أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأربعاء 20 شوال 1431 هـ الموافق لـ: 29 سبتمبر 2010 08:10

- أحكام النّظر (2): حدود عورة الرّجل

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق
وسنتطرّق إلى أمرين اثنين: ( أقوال العلماء في المسألة - وهل كشف العاتقين عورة في الصّلاة ؟ )

- اتّفق أهل العلم على أنّ القبل والدّبر عورة.

- كما اتّفقوا على أنّ ما فوق السّرّة وما دون الرّكبة ليس بعورة.

- ولكنّهم اختلفوا فيما بين السرّة والرّكبة هل هو عورة أو لا ؟ ولهم في ذلك مذهبان:

* الأوّل: مذهب جمهور العلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم: أنّ عورة الرّجل من السرّة إلى الرّكبة، والأدلّة على ذلك:

1- ما رواه البخاري تعليقا - بصيغة التّمريض - قال: باب مَا يُذْكَرُ فِى الْفَخِذِ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْفَخِذُ عَوْرَةٌ )).

ورواه التّرمذي عَنْ جَرْهَدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم مَرَّ بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ عَنْ فَخِذِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّهَا مِنَ الْعَوْرَةِ )). قال التّرمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ "، وقال الألبانيّ: صحيح.

2- وما رواه أبو داود عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لاَ تُبْرِزْ فَخِذَكَ وَلاَ تَنْظُرَنَّ إِلَى فَخِذِ حَىٍّ وَلاَ مَيِّتٍ ))، ولكنّه ضعيف جدّا.

ما رواه أحمد والدّارقطنيّ عن عبدِ اللهِ بنِ عمْروٍ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ )) [قال في "الإرواء " - (271): حسن].

* المذهب الثّاني: قول ابن حزم، وهي رواية عن الإمام أحمد أنّ العورة هي السّوأتان فحسب: القبل والدّبر، وأقوى ما استدلّوا به حديثان:

- الأوّل: ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم غَزَا خَيْبَرَ، فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاَةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَا رَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ، فَأَجْرَى نَبِىُّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِى زُقَاقِ خَيْبَرَ، وَإِنَّ رُكْبَتِى لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ، حَتَّى إِنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِىِّ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم.

قال ابن حزم رحمه الله (3/272):" فصحّ أنّ الفخذ ليست عورةً، ولو كانت عورةً لما كشفها الله U عن رسول الله المطهّر المعصوم من النّاس في حال النبوّة والرّسالة، ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة في حال الصّبا وقبل النبوّة ".

- الثّاني: ما رواه مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ، أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ رضي الله عنه فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم وَسَوَّى ثِيَابَهُ، فَدَخَلَ، فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ ؟! فَقَالَ: (( أَلاَ أَسْتَحِى مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِى مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ ؟!)).

وأجاب الجمهور عن هذين الحديثين بما يلي:

*الجواب الأوّل:  كلا الحديثين إنّما هما حكاية حال لا تنتهض لمعارضة النّصوص الصّريحة العامّة، وحكاية الأحوال معرّضة للأعذار والاحتمال.

* الثّاني:  أمّا حديث أنس رضي الله عنه فمحمولٌ على أنّ الإزار انحسر بنفسه إذ جرى في زُقاق خيبر، لا بفعله صلّى الله عليه وسلّم، ويدلّ على ذلك رواية أنسٍ الأخرى، وفيها: " فَانْحَسَرَ الإِزَارُ ".

* الثّالث: أمّا حديث عائشة فهو غير صريح في جواز كشف الفخذ من وجوه:

- الوجه الأوّل: فقد وقع التردّد في الرّواية ففيها: " كَاشِفاً عَنْ فَخِذَيْهِ أوْ سَاقَيْهِ " والسّاق ليست عورة إجماعا. وحمل الحديث على المباح أولى من غيره.

- الوجه الثّاني: لو سلّمنا بأنّهما الفخذان، فإنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يعلم بأنّ فخذيه باديتان وهو مضطجع، ولمّا دخل عليه الخيِّران بقي على ما كان عليه دون أن يراقب نفسه لكثرة احتكاكهما به صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا دخل عثمان رضي الله عنه قالت: ( جلسولم تقل: " غطّى فخذيه " ما يدلّ على أنّه صلّى الله عليه وسلّم استحى من هيئة جلوسه أمام عثمان رضي الله عنه الّذي تستحي منه الملائكة، فلمّا رأى فخذيه باديتين غطّاهما.

- الوجه الثّالث: لو ظلّ على ما كان عليه حال دخول عثمان رضي الله عنه لصحّ الاستدلال، ولكنّها قالت: " وَسَوَّى ثِيَابَهُ ".

- الوجه الرّابع: ذكر السّرخسيّ في " المبسوط " (10/146)  احتمالا آخر، وهو أنّ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما جلسا حين دخلا في موضع لا يقع بصرهما على الموضع المكشوف منه صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا دخل عثمان رضي الله عنه لم يبق إلاّ موضع لو جلس فيه لوقع بصره على فخذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلهذا غطّاه. وهذا لا يتعدّى أن يكون احتمالا، ولكنّه وارد.

