وَكَانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:43]، {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التّوبة: 107]، ولم يجِئ قط (رحمن بهم)، فعُلم أنّ ( رحمن ) هو الموصوف بالرّحمة، و( رحيم ) هو الرّاحم برحمته، وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب "اهـ.

-أنّ ( الرّحمن ) لا يتسمّى ولا يوصف به أحد - كما سبق ذكره -، لذلك قال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الفرقان:110] فعادل ( الله ) بـ( الرّحمن )، لأنّه الاسم الّذي لا يُشركه فيه غيره.

وروى ابن أبي حاتم في " تفسيره " عن الحسن قال: ( الرّحمن ) اسم لا يستطيع النّاس أن ينتحلوه تسمّى به تبارك وتعالى.

وجائز أن يوصف الإنسان بالرّحيم، كما وصف الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بقوله:{بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.

قال ابن كثير رحمه الله:

" والحاصل: أنّ من أسمائه تعالى ما يسمّى به غيره، ومنها ما لا يسمّى به غيره، كاسم ( الله ) و(الرّحمن) و( الخالق ) و( الرّزاق )، ونحو ذلك؛ فلهذا بدأ باسم الله، ووصفه بالرّحمن؛ لأنّه أخصّ وأعرف من الرّحيم؛ لأنّ التّسمية أوّلا إنّما تكون بأشرف الأسماء، فلهذا ابتدأ بالأخصّ فالأخصّ "اهـ.

[يُتبع إن شاء الله].

أخر تعديل في الأحد 27 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 01 ماي 2011 21:53

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.