أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الاثنين 13 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 17 جانفي 2011 16:57

- الزّواج من نساء أهل الكتاب: حكمه، وشروطه، ومفاسده (2)

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

شروط نكاح الكتابيّة.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فقد تطرّقنا في المقال السّابق إلى اختلاف العلماء في مسألة نكاح المسلم من الكتابيّة، وتبيّن لنا أنّ الأقرب إلى الصّواب هو: القول بالإباحة مع الكراهة.

وبقي علينا أن نعلم:

أنّ هناك شروطا متّفقا عليها بين الفقهاء لا بدّ من توفّرها للقول بالجواز، وذلك لنصّ القرآن أو السنّة عليها.

وأنّ هناك شروطا مختلفا فيها، وشروطا اشترطها الفقهاء من بعد لتغيّر الزّمان وأحوال النّاس، ومجمل هذه الشّروط ما يلي:

1- الشّرط الأوّل: الإحصان:

وهذا شرط نصّت عليه الآية، حيث قال عزّ وجلّ:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: من الآية5]، والمقصود بالإحصان هنا: العفّة والحرّية.

ويدلّ على ذلك أيضا القياس الأولويّ، فإذا كان كلّ من هذين الشّرطين يشترطان في نكاح المسلمة، فمن باب أولى اشتراطهما في غيرها:

قال تعالى في اشتراط العفّة في نكاح المسلمة:{الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:3]، فلا يُتسامح في هذا الشّرط بحال من الأحوال، لا مع المسلمة ولا مع غيرها.

وقال تعالى في اشتراط الحرّية في نكاح المسلمة:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَات} [النّساء: من الآية25].

وإنّما اشتُرطت الحرّية في نكاح المسلمة؛ لأنّ ذلك يُفضي إلى أن يصير ابنها عبدا تابعا لها، فيملكه مالكها، والشّرع متشوِّفٌ إلى العتق كما هو معروف[1].

وهذا الشّرط يتسامح فيه مع الأمة المسلمة إذا لم يستطع المسلم نكاحَ الحرّة، وخشي على نفسه العنت.

وممّن فسّر الإحصان بالعفّة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقد أخرج البيهقيّ في " سننه " (7/172) وابن أبي شيبة في "المصنّف" (3/474) عن أبي وائل قال: تزوّج حذيفة رضي الله عنه يهوديّة، فكتب إليه عمر رضي الله عنه أن يفارقها، فقال: ( إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَدَعُوا المُسْلِمَاتِ، وَتَنْكِحُوا المُومِسَاتِ ).

وقال أبو عبيدة رحمه الله: يعني العواهر.

وقال الشّعبي رحمه الله في قوله تعالى:{وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}:" إحصان اليهوديّة والنّصرانية: أن تغتسل من الجنابة وأن تحصن فرجها.." [ " أحكام القرآن " للجصّاص (2/324) ].

وممّن قال بذلك أيضا: السدّي، ومجاهد، وسفيان رحمهم الله.

2- الشّرط الثّاني: ألاّ تكون في دار الحرب وما شابهها [وما يشبه دار الكفر هي البلاد الّتي يسود فيها حكم الكافرين]:

وإنّ آية المائدة الّتي دلّت على جواز نكاح المسلم للكتابية، لم تفرّق بين أن يتزوّجها في دار الإسلام أو في دار الحرب.

ولكن دار الكفر تختلف عن دار الإسلام، من وجوه كثيرة، منها:

- أنّ الحكم والسّلطة في دار الإسلام للمسلمين الّذين هم أهل الحلّ والعقد، يحكمون بشريعة الله التي أنزلها عزّ وجلّ في كتابه وفي سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

- أنّ دار الإسلام تظهر فيها شعائر الدّين، واحتمال ميل الزوجة إلى دين زوجها المسلم وارد جدّا.

- كما أن احترامها لآداب الإسلام، وعدم مجاهرتها بما يخالفها أقرب؛ إرضاءً لزوجها الذي يغيظه مخالفة دينه في الأخلاق وارتكاب المحرمات.

