أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الجمعة 09 ربيع الأول 1435 هـ الموافق لـ: 10 جانفي 2014 12:34

- لماذا لا نحتفل بالمولِد النّبويّ ؟

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

" لماذا كلّ هذا الإنكار على من احتفل واحتفى، بمولد خير الأنام النبيّ المصطفى؟" .. " هلاّ أنكرتم على أهل الكفر والإلحاد؟" .. "هلاّ رددْتُم على أهل الفجور والفساد؟" .. " هلاّ فضحتُم من خرّب البلاد وآذى العباد؟ ".

أسئلة كثيرة متكرّرة نسمعها كلّ عام في مثل هذه الأيّام ... تلوكها ألسنة بعض الخواصّ، فضلا عن أكثر العوامّ ...

وقبل الإجابة عن هذه التّساؤلات فلا بدّ أن نعلم أوّلا أنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، والنّصيحة لله عزّ وجلّ، ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولأئمّة المسلمين، وعامّتهم، واجبٌ على كلّ مسلم في كلّ حين وأوان، ولا يسقط بعضه بالعجز عن الآخر.

ولو اتّبعنا النّاعق بمثل هذا الكلام، لوجب علينا السّكوت عن تارك الفرائض والواجبات فلا نرى بأسا، ولا ننكر على من زاد في العبادات فصلّى الظّهر خمسا، حتّى يُقضَى على أهل الكفر والإلحاد ... وأهل الفجور والفساد ... وخرّب البلاد وآذى العباد !

فعلِم أنّ مِثلَ هذا الكلام لا يُنفَق في سوق العلم ولا يقبله أولو النُّهى والأحلام.

                                                                أسباب إنكار الاحتفال بالمولد النّبويّ ؟

والأسباب التي من أجلها وجب على كلّ مسلم أن يُنكِر الاحتفال بهذه المناسبة كثيرة، ولكن حسبنا في هذه العُجالة أن نذكر أهمّها:

السّبب الأوّل: أنّ هذا الاحتفال يدلّ على جهل المسلمين بدينهم.

لأنّ العلماء المحقّقين بيّنوا أنّه لم يصحّ شيءٌ في بيان يوم ولادة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إلاّ أنّه وُلِد يوم الاثنين؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم حين سئل عن صوم يوم الاثنين: (( ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ )) [رواه مسلم].

وجمهور أهل العلم على أنّ ذلك كان في ربيع الأوّل، خلافا للزّبير بن بكَّار رحمه الله الّذي قال:" كان مولده في شهر رمضان ".

أمّا اليوم، فقد اختلفوا في تعيينه، وكيف لا يختلفون وهم ما كانوا يضبطون ذلك، فكانوا على أقوال:

1- فمنهم من قال: ولد في اليوم الثّاني من ربيع الأوّل، [" الاستيعاب " لابن عبد البرّ المالكيّ رحمه الله (1/28)]. واستندوا على رواية الواقدي، عن أبي معشر نجيح بن عبد الرّحمن المدني.

ومعلوم لدى المشتغلين بعلم الحديث أنّ الواقديّ ممّن لا يُعتمد على قوله.

2- وقال ابن حزم رحمه الله في " جوامع السّيرة " (ص 7):" ولد في الثّامن من ربيع الأول ". 

واستدلّ رحمه الله على ذلك برواية الإمام مالك عن محمّد بن جبير بن مطعم بسند صحيح. وهو القول الّذي يميل إليه أصحاب علم الفلك.

3- وقال الشّعبي ومحمّد الباقر رحمهما الله:" ولد في العاشر من ربيع الأول ".

4- وقال الجمهور: ولد في الثّاني عشر من ربيع الأول. وقد نصّ عليه ابن إسحاق رحمه الله.

5- وقيل: ولد في اليوم السّابع عشر. [انظر هذه الأقوال في " البداية والنّهاية " (2/242-243)].

ولو أردنا ترجيح رواية من هذه الرّوايات لاخترنا قول من قال: إنّه ولد في اليوم الثّامن من ربيع الأوّل، لعدَّة أمور:

أ‌) أنّه الّذي نقله الإمام مالك، وعُقَيل، ويونس بن يزيد ـ وهم من هم ؟ـ عن الزّهري، عن محمّد بن جبير بن مطعم. [انظر "صحيح السّيرة النّبوية " للشّيخ الألباني رحمه الله13)].

