أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الأحد 16 ذو القعدة 1431 هـ الموافق لـ: 24 أكتوبر 2010 08:00

- تفسير سورة الفاتحة (10) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

وفي هذه الآية عدّة فوائد أيضا.

- الفائدة الأولى: الهداية نوعان:

هداية إرشاد: وهي ثابتة لكلّ دالّ على طريق، ومنه قوله تعالى:{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:159]، وقوله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجدة:24].

ومنه ما رواه أحمد عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ: (( مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةً وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا، أَوْ سَقَى لَبَنًا، أَوْ أَهْدَى زِقَاقًا، فَهُوَ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ )).

وهداية توفيق: وهذه ليست إلاّ لله تبارك وتعالى الّذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلّبها كيف يشاء. ومنه قوله تعالى حكاية عن نبيّه شعيب عليه السّلام:{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: من الآية88].

وبذلك يزول الإشكال الّذي يظهر في أوّل وهلة بين قوله تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56]، وقوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشّورى: من الآية52].

ففي الآية الأولى ينفي الهداية عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي الثّانية يثبت له الهداية إلى صراط مستقيم، فتحمل الأولى على هداية التّوفيق، والثّانية على هداية الدّلالة.

والمقصود بالآية النّوعان معاً: أي دُلّنا على الخير، ووفّقنا إليه.

الفائدة الثّانية: ثمرة سؤال الله الهداية.

قد يقول قائل: كيف يسأل المؤمن الهداية وهو متّصف بها ؟

والجواب أن يقال: إنّ المراد بقول الدّاعي: ( اهدِنا ) أمران:

1- فالأوّل: طلب الزّيادة من الهدى والإيمان، فالإيمان يزيد وينقص، والعلم يزيد وينقص، والعمل يزيد وينقص، فيكون ذلك موافقا لقوله تعالى:{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً} [مريم: من الآية76]، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد:17]، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

2- والثّاني: الثّبات عليه، كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: من الآية136]، أي: اثبتوا على الإيمان، كما تقول للرّجل وهو يدرس: ادرس، أي اثبت على الدّراسة.

فمعنى ( اهدنا الصّراط ) أي: زدنا هدى، وثبّتنا عليه.

الفائدة الثّالثة: بيان معنى الصّراط.

الصّراط في اللّغة: هو الطّريق والسّبيل الواضح، وسمّي الطّريق صراطا لأنّ السّائر فيه يغيب فكأنّه استرطه، ومنه داء السّرطان لأنّه يبتلع الجسد.

وفيه لغات ثلاث، قال الجوهريّ: " الصّراط والسّراط والزّراط: الطّريق ". والعرب تبدل السّين زايا، كقولهم " مهراز " وهو المهراس أي: أداة الهرس.

والمراد به في الآية: هو الطّريق الموصل إلى الله، وإلى كلّ ما يحبّه الله.

وقد كثرت عبارات السّلف في ذلك وهي كلّها صحيحة، غاية ما في الأمر أنّ من السّلف من يفسّر الآية أحيانا بالمثال:

- فمنهم من قال: هو القرآن.

- وآخر قال: إنّه الإسلام، فقد روى أحمد عن النّوّاسِ بن سمعان الأنصاريّ رضي الله عنه عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال::

(( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ ! ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تَتَفَرَّقُوا. وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ ! لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ.

وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ )).

- وثالث قال: هو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

- ومنهم من قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

- وآخر قال: كلمة لا إله إلاّ الله.

- وآخر فسّرها قائلا: اسلكنا سبيل الجنّة، ليقابل بذلك قول الله في حقّ أهل النّار:{فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافّات: من الآية23]، أي: أدخلوهم النّار، كما تُهدى المرأة إلى زوجها.

ويجمعها كلّها قولك: صراط الخير، والصّراط الموصل إلى الله.

قال ابن كثير رحمه الله:

" وإن كان حاصلها يرجع إلى شيء واحد، وهو المتابعة لله وللرّسول صلّى الله عليه وسلّم .. وهي متلازمة، فإنّ من اتّبع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم واقتدى بالّذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتّبع الحقّ، ومن اتّبع الحقّ فقد اتّبع الإسلام، ومن اتّبع الإسلام فقد اتّبع القرآن، وهو كتاب الله وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلّها صحيحة يصدّق بعضها بعضا، ولله الحمد "اهـ.

الفائدة الرّابعة: صراط الله واحد.

قال تعالى:{فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} [يونس: من الآية32]، وأمّا طرق أهل الغضب والضّلال فلا تنحصر، لذلك قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].

روى الإمام أحمد وغيره عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: (( هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ))، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: (( هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ )) ثُمَّ قَرَأَ:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}.

