أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الجمعة 20 ذو الحجة 1431 هـ الموافق لـ: 26 نوفمبر 2010 17:38

- تفسير سورة البقرة (7) { الّذين يؤمنون بالغيب ...} وبيان معنى الإيمان

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد ذكر الله تعالى – كما سبق بيانه – في أكثر من موضع في كتابه أنّ هذا القرآن لا ينتفع به إلاّ المتّقون، فناسب أن يبدأ في ذكر صفات أهل التّقوى الّذين وعدهم بالهدى والفلاح، والفوز والصّلاح، فقال عزّ وجلّ:

{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ }.

 

المبحث الأوّل: شرح ألفاظ الآية.

- ( يؤمنون ): الإيمان في اللّغة: يطلق ويراد به ثلاثة معان:

1) التّأمين، أي: إعطاء الأمان، وذلك إذا تعدّى بنفسه، كقوله تعالى:{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: من الآية4]، ومنه – على قول - اسم الله تعالى ( المؤمن )، فهو الّذي أمِن العبادُ من ظلمه، ويؤمّن المؤمنين يوم القيامة.

2) التّصديق المجرّد، وذلك إذا تعدّى باللاّم، ومنه قوله تعالى:{وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التّوبة: من 61]، وقوله تعالى:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: من الآية26]، وقوله:{فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: من الآية83]، وقول إخوة يوسف عليه السّلام:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: من الآية17].

3) التّصديق مع العمل: وذلك إذا تعدّى بالباء، كهذه الآية:{يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ}، وأكثر ما يطلق في القرآن وهو مراد به هذا المعنى.

وعليه تدرك أنّ تفسير الأشاعرة للإيمان بمعنى " التّصديق " خطأ، لأنّه أحد معاني الإيمان، لا معنى الإيمان. وخطأهم قائم على عدم التّمييز بين هذه المعاني الثّلاثة، فهم يفسّرون الإيمان المتعدّي بالباء بمعنى الإيمان المتعدّي باللاّم.

- ( بالغيب ): الغيب في لغة العرب: مصدر غاب يغيب غيبا وغيبةً، ومنه قول امرأة العزيز:{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف:52]، أي: إن كنت قد كذبت عليه في حضرته، وهدّدته بالسّجن وأن يكون من الصّاغرين، فها أنا ذا أقلب كلّ الحقائق وإنّي أعلن في غيبته أنّه بريء، فلعلّه يعفو عنّي ويصفح، والشّهادة بظهر الغيب أقوى، كما أنّ الدّعاء بظهر الغيب أقوى.

والغيب في القرآن والسنّة: هو كلّ ما غاب عن العباد، ولا يُدرَك بالحواسّ، لذلك يسمّى عالَم الغيب، ويقابله كلّ ما يدرك بالحواسّ فيسمّى شهادة، والله عالِمُ الغيب والشّهادة سبحانه.

وللعلماء في المراد من قوله تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ} قولان اثنان:

الأوّل: قول جمهور العلماء أنّ الغيب كلّ ما غاب عن العباد وأخبرنا به الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فيدخل في ذلك الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه، وكلّ ما ذكر من الغيوب.

ويدخل في ذلك أيضا الإيمان بأخبار الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عن الأمم السّابقة.

وهذا هو الظّاهر عند الإطلاق، ومنه قوله تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} [مريم:61]. أي: إنّ الله " وعدهم إيّاها وعداً غائبا، لم يشاهدوها ولم يروها، فآمنوا بها وصدّقوا غيبها وسعوا لها سعيها، مع أنّهم لم يروها، فكيف لو رأوها ؟ إذن لكانوا أشدّ لها طلبا وأعظم فيها رغبة، وأكثر لها سعيا، ويكون في هذا مدح له بإيمانهم بالغيب الّذي هو الإيمان النّافع " [تفسير السّعدي رحمه الله].

- الثّاني: قول زيد بن أسلم رحمه الله، فقال: المراد أنّهم يؤمنون بالله ويخشون الله حال غيابهم عن النّاس، فيؤمنون به باطنا كما يؤمنون به ظاهرا، ويعملون بطاعته باطنا كما يطيعونه ظاهرا.

وعلى قوله رحمه الله تكون الآية قد أخرجت الكافرين بالإيمان، والمنافقين بالإيمان بالغيب، فالمنافقون ذكر الله حالهم بقوله:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة:14].

وتفسير ابن زيد رحمه الله يشبه آيات كثيرة، كقوله تعالى:{لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْب} [المائدة: من الآية94]، وقوله:{الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء:49]، وقوله:{إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} [يـس:11]، وقوله:{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق:33]،و غيرها من الآيات.

- ( يقيمون الصّلاة ): إقام الصّلاة له درجتان:

الأولى: إقامة الصّلاة بالمداومة عليها في أوقاتها، لأنّ القيام على الشّيء هو المداومة عليه، ومنه قوله تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} [آل عمران: من الآية75]، وقوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: من الآية113]، ومنه حديث الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر المشهور: (( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ ...)) الحديث.

الثّانية: إقامة الصّلاة بمعنى إحسانها وإتقانها، قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" أي: يقيمون الصّلاة بفروضها "، وقال في رواية أخرى: " إقامة الصّلاة: إتمام الرّكوع، والسّجود، والتّلاوة، والخشوع، والإقبال عليها فيها ".

وقال قتادة:" إقامة الصّلاة: المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها ". وكذلك قال مقاتل بن حيّان.