ب‌) أنّنا علمنا مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في شهر ربيع الأوّل اعتمادا على رواية محمّد بن جبير بن مطعِم، فكيف ندع قولهم في تعيين اليوم ؟

ت‌) أنّ هذه الرواية أكّدتها حسابات الفلكيّين الدّقيقة، كما نقل ذلك عنهم ابن عبد البرّ رحمه الله [انظر:" البداية والنهاية " (3/373)].

ث‌) أنّ هذا القول رجَّحه جمع من أهل العلم المحقّقين، منهم: ابن حزم، والحافظ محمد بن موسى الخوارزمي، والحافظ ابن دحية في كتابه " التنوير في مولد البشير " – مع العلم انّه أوّل كتاب صُنِّف في استحباب الاحتفال بالمولد –.

الشّاهد أنّ الاحتفال بالمولد النّبويّ في اليوم الثّاني عشر جهل واضح.

السّبب الثّاني: إنّما يحتفلون بوفاة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم لو كانوا يعلمون !

فإنّه قد حدث في شهر ربيع الأوّل حدثان عظيمان:

- الحدث الأوّل: هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ويظنّ جمهور المسلمين أنّها كانت في شهر محرّم ! [وقد بيّنا خطأهم هذا في غير موضع] فعجبا كيف يخطئون في معرفة مثل هذه الأحداث العظيمة ! فالمهمّ لديهم هو الاحتفال، وكأنّهم خُلقوا لهذه الغاية فحسب.

- والحدث الثّاني الذي وقع في اليوم الثّاني عشر من ربيع الأوّل: هو الحدث العظيم، والخطب الأليم، ألا وهو وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم .. أعظم ما مًنِيت به الأمّة الإسلاميّة.

وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيذْكُرْ مُصَابَهُ بِي، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ ))..

قال القرطبي:" وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّ المصيبة به أعظم من كلّ مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة: انقطع الوحي، وماتت النبوَّة، وكان أوّل ظهور الشرّ بارتداد العرب وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير، وأول نقصانه " [تفسير القرطبي (2/176)].

فأشار رحمه الله إلى أمر عظيم انقطع بموت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ألا وهو انقطاع الوحي الّذي كان يتنَزّل من يوم أهبط آدمُ إلى الأرض؛ فانقطع بموته صلّى الله عليه وسلّم !

وقد دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على أمّ أيمن رضي الله عنها بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتفقّدانها، فوجداها تبكي، فقال لها أبو بكر رضي الله عنه: مَا يبكيكِ ؟ ما عند الله خير لرسوله صلّى الله عليه وسلّم. قالت: ( والله ما أبكي أن لا أكون أعلم ما عند الله خير لرسوله، ولكن أبكي أنّ الوحيَ انقطع من السّماء !)، فهيَّجتهُما على البكاء، فجعلا يبكيان. [أخرجه مسلم].

لقد كان موت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أعظم مصيبة ابتليت بها الأمّة مطلقًا، وكان له أثره العظيم على نفوس الصّحابة وحالهم؛ حتّى صدق فيهم وصف عائشة رضي الله عنها: ( صار المسلمون كالغنم المطيرة في اللّيلة الشّاتية لفقد نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم ).

فأيُّ احتفال يكون في يوم رزئت فيه الأمة بأعظم مصيبة في تاريخها ؟!

يقول الإمام الفاكهاني المالكيّ رحمه الله:" هذا مع أنّ الشهر الذي وُلِد فيه صلّى الله عليه وسلّم هو بعينه الشّهر الّذي توفّي فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه "اهـ.

السّبب الثّالث: إنّ الاحتفال بمولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بدعة في الدّين كما نصّ على ذلك العلماء:

قال العلاّمة الفاكهاني - وهو من علماء المالكيّة في القرن الثّامن الهجري -:" لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا يُنقل عمله عن أحدٍ من علماء الأمّة ".

وقال الأستاذ أبو عبد الله محمّد الحفار - وهو مالكيّ أيضا مغربيّ ذكر له العلاّمة الونشريسي فتاوى في "المعيار المعرب" – قال:

" ليلة المولد لم يكن السّلف الصّالح – وهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتابعون لهم – يجتمعون فيها للعبادة، ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يُعظّم إلا بالوجه الّذي شرع به تعظيمه، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله لكن يتقرب إلى الله جلّ جلاله بما شرع " اهـ.

وللعلاّمة ابن الحاج الفاسي المالكيّ كلام نفيس في إبطال بدعة المولد في الجزء الثّاني من كتابه " المدخل ".