وهذا بخلاف دار الحرب والكفر:

- الّتي تكون الهيمنة والسّيطرة فيها للكفار الّذين هم أهل الحلّ والعقد، والحكم فيها إنّما يكون بقوانينهم الّتي تخالف الإسلام.

- كما أنّ الشّعائر الظّاهرة فيها هي شعائر الكفر، وليست شعائر الإسلام، والأخلاق السائدة فيها هي أخلاق الكفار.

- ولهذا تكون الزوجة الكتابية في بلاد الحرب، أكثرَ تمسُّكا بدينها وأخلاقها وعاداتها، وأقلّ ميلا إلى دين زوجها وأخلاقه.

- بل إنه ليُخشَى على زوجها المسلم أن يتأثّر بمُحيط الكفر الّذي يعيش فيه.

- وثالثة الأثافي أنّه يُخشى على ذرّيته من التديّن بدين أمّهم الّتي تربيهم عليه !

وإليك نقولا عن أهل العلم الذين أجازوا زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام فقط، لا في دار الحرب وما شابهها.

1- ذكر القرطبي رحمه الله: أن ابن عبّاس رضي الله عنه سئل عن نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربا ؟ فقال: لا يحلّ - وتلا قوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ} إلى قوله تعالى:{وَهُمْ صَاغِرُونَ}، قال الرّاوي عنه: حدّثت بذلك إبراهيم النّخعي فأعجبه - يعني أنّ إبراهيم يقول بالتّحريم كذلك -.

وكره مالك تزوّج الحربيّات، لعلّة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها في الخمر والخنزير. اهـ [ الجامع لأحكام القرآن 3/69 ].

ويحتمل أن تكون كراهة الإمام مالك رحمه الله لذلك كراهةَ تحريم.

وبقول ابن عبّاس رضي الله عنه قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وإبراهيم النخعي.

2- المذهب الحنفيّ: قد صرّحت كتب الحنفيّة بكراهة الزواج بالكتابية في دار الحرب، إلا أنّ بعضهم يفسّرون الكراهة بكراهة التحريم، وبعضهم يفسرونها بكراهة التنزيه، ورجّح ابن عابدين رحمه الله أنّ الكراهة هنا كراهة تحريمية، وليست كراهة تنزيه.

["حاشية ردّ المحتار على الدرّ المختار " (3/45)].

وصرّح الدكتور وهبة الزحيليّ في كتابه "الفقه الإسلامي وأدلّته" (7/145) أنّ الحنفيّة يحرّمون الزّواج بالحربية في دار الحرب.

3- المذهب المالكيّ: قال الدّردير رحمه الله في " الشّرح الصّغير " (2/420):

" وتأكد الكره - أي الكراهة - إن تزوّجها بدار الحرب، لأنّ لها قوّةً بها لم تكن بدار الإسلام، فربّما ربّت ولده على دينها، ولم تبال باطّلاع أبيه على ذلك "اهـ.

4- المذهب الشّافعيّ: قال النّووي رحمه الله في " المنهاج " (2/187):" وتحلّ كتابية، ولكن تكره حربية، وكذا ذمية على الصحيح ".

وقال في الحاشية:" لكن الحربية أشدّ كراهة منها ".

5- المذهب الحنبليّ: وبمثل ذلك قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (9/292-293).

6- وقال ابن القيم رحمه الله في " أحكام أهل الذمّة " (2/420):

" وإنّما الّذي نصّ عليه أحمد رحمه الله، ما رواه ابنه عبد الله، قال: أكره أن يتزوّج الرّجل في دار الحرب، أو يتسرّى من أجل ولده.

وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم: لا يتزوّج ولا يتسرّى الأسير، ولا يتسرّى بمسلمة، إلاّ أن يخاف على نفسه، فإذا خاف على نفسه لا يطلب الولد "اهـ.

وبهذا يظهر أنّ مذهب الإمام أحمد، أكثر صراحة في تحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب، بل لا يبيح له وطء أمته المسلمة أو امرأته في دار الحرب إلاّ للضّرورة، مع توقّي إنجاب الولد.

ويلي مذهب الإمام أحمد في الصّراحة بالتّحريم المذهب الحنفي.