* الوجه الخامس: يرجّح حديث جرهد وعليّ وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، لأنّ القواعد الشّرعيّة تؤيّدها:

منها: الحاظر مقدّم على المبيح.

منها: القول مقدّم على الفعل.

منها: المحكم مقدّم على المتشابه، والصّريح مقدّم على المحتمِل.

منها: التّرجيح بالاحتياط، لذا قال البخاري بعد ما ساق حديث جرهد رضي الله عنه:" وَقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: حَسَرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم عَنْ فَخِذِهِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه أَسْنَدُ، وَحَدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ حَتَّى يُخْرَجَ مِنِ اخْتِلاَفِهِمْ.

أمّا ما يُنقل عن مالك رحمه الله بأنّه قال: الفخذ ليست عورةً ! فإنّ معنى قوله ذلك أنّها لا تبطل الصّلاة، لأنّ الفقهاء يقسّمون العورة إلى قسمين:

عورة مغلّظة: وهي السّوأتان، وتبطل الصّلاة بإبدائها حال العلم والقدرة.

وعورة مخفّفة: وهي ما بين السّرّة والرّكبة، وهذه لا تبطل الصّلاة بإبدائها، لكنّه يأثم بذلك، وهذا عليه المالكيّة كما في " التّاج والإكليل " (1/497)/، و" مواهب الجليل "(1/497)، و" حاشية الخرشيّ على خليل "(1/244).

( مسألة ) حكم تغطية العاتقين في الصّلاة.

لا خلاف بين أهل العلم أنّ ستر الرّجل لعاتقيه ليس بواجب خارج الصّلاة، كما أنّه لا خلاف بينهم في أنّ الأكمل والأفضل هو سترهما في الصّلاة، كما قال ابن عبد البرّ في " التّمهيد "، ولكنّهم اختلفوا في وجب سترهما داخل الصّلاة على قولين:

القول الأوّل: ألحق بعض أهل العلم تغطية عاتق الرّجل في الصّلاة بستر العورة، وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وحكاه تقي الدّين السّبكي عن الإمام الشّافعيّ –كما في " طرح التّثريب " (2/238)-، بل هناك رواية عند الحنابلة أنّ الصّلاة تبطل بكشفهما.

واستدلّوا بما يلي:

* ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ )).

* ما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَلْيُخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ)).

القول الثّاني: ذهب جمهور العلماء من المالكيّة والحنفيّة والشّافعيّة وهو رواية عند الجنابلة إلى استحباب ستر العاتقين، وأنّ النّهي عن الصّلاة مكشوف العاتق إنّما هو خشية أن يقع الإزار إذ لا شيء يمسكه عن الوقوع فتنكشف العورة، واستدلّوا بما يلي:

* ما رواه البخاري في " صحيحه " عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: صَلَّى جَابِرٌ رضي الله عنه فِي إِزَارٍ قَدْ عَقَدَهُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ، وَثِيَابُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْمِشْجَبِ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: تُصَلِّى فِى إِزَارٍ وَاحِدٍ ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِيَرَانِى أَحْمَقُ مِثْلُكَ، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ؟!.

ووجه الدّلالة أنّ جابراً رضي الله عنه صلّى في إزار من غير أن يستُر عاتقه مع أنّ ثيابه كانت قريبة منه، فالمشجب: هو ما تعلّق عليه الثّياب.

* ما رواه البخاري ومسلم وأحمد عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه عَنِ الصَّلاَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ؟ فَقَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِى، فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: (( مَا السُّرَى يَا جَابِرُ ؟)). فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: (( مَا هَذَا الاِشْتِمَالُ الَّذِى رَأَيْتُ ؟)) قُلْتُ: كَانَ ثَوْبٌ. يَعْنِى ضَاقَ. قَالَ: (( فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ )).و في رواية أحمد: (( إذَا مَا اتَّسَعَ الثَّوْبُ فَلْتُعَاطِفْ بِهِ عَلَى مَنْكِبَيْكَ ثُمَّ صَلِّ، وَإِذَا ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ فَشُدَّ بِهِ حَقْوَيْكَ ثُمَّ صَلِّ مِنْ غَيْرِ رِدَاءٍ )).

ووجه الدّلالة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جوّز له الصّلاة مكشوف المنكبين إذا ضاق الثّوب، وإنّما أمره بأن يلقيه على منكبيه إذا اتّسع استحبابا.

ومن أجل هذا الحديث ذهب بعض العلماء إلى وجوب ستر العاتقين إذا كان الثّوب واسعا لأنّه قادر على ستره، وجواز الصّلاة إذا كان الثّوب ضيّقا، وإليه ذهب ابن المنذر –كما في " الأوسط في السّنن والإجماع والاختلاف " لابن المنذر (5/55)- وابن حزم (4/71).

فعلى الأقلّ لو قالوا بوجوب ستره إن كان واسعا لكان له وجه، لذلك قال الشّوكاني رحمه الله في " نيل الأوطار "(2/60): " .. القول بوجوب طرح الثّوب على العاتق والمخالفة من غير فرق بين الثّوب الواسع والضيّق تركٌ للعمل بهذا الحديث، وتعسير منافٍ للشّريعة السّمحة ".

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 21:43

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.