ومن غير المالكيّة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" لم يفعله السّلف الصّالح مع قيام المقتضي له، وعدم المانع منه ".

وقال ابن حجر رحمه الله - نقله السيوطي -:" أصل عمل المولد بدعة، لم ينقل عن أحد من السلف الصّالح من القرون الثلاثة ".

وقال السّخاوي رحمه الله:" عمل المولد لم ينقل عن أحد من السّلف الصّالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعدُ " [" السّيرة الشّامية " (1/439)].

إذن فكيف حدث ذلك كلّه ؟

إنّ أوّل من أحدث بدعة الاحتفال بالمولد هم الباطنيّة، وبالأخص: قوم يُعتبرون من المؤسّسين للدّعوة الباطنية، يقال لهم "بنو القدّاح" ويسمّون أنفسهم بالفاطميّين ! وهم في الحقيقة ليسوا سوى باطنيّين من سلالة اليهود، وينتسبون زوراً إلى ولد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

جدّهم هو " ميمون بن ديصان القدّاح " أحد مؤسّسي المذهب الباطنيّ الخبيث بالعراق، ثم ارتحل إلى المغرب، وانتسب هناك إلى عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، وزعم أنّه من نسله ! فلمّا دخل في دعوته قومٌ من غلاة الرّافضة – الشّيعة -، ادّعى أنّه من ولد محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصّادق.

فقبلوا ذلك منه على الرّغم من أنّ محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق مات وليس له ذرية !

وممّن تبِع ابنَ ديصان القدّاح رجل يقال له: حمدان قِرْمِط، وإليه تنسب القرامطة - الّذين قاموا بأبشع جريمة في الحرم حيث قتلوا الحُجّاج وسرقوا الحجر الأسود !-

وأوّل من أحياه بعد ذلك وشهّره في النّاس: الملك المظفّر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل، وذلك في آخر القرن السّادس، أو أوّل القرن السّابع الهجري.

وهنا أدعوك أخي القارئ لتتذكّر جيّدا ذلك الأثر العجيب عن الصّحابي الأريب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو ينهَى من اجتمعوا على ذكر الله في المسجد بالحصى:

( وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ! مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صلّى الله عليه وسلّم مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ، أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ !) فقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ.

الخوارج الّذين يقاتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان.

فقد ذكر المؤرّخ المحدّث أبو شامة في " كتاب الرّوضتين في أخبار الدّولتين " بعد ما تكلّم عن عبيد الله بن ميمون القدّاح وأنّ أباه كان ملحدا مجوسيّا، وقيل حدّادا يهوديّا، لمّا ترقّت به الحال تسمّى بالمهديّ ! وفي أيّامه كثرت الرّافضة واستحكم أمرهم، ووضعوا المكوس على النّاس، وساموهم سوء العذاب ... وكان يُرسل جنوده إلى فقهاء أهل السنّة فيَذبحونهم على فُرُشهم ! وأرسل إلى الرّوم وسلّطهم على المسلمين..

فكيف يقبل المسلمون بدعة مصدرها أمثال هؤلاء ؟!

فهذه أسباب ثلاثة كافية في ذمّ الاحتفال بأيّ عيد، سوى أعياد الإسلام الشّرعية: عيدها الأسبوعيّ الجمعة، وعيداها السّنويان: الأضحى والفطر.

وهناك أسباب أخرى تمنع من الاحتفال بالمولد النبويّ كلّها تندرج تحت وصفنا له بالبدعة، من ذلك:

- اتّهام الدّين بالنّقصان، والاستدراك على شرع الله.

- وتشريع شيء لم يأذن به الله عزّ وجلّ.

- وفيه نشر وفتح باب شرّ على الأمّة باستحسان البدع، ورضي الله عن ابن عمر الّذي كان يقول: ( لأن أرى في المسجد نارا تحرقه أحبّ إليّ من أن أرى بدعة لا أستطيع تغييرها ) [رواه ابن نصر المروزيّ في " السنّة "].

- أنّ في الاحتفال بالمولد النبويّ مشابهة للنّصارى الذين يزعمون اتّباع عيسى عليه السّلام، فأرادوا أن يتبعهم المسلمون في ذلك.

نسأل الله عزّ وجلّ أن يردّنا إلى دينه ردّا جميلا، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

أخر تعديل في الاثنين 04 ربيع الأول 1440 هـ الموافق لـ: 12 نوفمبر 2018 14:11

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.