أسباب تحريم العلماء زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب:

والّذي دعا العلماء إلى القول بتحريم زواج المسلم بالكتابيّة في دار الحرب أو كراهته، يتلخّص في أمرين رئيسين:

الأمر الأول: الخوف على ذريّة المسلم الّذين يولدون في دار الحرب مِنْ أن يُرَبُّوا على غير دين أبيهم، فيكون بذلك قد غرس لأعداء الإسلام غرسا يُكْثِرُ به سوادَهم، ويخسر بذلك المسلمون الذين هم أولى بتكثير سوادهم.

ومن المعلوم أنّ من مقاصد النّكاح هو حفظ النّسل الّذي يحقّق عبادة الله عزّ وجلّ القائل:{وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذّاريات: 56].

الأمر الثاني: الخوف من اختيار المسلم المقامَ بين ظهراني الكفّار، وخاصّة الحربيّين، لما في ذلك من المفاسد:

المفسدة الأولى: مخالفة الأمر بالهجرة إلى بلاد الإسلام. وفي ذلك تعريض المسلم نفسه لعذاب الله وسخطه، وإذلال نفسه لعدوّه.

المفسدة الثانية: تكثير سواد الكافرين، وتقليل سواد المسلمين، وفي ذلك تقوية للكفار، وإضعاف للمسلمين.

المفسدة الثالثة: تعريض ذرّيته للكفر، أو الاسترقاق حال نُشُوب الحرب.

المفسدة الرابعة: ما قد يتعرض له المسلم من المنكر، ومن ذلك تعاطي المحرّمات الّتي ربّما لم يستطع الإفلات من تعاطيها، ومشاهدة المنكرات الكثيرة التي تجعله يألفها ولا ينكرها قلبه، بل قد يموت قلبه فيرضى بها لكثرتها.

المفسدة الخامسة: ما تمارسه امرأته من منكرات، فقد تمارس أنواعا كثيرة من تلك المنكرات، وقد يميل مع طول الوقت والمعايشة، إلى كثير من تلك المنكرات المخالفة لدينه، إن سلم من الارتداد عنه.

الحاصل:

إنّه سبق أن بيّنّا أنّ زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام مباح مع الكراهة، ومعلوم أنّ المباح إذا أدّى إلى مفاسد تفوق المصلحة من تناوله، غُلِّب جانب المفسدة الراجحة، فيدخل في الحرام من أجل ذلك.

ومفاسد نكاح الكتابية في دار الحرب تفوق المصالح المترتبة عليه كما هو واضح مما تقدم.

فلا غرابة من اشتراط الباحثين والعلماء اليوم شروطا كثيرة في جواز الزّواج من كتابيّة، فهي كلّها مستقاة من تلكم المقاصد الّتي بُثَّت في كتب العلماء القدماء حيث النّقاء والصّفاء، فكيف في عصر ذاعت فيه الفحشاء، ومجملها:

1- التأكّد من كونها من أهل الكتاب.

2- الإحصان.

3- ألاّ تكون حربيّة.

4- الأمن على الأولاد: من الانسلاخ من الدّين، وأكل الحرام.

5- رجاء إسلام تلك المرأة.

6- أن يكون المسلم متين العقيدة.

7- أن يكون مستقيما على تعاليم الإسلام.

وإلاّ، فإنّه آثم بزواجه، واقع فيما حذّر الله عزّ وجلّ منه:{أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: من الآية221].

والله الموفّق لا ربّ سواه.



[1] ولا يُتسامح في هذا الشّرط مع الكتابيّة، لسببين اثنين:

أوّلا: لدخول النّقص عليها من جهتين: من جهة الكفر، ومن جهة الرقّ.

ثانيا: أنّ الأمة المسلمة إذا ولدت يصبح ولدها ملكا لمالكها وهو المسلم، فحتّى لو باعها فإنّه لا يبيعها لكافر، أمّا الأمة الكافرة فيمكن بيعها لكافر، وهناك يدخل الولد تحت ولاية الكافر تبعا لأمّه، والله يقول:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: من الآية141].

أخر تعديل في الأربعاء 28 صفر 1432 هـ الموافق لـ: 02 فيفري 2011 19:33

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.