قال الرّاغب الأصفهانيّ رحمه الله في " المفردات ":

" إقامة الصّلاة توفية حدودها وإدامتها، وتخصيص الإقامة تنبيه على أنّه لم يُرِد إيقاعها فقط، ولهذا لم يأمر بالصّلاة ولم يَمدح بها إلاّ بلفظ {أَقِمِ الصَّلاَةَ}، وقوله:{وَالمُقِيمِينَ الصَّلاَةَولم يقل ( المصلّي ) إلاّ في المنافقين:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [المـاعـون]، وذلك تنبيه على أنّ المصلّين كثير، والمقيمين لها قليل " اهـ.

-( الصّلاة ): أُخِذت الكلمة من الصَّلْي - على قول الزجّاج والأزهريّ -، وهو: الإقامة على الشّيء وملازمته، يقال: صلِي واصطلى أي: لزم، ومنه قوله تعالى:{لاَ يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [اللّيل:15] أي: لا يلزمها إلاّ أشقى النّاس.

وفي الكتاب والسنّة والعرف تُطلق ويراد بها:

· الدّعاء والثّناء، ومنه قوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة:103]، وامتثل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا الأمر ففي صحيح البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: (( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ )) فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: (( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى )).

وفي الحديث الّذي رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ )).

· وتطلق الصّلاة أيضا على العبادة، كقوله تعالى:{وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: من الآية35].

· وتطلق أيضا على القراءة، كقوله تعالى:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء: من الآية110].

قال ابن عبّاس رضي الله عنه: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أَيْ: بِقِرَاءَتِكَ فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [متّفق عليه].

أمّا في الاصطلاح الفقهيّ: هي عبادة تتضمّن أقوالا وأفعالا خاصّة، في أوقات خاصّة، مفتتحةً بالتّكبير، مختتمة بالتّسليم.

-( وممّا رزقناهم ينفقون ): " من " هنا للتّبعيض، أي: وبعضَ ما رزقناهم ينفقون.

والإنفاق: هو الإخراج، فإنفاق المال هو إخراجه من اليد إلى من يستحقّه، ومنه قولهم للدابّة: نفقت، أي: خرجت روحها، وقولهم للمرأة: نافقة، أي: ستجدين من يتزوّجك وتخرجين من بيت والدك، وأنفق القوم: فَنِي زادهم، ومنه قوله تعالى:{إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ} [الإسراء: من الآية100]. وسيأتي بيان سبب تسمية المنافق بذلك.

فما المراد من النّفقة هنا ؟

- فقيل: إنّها الزّكاة الواجبة.

- وقيل: إنّها النّفقة على الأهل والعيال.

- وقيل: إنّها صدقة التطّوّع.

والصّواب هو ما اختاره ابن جرير الطّبريّ رحمه الله أنّ الآية عامّة في الزّكاة والنّفقات، من غير فرق بين النّفقة على الأقارب وغيرهم وصدقة الفرض والنّفل.

· المبحث الثّاني: الإيمان تصديق، وقول، وعمل.

إنّ الّذي عليه أهل السنّة والجماعة أنّ الإيمان له أركان ثلاثة يُبنى عليها:

· أوّلها: التّصديق، وهذا ما يدلّ عليه المعنى اللّغويّ للكلمة، وباشتراط هذا الشّرط خرج المنافقون.

· ثانيها: القول: بدليل قوله تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: من الآية136]، بدليل أنّه قال بعد ذلك: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: من الآية137].

وقال تعالى عن المكذّبين:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا (85)} [غـافر]، فثبت أنّهم لو قالوا آمنّا قبل العذاب لنفعهم قولهم، فاعتبره إيمانا.

فلا يصحّ إيمان أحد إذا ترك النّطق بها وإن اعتقدها، وها هو أبو طالب كان يعلم ويصدّق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولكنّه لمّا أبى النّطق بها كان كافرا بالله، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم - فيما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه -: (( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ))، وقال: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )) [رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه]. [انظر "المنهاج في شعب الإيمان" (1/26)].

· ثالثها: العمل، بدءا من عمل القلب كحبّ الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وحبّ الإيمان وأهله، إلى عمل اللّسان كالذّكر ونحوه، إلى عمل الجوارح. وفي الحديث السّابق الّذي رواه مسلم: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً: فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )).

وبقدر ما يترك المرء من العمل بقدر ما ينقص من إيمانه، كحديث الشّيخين عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )).

ومنه حديث البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ ))، وفي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُون حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ )). وغير ذلك من الأحاديث.

ومن العمل التّرك، نحو:

ترك موالاة المشركين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].

وترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن، كحديث الشّيخين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ )).

وكحديث البخاري عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: (( وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ )) قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ )) [البوائق: هي الشّرور والمصائب].

وغير ذلك من النّصوص، لذلك قال السّلف: الإيمان يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية.

ومنه نُدرك أنّ أوّل خطوة لمن ضعُف إيمانه، وقلّ يقينه أن يتقرّب إلى الله بعملٍ صالح، كأداء ركعتين في جوف اللّيل، أو التصدّق على مسكين، أو صلة رحم، وغير ذلك من الأعمال الصّالحة، فإنّه حينها يقترب الله منه كما وعد في الحديث القدسيّ: (( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً )).

أمّا أن يظلّ مقِيماً على المعصية، مواظبا على السيّئة، ثمّ ينتظر أن تنزل عليه الهداية، وتزول عنه الغواية، دون سعيٍ ولا عمل، مكتفيا بالأمانيّ والأمل، فيصدق عليه قول الشّاعر:

أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل *** ما هكذا يا سعدُ تُورَد الإبل

والحمد لله أوّلا وآخرا.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.