ويمكن أن يستنبط من آية الفاتحة نفسِها أنّ الصّراط واحد:

فقد تكرّر ذكر الصّراط مرّتين معرفة، والعرب إذا أعادت الشّيء معرّفا كان هو نفسَه، وإن أعادته نكرة كان غيرَه، ومنه ما يُروى عن ابن مسعود وعليّ وعمر رضي الله عنهم أنّهم قالوا في سورة الشّرح: ( لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ )، لأنّ العسر ذكر مرّتين معرفة فكان واحدا، وذكر اليسر نكرة مرّتين فكان اثنين.

أمّا جمع ( السّبل ) في قوله تعالى:{يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} [المائدة: من الآية16]، فلا يعارض ما ذُكِر، لأنّ المقصود بالسّبل: فروع الإسلام والإيمان وشعبهما، كقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )) [رواه مسلم، ورواه البخاري بلفظ " وستّون "].

الفائدة الخامسة: سؤال الله الاستقامة.

الاستقامة هي كون الشّيء قَوامًا وَسَطًا، كما قال تعالى في الإنفاق:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان:67].

وهي أعظم ما يسأله العبد ربّه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" إنّ أعظم كرامة هي الاستقامة ". لذلك علّمنا الله تعالى أن نسأله الصّراط المستقيم في كلّ شيء، وذلك لأسباب:

- أنّ الخطّ المستقيم أسلم الخطوط.

- أنّ الخطّ المستقيم أقرب الخطوط الّتي تصل بين نقطتين، قال ابن القيّم في " مدارج السّالكين "(1/10):

" فوصفه بالإستقامة يتضمّن قربَه، لأنّ الخطّ المستقيم هو أقرب خطّ فاصل بين نقطتين، وكلّما تعوّج طال وبعُدَ ".

وقال الفخر الرّازي:" اعلم أنّ أهل الهندسة قالوا: الخطّ المستقيم هو أقصر خطّ يصل بين نقطتين ".

إذن فما يراه النّاس أحيانا أنّ طريق الحقّ طويل، فذلك إنّما في الظّاهر مقارنة مع الخطّ المعوجّ، تظنّ أنّه محدود، وإنّما هو معوجّ لا تسير عليه حتّى ترى ما لم يكن يخطر ببال، ويُفسد كلّ حال.

- أنّ الخطّ المستقيم واضح المعالم، ترى الشّيء فيه من بعيد، فكذلك صراط الإسلام، يُبْصِر المؤمن فيه الشرّ والخير ولو من وراء الشّبهات.

الفائدة السّادسة: هل يُطلق لفظ " الصّراط " على الذّوات ؟

الصّراط وإن كان معناه الطّريق، إلاّ أنّه يستعمل في المعاني، والطّريق يستعمل في المعاني والذّوات.

إلاّ الجسر الممدود على جهنّم يوم القيامة، فهو شيء مادّي وسمّي صراطا، ولعلّ الحكمة من ذلك ما ذكره ابن القيّم رحمه الله في بيان وجه الشّبه بين صراط الدّنيا، وصراط الآخرة، فقال رحمه الله:

" وآخر مراتبها - أي: الهداية - هي الهداية يوم القيامة إلى طريق الجنّة، وهو الصِّراط الموصِلُ إليها، فمن هُدِيَ في هذه الدّار إلى صراط الله المستقيم الّذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه، هُدِي هناك إلى الصّراط المستقيم الموصِل إلى جنّته ودار ثوابه.

وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصّراط الّذي نصبه الله لعباده في هذه الدّار، يكون ثبوت قدمه على الصّراط المنصوب على متن جهنّم، وعلى قدر سيره على هذه الصّراط، يكون سيره على ذاك الصّراط..

فمنهم من يمرّ كالبرق، ومنهم من يمرّ كالطّرْف، ومنهم من يمرّ كالرّيح، ومنهم من يمرّ كشدّ الرّجال، ومنهم من يسعى سعيا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يحبو حبوا، ومنهم المخدوش المسلَّم، ومنهم المكردس في النّار.

فلينظر العبد سيره على ذلك الصّراط من سيرِه على هذا حذو القذّة بالقذّة {جَزَاءً وِفَاقاً}، {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

ولينظر الشّبهات والشّهوات الّتي تعوقه عن سيره على هذا الصّراط المستقيم، فإنّها الكلاليب الّتي بجنَبَتَي ذاك الصّراط، تخطفه وتعوقه عن المرور عليه، فإن كثرت هنا وقويت، فكذلك هي هناك،{وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ}، فسؤال الهداية متضمّن لحصول كلّ خير، والسّلامة من كلّ شرّ ".اهـ

أخر تعديل في السبت 14 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 20 نوفمبر 2010 10:07

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.